موضوع: معالم تاريخية : الأيقونات الحلبية الأحد مارس 25, 2007 12:59 am
معالم تاريخية
الأيقونات الحلبية
في منتصف القرن الخامس عشر، كانت بيزنطية تحتضر. الامبراطورية الرومانية الشرقيةبادت لكن الكنيسة استمرت وظلّ فنها يشعّ. في ظل الحكم العثماني، عرفت الأيقونة قمة ازدهارها وتجددها بفضل الطاقات الخلاقة الجديدة، كما انتشرت مدارس رسم الأيقونات المتعددة وتوحّدت. وبدأ راسمو الأيقونات من يونانيين وسوريين يمارسون نشاطاً واحداً، معتمدة لغة واحدة مشبعة بألوان متعددة خاصة بها. والأيقونة، بانفتاحها الدائم على غير المنظور، تحتفل بالقداسة بالخطوط والألوان كاشفة "مسكن الله مع الناس" (رؤيا 21، 3). في أنطاكية، أتى نتاج من الأيقونات كبير ليكمّل النتاج المتتابع في العالم اليوناني-البلقاني. ويبدو أن محترفاً حلبياً قد شكًل مركز هذا النتاج الرئيس. رائده يوسف المصوّر . كان يوسف رساماً فذاً، وهو مؤسس سلالة من راسمي الأيقونات امتدت من الأب الى ابن الحفيد: يوسف، نعمة الله، ، حنانيا وجرجس. أن تحولات هذا النتاج المتتابع من جيل الى آخر تعكس بوضوح التحولات التي عرفتها أيقونة العصور الحديثة. فتتجلى في ابداع يوسف الأمانة للتقليد اليوناني؛ أما عمل نعمة فيبدو أكثر فرادة، تطويعه لعناصر الصناعة في تجدد دائم، وقد أغنى هذا الرسام النماذج الأصلية باستحداثه عناصر جديدة. أخيراً يمثل عمل يوحنا مرحلة انتقال. أما آخر لسليل الأسرة فشاهدٌ على انحطاط الفن الما بعد البيزنطي. تجد أجمل الأيقونات الحلبية في دير سيدة البلمند وفي كنيسة رقاد السيدة العذراء بحلب. تبنّى الرسم النماذج السائدة بأمانة، وتطور تدريجياً نحو كتابة مبتكرة. ومهمة راسم الأيقونات تكمن في استنباط أشكال جديدة. اذ يعود الى المصادر، يستمد منها، ثم ينتقي ويهندس نماذج جديدة. تحتلّ الأيقونات الحلبية، وهي أروع أعمال الفن السوري المسيحي، مكان الشرف في تاريخ الفنّ الما بعد البيزنطي. فهي تتعدى كونها مجرد اعادة لنتاج مستنفد، لتنمّ عن ابتكار أمين ومجدد يشعّب التقليد الموروث ويحييه.