في زمن الاضطهاد الذي أثاره الإمبراطور ديسيوس، وفي سنة 250م في مدينة ترواس بآسيا الصغرى، قُدم للوالي ثلاثة من المسيحيين كان أكبرهم شخص يدعى نيخوماكس Nichomacus فاعترف بإيمانه في بادئ الأمر ورفض أن يقدم قربانًا للآلهة. بدأوا يعذبونه، فلما برح به الألم صاح: "ما كنت مسيحيًا قط، سوف أقدم القرابين للآلهة"، فأنزلوه من آلة التعذيب. ولم يكد يضع لحم الضحية على شفتيه حتى قضى نحبه ومات جاحدًا.
كانت هناك فتاة مسيحية في نحو السادسة عشرة تدعى ديونيزيا، إذ روعها هذا المنظر صاحت: "أيها البائس المسكين، من أجل لحظات قصيرة نلت آلامًا أبدية لا توصف". سيقت أمام الوالي ولما سألها عما إذا كانت مسيحية أجابت: "نعم ولهذا فقد تملكني الأسى على ذلك المسكين الذي لم يستطع أن يتحمل قليلاً فيجد راحة أبدية". فأمرها أن تحذو حذوه، وإلا فإنها ستعذب ثم تحرق حية.
في اليوم التالي جيء بأندراوس وبولس رفيقي نيخوماكس أمام القاضي. ورأى الوالي أن يسلمهما للجمهور ليرجمهما حتى الموت، فأُوثقت أقدامهما معًا وأُخذا خارج المدينة. وحدث أن رأتهما ديونيزيا، وكانت في طريقها إلى حيث تتلقى الحكم النهائي عليها. فأفلتت من حارسها وألقت بنفسها على أندراوس وبولس قائلة: "لأمت معكما على الأرض، حتى أحيا معكما في السماء". ولم يشأ الوالي أن يجيبها إلى ما طلبت، وأمر بأن تبتر رأسها.
الاستشهاد في المسيحية، صفحة 164