| تفسير سفــــــر إرميـــــــا -لسفر إرميا أهمية خاصة تمس حياة | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاحات 21 – 33-نبوات ما قبل السقوط الإثنين فبراير 19, 2007 10:29 pm | |
|
إرميا – الإصحاحات 21 – 33 نبوات ما قبل السقوط ـــــــــــــــــــ
الإصحاح الواحد والعشرون
قيادة جاحدة
يرد فى هذا الإصحاح أمور خاصة بأواخر أعمال إرميا ، إذ أرسل صدقيا ، آخر ملوك يهوذا ، يسأل إرميا النبى إن كان يثور على ملك بابل ، وكان يأمل أن تأتى الإجابة حسب هواه ، وأن يسمع من إرميا كلمة تشجيع ، لكن إرميا تكلم بشجاعة حسب قضاء الرب ، ليس محاباة لبابل ، وإنما كواقع يجب أن يدركه الملك والشعب ، وهو أن التأديب الإلهى يحل بهم حتما ، لذا طالب الشعب بالخضوع لملك بابل ، وطالب الملك وأسرته بالتوبة .
( 1 ) الملك صدقيا يطلب مشورة إرميا
" الكلام الذي صار الى ارميا من قبل الرب حين ارسل اليه الملك صدقيا فشحور بن ملكيا وصفنيا بن معسيا الكاهن قائلا :
اسأل الرب من اجلنا ،
لان نبوخذراصر ملك بابل يحاربنا.
لعل الرب يصنع معنا حسب كل عجائبه فيصعد عنا " ع 1 ، 2 .
يرى يوسيفوس المؤرخ اليهودى أن صدقيا الملك حين سمع كلمات إرميا صدقها ، وشعر أن كل ما ينطق به هو حق وأنها لصالحه ، لكن أصدقاءه غيروا فكره وانحرفوا به عما نطق به إرميا وألزموه أن يفعل حسبما يسرهم .
على أى الأحوال تكشف هذه العلاقة بين الملك والنبى أيهما كان الأقوى وأيهما كان الأضعف ... فى الواقع كان الملك ( القوى ) مرتعبا غير مستقر ، محتاجا إلى كلمة من إرميا النبى ( موضع سخرية الجميع ) تعطيه طمأنينة وسلاما !
أرسل الملك كاهنين هما فشحور بن ملكيا وهو غير فشحور بن أمير ( 20 : 1 ) وصفنيا بن معسيا . كانا كاهنين وموظفين عند الملك . كان فشحور يكن كل كراهية لإرميا ويرجح أن والده ملكيا هو الذى ألقى إرميا فى الجب ( 38 : 6 ) .
طلب الملك معرفة إرادة الله لعل إجابة الله تتفق مع ما هم مصممون على عمله . إنهم يخدعون أنفسهم ، يطلبون صوتهم هم على لسان الرب . ( 2 ) إجابة إرميا : الله نفسه ضد يهوذا
إذ كان صدقيا مرتعبا بسبب العدو الخارجى الرابض خارج أسوار أورشليم وجه إرميا أنظاره إلى عدو داخل الأسوار هو فساد قلبه وقلوب من معه ، الذى حول الله إلى العداوة ضدهم .
" فقال لهما ارميا :
هكذا تقولان لصدقيا :
هكذا قال الرب اله اسرائيل :
هانذا ارد ادوات الحرب التي بيدكم التي انتم محاربون بها ملك بابل والكلدانيين الذين يحاصرونكم خارج السور ،
واجمعهم في وسط هذه المدينة " ع 3 ، 4
لم يذعن إرميا النبى لرغبة الملك ولم يسايره فى شىء بل كشف بشجاعة عما أعلنه الله له من جهة قضائه ، أى الهلاك لجميع الذين يقاومون بابل حتى الملك وأهل بيته . لا يعنى ذلك أن إرميا كان محبا لبابل ، بل أدرك أن بابل مع كل ظلمها وقساوتها يستخدمها الله – إلى حين – كأداة لتأديب شعبه العنيد والجاحد له .
موقف إرميا هذا خلق عداوة شديدة لكثيرين من مواطنيه ضده ، فاتهموه بالخيانة الوطنية
الله يؤكد لشعبه أن نتيجة المعركة لا تتوقف على كمية الأسلحة أو قدرتها ، وإنما على وجه الله الذى يديره نحو شعبه أو عنهم .
عندما نتصالح مع الله تصطلح الطبيعة معنا ، وتتحول كل الطاقات لبنياننا ، وعندما نقاوم الله تحمل كل الأمور عداوة ضدنا .
" وانا احاربكم بيد ممدودة وبذراع شديدة ،
وبغضب وحمو وغيظ عظيم.
واضرب سكان هذه المدينة ،
الناس والبهائم معا.بوبإ عظيم يموتون " ع 5 ، 6 .
النقطة الخطيرة أن الله نفسه هو الذى يحارب ضدهم ، مستخدما الكلدانيين كوسيلة خاصة به . يحول أسلحة يهوذا إلى هلاكهم ، كما يسمح بالوبأ والسيف والجوع أن يهلكهم هم وحيواناتهم ... مهيأ كل فرصة للعدو أن يغلبهم !
إن كان إرميا قد عجز عن تقديم المصالحة بين الله وشعبه ، فإننا قبلناها ببسط يده ، أى بالتجسد الإلهى . ( 3 ) نصيحة : الخضوع للتأديب الإلهى
" وتقول لهذا الشعب :
هكذا قال الرب.
هانذا اجعل امامكم طريق الحياة وطريق الموت.
الذي يقيم في هذه المدينة يموت بالسيف والجوع والوبإ.
والذي يخرج ويسقط الى الكلدانيين الذين يحاصرونكم يحيا وتصير نفسه له غنيمة. لاني قد جعلت وجهي على هذه المدينة للشر لا للخير يقول الرب.
ليد ملك بابل تدفع فيحرقها بالنار " ع 8 – 10 .
لم يعد أمام صدقيا ورجاله وكل الشعب إلا الأختيار بين أقل الأمرين مرارة : الأستسلام لبابل أو الموت . هذا ما فعلته الخطية بهم ، إصرارهم على الخطية زمانا طويلا أفقدهم إمكانية التمتع بالحرية .
كان إرميا النبى يتكلم كمنطق رجل الله – وليس كرجل سياسة – يوجه الكل نحو الخضوع للتأديب الإلهى كخطوة أولى نحو التجديد المقبل ، كأعتراف مبدئى بالخطأ والرغبة فى التوبة .
رأى البعض من الشعب موقف إرميا النبى خيانة وطنية ( 38 : 17 – 21 ) .
( 4 ) الحاجة إلى التوبة
" ولبيت ملك يهوذا تقول اسمعوا كلمة الرب.
يا بيت داود هكذا قال الرب :
اقضوا في الصباح عدلا ،
وانقذوا المغصوب من يد الظالم ،
لئلا يخرج كنار غضبي فيحرق وليس من يطفئ من اجل شر اعمالكم " ع 11 ، 12 .
جاء حديثه عن التوبة عمليا ، إذ بدأ بالملك بكونه القائد الأعلى للشعب والمسئول أمام الله عنهم ، مؤكدا أنه من بيت داود رجل الله ، لذا يليق به أن يسمع لصوت الرب ويمارس التوبة العملية .
