الإصحاح الخامس والعشرون
مثل العشر العذارى (عدد 1-13)
«حينئذ يشبه ملكوت السماوات عشر عذارى أخذن مصابيحهُنَّ وخرجن للقاء العريس. وكان خمس منهُنَّ حكيمات وخمس جاهلات. أما الجاهلات فأخذن مصابيحهُنَّ ولم يأخذن معهُنَّ زيتًا في آنيتهُنَّ مع مصابيحهُنَّ. وفيما أبطأ العريس نعسن جميعهُنَّ ونمن. ففي نصف الليل صار صراخ هوذا العريس مقبل فأخرجن للقائه. فقامت جميع أولئك العذارى واصلحن مصابيحهُنَّ. فقالت الجاهلات للحكيمات أعطيننا من زيتكن فإن مصابيحنا تنطفئ. فأجابت الحكيمات قائلات لعله لا يكفي لنا ولَكُنَّ بل اذهبن إلى الباعة وابتعن لَكُنَّ. وفيما هُنَّ ذاهبات ليبتعن جاء العريس والمستعدات دخلن معه إلى العرس وأغلق الباب. أخيرًا جاءت بقية العذارى أيضًا قائلات يا سيد يا سيد افتح لنا فأجاب وقال، الحق أقول لَكُنَّ أني ما أعرفكُنَّ. فاسهروا إذًا لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان» (عدد 1-13).
هذا المثل المشهور مُقترن مع ما قيل عن العبيد في آخر (إصحاح 24) وخصوصًا مع القول «يأتي سيد ذلك العبد الخ» لأن قوله «حينئذ» يُشير إلى ذلك ومعناه في ذلك الوقت أي وقت مجيئه. هذا المثل من تشبيهات ملكوت السماوات. ومن خواصه أن يوضح حالة هذا الملكوت وقت مجيء المسيح من حيث تغافل الجميع عنه وعدم استعداد البعض للقائه عندما يأتي.
«عشر عذارى» العذارى عبارة عن جماعة مُجتمعه لأجل غرض خاص هو لقاء العريس.
«وكان خمس منهُنَّ حكيمات وخمس جاهلات» إني لا أرى أهمية لتقسيم العشر عذارى فالعشر العذارى في خروجهِنَّ للقاء العريس عبارة عن جميع المُعترفين باسم المسيح في غيابه من حيث أن جميع الذين أقروا بالإقرار المسيحي أظهروا أنهم قد خرجوا من العالم روحيًا لكي ينتظروا رجوع المسيح من السماء. «لأنهم هم يُخبرون عنا أي دخول كان لنا إليكم وكيف رجعتم إلى الله من الأوثان لتعبدوا الله الحي الحقيقي وتنتظروا ابنه من السماء، الذي أقامه من الأموات، يسوع، الذي يُنقذنا من الغضب الآتي» (تسالونيكي الأولى 9:1، 10).
«أما الجاهلات فأخذنَّ مصابيحهُنَّ» المصباح عبارة عن الاعتراف المسيحي من حيث انه أداة الإضاءة. (انظر إصحاح 16:5؛ لوقا 35:12؛ فيلبي 15:2).
«وأما الحكيمات فأخذنَّ زيتًا في آنيتهُنَّ» الزيت في الآنية عبارة عن نعمة الله في القلب، النعمة الممنوحة بواسطة الروح القدس أو هو الولادة بالروح (يوحنا 6:3) ومما يجب مُلاحظته في هذه المُناسبة انه يُقال صريحًا في (عدد 3) عن الجاهلات إنهُنَّ «لم يأخُذنَّ معهُنَّ زيتًا» فإذًا المُشار إليهم بالجاهلات هم المسيحيون بالاسم الذين ليس عندهم سوى مُجرد الاعتراف فقط، ثم انه لا يُقال عنهُنَّ انه كانت لهُنَّ آنية يأخُذنَّ فيها الزيت لإضاءة المصابيح. أي انه لم يكن للمشار إليهم بهُنَّ قلب مُسَلَّم للرب بالتوبة إليه والإيمان به.
