القديس مرقس الرسول
نشأته
v وُلد القديس مرقس في القيروان إحدى المدن الخمس الغربية بليبيا، في بلدة تُدعى ابرياتولس، من أبوين يهوديين من سبط لاوي، اسم والده أرسطوبولس، ووالدته مريم، سيدة تقيّة لها اعتبارها بين المسيحيّين الأولين في أورشليم.
v حمل مار مرقس اسمين (أع 12: 12، 25، 15: 37): يوحنا وهو اسم عبري يعني "يهوه حنان"، ومرقس اسم روماني يعني "مطرقة".
v كان القديس مرقس يمت بصلة قرابة لبرنابا الرسول بكونه ابن أخته (كو 4: 10)، أو ابن عمه، كما كان والده ابن عم زوجة القديس بطرس الرسول أو ابن عمتها.
v تعلم اليونانيّة واللاتينيّة والعبريّة وأتقنها.
v إذ هجمت بعض القبائل المتبربرة على أملاكهم تركوا القيروان وذهبوا إلى فلسطين، حيث تمتع مع والدته بالسيد المسيح، فقد كانت أمه مريم من النساء اللواتي خدمن السيد من أموالهن. فتحت بيتها ليأكل الفصح مع تلاميذه في العُليّة، وهناك غسل أقدام التلاميذ، وسلمهم سرّ الإفخارستيا، فصارت أول كنيسة مسيحيّة في العالم دشنها السيد بنفسه بحلوله فيها وممارسته سرّ الإفخارستيا. وفي نفس العُلية حلّ الروح القدس على التلاميذ (أع 2: 1-4)، وفيها كانوا يجتمعون.
v كان القديس مرقس أحد السبعين رسولاً الذين اختارهم السيد للخدمة، وقد شهد بذلك العلامة أوريجينوس والقديس أبيفانيوس.
v كان القديس مرقس حاضرًا مع السيد في عرس قانا الجليل، وهو الشاب الذي كان حاملاً الجرة عندما التقى به التلميذان ليُعدا الفصح للسيد (مر 14: 13-14؛ لو 22: 11). وهو أيضًا الشاب الذي ترك إزاره وهرب عاريًا عند القبض على السيد (مر 14: 52).
القديس مار مرقس والأسد
يُرمز للقديس مار مرقس بالأسد، لذلك نجد أهل البندقيّة وهم يستشفعون به جعلوا الأسد رمزًا لهم، وأقاموا أسدًا مجنحًا في ساحة مار مرقس بمدينتهم. ويعلل البعض هذا الرمز للأمور الآتية:أولاً: قيل أن القديس مرقس اجتذب والده أرسطوبولس للإيمان المسيحي خلال سيرهما معًا في الطريق إلى الأردن حيث فاجأهما أسد ولبوة، فطلب الأب من ابنه أن يهرب بينما يتقدم هو فينشغل به الوحشان، لكن الابن طمأن الأب وصلى إلى السيد المسيح فانشق الوحشان وماتا، فآمن الأب بالسيد المسيح.ثانيًا: بدأ القديس مرقس إنجيله بقوله: "صوت صارخ في البرية"، وكأنه صوت أسد يدوي في البريّة كملك الحيوانات يهيئ الطريق لمجيء الملك الحقيقي ربنا يسوع المسيح. هذا وإذ جاء الإنجيل يُعلن سلطان السيد المسيح لذلك لاق أن يُرمز له بالأسد، إذ قيل عن السيد أنه "الأسد الخارج من سبط يهوذا" (رؤ 5: 5).ثالثًا: يرى القديس أمبروسيوس أن مار مرقس بدأ إنجيله بإعلان سلطان لاهوت السيد المسيح الخادم "بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله" (1: 1)، لذلك بحق يرمز له بالأسد.
كرازته
v بدأ الرسول خدمته مع معلمنا بطرس الرسول في أورشليم واليهوديّة.
v انطلق مع الرسولين بولس وبرنابا في الرحلة التبشيريّة الأولى، وكرز معهما في أنطاكية، لكنه على ما يظن أُصيب بمرض في برجة بمفيليّة فاضطر أن يعود إلى أورشليم.
v إذ بدأ الرسول بولس رحلته التبشيريّة الثانية أصر برنابا الرسول أن يأخذ مرقس، أما بولس الرسول فرفض، حتى فارق أحدهما الآخر، فانطلق بولس ومعه سيلا، أما برنابا فأخذ مرقس وكرزا في قبرص (أع 13: 4-5)، وقد ذهب إلى قبرص مرة ثانية بعد مجمع أورشليم (أع 15: 39).
v اختفت شخصيّة القديس مرقس في سفر الأعمال، إذ سافر إلى مصر وأسس كنيسة الإسكندرية بعد أن ذهب أولاً إلى موطن ميلاده "المدن الخمس" بليبيا، ومن هناك انطلق إلى الواحات ثم صعيد مصر ودخل الإسكندرية عام 61 م من بابها الشرقي.
يروي لنا التاريخ قصة قبول إنيانوس الإيمان المسيحي كأول مصري بالإسكندرية يقبل المسيحيّة. فقد تهرأ حذاء مار مرقس، وإذ ذهب به إلى الإسكافي إنيانوس ليصلحه دخل المخراز في يده فصرخ: "يا الله الواحد"، فشفاه مار مرقس باسم السيد المسيح وبدأ يحدثه عن الإله الواحد، فآمن هو وأهل بيته. وإذ انتشر الإيمان سريعًا بالإسكندرية رسم إنيانوس أسقفًا ومعه ثلاثة كهنة وسبعة شمامسة. هاج الشعب الوثني فاضطر القديس مرقس أن يترك الإسكندرية ليذهب إلى برقة (بليبيا) ومنها إلى روما، حيث التقى بالقديسين بطرس وبولس وبقي معهما حتى استشهادهما عام 64 م.
عاد إلى الإسكندرية عام 65 م ليجد الإيمان المسيحي قد ازدهر، فقرر أن يزور المدن الخمس، وعاد ثانية إلى الإسكندرية ليستشهد هناك في منطقة بوكاليا.
v تعتقد لبنان أن القديس كرز بها، هذا وقد كرز أيضًا بكولوسي (كو 4: 10)، وقد اتخذته البندقيّة شفيعًا لها، واكويلاً من أعمال البندقيّة.
نختم حديثنا عن كرازته بكلمات الرسول بولس وهو يواجه لحظات الاستشهاد: "خذ مرقس واحضره معك لأنه نافع لي للخدمة" (2 تي 4: 11).