يوضح الله للملك عمليا ما هى خطاياه ، لكى يقدم عنها توبة عملية ، وقد ركزها فى أمرين :
أولا : الظلم وتجاهل العدالة .
ثانيا : التأله والعجرفة .
" فى كل صباح باكر " لأن القضايا كانت تنظر فى الصباح الباكر عند باب المدينة .
فى تعليق للقديس هيبو ليتس على كلمات ربنا يسوع مع الأشرار فى اليوم الأخير ، يقول :
[ حينئذ يسألون : " يارب ، متى رأيناك جائعا أو عطشانا أو غريبا أو عريانا أو مريضا أو محبوسا ولم نخدمك ؟! مت 25 : 44 .
يارب ، أما تعرفنا ؟!
أنت هو الذى خلقتنا ، ووهبتنا الروح والنفس !
إننا آمنا بك ، ونلنا ختمك .
نلنا معموديتك ، واعترفنا بك إلها ... صنعنا آيات بإسمك ، وأخرجنا شياطين ! من أجلك أمتنا الجسد ، واحتملنا البتولية وسلكنا فى العفة !
من أجلك تغربنا على الأرض ، وأنت تقول : لا أعرفكم ، إذهبوا عنى ؟!
يجيب الرب قائلا :
لقد ختمتم بخاتم صليبى ، لكنكم طمستموه بقساوة قلوبكم !
نلتم معموديتى ، لكنكم لم تبالوا بوصاياى !
أخضعتم أجسادكم للبتولية ، لكنكم لم تصنعوا رحمة ، ولا أخرجتم البغضة نحو أخيكم من قلوبكم !
لأنه ليس من يقول يارب يارب يخلص ، بل الذى يصنع مشيئتى ] .
( 5 ) أورشليم تؤله نفسها
" هانذا ضدك يا ساكنة العمق ،
صخرة السهل يقول الرب.
الذين يقولون من ينزل علينا ومن يدخل الى منازلنا.
ولكنني اعاقبكم حسب ثمر اعمالكم يقول الرب.
واشعل نارا في وعره ( غابته ) فتاكل ما حواليها " ع 13 ، 14 .
ظنت أورشليم أنها بعيدة عن طائلة قانون الله وتأديبه .
لقد ألهت أورشليم نفسها ، فظنت أنه لن يقترب منها العدو ، ولا يلحق بها الله نفسه . إنها ملكة متربعة على الوادى ، وصخرة قوية ليس من يحطمها !
" ولكنني اعاقبكم حسب ثمر اعمالكم يقول الرب.
واشعل نارا في وعره فتاكل ما حواليها " ع 14 .
الحديث هنا موجه إلى سكان أورشليم ، ويرى البعض أنه موجه ضد القصر الملكى ، وذلك بسبب كثرة ما استخدموه من الأرز فى تأسيسه ..
نختم هذا الإصحاح بعبارات القديس أغسطينوس :
[ لا يخدع إنسان نفسه ظانا أنه لن يعاقب بمراحم الله ، إذ يوجد حكم .
ولا يخاف إنسان يتغير إلى الأفضل من حكم الرب ، متطلعا أن الرحمة تتقدم الحكم !
فإنه عندما يحكم البشر أحيانا إذ يريدون تنفيذ حكم صارم يفقدون الرحمة .
أما الله فلن يفقد حزم الحكم فى سخاء الرحمة ، ولا الحكم الحازم ينزع سخاء الرحمة ]
+ + + |
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح الثانى والعشرون -حاجةالملك إلى التوبة الإثنين فبراير 19, 2007 10:31 pm | |
|
إرميا – الإصحاح الثانى والعشرون
حاجةالملك إلى التوبة
إن كان الله قد أقام الملك على كرسى داود ، فإنه يليق به كقائد أمين فيما وهبه الله أن يمارس التوبة بروح العدل والرحمة والأتضاع عوض الظلم والكبرياء ، حتى لا يفشل ، ويصير كعقيم لا يجلس أحد من نسله على كرسى داود . يناقش هذا الإصحاح مصير ثلاثة ملوك طغاة ليهوذا ، هم أبناء الملك يوشيا الصالح : يهوآحاز ( شلوم ) ، ويهوياقيم ، ويهوياكين ( كنياهو ) ، ومصير مدينة أورشليم ومملكة يهوذا ، حيث لا يعود يقام ملك على كرسى داود بعد من نسلهم .
( 1 ) حديث صريح مع يهوآحاز
صدرت الأوامر الإلهية إلى أرميا النبى أن يكرز أمام الملك بحزم شديد وتهديد إلهى :
" هكذا قال الرب :
انزل الى بيت ملك يهوذا وتكلم هناك بهذه الكلمة ، وقل :
اسمع كلمة الرب يا ملك يهوذا الجالس على كرسي داود ،
انت وعبيدك وشعبك الداخلين في هذه الابواب " ع 1 ، 2 .
يبدو أن هذا الأمر الإلهى الخاص بحديث إرميا عند بيت الملك كان مبكرا ، فى بدء خدمته ، حيث حمل حديثه رجاء فى إفاء الشعب مع الكهنة ورجاله من السبى إن تاب الجميع ، قادة ورعية ، كما هو واضح من القول : " لانكم ان فعلتم هذا الامر يدخل في ابواب هذا البيت ملوك جالسون لداود على كرسيه راكبين في مركبات وعلى خيل.هو وعبيده وشعبه " ع 5 .
جاء هذا الحديث هكذا :
أولا : " انزل " ...لأن قصر الملك كان فى أحد الوديان محميا بالجبال المحيطة به . دعوة الرب لإرميا أن ينزل تحمل معنيين :
المعنى الأول : أنه لا يخشى الملك بكل سلطانه كأنه عال ومرتفع عنه ، إنما يتطلع إليه كمن ينزل النبى إليه . إن أرميا كرجل الله يجد له مسكنا فى قلب الله ، مرتفع فوق كل الأحداث الزمنية ... عندما يلتقى بالملك إنما ينزل إليه ليحدثه .
المعنى الثانى : أن النزول يحمل الحب نحو النفس الساقطة ، فليق بأولاد الله ألا يتحدثوا بروح التشامخ ، كأنهم جالسون على كراسى المعلمين المتشامخة ، بل ينزلوا إلى كل نفس ليلتقوا معها كشركاء معها فى الضعف ، فتجد فيهم أشخاصا يشاركونها آلامها وضعفها ، فتقبل كلمة الرب .
ثانيا : يذكره بأنه الجالس على كرسى داود ، الذى كان يحمل قلبا كقلب الله ، وقد نال من الله وعودا ، لذا يليق بنسله أن يحملوا روحه ، ويعيشوا كما يليق بأبناء داود البار ، ولا يكسروا العهد مع الله .
هكذا يمكننا القول بأن الحديث هنا موجه إلى كل مؤمن تمتع بالملوكية ، إذ صرنا خلال اتحادنا بالسيد المسيح إبن داود أو بملك الملوك ملوكا على يهوذا ، حيث صارت نفوسنا وأعماقنا أرض يهوذا المحبوبة لدى الله مخلصنا .
