" رأس خلاصنا" هذا هو عيد التجسد الإلهي على وجه التدقيق. بعد هذا ينكشف السر في الميلاد وفي الظهور الإلهي وكل حياة يسوع في البشرة وإكليلها الصلب والقيامة.
لماذا حصل التجسد؟ الجواب في الرسالة "اذ قد اشترك الاولاد في اللحم والدم اشترك هو كذلك فيهما لكي يبطل بموته من كان له سلطان الموت اي إبليس ويعتق كل الذين كانوا مدة حياتهم كلها خاضعين للعبودية مخافة من الموت".
اما كان بإمكان الله ان يخلصنا بلا تجسد، بجعلنا نفهم محبته كما لم نكن نفهمها في العهد القديم؟ هذا سؤال افتراضي ولا نستطيع ان نبني على افتراضات ممكنة. لقد رأى الله ان خير طريقة لتحرير البشر من الخطيئة ان ينزل هو اليهم بشخصه لكي يحسوا بقرباه، ليعرفوه واحدا منهم يتألم كما يتألمون ويرافقهم في اشنع ما يحصل لهم اي الموت.
"اشترك هو في اللحم والدم" ما عدا الخطيئة. الابن صار انسانا حقيقيا، أخضع نفسه للجوع والعطش والنوم. يكلم الناس كما يتكلمون ويريد ان يشاهدوا -بالعجائب والتعليم والحنان- انه أمسى واحدا منهم وانه يسكن في كل واحد منهم ويلازمه في اية شدة تصيبهم. لم يبقَ الله ذلك الذي كان يعرف انه فوق "معنا هو الله فاعلموا ايها الأمم"، الله معنا وفي قلوبنا وصارت قلوبنا قادرة ان تطهر به وان تسمو أعلى مما كان يتصور الناس. صارت متيقنة انها تستطيع بيسوع ان تصبو الى الكمال، ان تجاهد ليس في سبيل اشياء صغيرة ولكن الى الكمال.
كل هذا عبّر عنه كاتب الرسالة الى العبرانيين بقوله عن السيد ان الغاية من تجسده "ان يبطل بموته إبليس" اي "سلطان الموت" لم يبق للموت علينا من سلطان اذ لا نخافه اليوم لأن عند يسوع وعود الحياة الأبدية.
تجسد الكلمة حررنا من العبودية، ذلك ان خوف الموت كان يجعلنا عبيدا "ثقوا اني غلبتُ العالم". فنحن ننال الحياة لكوننا نأكل من الخبز النازل من السماء "لستم عبيدا فيما بعد" للخطيئة ولا للموت، الخاطئ له المغفرة وله النقاوة والموت يزول بالقيامة، وخوفنا من الموت يزول برجاء القيامة.
هذا كله يمكننا الحصول عليه لأن الملاك قال لمريم عن الصبي ان ملكه لن يكون له انقضاء اي ملكه على القلوب، هو دائما يهبها ذاته وهي تتقبله كاملا. انها لا تأخذ تعزيات جزئية، ان تعزيتها كاملة بالروح القدس بعد ان عرفت قوة المسيح الحي، كونه قام من بين الأموات يحييها دائما وينهضها دائما.
الشيء الجديد الذي يجعل المسيحي مميزاً معرفته انه يقتبل في ذاته الإله، هو لا يستمع فقط الى حديث عن الله ولكنه يستمع الى الله نفسه ويستضيفه في نفسه. المسيحي صار يعرف ان طاقته على التجدد والجمال الروحي لا حد لها لأنه يحوي في نفسه الإله الحي.
بمعنى ما، كل واحد منا مريم التي اقتبلت البشارة. فاذا اقتبلنا البشارة على انها رسالة إنقاذ لكل واحد، نحن ايضا نلد المسيح، والسيد يصبح معروفا بكل تلميذ حبيب له.