«وفيما أبطأ العريس نعسنَّ جميعهُنَّ ونمنَّ» كان الإبطاء من وقت اجتماعهُنَّ عند الغروب مثلاً، إلى نصف الليل. لأن الرب لا يفرض مرور زمان طويل. فكان مجيء العريس مُنتظرًا في وقت أسرع من ذلك. فتغافلنَّ جميعهُنَّ عن الغرض الوحيد الذي اجتمعنَّ لأجله وهو لقاء العريس، فإن ذاك احتجنَّ إلى أن يوقظنَّ.
«صار صُراخ هوذا العريس مُقبل» صار هذا الصُراخ قبل وصول العريس وقت يكفي لإظهار حالة العذارى. فقُمنَّ جميعهُنَّ وأخذنَّ بإصلاح مصابيحهُنَّ. ولكن ظهرت حالة الجاهلات إذ لم يكن عندهُنَّ زيت. ومن المعلوم أن الفتيلة اليابسة إنما تتوقد وتلتهب قليلاً ثم تنطفئ وتترك صاحبها في ظُلمة أشد مما كان فيه. وفي حيرتهُنَّ التفتن إلى صاحباتهُنَّ. ولكنهُنَّ لم يقدرنَّ أن يُساعدنهُنَّ بشيء. وفي أثناء الاضطراب حضر العريس والمُستعدات دخلنَّ معه إلى العريس.
وأما من حيث تخصيص وتفصيل هذا المثل فنرى:
أولاً- دعوة المسيحيين الأصلية التي ذكرناها سابقًا. ويُقال لها «دعوة الله العُليا في المسيح يسوع» (فيلبي 14:3) من حيث إننا مدعوون لان نذهب للقاء المسيح في المجد. لا شك انه توجد حقائق أخرى كثيرة مما نمتاز به كمسيحيين، ولكن المُراد بهذا المثل هو أن يُظهر تصرفات المسيحيين من جهة تغافلهم عن رجوع سيدهم وحالتهم وقت حضوره.
ثانيًا- الجميع قد فقدوا حقيقة مجيئه كموضوع انتظارهم بعد زمان الرسل ولكنهم لم يتركوها دفعة واحدة لأنه معلوم من الكتب التاريخية أن البعض لبثوا زمانًا مُتمسكين بها كتعليم الرب ورُسله وفي كتاباتهم الباقية للآن يذكرون رجوع الرب ومُلكه الألف السنة والقيامة الأولى ولكن روح العالم استولى على الكنيسة رويدًا رويدًا فصاروا على وجه العموم على حالة النُعاس والنوم من جهة هذه الحقائق وقد فسر البعض الكلام الوارد في موضوع مجيء الرب تقسيرًا معنويًا أي أن الرب لا يأتي فعلاً لأخذ المؤمنين إليه بل يُبارك على التبشير بالإنجيل، ويُصلح الكنيسة، ويصير العالم أجمع مسيحيًا، وقالوا عن هذا التفسير انه حديث. ولم يكن قد سُمع قبلاً. ثم في أول عصرنا هذا نهضت بعض الجماعات المسيحية بغيرة على نشر الإنجيل في الأماكن البعيدة، ولكنهم في الأول إنما قالوا أن هذا من واجباتهم بحسب قول الرب «فاذهبوا وتلمذوا جميع الأُمم». وقد أسست جمعيات كثيرة لأجل هذا العمل الحسن. ثم بعد ذلك أخذ البعض يُقدمون الأمل للذين اشتركوا في هذا المشروع بأن العالم لا بد أن يصير مسيحيًا. ثم بعد ذلك صاروا يجزمون بذلك كأنه من الحقائق الواضحة، وان كل مَنْ قال بمجيء الرب هو عدو لانتشار الإنجيل. وهذا هو اعتقاد كثيرين الآن. ولكن الله قد عمل بنعمته ونبه كثيرين إلى درس كلمته وأقنعهم بالحقائق المختصة بإتيان ابنه من السماء. غير أنه من الأمور