فى سعينا للوصول إلى حياة التوبة ، وصلنا إلى النقطة الثالثة فى مبادرة ربنا يسوع المسيح والتى تظهر فى قوله : " أنا واقف ... وأقرع .... إن سمع أحد صوتى وفتح الباب أدخل إليه ... " والتى فى مضمونها تلك النقطة 3- إنتظار الرب لنا لكن ندعوه للدخول إلى قلوبنا ليملك عليها : إذ فى قول الرب : " أنا واقف على الباب وأقرع " ما يفيد أنتظاره فى حب لمن يسمعه ويفتح له ليدخل معه فى عشرة أبدية .. لكن فى ذلك هناك أنواع من الناس :
- فبعض الناس : لا يسمع صوت الرب وقرعاته ، لأن لديه صمماً روحياً .. والبعض الآخر : يسمع لكنه للأسف لا يفتح وكأنه نائم .
- أما الصنف الثالث : مَن يسمع ولديه الرغبة فى الدخول مع الرب فى عشرة روحية ، لكنه لا يدعوه لشعوره بالاستغناء .
- لكن النوع الرابع : فهم نوعية من هم فى أشتياق شديد للعشرة مع الله ، بالإضافة إلى أنهم فى إيجابية لا يتأخرون عن فتح عقولهم لكلماته ولمحبته قلوبهم فيتمتعون حقيقة بهذه العشرة مع الله .
.. وهنا يا أحبائى أناديكم أن تقفوا سريعاً ، لتفحصوا نفوسكم ، بسرعة من أى نوع أنتم ؟!
لأن أصحاب النوع الأول : الذين ليس لديهم الأستعداد لسماع صوت الرب ، ينبهنا أنه قد يكون بسبب اللامبالاه .. أو بسبب عدم تمييزهم لصوت الله بداخلهم .
أ- فاللامبالاه : تنتج من الأستغراق فى الخطية ، والغرق فى الشرور والشهوات الجسدية الردية .. يفعلون ما لا يليق بأولاد ربنا ، من طمع وخبث ومكر وأثم وشر .... زنا .. حسد ... قتل ... خصومات ... كسل ... نميمه وإفتراء .... كذب ... تعظم معيشة .... شهوة البطون .... كبرياء .... المبتدعين وغير الطائعين .... بلا فهم ولا عهد ولارضى ولا رحمة .... وبالجملة من هم غير أمناء فى تأدية واجباتهم ( الروحية والعملية أو الدراسية ) ، إذ هم مبغضون لله .... ومثل هؤلاء قال عنهم السيد المسيح : " لأن قلب هذا الشعب قد غلُظَ وأذانهم قد ثَقُل سماعها . وغمضوا عيونهم لئلاَّ يبصروا بعيونهم ويسمعوا بآدانهم ويفهموا بقلوبهم ويرجعوا فأشفيهم " ( مت 15:13 ) .
ب- عدم تمييز صوت الرب : عند مثل هؤلاء رغم النعم والخير والنجاح المُنعم به عليهم من قِبَلْ الله إلا أنهم يكونوا دائماً غير شاكرين لله لا يعيشون حياة الرضا فيسقطون فى بئر الملل والفشل ، إذ أنهم يُرجعون نجاحهم إلى ذكائهم وحسن حظهم وكثرة إمكانياتهم ... وفى فشلهم ، يقولون أنه لسوء حظهم أو لحسد الحاسدين ، غير متنبهين إلى أنه قد يكون النجاح أو الفشل ما هو الا قرعات الله سواء اللطيفة أو العنيفة لتفويقهم ، فيضيعون منهم أجمل الفرص إلى رمى أحمالهم تحت أقدام الرب يسوع فى توبة صادقة ... وهم عكس اللذين يعيشون فى يقظة الذين يستطيعون تمييز صوت الرب ، كقوله : " خرافى تسمع صوتى وأنا أعرفها فتتبعنى . وأنا أعطيها حياة أبدية . ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يدى " ( يو27:10 ، 28 ) .
* أما أصحاب النوع الثانى : الذين يعيشون فى غفله وكأنهم نائمون00الذين يسمعون ولا يفتحون رغم تأكدهم من أنه صوت الله الأتى إليهم من خلال كلامه أو عظه سمعوها أوكتاب قرأوه ، مثل هؤلاء قد يكونوا غير فاهمين لإرشادات أبائهم الروحيه ، وقد يكونوا مخدوعين ومستغرقين فى الكسل و التراخى أو الانشغالات العالميه ، مؤجلين دائمآفى عدم محبة لأى ممارسات للطقوس الدينيه فى غير أمانة ، وهكذا لايستطيعون الوصول الى قلب الله الحنون .... إذ أنه فى الكسل و التراخى يفوتون على انفسهم فرصة حياة الشركه مع الله ،وفى تهاونهم وعدم جديتهم ، يجعلوه يتحول عنهم ، كقول عروس النشيد :- " أنا نائمة وقلبى مستيقظ صوت حبيبى قارعآ 0 إفتحى لى ياأختى ياحبيبتى ياحمامتى ياكاملتى 0 لأن راسى إمتلأ من الطل وقصصى من ندى الله " فترد عليه العروس فى تراخ وكسل " قد خلعتُ ثوبى فكيف ألبسه 0 قد غسلت رجلى فكيف أوسخها ... لكن حبيبى تحول وعبر....." ( نش 2:5-6 ) .