ثالثا : جاء النداء الأول للملك وعبيده أى رجاله وشعبه هو : " اسمع كلمة الرب يا ملك يهوذا ... أنت وعبيدك وشعبك الداخلين فى هذه الأبواب " ع 2 .
كلمة الرب هى وراء تقديس النفس والجسد ، لأنها حية وفعالة !
أما هذه الأبواب فهى ليست أبواب المدينة العامة ، وإنما أبواب القصر الملكى ، التى كان يدخلها رجال القصر والشعب الذين عوض طلب العدل استغلوا روح الظلم الذى ساد الملك ورجاله لحسابهم الخاص .
( 2 ) أجروا حقا وعدلا
" هكذا قال الرب :
اجروا حقا وعدلا ،
وانقذوا المغصوب من يد الظالم والغريب واليتيم والارملة ،
لا تضطهدوا ولا تظلموا ولا تسفكوا دما زكيا في هذا الموضع " ع 3 .
استغل الملك ورجاله الغير ، خاصة الضعفاء والمحتاجين ، على خلاف والده يوشيا الذى اهتم بتحقيق العدالة وإنصاف المظلومين .
كما أن الخطية تحطم بيوت الملوك والشعب ، هكذا العدل والبر يسندان الكل ويعطيان قوة وكرامة ومجدا .
" لانكم ان فعلتم هذا الامر يدخل في ابواب هذا البيت ملوك جالسون لداود على كرسيه راكبين في مركبات وعلى خيل.
هو وعبيده وشعبه.
وان لم تسمعوا لهذه الكلمات فقد اقسمت بنفسي يقول الرب ،
ان هذا البيت يكون خرابا " ع 4 ، 5 .
إن كان الله قد بارك يهوذا من أجل عبده داود ، لكن إن لم يسلك نسله على منواله فى علاقته بالله يفقدون هذه البركة . هذا مركز الفكر اللاهوتى السياسى عند إرميا .
يعتمد استمرار البيت الملوكى ، حتى إن نسب لداود ، على قبول الملك رسالة إرميا من كل القلب . بهذا فقط تبقى أبواب القصر الملوكى مفتوحة أمام الملك ورجاله وشعبه للدخول والخروج .
" لانه هكذا قال الرب عن بيت ملك يهوذا.
جلعاد انت لي ،
راس من لبنان ،
اني اجعلك برية ، مدنا غير مسكونة " ع 6 .
يشبه البيت الملكى وربما الملك نفسه بجلعاد ، أى الجبل العالى ، أو بقمة جبل من جبال لبنان الشامخة ، فإنه وإن ظن فى نفسه أنه ثابت ومملوء أمانا ليس من يقدر أن يهبط به من هذا العلو إلا أنه ينحدر ليصير كبرية قاحلة وكمدينة خربة لا يسكنها أحد .
لم يقل " إنى أجعلك ...مدينة غير مسكونة " بل " مدنا " ، لأن الخراب يشمل كل المملكة بمدنها ، وليس أورشليم وحدها .
" واقدّس عليك مهلكين كل واحد وآلاته ،
فيقطعون خيار ارزك ويلقونه في النار " ع 7 .
هنا كلمة " تقديس " تعنى " تكريس طاقاتها وإمكانياتها " أو تخصيصها . وكأن الله يضع فى قلب بابل أن تكرس كل إمكانياتها البشرية والعسكرية لتحطيم الشعب الذى عصى الرب .
بسبب فساد الملك تفقد أورشليم ، مدينة الله ، سمعتها ،بل وتكاد تفقد وجودها ، فتصير برية خربة بلا ساكن .
كل نمو روحى فى حياتك هو لبنيانك وبنيان أسرتك وأصدقائك وكنيستك ومدينتك ووطنك ، بل ولبنيان البشرية ، وكل انهيار أو انحراف عن الطريق الملوكى يحطمك ويحطم من حولك ، ويدفع بالعالم نحو الخراب !
لا تستهن بدورك ، كاهنا كنت أم من الشعب ، شيخا أو شابا أو طفلا ، رجلا أو إمرأة !
( 3 ) لا تبكوا ميتا
" لا تبكوا ميتا ولا تندبوه.
ابكوا ابكوا من يمضي ،
لانه لا يرجع بعد فيرى ارض ميلاده.
لانه هكذا قال الرب عن شلوم بن يوشيا ملك يهوذا المالك عوضا عن يوشيا ابيه الذي خرج من هذا الموضع لا يرجع اليه بعد ،
بل في الموضع الذي سبوه اليه يموت ،
وهذه الارض لا يراها بعد " ع 10 – 12 .
الميت المذكور هنا هو يوشيا الذى قتل فى معركة مجدو عام 609 ق.م. ( 2 مل 23 : 29 – 30 ) بعد حكم طويل وحياة صالحة ، مما يستوجب اشتداد الحزن والحداد .
ولكن إرميا يقول هنا أنه يجب أن يشتد البكاء على الملك الجديد الشاب يهو آحاز بن يوشيا ، الذى سبى بعد ثلاثة شهور وعشرة أيام بواسطة فرعون مصر نخو ولم يرجع منها فيما بعد .
لقد تولى الحكم ظلما بدلا من أخيه البكر ، الله يطلب من الشعب أن يبكوا يهوآحاز أكثر مما بكوا والده ، لأن يوشيا ذهب إلى القبر بسلام وبكرامة ، أما إبنه الشقى فتحسب حياته كموته بلا كرامة ، يعيش فى السبى فى مهانة .
يلزمنا أن نكرم موت الصديقين ونشتهيه ، بينما نشعر ببؤس حياة الأشرار .
( 4 ) الأعتداد بالذات ( يهوياقيم )
بعدما تحدث عن سبى يهوآحاز انتقل إلى الملك يهوياقيم الظالم والطماع والطاغية ، وقد قضى 11 عاما فى ملكه .
" ويل لمن يبني بيته بغير عدل ،
وعلاليه ( حجراته التى على السطح ) بغير حق ( بظلم ) ،
الذي يستخدم صاحبه مجانا ولا يعطيه اجرته.
القائل : أبني لنفسي بيتا وسيعا وعلالي فسيحة ،
ويشق لنفسه كوى ،
ويسقف بارز ،
ويدهن بمغرة " ع 13 – 14 .
لا نسمع عن علاقة إرميا النبى بيوشيا الملك وإبنه يهو آحاز ، لكننا نسمع كثيرا عن علاقته بالملك يهوياقيم الذى يتحدث عنه هنا ( ع 13 – 19 ) . فقد كان عدوا لإرميا منعه من قراءة نبواته ومزق السفر ( إر 36 ) . كان يهوياقيم الملك المستبد الدكتاتور ، رفض إصلاحات أبيه الملك يوشيا ، وكان منحازا لفرعون مصر ومتكلا عليه ، إذ أقامه نخو سلفا لأخيه يهوآحاز ( 2 مل 23 : 34 ) .
