أحد الشعانين
بأحد الشعانين ننهي الصوم الأربعيني المقدس ونلج إلى أسبوع الفرح العظيم الذي يتوّج بفجر القيامة. اليوم يدخل المعلم الإلهي إلى أورشليم راكباً على جحش ابن أتان متواضعاً أو مجدداً تواضعه بمولده في مذود حثير في بيت لحم ويستقبله الأطفال منشدين "مبارك الآتي باسم الرب أوصانا في الأعالي" معلنين إياه ملكاً على الإنسانية ومعهم كل من له قلب طفل. يدخل إلى مدينة "قاتلة الأنبياء والمرسلين" ليقدم نفسه للشهادة على الصليب فدية لبني البشر أجمعين.
وبدءاً من مساء اليوم على مدى ثلاث أمسيات نعلنه ختناً أي عريساً للنفس: "ها هو الختن يأتي في نصف الليل". ونحن في هذا الإنشاد نتقرب من يسوع أكثر فأكثر طالبين منه العطف والغفران ونحذّر النفس: "أنظري يا نفس ألاّ تستغرقي في النوم ويُغلق عليك خارج الملكوت وتُسلِّمي إلى الموت". لقد نمنا نوماً عميقاً في خطايانا وعلينا الآن أن نستفيق من هذا السبات الطويل عسى ينزل علينا النور الحقيقي باستماعنا إلى الأناجيل والمزامير وما إليها وبإسلامنا القيادة لكلمة الله إسلاماً كلياً.
وفي هذا الأسبوع نلجأ إلى الكاهن لنعرض للمسيح كل خطايانا أو نتشارك في صلاة الزيت المقدس متأملين وخاشعين وطالبين من أبي المراحم الإلهية أن يغفر لنا ذنوبنا ويتغاضى عن آثامنا لكي نتقدم نهار الخميس العظيم من الاشتراك في القداس الإلهي المقام لذكرى تأسيس الإفخارستيا. ورجائي إليكم أيها الأحباء أن تلبوا دعوة المسيح في هذا اليوم للاشتراك في مائدة الرب بأعداد كبيرة لتثبتوا في المسيح لأن "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه ويحيا إلى الأبد".
ونمضي في مسيرتنا وراء المسيح ونبلغ إلى مساء الخميس لنسمع الأناجيل الإثني عشر ونتأمل في خطبة الوداع المتلوَّة في الإنجيل الأول ونصغي إلى الأناجيل الباقية إلى أن نصل إلى دورة المصلوب ونتقبَّل بورع وخشوع ترتيلة: "اليوم عُلّق على خشبة"، وبقولنا "اليوم" نعني أن موت يسوع الذي حدث قبل أكثر من ألفي سنة إنما هو حي فينا الآن وإن الخلاص الذي أعطي مرة واحدة نتقبله الآن. ولا نقبِّل المخلص قبلة يهوذا الخائن وإنما قبلة الحبيب.
أما نهار الجمعة فحبّذا لو تشتركوا أيها الأحباء أيضاً في الساعة الملوكية وصلاة الغروب إذ أن هذه الخدمة قمة روحية في هذا الأسبوع المقدس والعظيم وعند نهايتها نطوف بأيقونة المسيح الدفين (الأبيتافيون) بانتظار تقاريظ الجناز بداءً بـ "يا يسوع الحياة في قبر وُضعتَ" وفي آخر الحدمة نقترب من الصورة ونقبّل وجه المسيح وقدميه معلنين بذلك أنه مخلصنا.
ونحن نعرف في كل هذا أننا: "دُفنَّا معه لنسير إلى موته حتى كما قام يسوع من بين الأموات نسلك نحن أيضاً في حياة جديدة"، لأن المسيح سَبَتَ بالجسد بواسطة سرّ التدبير الصائر بالموت ثم عاد بواسطة القيامة إلى ما كان ومنحنا حياة أبدية. وفي يوم السبت العظيم نهتف للسيد المبارك: "قُم يا الله واحكم في الأرض لأنك ترث جميع الأمم" ونحن بانتظار قيامته المجيدة.