الأصحاح السادس عشر
1 أُوصِي إِلَيْكُمْ بِأُخْتِنَا فِيبِي، الَّتِي هِيَ خَادِمَةُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي كَنْخَرِيَا، 2 كَيْ تَقْبَلُوهَا فِي الرَّبِّ كَمَا يَحِقُّ لِلْقِدِّيسِينَ، وَتَقُومُوا لَهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ احْتَاجَتْهُ مِنْكُمْ، لأَنَّهَا صَارَتْ مُسَاعِدَةً لِكَثِيرِينَ وَلِي أَنَا أَيْضًا. (عدد 1، 2). كانت فيبي المذكورة أُخت مؤمنة أمينة ويظهر أنها كانت تتوجه إلى رومية في أشغالها الزمنية. كان اليهود المستوطنون بين الأُمم يُمارسون الأشغال المقتضية الانتقال من موضع إلى آخر. لا نعرف ما هو شغل تلك الأخت الأمينة. كانت ليديا المذكورة (أعمال الرسل 14:16). بياعة الأُرجوان وكانت امرأة أكيلاَّ تشتغل معهُ في صنع الخيام. لا أساس للظن أن فيبي كانت شماسة جائلة على نفقة الكنيسة، بل بالعكس يظهر من نفس الكلام أنها كانت امرأة ممارسة أشغالها الخاصة ولكن مُكرسة للرب. وعوضًا عن أن تنال معاشها من الكنيسة كانت تساعد الآخرين.
3 سَلِّمُوا عَلَى بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ الْعَامِلَيْنِ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، 4 اللَّذَيْنِ وَضَعَا عُنُقَيْهِمَا مِنْ أَجْلِ حَيَاتِي، اللَّذَيْنِ لَسْتُ أَنَا وَحْدِي أَشْكُرُهُمَا بَلْ أَيْضًا جَمِيعُ كَنَائِسِ الأُمَمِ (عدد 3، 4). كان الرسول ملهمًا من الرب بأن يُقدّم هذه الشهادة الحسنة من جهة أَكيِلاَ وامرأتهِ الأمينين. انظر أيضًا (أعمال الرسل 2:18، 3، 26). حيث يظهر شيء من صفاتهما الحميدة. لا نعرف في أي موضع كانا حين تخاطرا بحياتهما ليُخلصا بولس ربما عملا ذلك في أفسس وقت الشغب الذي صار هناك (أعمال الرسل 23:19-41). ثم انتقلا من هناك إلى رومية وكانت جماعة المؤمنين تجتمع في بيتهما. لم تكن للمؤمنين أبنية فاخرة في تلك الأيام، بل اجتمعوا في بيوتهم باسم الرب ووجدوا حضورهُ عزيزًا لهم. إن الأبنية المُكلفة الفاخرة من أعظم فخاخ إبليس للمسيحيين وكلما تحسنت أبنية الاجتماع ابتعد الرب لهُ المجد الذي يرفض تلك الأشياء المُستعلية عند العالم. إن كنا نشرع في بناء محل فاخر برسم كنيسة تحتاج مال العالم، والعالم حكيم ولا يعطي مالهُ ما لم تكن السلطة لهُ.
5 وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِمَا. سَلِّمُوا عَلَى أَبَيْنِتُوسَ حَبِيبِي، الَّذِي هُوَ بَاكُورَةُ أَخَائِيَةَ لِلْمَسِيحِ. 6 سَلِّمُوا عَلَى مَرْيَمَ الَّتِي تَعِبَتْ لأَجْلِنَا كَثِيرًا. 7 سَلِّمُوا عَلَى أَنْدَرُونِكُوسَ وَيُونِيَاسَ نَسِيبَيَّ، الْمَأْسُورَيْنِ مَعِي، اللَّذَيْنِ هُمَا مَشْهُورَانِ بَيْنَ الرُّسُلِ، وَقَدْ كَانَا فِي الْمَسِيحِ قَبْلِي. 8 سَلِّمُوا عَلَى أَمْبِلِيَاسَ حَبِيبِي فِي الرَّبِّ. 9 سَلِّمُوا عَلَى أُورْبَانُوسَ الْعَامِلِ مَعَنَا فِي الْمَسِيحِ، وَعَلَى إِسْتَاخِيسَ حَبِيبِي. 10 سَلِّمُوا عَلَى أَبَلِّسَ الْمُزَكَّى فِي الْمَسِيحِ. سَلِّمُوا عَلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ أَرِسْتُوبُولُوسَ. 11 سَلِّمُوا عَلَى هِيرُودِيُونَ نَسِيبِي. سَلِّمُوا عَلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ نَرْكِيسُّوسَ الْكَائِنِينَ فِي الرَّبِّ. 12 سَلِّمُوا عَلَى تَرِيفَيْنَا وَتَرِيفُوسَا التَّاعِبَتَيْنِ فِي الرَّبِّ. سَلِّمُوا عَلَى بَرْسِيسَ الْمَحْبُوبَةِ الَّتِي تَعِبَتْ كَثِيرًا فِي الرَّبِّ. 