عنفه إرميا النبى على كبريائه وظلمه خلافا لأبيه يوشيا ، ورفضه للعدل والبر ( بغير حق ) . وقد جاء توبيخه للملك يتركز فى النقاط التالية :
أولا : شغفه بإنشاء أبنية ضخمة فاخرة .. مارس الحياة المترفة المدللة مع عجرفة وكبرياء .. شتان ما بين يهوياقيم ووالده يوشيا . الأول أقام بيتا صالحا ، بينما أقام الثانى بيتا فاخرا فسيحا ، الأول بالبر أقام بيته ، والثانى بغير عدل ولا حق ( بر ) أنشأه .
استخدم القديس غريغوريوس النزينزى هذه العبارات الخاصة بسكنى الملك يهوياقيم فى مبان فخمة فى حديثه ضد الأريويسيين الذين سطوا على الكنائس وتعقبوا رجال الله لقتلهم : [ هؤلاء الناس لهم بيوت ، أما نحن فلنا الساكن فى البيت ،
لهم معابد ، أما نحن فلنا الله ، وبجانب هذا نحن أنفسنا هياكل حية لله الحى ، محرقات عاقلة ، ذبائح كاملة ، نعم آلهة خلال العبادة للثالوث .
معهم البشر ، ونحن معنا الملائكة ،
يندفعون بتهور ، ونحن لنا الإيمان ،
يهددون ونحن نصلى ،
يشتمون ونحن نحتمل ،
لهم ذهب وفضة ونحن لنا الكلمة النقية ،
بنوا لأنفسهم بيتا وسيعا وعلالى فسيحة ، بيتا مسقوفا ، وشقوا كوى ( إر 22 : 14 ) ، لكن حتى هذه ليست أعلى من إيمانى ولا من السموات التى أحملها قدامى ] .
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: رد: تفسير سفــــــر إرميـــــــا -لسفر إرميا أهمية خاصة تمس حياة الإثنين فبراير 19, 2007 10:32 pm | |
| ثانيا : يقول " الذى يستخدم صاحبه ( الشعب ) مجانا ولا يعطيه أجرته " ليكشف عن أسلوبه الأستغلالى ، واتباعه نظام السخرة المخفية .
ثالثا : جاء الفعل " يشق " بمعنى " يمزق " . أى يوسع الكوى وكأنه يمزق حياته كثوب ، ويفقد الستر والكرامة ليصير كمن هو عريان وفى عار .
رابعا : معاملته القاسية ، وظلمه للفقراء والمساكين :
" هل تملك لانك انت تحاذي الارز ؟!
أما اكل ابوك وشرب واجرى حقا وعدلا.
حينئذ كان له خير.
قضى قضاء الفقير والمسكين ،
حينئذ كان خير.
أليس ذلك معرفتي يقول الرب ؟
لان عينيك وقلبك ليست الا على خطفك وعلى الدم الزكي لتسفكه ؟!
وعلى الاغتصاب والظلم لتعملهما ؟! " ع 15 – 17 .
كأنه يقول له :
ليست المبانى الفسيحة الفخمة هى التى تجعل منك ملكا ، ولا أخشاب الأرز الثمينة أو الزينة ...
فكر كيف عاش أبوك كملك مكرم . لقد أكل وشرب حسنا ، لكن هدفه هو الألتزام بمسئوليته الملوكية من تحقيق العدالة والبر فى حياته وحياة شعبه .
بأمانة كاملة تحدث إرميا النبى عن نهاية الملك يهوياقيم ، قائلا :
" لذلك هكذا قال الرب عن يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا :
لا يندبونه قائلين آه يا اخي او آه يا اخت.
لا يندبونه قائلين آه يا سيد او آه يا جلاله.
يدفن دفن حمار مسحوبا ومطروحا بعيدا عن ابواب اورشليم " ع 18 ، 19 .
سبق فقال عنه " ويل لهذا الرجل " ( ع 13 ) .... وعلامة الويل الخارجية أنه بنى قصرا فخما بمال الظلم ، ولم يجد جثمانه قبرا يدفن فيه ، ولا من يبكيه . فكما لم يسمع لدموع المظلومين والمحتاجين ، لا يجد من يسكب دمعة واحدة عليه .
يدفن دفن حمار ، لا توجد له مقبرة لدفنه ، يقول المؤرخ اليهودى يوسيفوس بأن نبوخذنصر قتله فى أورشليم وترك جثمانه بلا دفن بعيدا خارج أبواب المدينة . ( 5 ) ثمرة العصيان
بعد أن تحدث عن الملك يهوياقيم الشرير ومصيره ، يوجه هنا خطابا لأورشليم العاصية عاصمة مملكته ، موضحا ثمرة هذا العصيان الذى نشأت عليه منذ صباها :
" اصعدي على لبنان واصرخي ،
وفي باشان اطلقي صوتك ،
واصرخي من عباريم ،
لانه قد سحق كل محبيك.
تكلمت اليك في راحتك.
قلت : لا اسمع.
هذا طريقك منذ صباك انك لا تسمعين لصوتي " ع 20 ، 21 .
الأماكن المذكورة هنا هى مرتفعات حول أورشليم ، يسمع منها الصوت جليا من بعيد حتى يعم الخبر .
المحبين الذين سقطوا .. ربما يقصد الأمم المحيطة بهم المتحالفة معهم ، وأيضا مصر فإنها عوض مساندتهم تنسحق هى وتتحطم .
" هذا طريقك منذ صباك انك لا تسمعين لصوتي " ع 21 يعنى أن حركة العصيان لم تحدث فجأة فى أورشليم ، لكنها صارت أشبه بطبيعتها الملازمة لها منذ صباها .
" كل رعاتك ترعاهم الريح ،
ومحبوك يذهبون الى السبي ،
فحينئذ تخزين وتخجلين لاجل كل شرك " ع 22 .
ربما قصد بـ " رعاتك " ملوك يهوذا ورجالهم الذين كان يجب أن يرعوا الشعب ، فصاروا فى حاجة إلى رعاية من الخارج .
" ايتها الساكنة ( المتربعة ) في لبنان ،
المعششة في الارز ،
كم يشفق عليك عند أتيان المخاض عليك الوجع كوالدة " ع 23 .
فى شىء من السخرية للمتربعة على عرش ، والمفتخرة بعلوها بعد أن صار الريح هو راعيها ، والسبى هو مسكن محبيها ، فقدت عرشها وانحدر عشها من قمة الأرز ، وصارت كإمرأة فى حالة ولادة ، ليس من يشفق عليها ، ولا من يعينها وسط آلامها ! . ( 6 ) تحطيم يهوياكين
" حيّ انا يقول الرب ولو كان كنياهو بن يهوياقيم ملك يهوذا خاتما على يدي اليمنى فاني من هناك انزعك " ع 24 .
بدأ الحديث عنه بقسم من جانب الله لتأكيد تأديبه يهوياكين لإصراره على الشر :
" حى أنا يقول الرب " .
حرم الملك من وكنه ومن شعبه ، فصار فى مذلة داخلية مهما قدم له من كرامة أو إمكانيات .
ينتزع الله يهوياكين من يده ليضعه فى يد العدو ، إذ يقول :
" واسلمك ليد طالبي نفسك ،
وليد الذين تخاف منهم وليد نبوخذراصر ملك بابل وليد الكلدانيين.
واطرحك وامك التي ولدتك الى ارض اخرى لم تولدا فيها وهناك تموتان.
