رسالة كانت كالسهم الذي لا يخطئ أصابت هدفها بكل دقة متناهية
لست أدري لماذا كنت أنا الهدف ؟
لعلي أسأت الأدب دون أن أدري .
أو تطفلت على قوم فزاحمتهم على مأدبة لم أكن من المدعوين لحضورها
أو لست ذاك الشخص الذي يليق بالمقام العالي بين كبار المفكرين والمبدعين
أو تجاوزت الحدود وتدخلت فيما لا يعنيني .
لكن رغم هاته التساؤلات لا أعلم ماذا يحدث في الكواليس .
وأبقى أخمن وماذا ينفع التخمين حتى ولو علمت السبب .
ربما كنت أنا الجاني المعتوه التائه دون وجهة محددة .
رسالة لم أستوعب مضمونها سوى أني مرفوض وغير مرغوب فيه .
وأني في المكان الذي لا يليق إلا بالناس الكبار .
وأن مكاني بين صغار القوم وعامتهم وفي غبرائهم .
كان نجما في السماء وكنت أتأمله بكل إحترام وتقدير
فجأة جاءني منه شهاب أصاب مقلتي وأدمى قلبي فسقطت صريعا
بين الحياة والموت .
لعله فهم تأملي له بالخطإ . فجاء الرد سريعا مدميا .
سأودع الدنيا عما قريب إلى عالم آخر ليست به دماء ولا شهب ولا سهام
سأحمل معي قلبي الذي هو كل ما أملك في هاته الحياة الأبدية من عالم الدنيا
إلى عالم الروح والبرزخ .
سأودع جسدي الذي أنهكني والذي كان له الفضل علي أن تحملني مدة من الزمان .
كتبت في صفحاته كل ما قدر لي أن أكتب وترجمت به مشاعري التي لم يقرأها سواي
ولم يستسغها غيري .
سأودعك يا قاربي الصغير الذي حماني الله بك من عاصفة هوجاء بين أمواج
متلاطمة .كان شراع قاربي هو من يتحدى تلك العاصفة التي إنقلبت من رياح
هادئة تدفعني برفق نحو الهدف .إلى عاصفة هوجاء وريح مزمجرة لا تذر شيئا
إلا جعلته كالرميم .
التقمت الأعماق قاربي وكان بطن القرش ملاذي الأخير .
رسالة شرسة بلغت هدفها بكل دقة متناهية من رماة بارعين أتقنوا كل شيء.
لسان حالهم يقول .
لماذا انت هنا ؟
البحر لنا والأمواج لنا والعاصفة لنا والتنور لنا والباخرة التي تشق عباب البحر لنا
ولا مكان لقاربك وشراعك هنا .مكانك في بطن القرش فارحل عنا .
وبدأ الرحيل بدون كفن أو حنوط وبدون صلاة الجنازة. ولم ينادي المنادي
صلاة الجنازة يرحمكم الله جنازة إمرأة . لعله أخطأ وكان الأصح أن يقول جنازة رجل
يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين .