أقرّت المسيحية، منذ بداياتها أيضاً بعمل لله في الشعوب الأخرى وفي حضاراتها، خصوصاً في ضوء مقدمة إنجيل يوحنا التي تتحدث عن "الكلمة" الذي "به كان كل شيء" والذي ينير كل العالم. في المسيحية اعتراف مبدئي واحترام لعمل روح الله وكلمته في الكون كله، حتى الذي لم يعرف المسيح، ولم يعترف به. اذكر هنا القول المنسوب إلى القديس امبروزيوس "كل حق، كائناً من كان قائله، هو من الروح القدس". من هنا مصدر الموقف الشمولي. النظرة حيال الآخرين غير المسيحيين، يحددها هذا الاعتراف بعمل الله الخالق في جميع البشر. لذلك فالشمولية هي، في قناعتي، عنوان العلاقة المسيحية مع الآخرين. أما الحصرية فهي إجراء بيتي داخل لمن عرف المسيح واعترف به ثم ضّل أو شكك أو حاول المساومة والتمييع. الشمولية والحصرية في مقصدهما الأساسي حركتان، بل موقفان لا مفر منهما في المسيحية، بسبب طبيعة المسيحية ذاتها.