المعلومة انه كلما انتشرت هذه الحقائق بين المسيحيين اشتدت أيضًا مقاومة الذين يرفضونها، حتى أن كثيرين لا يخجلون من القول بصريح اللفظ أن الرب لا يأتي قبل آلف سنة إني لا أقول أن كل من يناقض مجيء المسيح قبل الألف السنة هو كالمشار إليه بالعبد الرديء. حاشا وكلا!! لان ذلك قال «في قلبه سيدي يبطئ قدومه» فإنه يمكن لإنسان مسيحي من سوء التعليم أن يتفوه باعتراضات على مجيء الرب وهو يخاف الله حقيقة ولا يرفض سرعة مجيء الرب في قلبه. والمحتمل أن جميع المقرين بهذه الحقيقة الآن ناقضوها أولاً ولم يقتنعوا بها إلا بعمل نعمة الله. فإذًا ليس لهم فضل. غير إني أقول أن مناقضة حقيقة عظيمة كهذه ليست من العلامات الحسنة خصوصًا بعد سماعنا البراهين التي تدل عليها من كلمة الله. لأنه يحتمل أن عدم الاقتناع ناتج عن سوء حالة القلب لا من اعوجاج العقل فقط. قال الرسول بولس «وأخيرًا قد وُضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضًا» (تيموثاوس الثانية 8:4). وموضع المحبة هو القلب لا العقل. غير أن الذي يحب ظهور سيده لا يقدر أن يقاوم بشدة الاعتقاد بسرعته ولو كانت في عقله بعض أفكار ووساوس لا تطابق ذلك. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الكلام الذي وضعه الوحي في أفواه المؤمنين في الرسائل يدل على انتظارهم كل حين رجوع السيد كقول الرسول «ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف الخ» (تسالونيكي الأولى 17:4). ثم في سفر الرؤيا الذي كُتب بعد خراب أورشليم وشتات اليهود بزمان طويل لم يرد شيء خلاف ذلك، لا بل ورد كثير مما يطابقه كقوله في آخر السفر «ها أنا آتي سريعًا… والروح والعروس يقولان تعال» (رؤيا 12:2، 17) فمن خطايا الكنيسة الاسمية أنها فقدت الرجاء بمجيء سيدها كموضوع انتظارها.
ثالثًا- إذا سألنا هل صار الصراخ في نصف الليل، المتنبأ عنه في هذا المثل؟ فالجواب لهذا السؤال يتوقف على تمييزنا الروحي. ولا نقدر أن نجزم به كأن كلامنا موحى به. ولكني لا أشك بأن هذا الصراخ قد سُمع في أيامنا. وإن كان هذا صحيحًا فقد وصلنا إلى ساعة خطيرة جدًا في تاريخ النظام المسيحي في هذا العالم. لا شك انه يبدو أن المسيح قد أبطأ مجيئه «كما يحسب قوم التباطؤ» فقد حصل التغافل الكلي عن هذا الموضوع زمانًا طويلاً. ولكن قد صار أيضًا انتباه عظيم إليه في هذه الأيام بحسب قول الرب هنا «هوذا العريس مقبل فاخرجن للقائه» وان كنا نرتضي بهذا التعليم أم لا فلا يزال الأمر صحيحًا أن ألوفًا من المسيحيين قد انتبهوا لكلمة الله واقتنعوا بقرب مجيء الرب فقد سُمع هذا الصراخ في جميع الممالك المسيحية. وحيثما سُمع جعل تأثيرًا في الذين سمعوه. ونرى الجهود والمشروعات الدينية تكثر وتتزايد في كل الجهات.