اما الارض التي يشتاقان الى الرجوع اليها فلا يرجعان اليها " ع 25 – 27 .
عوض أن يكون مكانه فى يد الله حيث الحرية والمجد ، يصير موضعه هو وأمه فى السبى حيث العبودية والذل ( 2 مل 24 : 8 ، 15 ) .
لقد نادى الأنبياء الكذبة بأنه يرجع من السبى وذلك لكى يعطوا رجاء لرجال الدولة والشعب ويسرونهم ، فكان كثيرون يعتبرونه الملك الرسمى بالرغم من سبيه ، لكن إرميا النبى فى جرأة نطق بما تكلم به الرب .
" هل هذا الرجل كنياهو ( يهوياكين ) وعاء خزف مهان مكسور ؟!
او اناء ليست فيه مسرة ؟!
لماذا طرح هو ونسله وألقوا الى ارض لم يعرفوها ؟
يا ارض يا ارض يا ارض اسمعي كلمة الرب.
هكذا قال الرب :
اكتبوا هذا الرجل عقيما رجلا لا ينجح في ايامه ،
لانه لا ينجح من نسله احد جالسا على كرسي داود ،
وحاكما بعد في يهوذا " ع 28 – 30 .
بعد أن كان كخاتم فى يد الله ، له تقديره الثمين فى عينى الله وأمام السماء والأرض ، صار ملقيا كإناء مكسور ليس من يسر به .
وقد قيل عن مقاومى السيد المسيح :
" تحطمهم بقضيب من حديد ، مثل إناء خزاف تكسرهم " مز 2 : 9 ... هوذا الله المخلص يحطم بقضيب من حديد ذاك الملك المقاوم له .
+ + + |
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح الثالث والعشرون-الرب راعينا وبرنا الإثنين فبراير 19, 2007 10:36 pm | |
|
إرميا – الإصحاح الثالث والعشرون
الرب راعينا وبرنا
فى الإصحاح السابق تحدث إرميا النبى عن أبناء الملك يوشيا الأشرار : يهوآحاز ويهوياقيم ويهوياكين ، وجاء التأديب الإلهى أن يكون الأخير عقيما ، ليس من نسله من يجلس على كرسى داود ملكا ( 22 : 30 ) ، وكأن مملكة يهوذا تفقد رعاية الملوك .
أما فى هذا الإصحاح فإنه يوبخ الرعاة الأنانيين والأنبياء الكذبة وكل القيادات الفاسدة ، ليعلن أن الله يتسلم رعاية شعبه بنفسه . إنه لا يترك شعبه ، بل يقوم بالعمل الرعوى ، مقدما بره الإلهى برا لهم ، منطلقا بهم إلى خروج جديد فائق .
( 1 ) ويل للرعاة الأنانيين
يتحدث إرميا النبى بصفة عامة عن القيادات السياسية خاصة فى أيام صدقيا الملك التى أفسدت الشعب عوض رعايتهم والأهتمام بهم :
" ويل للرعاة الذين يهلكون ويبددون غنم رعيتي يقول الرب.
لذلك هكذا قال الرب اله اسرائيل عن الرعاة الذين يرعون شعبي:
انتم بددتم غنمي وطردتموها ولم تتعهدوها.
هانذا اعاقبكم على شر اعمالكم يقول الرب " ع 1 ، 2 .
تطلع إرميا النبى إلى الشعب بروح النبوة ، ونظرهم يقادون فى مذلة إلى السبى . لقد اشترك الشعب مع الملك ورجاله فى الشر ، لذلك استحقوا التأديب ، لكن الله يلقى باللوم أولا وقبل كل شىء على القيادات التى تحولت من موقف الرعاية إلى التبديد والطرد .
سمح الله بالسبى ، بل وقدس بابل بكل طاقاتها كالآت فى يده لأسر شعبه ، وفى نفس الوقت فتح باب الرجاء لشعبه ، وأعلن حنوه عليهم ، مكررا التعبير " غنم رعيتى " ، " شعبى " ، " غنمى " .
( 2 ) أنا أرعى غنمى
الله الذى سمح بالتأديب الحازم لشعبه يلاطف ويتحنن ، ويقيم رعاة من عنده يهتمون بهم
" وانا اجمع بقية غنمي من جميع الاراضي التي طردتها اليها ،
واردها الى مرابضها فتثمر وتكثر.
واقيم عليها رعاة يرعونها ،
فلا تخاف بعد ولا ترتعد ولا تفقد يقول الرب " ع 3 ، 4 .
بينما يلقى باللوم على الرعاة الأشرار ، خاصة الملوك ، بكونهم بددوا غنمه وطردوها ( 2 ) ، إذا به يقول هنا : " الأراضى التى طردتهم إليها " ع 3 .
فمن الذى قام بالطرد : الرعاة الأشرار أم الله ؟
لقد سمح الله بطردهم كثمرة طبيعية لشر الرعاة وفسادهم . علة الطرد هم " الرعاة " ، والذى قام بالطرد هو الرب كتأديب لازم لخلاصهم .
يؤكد الله هنا رعايته لشعبه بنفسه ، كما سبق فأعلن جدعون : " لا أتسلط أنا عليكم ، ولا يتسلط ابنى عليكم ، الرب يتسلط عليكم " قض 8 : 23 .
يقول الرب " فتثمر وتكثر " هذا هو مفتاح الإصحاح كله . فقد قدم هذا الوعد لآدم وحواء فى الفردوس ، كما قدم لإبراهيم ويعقوب اللذين من صلبهما جاء شعب الله ... ماذا يعنى هذا ؟
أعطى هذا الوعد الإلهى لآدم وحواء كثمرة ميثاق حب متبادل بين الله والإنسان ، وتأكد الوعد من جديد حين دخل إبراهيم كأب المؤمنين فى ميثاق جديد ، وهكذا يبقى هذا الوعد ساريا لكل من يقبل شروط الميثاق .
تعلق اليهود فى ذلك الحين بآلهة الوثنيين الخاصة بالخصوبة ، ظانين أن الأرتباط بها يفيض عليهم بالخصوبة بالنسبة للبشر والبهائم وأيضا النباتات ، فإذا بهم يفقدون كل بركة ، ويصدر الحكم " ( تكون ) عقيما " 22 : 20 .
الآن يرد لهم الإثمار والإكثار ؟ رعاية الله نفسه ، إذ يتقدم السيد المسيح كلمة الله ، بصليبه ليسجل عهدا جديدا يوقعه بدمه نائبا عنا ، فيه نحسب أبناء العهد ، لنا روح الطاعة للأب ... فننعم بالوعد الإلهى : " فتثمر وتكثر " .
( 3 ) الرب برنا
إذ وعد بإقامة رعاة من عنده يعلن عن رعايته الشخصية لشعبه التى تحققت بمجىء المسيا ، كلمة الله ، الراعى الصالح .
" ها ايام تأتي يقول الرب ،
واقيم لداود غصن بر ،
فيملك ملك وينجح ويجري حقا وعدلا في الارض.
في ايامه يخلص يهوذا ويسكن اسرائيل آمنا ،
وهذا هو اسمه الذي يدعونه به الرب برنا " ع 5 ، 6 .
