لَيتَكُم تَحتَمِلونَ مِن قِبَلي قَليلاً مِنَ الغَباوة، بل تَحَمَّلوني، فإِنِّي أَغارُ علَيكُم غَيرَةَ الله لأَنِّي خَطَبتُكُم لِزَوْجٍ واحِد، خِطبَةَ عَذْراءَ طاهِرَةٍ تُزَفُّ إِلى المسيح. ولكِنِّي أَخشَى علَيكُم أَن يَكونَ مَثَلُكُم مَثَلَ حَوَّاءَ الَّتي أَغوَتْها الحَيَّةُ بِحيلَتِها، فتَفسُدَ بَصائِرُكُم وتَتَحَوَّلَ عَن صَفائِها لَدى المَسيح. فإِذا جاءَكُم أَحَدٌ يُنادي بِيَسوعَ آخَرَ لم نُنادِ بِه، أَو قَبِلْتُم رُوحًا غَيرَ الَّذي نِلتُموه وبِشارةً غَيرَ الَّتي قَبِلتُموها، اِحتَمَلتُموه أَحسَنَ احتِمال. وأَرى أَنِّي لَستُ أَقَلَّ شَأنًا مِن أُولئِكَ الرُّسُلِ الأَكابِر. وإِنِّي، وإِن كُنتُ جاهِلاً في البَلاغة، فلَستُ جاهِلاً في المَعرِفَة، وفي كُلِّ شَيءٍ أَظهَرْنا لَكم ذلِكَ أَمامَ جَميعِ النَّاس. أَتُراني ارتَكَبتُ خَطيئَةً إِذ أَعلَنتُ لَكم مَجَّانًا بِشارةَ الله واضِعًا نَفْسي لِتُرفَعوا أَنتُم؟ سَلَبتُ كَنائِسَ أُخْرَى وأَخَذتُ مِنها النَّفَقَةَ لِخِدْمَتِكُم. ولَمَّا كُنتُ بَينَكُم ورأَيتُ أَنَّ بي حاجَة، لم أُكلِّفْ أَحَدًا شيئًا، فإِنَّ الإِخوَةَ الَّذينَ أَتَوا مِن مَقْدونِيَة سَدُّوا حاجَتي. وقَد حَرِصتُ في كُلِّ شَيءٍ أَلاَّ أُثَقِّلَ علَيكُم وسأَحرِصُ أَيضًا. وَحَقِّ المسيحِ المُقيمِ فِيَّ، إِنَّ هذِه المَفخَرةَ لَن تُحجَبَ عَنِّي في بِلادِ آخائِية. ولِماذا؟ ****َنِّي لا أُحِبُّكم أَللهُ أَعلَم.
قبل أيّ شيء آخر، لم يشأ يسوع المسيح، معلِّم السلام وسيّد الوحدة، أن تكون الصلاة فرديّة وخاصّة، فيُصَلّي كلّ واحد منّا لنفسِهِ فقط. فنحن لا نقول: "أبي الذي في السموات"، كما أنّنا لا نقول: "أعْطِني خُبزي كفافَ يومي". فمَن يصلّي لا يطلبُ شيئًا له وحده، كما أنّه لا يطلبُ من الله أن يُنجّيه لوحدِهِ من التجربة ومن الشرّير. فبالنسبة إلينا، تكون الصلاة مشتركة وجماعيّة، وحين نصلّي إنّما نَتَضرّعُ لا لفردٍ واحدٍ بل للجميع، لأنّنا كلّنا واحد.
لقد أرادَ إله السلام وسيّد الوئام، الذي علّمَ الوحدة، أن يُصلّي كلّ واحد منّا للجميع، تمامًا كما حَمَلَ هو العالم كلّه لوَحدِهِ. وقد اختبرَ الشبّان اليهود الثلاثة قدرة الصلاة هذه حين كانوا محتجزين في أتُّون النّار (دا3: 51). وبعد صعود الربّ إلى السماء، بدأ الرسل والتلاميذ يصلّون بهذه الطريقة: "وكانوا يُواظِبونَ جميعًا على الصلاة بِقَلبٍ واحدٍ، مع بَعضِ النِّسوَةِ ومَريَم أمِّ يسوع ومع إخوَتِه" (أع1: 14). فكانوا يُواظِبون على الصلاة بقلبٍ واحدٍ؛ ومن خلال تقواهم وحبّهم المتبادل، كانوا يَشهَدون على أنّ الله الذي يُسكِنُ في منزلٍ واحدٍ أشخاصًا مُتّفِقين، لا يَقبلُ في منزلِهِ السماويّ إلاّ الذين توحَّدَتْ نفوسُهم بالصلاة (مز68: 7).
أيّها الإخوة الأحبّاء، حين ندعو الله "أبانا"، يجب أن نعلَمَ بأنّه يفترض بنا التصرّف كأبناء لله؛ وإن كنّا نفرح بصفَتِنا أبناء لله، يجب أن يفرحَ هو أيضًا بصفَتِنا أبناءَه.