روح الإنسان
فالمعنى الأوّل للفظة "رُوَح" متعلّق إذًا بقوّة في الطبيعة تعطيها الحياة. والمعنى الثاني مرتبط بقوة في الإنسان تعطيه الحياة. فالرُوَح هي نَفَس الإنسان وروحه، نفخها الله ذاته في الإنسان، حسب رواية سفر التكوين: "وإنّ الرب الإله جبل الإنسان من تراب من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار الإنسان نفسًا حيّة" (تك 2: 7).
لهذا نرى أن الروح في العهد القديم أمر واقعيّ يمكن الإنسان، وإن لم يره، أن يشعر به ويدرك فاعليّته. فكما يشعر بعمل الريح في الطبيعة، كذلك يشعر بذاته كائنًا يتنفّس وروحه فيه.
ج) روح الله
أمّا المعنى الثالث للفظة "رُوَح" فهو روح الله لنفسه، الذي يستطيع الإنسان أن يدرك وجوده من خلال عمله في الطبيعة وعمله في الإنسان.
إن روح الله هو روح القدرة، الذي يعطي الحياة لجميع الكائنات. فهو الذي خلق كلّ شيء، كما جاء في الآيات الأولى من سفر التكوين: "في البدء خلق الله السماوات والأرض. وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلام، وروح الله يرفّ على وجه المياه" (تك 1: 1-2)، وكما جاء أيضاً في المزامير: "الجميع يرجونك لترزقهم القوت في حينه... تحجب وجهك فيفزعون، تقبض أرواحهم فيموتون وإلى ترابهم يعودون. ترسل روحك فيُخلقون، وتجدّد وجه الأرض" (مز 103: 27- 30).
وتؤكّد مختلف أسفار العهد القديم أنّ روح الله هو الذي يعمل في الذي اختارهم ليقودوا شعبه، كالقضاة والملوك والأنبياء. فعن عشنيئيل يقول سفر القضاة: "وكان روح الرب عليه، فتولّى القضاء لإسرائيل" (قض 3: 10)، وعن شمشون، عندما برز أمامه شبل لبؤة يزأر في وجهه: "فحلّت عليه روح الرب، ففسخه كما يفسخ الجدي، ولم يكن في يده شيء" (قض 14: 6). وكذلك "حلّ روح الرب على شاول عندما مسحه صموئيل بالزيت، فأخذ يتنبّأ" (1 ملوك 10: 6). وعندما مسح صموئيل داود "حلّ روح الرب على داود من ذلك اليوم فصاعدًا... وفارق روح الرب شاول وزعجه روح شرّير من لدن الرب" (1 ملوك 16: 13، 14).