يتحدث عن الملك الذى طالما ترقبه رجال الله فى العهد القديم ، المسيا ، ابن داود ! يتحدث إرميا النبى هنا عن شخص الملك وسماته ودوره واسمه .
قوله : " ها أيام تأتى " ع 5 ، 7 تعبير شائع لا يعنى تحديد زمن معين ، إنما هو تعبير يشد الإنتباه إلى اعلان له قدسيته وأهميته ...الخ .
أولا : يدعوه " غصن بر " ع 5 .
دعى السيد المسيح غصنا سبع مرات فى العهد القديم وقد قدمت هذه النصوص السيد المسيح كما قدمته الأناجيل الأربعة :
- المسيح الملك ( إنجيل متى ) : إش 11 : 1 ، إر 23 : 5 ، 33 : 15 .
- المسيح الخادم والعبد ( إنجيل مرقس ) : زك 3 : 8 .
- المسيح الصديق والإنسان ( إنجيل لوقا ) : إش 53 : 1 ، 2 ؛ زك 6 : 12 .
- المسيح ابن الله الممجد ( إنجيل يوحنا ) : إش 4 : 2 .
دعى السيد المسيح بالغصن للسببين التاليين :
أ – لأن الغصن مرتبط بالأصل ، فمع أنه رب داود لكنه من نسله ، مرتبط به حسب الجسد .
ب – صار بالحقيقة إنسانا ينمو كالغصن .
ثانيا : ملك ليخلص ، ملك الرب بالصليب ، لا ليسيطر ، بل ليهبنا غفرانا لخطايانا وشركة فى الميراث الأبدى ، على خلاف ملوك يهوذا فى ذلك الحين الذين كانوا يملكون ليبددوا ويهلكوا ، إذ يطلبون ما لنفسهم لا ما لشعبهم ، فخسروا أنفسهم وشعبهم معا !
بقوله : " يملك ملك ( بحكمة ) " ع 5 . يعلن أن المسيا القادم هو ملك حقيقى يملك على القلوب ، وليس كصدقيا الذى كان كدمية يحركها الأنبياء الكذبة .
ثالثا : ينجح ويجرى حقا وعدلا على الأرض .
رابعا : يخلص يهوذا ويسكن إسرائيل آمنا .
لقد وعدهم الأنبياء الكذبة بالسلام ، لكنهم هم أنفسهم فقدوا سلامهم ، أما الراعى الجديد ، فهو ملك السلام ، يدخل بنا إلى مملكته ، إسرائيل الجديد ، فنجد سلاما وأمانا فيه .
خامسا : يدعى اسمه : " الرب برنا " .
أقام البابليون صدقيا ملكا ، لكنه أظهر أنه غير مستحق لهذا الإسم ، لأن كلمة " صدقيا " تعنى " برى هو الله " . فكان لزاما أن يطرد من الملك ليقوم مكانه ملك جديد ، لا يقيمه البابليون ، ولا يأتى بذراع بشرى ، وإنما بخطة إلهية هيأ لها الله عبر الأجيال ، خلالها يقدم الملك المسيا بره الإلهى برا لنا .. نردد مع الرسول بولس :
" لكى لا يفتخر كل ذى جسد أمامه ، ومنه أنتم بالمسيح يسوع الذى صار لنا حكمة من الله وبرا وقداسة وفداء " 1 كو 1 : 29 ، 30 .
( 4 ) خروج جديد
" لذلك ها ايام تأتي يقول الرب :
ولا يقولون بعد حيّ هو الرب الذي اصعد بني اسرائيل من ارض مصر. بل حيّ هو الرب الذي اصعد وأتى بنسل بيت اسرائيل من ارض الشمال ومن جميع الاراضي التي طردتهم اليها فيسكنون في ارضهم " ع 7 ، 8 .
بعد أن تحدث عن السيد المسيح كراع يهبنا بره برا لنا ، قدم لنا عمله الخلاصى كخروج جديد ، لا من أرض مصر ، وإنما من الأراضى التى طردنا إليها .
هذا الخروج فى معناه الحرفى يشير إلى العودة من سبى بابل ، وفى معناه الروحى هو رجوع البشرية إلى حضن الآب ، موضع الراحة .
( 5 ) نبوات ضد الأنبياء الكذبة
بعد أن قدم ثلاث نبوات مملوءة رجاء من جهة إقامة صدقيا ( بر الله ) الجديد ، حيث يصير الله برنا ، فننعم برعاية الله الشخصية فى إبنه يسوع المسيح ، ينطق بخمس نبوات ضد الأنبياء الكذبة ، ربما كتبت فى أوقات مختلفة وجمعت معا لأنها تعالج موضوعا واحدا .
النبوة الأولى : 9 – 12 : إدانتهم بسبب زناهم .
النبوة الثانية : 13 – 15 : إدانتهم لأنهم كذبة .
النبوة الثالثة : 16 – 22 : ينسبون كلماتهم للرب .
النبوة الرابعة : 23 – 32 : يتكلون على أحلامهم .
النبوة الخامسة : 33 – 40 : يطلبون وحى الرب بأفواههم لا بقلوبهم .
النبوة الأولى : 9 – 12 : إدانتهم بسبب زناهم .
" في الانبياء-
انسحق قلبي في وسطي.
ارتخت كل عظامي.
صرت كانسان سكران ،
ومثل رجل غلبته الخمر من اجل الرب ومن اجل كلام قدسه.
لان الارض امتلأت من الفاسقين.
لانه من اجل اللعن ناحت الارض ،
جفت مراعي البرية وصار سعيهم للشر وجبروتهم للباطل " ع 9 ، 10 .
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: رد: تفسير سفــــــر إرميـــــــا -لسفر إرميا أهمية خاصة تمس حياة الإثنين فبراير 19, 2007 10:37 pm | |
| تظاهر الأنبياء الكذبة بالرقة واللطف ، فكانوا يقدمون طمأنينة مخادعة للملك ورجاله كما للجيش والشعب ، مصورين إرميا كرجل متشائم ومحطم لنفسية الشعب وخائن للوطن .. لكن فى الواقع كان إرميا يهتز بكل أعماقه :
القلب : مركز الفكر والإرادة ...
العظام : فتشير إلى الهيكل العام الذى به يقوم كيان الإنسان ..
انكسر قلب إرميا ، وصارت عظامه ترف ، ليس له موضع للراحة أو الأستقرار :
" صار كانسان سكران ، ومثل رجل غلبته الخمر " ع 9 ، وقد ارتبط السكر بالرعب والحزن كما فى حز 23 : 33 .
حقا قد يسعى الأشرار ويجاهدون كما بجبروت وقوة لكن " صار سعيهم للشر وجبروتهم للباطل " ع 10 .
" لان الانبياء والكهنة تنجسوا جميعا ،
بل في بيتي وجدت شرهم يقول الرب.
لذلك يكون طريقهم لهم كمزالق في ظلام دامس ،
فيطردون ويسقطون فيها ،
لاني اجلب عليهم شرا سنة عقابهم يقول الرب " ع 11 ، 12 .