13 سَلِّمُوا عَلَى رُوفُسَ الْمُخْتَارِ فِي الرَّبِّ، وَعَلَى أُمِّهِ أُمِّي. 14 سَلِّمُوا عَلَى أَسِينْكِرِيتُسَ، فِلِيغُونَ، هَرْمَاسَ، بَتْرُوبَاسَ، وَهَرْمِيسَ، وَعَلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ مَعَهُمْ. 15 سَلِّمُوا عَلَى فِيلُولُوغُسَ وَجُولِيَا، وَنِيرِيُوسَ وَأُخْتِهِ، وَأُولُمْبَاسَ، وَعَلَى جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ مَعَهُمْ. 16 سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. كَنَائِسُ الْمَسِيحِ تُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ. (عدد 5-16). كان بولس قد تعرَّف في جميع الأشخاص المذكورين هنا وهم في مواضع أخرى قبل انتقالهم إلى رومية تلك العاصمة المفتخرة الشهيرة. يُسلم عليهم بأسمائهم بغاية المحبة ذاكرًا كل ما ظهر من كل واحد منهم دلالة على محبتهم للرب. وإن كان بولس المُحب يتذكر أعمال المحبة في إخوتهِ فكم بالحري الرب يتذكر بكل ذلك يوم ظهورهِ ولا ينسى حتى كأس ماء بارد قد أُعطيت باسمهِ. إن كنا بدون المحبة الحارة الشخصية بعضنا لبعض، فأين البرهان على كوننا تلاميذ الرب؟
17 وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تُلاَحِظُوا الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الشِّقَاقَاتِ وَالْعَثَرَاتِ، خِلاَفًا لِلتَّعْلِيمِ الَّذِي تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ. 18 لأَنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ لاَ يَخْدِمُونَ رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ بَلْ بُطُونَهُمْ. وَبِالْكَلاَمِ الطَّيِّبِ وَالأَقْوَالِ الْحَسَنَةِ يَخْدَعُونَ قُلُوبَ السُّلَمَاءِ. 19 لأَنَّ طَاعَتَكُمْ ذَاعَتْ إِلَى الْجَمِيعِ، فَأَفْرَحُ أَنَا بِكُمْ، وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا حُكَمَاءَ لِلْخَيْرِ وَبُسَطَاءَ لِلشَّرِّ. 20 وَإِلهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا. نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَكُمْ. آمِينَ. (عدد 17-20). لم يكن الكل للفرح في هذه السلامات الحُبية، لأنهُ كان قد ظهر بين القديسين هناك أُناس يقصدون أن يقبلوا إيمانهم. لا شك بأنهم كانوا من اليهود المتعصبين الذين قاوموا تعليم بولس في كل مكان وزرعوا الشوك في طريقهِ. ربما كانوا قد اعترفوا أن يسوع الناصري هو مسيح اليهود لكنهم لم يكونوا خاضعين لهُ كربهم ولا عرفوا نعمة الله. أرادوا أن يكونوا مُعلمي الناموس ولم يعرفوا لا الناموس ولا الإنجيل. لحقوا بولس في بعض المواضع وسبقوهُ في أخرى لكي يحرّفوا الناس عن الحق وقلبوا بيوتًا بجملتها. تظاهروا بحكمة وادّعوا بالتقوى بينما كانت غايتهم نفسانية شيطانية، لأن مثل هؤلاء لا يخدمون ربنا يسوع المسيح بل بطونهم. توجد طرق غش كثيرة لأن الشيطان نفسهُ يتحول إلى ملاك نور، لكي يخدع عبيد المسيح وليس لنا ملجأ من حيلهِ سوى كلمة الله. لم يكن المعلمون المُشار إليهم ينكرون كلام الوحي لأنهم زعموا أنهم هم وحدهم قادرون أن يُفسروه ولكنهم إنما غشُّوهُ ومن ثَمَّ كان عظيم على السُّلماء فإن المؤمن السليم القلب يحسب كل مَنْ يأتيهِ بكلمة الله سليم القلب مثلهُ. توجد بعض علامات في المعلمين الكذبة:
أولاً- محبة العالم والعيشة بالراحة الجسدية.
ثانيًا- لا يقبلون كلام الله كما هو بل يُحرفونهُ حيث يأخذون ما يُناسبهم ويتركون الباقي.
ثالثًا- يغتاظون دائمًا من تعليم بولس من جهة عدم نفع الإنسان وطريق التبرير بالإيمان ومقام المؤمن ودعوتهِ السماوية ولكل ما يتعلق بذلك.