رابعًا- ما هو معنى القول «أعطيننا من زيتكن فإن مصابيحنا تنطفئ»؟ إني أفهم منه أن المُعَبر عنهم بالجاهلات في وقت كهذا لا يلتفتون إلا إلى المصادر البشرية فقط. ثم جواب الحكيمات «بل اذهبن إلى الباعة وابتعن لَكُنَّ». يدلهن على طريق للحصول على النعمة خارج المصادر البشرية، كخطاب الوحي للعطاش «أيها العطاش جميعًا، هلموا إلى المياه. والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمرًا ولبنًا» (إشعياء 1:55) فالباعة عبارة عن الذين عندهم النعمة لأجل المحتاجين إليها، والذين يمنحونها مجانًا لمن طلبها في الوقت المقبول. فنرى في هذا الكلام أمرًا محزنًا جدًا وهو أن جانبًا عظيمًا من المسيحيين يظلون منهمكين بمسألة الزيت أو كيفية الحصول على نعمة الله إلى أن يفوتهم الوقت ويصبحون من المرفوضين إلى الأبد وفي هذا الصدد يقول الرب «اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق. فإني أقول لكم، إن كثيرين سيطلبون أن يدخلوا ولا يقدرون من بعد ما يكون رب البيت قد قام وأغلق الباب وَابْتَدَأْتُمْ تَقِفُونَ خَارِجًا وتقرعون الباب قائلين، يارب يارب افتح لنا الخ» (لوقا 24:13-28 وكقوله هنا «أخيرًا جاءت بقية العذارى أيضًا قائلات، يا سيد يا سيد، افتح لنا» لنلاحظ أن الرب لا يفرض أن أحدًا من المُعَبر عنهم بالجاهلات يناقض حقيقة مجيئه، فإنه لا يتكلم هنا عن الذين يرفضونها، فإن الوحي يُسمي أولئك «مستهزئين» (بطرس الثانية 3:3) ولاريب عندي أن كل من استمر يقاوم هذه الحقيقة يصير أخيرًا من الذين يستهزئون بها. غير أنه من الممكن أن يكون أحد قد أقر بها ولكنه يعتمد على أعماله لأجل الخلاص ويوجد بلا زيت. لأنه وان كانت معرفة مجيء الرب مهمة جدًا فليست هي المسألة العظمى. وان كنا نتمسك بها بشدة وننادي بها بغيرة فلا تغنيننا عن غفران الخطايا ولا عن الولادة الثانية وعطية الروح القدس لأنه «عن كان أحد ليس له روح المسيح فذلك ليس له» (رومية 9:8 أي ليس للمسيح. فإن الروح القدس بسكناه فينا يخصصنا للمسيح. والمسيح في مجيئه لا يأخذ إلا خاصته «ولكن كل واحد في رتبته. المسيح باكورة. ثم الذين للمسيح في مجيئه» (كورنثوس الأولى 23:15) وهم الراقدين من قديسي العهدين والباقون على قيد الحياة إلى مجيء الرب من قديسي العهد الجديد. غير أن كلامه في هذا المثل إنما يطلق على هؤلاء الأحياء فقط كما لا يُخفى إذ هم المسئولون عن انتظار مجيء الرب لأخذهم إليه. ولا تذكر الكنيسة كالعروس هنا لأنها كل جمهور المفديين لا الموجودون أحياء فقط ساعة حضور الرب ولا شك أن المعبر عنهم بالخمس العذارى الحكيمات هم من العروس. ويجوز لنا أن نُسمي أنفسنا عروس المسيح لان ذلك من امتيازاتنا في أي وقت على أن هذه التسمية إنما تطابق المُسمى تمامًا وقت حضورنا جميعًا أمامه في المجد (كورنثوس الثانية 2:11؛ أفسس 25:5-27؛ رؤيا 7:19، 8.
أخيرًا أقول أن موضوع مجيء الرب هو الحقيقة التي يستعملها الروح القدس لتنبيه المتغافلين في أيامنا وهي التي تجعل الناس يسألون عن نسبتهم إلى الآتي أهم له أم لا. «هوذا العريس مقبل» فمن هو؟ وماذا أنا بالنسبة له؟ أهو مقبل كقاضٍ لي، أو فادٍ ومخلص؟ أهو حبيب نفسي الذي أشتاق إليه غاية الاشتياق، أو أجنبي عني وغير معروف لي؟ فلابد أن الموضوع ينهض أفكار السامعين رغمًا عنهم، ويحملهم على البحث في الحقائق المختصة بشخص المسيح وعمله أيضًا. وهكذا الحالة الآن. وكما أن البعض يتقدمون في معرفة كلمة الله والخضوع لها هكذا البعض الآخر يزداد في الأفكار الكفرية من جهة كمال الوحي، ولا يرى قيمة دم ابن الله، ولا يؤمن به لخلاص النفس. فأسأل القارئ العزيز أن يجزم في هذه المسألة العظيمة: أهو من المشار إليهم بالحكيمات أو الجاهلات؟ إني لا أسأله أهو قد اقتنع بحقيقة مجيء الرب أم لا؟ لأن ذلك من الأمور الممكنة له وهو على حالة الجهالة بعد معتدًا ببر نفسه. قد قلت عن البعض الأمثال السابقة أن المراد بها وصف صفات الخدمة لا فريق من الناس. ولكن هذا المثل ليس كذلك فانه يمكن لنا أن نخلص بالنعمة وخدمتنا ناقصة جدًا نعم وممتزجة بأشياء كثيرة مرفوضة عند الرب. أما المعبر عنهم بالجاهلات فهم أشخاص موصوفون بعدم وجود نعمة الله الحقيقية فيهم. فإذًا نقدر أن نجزم في هذه المسألة الآن ونقول عن كل من له صورة التقوى بدون قوتها، أنه من غير المستعدين للقاء الرب. وان كان لا يتوب قبل أن ينتهي زمان النعمة يفلت منه وقت التوبة إلى الأبد. ووقت التوبة هو اليوم لا غدًا. لأننا لا نعرف ساعة مجيء الرب.