جاء الفعل " تنجسوا " يشير إلى مقاومة المقدسات وليس مجرد " عدم التقوى " ، لهذا يستخدم بالنسبة لمرتكبى الزنا غير المخلصين للمقدسات الإلهية ، سواء للوصية الإلهية أو بيت الرب أو جسد الإنسان أو زوجته ( أو زوجها ) .
يرتبط هذا الإتهام بعبادة البعل ، حيث يمارس عابدو البعل طقوس جنسية للخصوبة كطريق الأمان والإنجاب والصحة .
لقد قدموا طريق الرجاسات للكهنة الذين صارت لهم كمزالق ينحدرون خلالها إلى ظلمة الفساد ، وها هو ذات الطريق يصير كمزالق للأنبياء الكذبة أنفسهم .
هذه المزالق المظلمة التى سقطت فيها القيادات الدينية فى ذلك الحين ، عوض أن يسندوا كل نفس للألتقاء مع الله ، دفعت بهم إلى مملكة الظلمة .
فى قول الرب : " في بيتي وجدت شرهم " ع 11 . استخدم الفعل بمعنى " اكتشفت " . اكتشف الله كحارس لبيته جريمة فدهش كيف تجاسر الكهنة والأنبياء على هذا الفعل الشرير فى مقدساته التى ائتمنهم عليها .
إنها كلمات عتاب مرة يكررها الله فى حديثه مع أولاده هؤلاء الذين نالوا نعمته المجانية وتحولوا إلى هيكله المقدس ، ليعودوا فيرتكبوا الرجاسات فيه . إنهم يدنسون لا أجسادهم بل هيكل الرب ، لأنها لم تعد ملكا لهم بل اشتريت بدم ثمين !
النبوة الثانية ( ع 13 – 15 ) : إدانتهم لأنهم كذبة
هنا يظهر الأنبياء ، خاصة الذين فى أورشليم ، أنهم قد تحالفوا مع الملك ورجاله ليبثوا روح الكذب والضلال وسط الشعب ، فأساءوا قيادة شعب الله ، وحولوهم إلى سدوم وعمورة ، يحملون روح النفاق .
" وقد رأيت في انبياء السامرة حماقة .
تنبأوا بالبعل واضلوا شعبي اسرائيل.
وفي انبياء اورشليم رأيت ما يقشعر منه .
.يفسقون ويسلكون بالكذب ،
ويشددون ايادي فاعلي الشر حتى لا يرجعوا الواحد عن شره.
صاروا لي كلهم كسدوم وسكانها كعمورة.
لذلك هكذا قال رب الجنود عن الانبياء :
هانذا اطعمهم افسنتينا ،
واسقيهم ماء العلقم ،
لانه من عند انبياء اورشليم خرج نفاق في كل الارض " ع 13 – 15 .
يقارن هنا بين أنبياء مملكة الشمال ( عاصمتها السامرة ) وأنبياء مملكة الجنوب ( عاصمتها أورشليم ) . الأولون جحدوا الإيمان ، وأضلوا إسرائيل حيث تنبأوا باسم البعل ، لكن ما فعلته أورشليم ليس بأقل مما فعلته السامرة .
إنها لم ترفض عبادة الله الحى لكنها خلطت هذه العبادة بالعبادة الوثنية ورجاساتها ، فكسرت العهد مع الله ، وصار حالها كحال السامرة ، بل ربما أشر فالمملكتان لم تسلكا بولاء لله ولعهده ، غير أن أنبياء أورشليم دنسوا الهيكل المقدس بزناهم وكذبهم . وهذا أخطر ، إذ يقول : " رأيت ما يقشعر منه " ع 14 . سقطوا فى عبادة البعل مثل السامرة ، وأضافوا إلى شرهم تدنيسهم للمقدسات الإلهية .
هنا يربط بين الرجاسات والكذب ، قائلا : " يفسقون ويسلكون بالكذب " ع 14 .
النبوة الثالثة ( ع 16 – 22 ) : إدانتهم لأنهم ينسبون كلماتهم للرب .
" هكذا قال رب الجنود :
لا تسمعوا لكلام الانبياء الذين يتنبأون لكم.
فانهم يجعلونكم باطلا.
يتكلمون برؤيا قلبهم لا عن فم الرب.
قائلين قولا لمحتقريّ :
قال الرب يكون لكم سلام .
ويقولون لكل من يسير في عناد قلبه لا يأتي عليكم شر.
لانه من وقف في مجلس الرب وراى وسمع كلمته ؟
من اصغى لكلمته وسمع ؟! " ع 16 – 18 .
يميز إرميا النبى بين الأنبياء الكذبة والنبى الحقيقى ، موضحا علامات النبى الحقيقى :
أ – يحمل النبى الحقيقى سلام الله الداخلى بينما يحرم الأنبياء الكذبة منه .
ب – بينما ينطق الأنبياء الكذبة برؤى قلوبهم يصير النبى الحقيقى فم الرب .
جـ - يقدم الأنبياء الكذبة رجاء كاذبا لمحتقرى الرب فى قلوبهم ، أما النبى الحقيقى فينطق بالحق ولو كان جارحا .
د – يتمتع النبى الحقيقى بالحضرة الإلهية : " من وقف فى مجلس الرب ؟! ع 18 . هذه الحضرة العجيبة تتحقق على الأرض وسط شعبه المقدس .
هـ - يتمتع النبى الحقيقى بالأستنارة الروحية ، إذ يقول : " ورأى " ع 18 .
و – له الأذن المختونة ليسمع ويطيع : " وسمع كلمته ؟ من اصغى لكلمته وسمع ؟! " ع 18 .
يرى إرميا النبى غضب الله كعاصفة نارية تهب على رؤوس الأشرار :
" ها زوبعة الرب .
غيظ يخرج ونوء هائج .
على رؤوس الأشرار يثور .
لا يرتد غضب الرب حتى يجرى ويقيم مقاصد قلبه .
فى آخر الأيام تفهمون فهما .
لم ارسل الانبياء بل هم جروا.
لم اتكلم معهم بل هم تنبأوا.
ولو وقفوا في مجلسي لأخبروا شعبي بكلامي ،
وردّوهم عن طريقهم الرديء ، وعن شر اعمالهم " ع 19 – 22 .
لا يقصد هنا بقوله " فى آخر الأيام " ع 20 معنى أخرويا ( إسخاتولوجيا ) وإنما قصد أنه " بعد ذلك " ، أو عندما تعبر هذه الأيام ويحل التأديب .
مرة أخرى يوضح النبوة الصادقة التى تقوم على إرساله الله نفسه ، وحديثه معه ، مع تمتع النبى بالحضرة الإلهية والوقوف أمامه . بمعنى آخر هناك حاجة إلى لقاء صادق مع الله ، وقبول إرسالية صادقة ، والنطق بكلمات الرب بصدق . يقول الرب : " لم أرسل الأنبياء بل هم جروا " ع 21 .
ماذا يعنى بكلمة " جروا " ؟ كانوا مسرعين ، شغوفين نحو إعلان رسائلهم الخاصة ، وذلك كإلحاحهم " حلمت حلمت " ع 25 . إنهم يعملون بقوة وبسرعة وبلجاجة لكن عملهم باطل ، لأنه مملوء كذبا ، لا يدفع إلى التوبة بل إلى التهاون والأستهتار .