رابعًا- يقصدون أن يجتذبوا التلاميذ وراءهم طمعًا في الرياسة عليهم. هذا مما يؤكد لنا أنهم لا يخدمون الرب بل غاياتهم الخاصة. إن الوحي لا يشفق على مثل هؤلاء بكلامهِ بل يكشف برقع الغش ويعلن لنا قلوبهم كما هي.
وأُريد أن تكونوا حكماء للخير وبُسطاء للشرِّ. انظر أيضًا في (أصحاح 8:4، 9). إن كنا مشغولين في الأمور الحسنة نسلم من مسالك المُهلك. ينبغي للإنسان العالمي أن يتعلم طرق الخداعة إن أراد أن يحترص منها وأما المسيحي فيُحفظ منها بانشغالهِ في الخير. السالك في النور يرفض كل ما لا يوافق النور. إن كانت في البرية طرق كثيرة لا يلزمنا أن نتعلمها جميعها لكي نستقيم في المشي. علينا فقط أن نعرف الطريق الحقيقي ونسلك فيهِ، يكفي الخراف أن تعرف صوت راعينا بدون أن نتعلم أصوات الغرباء أيضًا. إله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعًا. ليس الشيطان مقيدًا بل جائلاً ولهُ قوة عظيمة بها يضرُّ كنيسة الله. يجاهد ضدنا مجاهدة لا تنقطع ولكن لنا رجاء أكيد أن إله السلام يسحقهُ تحت أرجلنا عن قريب. يصير ذلك عند مجيء الرب. وأما الآن فنقاومهُ راسخين في الإيمان فيهرب منا.
21 يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ تِيمُوثَاوُسُ الْعَامِلُ مَعِي، وَلُوكِيُوسُ وَيَاسُونُ وَسُوسِيبَاتْرُسُ أَنْسِبَائِي. 22 أَنَا تَرْتِيُوسُ كَاتِبُ هذِهِ الرِّسَالَةِ، أُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ فِي الرَّبِّ. 23 يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ غَايُسُ مُضَيِّفِي وَمُضَيِّفُ الْكَنِيسَةِ كُلِّهَا. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرَاسْتُسُ خَازِنُ الْمَدِينَةِ، وَكَوَارْتُسُ الأَخُ. 24 نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ. (عدد 21-24). كان الأشخاص المذكورون هنا مع بولس وقت كتابة هذه الرسالة وأدرج فيها سلاماتهم إلى إخوتهم في رومية. كان غايس يمارس إضافة القديسين حسب (أصحاح 13:12). فلم يمتنع الوحي عن ذكر هذه الخدمة الجميلة. 25 وَلِلْقَادِرِ أَنْ يُثَبِّتَكُمْ، حَسَبَ إِنْجِيلِي وَالْكِرَازَةِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، حَسَبَ إِعْلاَنِ السِّرِّ الَّذِي كَانَ مَكْتُومًا فِي الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، 26 وَلكِنْ ظَهَرَ الآنَ، وَأُعْلِمَ بِهِ جَمِيعُ الأُمَمِ بِالْكُتُبِ النَّبَوِيَّةِ حَسَبَ أَمْرِ الإِلهِ الأَزَلِيِّ، لإِطَاعَةِ الإِيمَانِ، 27 للهِ الْحَكِيمِ وَحْدَهُ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لَهُ الْمَجْدُ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. (عدد 25-27). السرُّ المكتوم في الأزمنة الأزلية هو قصد الله أن يعلن برَّهُ من السماء بحضور ابنهِ في الجسد وموتهِ وقيامتهِ وصعودهِ إلى المجد وانتشار الخير بذلك بين الجميع. وقد رأينا في ما مرَّ من هذه الرسالة أن ذلك لم يُعرف قبل زمان موت المسيح وحلول الروح القدس كان الله قد أظهر طرقهُ في الأرض مع البشر خاصة مع الأمة الإسرائيلية ولكنهُ لم يمكن لأحد أن يدرك هذا السر المكتوم قبل إعلانهِ بالكرازة بيسوع المسيح. الكتب النبوية هي الكتابات الموحى بها المُتضمنة الآن في العهد الجديد التي منها هذه الرسالة عينها. فهي التي تتعلق بإعلان هذا السر. قابل أيضًا (أفسس 14:2-22؛ 1:3-11؛ كولوسي 25:1-29). وأما نتيجة معرفتنا هذا السر بالإيمان فتجعلنا ننضمُّ إلى المسيح كرأسنا الجديد وهو جالس في المجد ونحن منتظرون قدومهُ ليأخذنا إليهِ غير أن الرسول لا يوضح هذه الحقائق بالتفصيل هنا بل في رسالتهِ إلى أهل أفسس التي سندرسها عن قريب إن أذن الرب.