ب- أما مشكلة التأجيل : فهى خطة الشيطان فى إبعاد أولاد الله عن طريق الحياة الأبدية ... قيقول إذهب إلى الكنيسة والإجتماع الروحى وأعترف ، لكن ليس اليوم بل غداً لأنك غير مستعد أو ..... الخ . بالطبع لا يأتى غداً أبداً .. كحكاية فيلكس الوالى : عندما كلمه معلمنا بولس الرسول عن البر والتعفف ، لكنه بدلاً من أن يفتح قلبه قال له : " أما الأن فإذهب ومتى حصلت على وقت أستدعيك " ( أع 25:24 ) .
وبالطبع لم يأتى هذا الوقت ... أما أنت أيها الحبيب ، هل أنت مستعد أن تفتح قلبك فوراً بمجرد سماعك لقراعات الحبيب ؟! .
ج- المشغوليات : التى تعمل عمل خيوط العنكبوت التى تحيط بالفريسة حتى تقتلها .. كمثل حبة الحنطة التى تسقط وسط الشوك فيخنقها عندما تنبت ... وهكذا الإنسان الذى ينسى نفسه ويذوب فى مشاكل الدنيا وأمور الحياة الأرضية ومطالبها ومشغولياتها من بيوت وتجارة أو دراسه وعلم المراكز والمشاريع ....... إلخ .. ولكن فى لحظة لا يعرفها الإنسان وفى غفله منه يأتى يوم الرب كلص ، فتفوت عليه الفرصة ولا يكتسب شيئاً .. وقد أعطانا الرب على نفس المنوال مثال " العشاء العظيم " الذى صنعه إنسان ودعى إليه الكثيرين ، وعندما إستعفى الجميع ، إذ خرج واحدُُ لينظر حقله الذى أشتراه ، وأخر ليمتحن بقره وغيرهم تزوج ... وهنا غضب رب البيت وقال " إنه ليس واحدُُ من أولئك الرجال المدعوين يذوق عشائى " ( لو 16:14-24 ) .
د- العبادة بدون حب الله : مثل هؤلاء قد لا يفهمون كلمات الأنجيل بطريقة سليمة وقد يفهموا إرشادات آبائهم الروحية بطريقة خطأ .. فيمارسون الطقوس الدينية بحرفية وكفروض واجبه دون روح الروحية ودون تلقائية فى الحياة الروحية بغير حب للسيد المسيح ، ذلك الحب المتدفق الذى إذا وُجد فى القلب ، يدفع عجلة الحياة بقوة ، لكن الذين ليس لديهم ذلك الحب وصفهم الوحى الإلهى فى أشعياء : " قال السيد لأن هذا الشعب قد إقترب إلىَّ بفمه وأكرمنى بشفتيه وأما قلبهُ فأبعدهُ عنى وصارت مخافتهم منى وصية الناس معلَّمةً " ( أش 13:29 ) فهدفهُمْ واضح هو الظهور أمام الناس أنهم يعبدون الله .... ومعلمنا بولس الرسول لفت نظرنا إلى ذلك بقوله : " إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لى محبة فقد صرتُ نحاساً يطنُّ أو صنجاً يرنُّ .. " (1كو1:13?) * أما من هم من النوع الثالث : الذين يرغبون فى دخول السيد المسيح فى قلوبهم لكنهم يشعرون بالاستغناء :
1) من لا يطلبون : فقد لا يعرفون أن الرب قريب وفى أنتظار دعوة صريحة ومحددة منهم حتى يستجيب ويدخل معهم فى عشرة .. وقد قال لنا الرب : " إسألوا تُعطوا . أطلبوا تجدوا . إقرعوا يفتح لكم . لأن كل مَنْ يسأل يأخذ . ومن يطلب يجد . ومَنْ يقرع يُفتح له " ( مت 8،7:7 ) . أيضاً ظهر ذلك فى عتاب السيد المسيح لتلاميذه بقوله لهم : " إلى الآن لم تطلبوا شيئاً بإسمى . أطلبوا تأخذوا . وليكون فرحكم كاملاً " ( يو 24:16 ) .
2) من يستغنوا بحجة عدم الأستحقاق : وهنا نؤكد لمثل هؤلاء أنه مَن منَّايستحق العشرة مع الله . لكننا بالنعمة المعطاة لنا منه نستحق تلك العشرة وبالتالى يمكننا الأقدام إلى ممارسة وسائط النعمة وحياة التوبة والإعتراف والتناول من الأسرار الالهية المقدسة بتلك النعمة وهذه المحبة الفائقة ، علماً بأن السيد المسيح لا يقتحم قلباً لا يدعوه / وفى عدم توافر الإرادة لدى الإنسان والرغبة الأكيدة ، سيظل الرب واقفاً على الباب يقرع فى صبر لأننا لازلنا فى عصر الرحمة ... فإسرع أيها الحبيب بإرادة حرة فى قبول العشرة مع الله حتى تكون ضمن النوع الرابع الذى هو فى إشتياق حقيقى للحياة مع الله دون أى معطلات حتى لا يفوتك الأوان .