قيل في المثل «أخيرًا جاءت بقية العذارى أيضًا قائلات، يا سيد يا سيد، افتح لنا. فأجاب وقال، الحق أقول لَكُنَّ ما أعرفكن» إني لا أقدر أن أجزم فيما يشير إليه الرب في هذا القول. لا شك أن الاختطاف يُشعَر به عند كثيرين خصوصًا عند الذين كانت لهم المعرفة بمجيء الرب. وانه ليس من الأمور الوهمية أن نقول انه يحتمل أنهم ينتبهون لحادثة الاختطاف أنها قد تمت وانهم قد تُركوا. وإذ ذاك عبثًا يقولون «يا سيد يا سيد افتح لنا» لان صراخهم لا ينفعهم.
قد ظن البعض أن هذا المثل ليس لنا بل لليهود بعد اختطاف الكنيسة. ولكن ليس لهذا الظن أساس في كلمة الله، ويدل على ذلك:
أولاً- إن كلام الرب من (إصحاح 42:24إلى ص31:25) كله لتلاميذه المسيحيين مدة غيابه.
ثانيًا- اليهود ليسوا كالمسيحيين مدعوين للخروج الآن روحيًا من العالم للقاء المسيح بل هم مدعوون للثبات على إيمانهم حيث هم إلى أن يأتيهم وينقذهم من أعدائهم، ويبقيهم على الأرض، ويملك عليهم فيها.
ثالثًا- ستكون لهم علامات، كما قد رأينا، يجب أن يراقبوها. ولكن في هذا المثل لا نرى أدنى علامة من تلك العلامات، ولا ذكرًا لأورشليم واليهودية، ولا للظروف المختصة باليهود وقتئذ. وكان يجب على المشار إليهم بالعذارى أن ينتظروا الرب دائمًا من وقت أن صعد إلى السماء. وأما اليهود فلا يقدرون أن ينتظروهما داموا متفرقين إلى الأربع الرياح، وأورشليم مدوسة، وأزمنة الأمم لم تُكمل. فلذلك ستعطى لهم علامات قرب ظهوره لإنتظاره. وأما الكنيسة فليس لها سوى وعد الرب بأنه يأتي سريعًا، ثم الصراخ في نصف الليل الذي أطلقه الله من نعمته لكي يوقظها من غفلتها، ويهيئ قديسيه حتى يقولوا كما يجب أن يقولوا دائمًا «آمين. تعال أيها الرب يسوع».
رابعًا- لا يجوز لنا أن نمزج هذا المثل مع عبارات كثيرة قد وردت في العهد القديم من جهة أورشليم حيث يعبر عنها بملكة وعروس وألفاظ أخرى لتدل على نسبة خاصة بينها وبين الرب في المستقبل. (انظر مزمور 9:45-17 مثلاً) فان المسيح هو الملك كما لا يُخفى. وأما أورشليم فهي الملكة. والعذارى صاحباتها هن مدن إسرائيل الأخرى. غير أن المراد بهذا الكلام الشعب الأرضي في حالة البركة والرفعة في الأرض في زمان الملكوت. ولا يقال للمسيح «العريس» بل «المَلك» (انظر أيضًا إشعياء 4:54-6؛ 5:62) وشهادات أخرى لا أقدر أن أدرجها هنا. وجميع هذا مما يختص بإسرائيل لا بالكنيسة.