هدية تخرّج..
كان أحد الشباب يستعد للتخرج من كليته . ولشهور عديدة كان معجبا بسيارة سبور فى معرض وكيل للسيارات ، ولعلمه أن والده لديه الإمكانيات ويمكنه تقديمها له ، أخبر والده عنها وقال أنها كل مايريد .
وعندما أقترب يوم التخرج انتظر الشاب دلائل على قيام والده بشراء السيارة . وأخيرا ، فى صباح يوم التخرج ذاته ، استدعاه والده لحجرته الخاصة ، وأخبره كم هو فخور بأنه له مثل هذا الابن الرائع ، وأخبره كم هو يحبه . ثم قدم له صندوق هدايا ملفوفا فى غلاف جميل .
فى فضول ، وفى إحساس ببعض من خيبة الأمل ، فتح الشاب صندوق الهدية ليجد كتابا مقدسا ذو غلاف جلدى فاخر ، منقوشا عليه اسم الشاب بالذهب . فى غضب رفع الشاب صوته مخاطبا والده وقال " مع كل غناك الطائل ، فهل كل ما تعطينى هو كتاب مقدس ؟" . وخرج كالعاصفة من المنزل .
سنوات عديدة مرت ونجح الشاب نجاحا باهرا فى عمله . وصار له منزلا جميلا وعائلة رائعة ، ومع إدراكه أن والده تقدم فى العمر، وربما فكر أنه ينبغى عليه أن يزوره . لكنه لم يراه أبدا من يوم تخرجه .
وقبل أن يدبر لقاء مع والده ، تسلم برقية تخبره أن والده قد توفى ، وأنه قد أوصى له بكل ممتلكاته . وإن الأمر يستدعى ذهابه لمنزل والده ليهتم بالأمور .
وعندما وصل منزل والده ، ملء حزن مفاجئ وندم قلبه . وبدأ يبحث فى أوراق والده الهامة ووجد الكتاب المقدس الذى كان قد أهداه له والده ملفوفا كما هو ، كما كان قد تركه منذ سنوات مضت . وقد وضع والده بعناية خطا تحت الآية المذكورة فى متى 7 : 11 " فان كنتم و انتم اشرار تعرفون ان تعطوا اولادكم عطايا جيدة فكم بالحري ابوكم الذي في السماوات يهب خيرات للذين يسالونه "
وحينما رفع الكتاب المقدس ليقرأ بعضاً من آياته، إذا بمفتاح سيارة يسقط من الكتاب، وبه لافتة بها اسم المعرض الذى بيعت منه السيارة ، نفس المعرض الذى كانت به السيارة الإسبور التى كان يرغبها . وعلى اللافتة مكتوب أيضا تاريخ تخرجه ، ومكتوب أيضا " الثمن مدفوع ".
التسرّع.. الشكّ في حكمة الأب وعطاياه.. العناد.. كلها أفكار جعلت هذا الشاب يبكي بكاءً مرّاً ..
ندمه الشديد لم يفلح بإعادة والده إلى الحياة وإعادة اللحظات الحلوة التي كان من الممكن لهذا الشاب أن يحياها بالقرب من والده..