النبوة الرابعة : [ ع 23 – 32 ] : يتكلون على أحلامهم
بدأ الحديث بتوبيخ الأنبياء الكذبة الذين يدعون أن الله يتحدث معهم بالأحلام ، معلنا أن الله الساكن فى الأعالى يتطلع إليهم ويدرك كذبهم .
" ألعلي اله من قريب يقول الرب ولست الها من بعيد ؟ !
اذا اختبأ انسان في اماكن مستترة أفما اراه انا يقول الرب ؟!
أما املأ انا السموات والارض يقول الرب ؟! ع 23 – 24 .
لعله بهذا يوبخهم لأنهم يحسبون الله كالبعل ، محدود فى حجمه وفى موضع سكناه غير قادر على إدراك ما يحل بالأماكن المستترة .
يسكن الله فى السماء فى الأعالى ، وكأن الأرض كلها صغيرة بالنسبة له ، يراها بكل خطاياها ، ولا يقدر أحد ما أن يختفى عنه . وفى نفس الوقت يملأ السماء والأرض ، أينما هرب إنسان يجد الله حاضرا ... فهو بعيد ومنزه عن كل الخليقة وقريب جدا وملاصق لها .
بمعنى آخر يقول : الله منزه عن كل التصرفات التى يمارسها الكذبة ، هو فى الأعالى يعرف ويرى كل شىء ، وهو قريب يود أن يلتقى الكل به !
يكمل حديثه كاشفا كذب هؤلاء الأنبياء :
" قد سمعت ما قالته الانبياء الذين تنبأوا باسمي بالكذب قائلين :
حلمت حلمت.
حتى متى يوجد في قلب الانبياء المتنبئين بالكذب بل هم انبياء خداع قلبهم
الذين يفكرون ان ينسّوا شعبي اسمي باحلامهم التي يقصونها الرجل على صاحبه ،
كما نسي اباؤهم اسمي لاجل البعل " ع 25 – 27 .
يهاجم هنا ما يدعيه الأنبياء من رؤيتهم أحلاما يفسرونها على أنها رسائل سماوية للأسباب :
أولا : كذبهم ، إذ يقول كل منهم : " حلمت . حلمت "، ويتنبأون خلالها كذبا .
ثانيا : ينسبون ما يتنبأون به للرب ، وهذا أخطر ، لأنهم ليس فقط يكذبون ، لكنهم يتسترون تحت اسم الله وهم يكذبون .
ثالثا : شغل موضوع الأحلام أفكار الشعب حتى نسوا الله ووصاياه . نسى آباؤهم الله خلال عبادتهم البعل ، أما هؤلاء فنسوا الله خلال انشغالهم بالأحلام ، لا هم لكل شخص إلا أن يروى أحلاما أو يشتهى أن يسمع عن أحلام إخوته .
بماذا يقيم إرميا النبى هذه الأحلام ؟ يقارن الأحلام بكلمة الله ، كالتبن بجانب الحنطة ، يلزم فرز هذه عن تلك .
" النبي الذي معه حلم فليقص حلما ،
والذي معه كلمتي فليتكلم بكلمتي بالحق.
ما للتبن مع الحنطة يقول الرب.
أليست هكذا كلمتي كنار يقول الرب ؟!
وكمطرقة تحطم الصخر.
لذلك هانذا على الانبياء يقول الرب :
الذين يسرقون كلمتي بعضهم من بعض " ع 28 – 30 .
أحلام الأنبياء الكذبة كالقش يجب فرزها من كلام الرب ، أى من الحنطة .
ماذا يعنى بسرقة كلمة الرب ؟! إننا ننطق بكلمة الرب كأننا قد اختبرناها دون أن نسمع لها أو نمارسها فى حياتنا ، إنما نسرقها من أفواه الآخرين أو كتاباتهم . لهذا يليق بنا لكى لا نحسب لصوص الكلمة أن نمارس ما ننطق به ، أو نجاهد بإخلاص فى ممارستنا إياها .
يختم حديثه عن الأنبياء المدعين أنهم أصحاب أحلام إلهية أو عن سارقى الكلمة ، قائلا :
" هانذا على الانبياء يقول الرب ،
الذين ياخذون لسانهم ويقولون قال.
هانذا على الذين يتنبأون باحلام كاذبة يقول الرب الذين يقصونها ويضلون شعبي باكاذيبهم ومفاخراتهم ،
وانا لم ارسلهم ولا أمرتهم.
فلم يفيدوا هذا الشعب فائدة يقول الرب " ع 31 ، 32 .
بقوله : " يأخذون ( أو يستعملون ) لسانهم ويقولون : قال " ع 31 يعنى أنهم يستخدمون كلماتهم الشخصية فى شكل حديث إلهى ويقولون : " قال الرب .... " .
للمرة الثالثة يؤكد الرب : " هأنذا على ( ضد ) الأنبياء " الذين يبشرون بالأحلام الباطلة ( ع 30 ، 31 ، 32 ) . إنهم مخادعون ولا منفعة منهم ( ع 32 ) .
النبوة الخامسة ( ع 33 – 40 ) : يطلبون وحى الرب بأفواههم ، لا بقلوبهم
أخيرا يتظاهر هؤلاء الأنبياء أحيانا بالرغبة فى التعرف على وحى الرب بينما بقلوبهم يطلبون وحى أنفسهم . تسلل هذا الداء إلى الكهنة فى غير مبالاة ، فسقطوا فى خطية أخطر وهى الرياء والخداع حتى فى معاملاتهم مع الله ورجاله .
" واذا سألك هذا الشعب او نبي او كاهن قائلا ما وحي الرب ؟
فقل لهم اي وحي ؟
اني ارفضكم هو قول الرب.
فالنبي او الكاهن او الشعب الذي يقول وحي الرب اعاقب ذلك الرجل وبيته.
هكذا تقولون الرجل لصاحبه والرجل لاخيه :
بماذا اجاب الرب ؟
وماذا تكلم به الرب ؟
اما وحي الرب فلا تذكروه بعد ،
لان كلمة كل انسان تكون وحيه ،
اذ قد حرّفتم كلام الاله الحي رب الجنود الهنا.
هكذا تقول للنبي بماذا اجابك الرب وماذا تكلم به الرب.
واذا كنتم تقولون وحي الرب فلذلك هكذا قال الرب من اجل قولكم هذه الكلمة وحي الرب وقد ارسلت اليكم قائلا لا تقولوا وحي الرب .
لذلك هانذا انساكم نسيانا وارفضكم من امام وجهي انتم والمدينة التي اعطيتكم وآباءكم اياها.
واجعل عليكم عارا ابديا وخزيا ابديا لا ينسى " ع 33 – 40 .
جاء الحديث هنا يدور حول كلمة " وحى " التى تستخدم بمعان كثيرة ، وهى مقتبسة من فعل nasa ، معناها " يرفع أو يحمل " ، فيكون الإسم معناه " حمل " أو " ثقل " .
هنا يعنى الألتزام بثقل المسئولية القيادية أو الدينية ، أو السقوط تحت ثقل حكم الله ، لكن أحيانا تستخدم كتعاليم نبوية أو وحى نبوى . هنا يقصد بها الوحى .
الله يؤكد أن كلمته ليست ثقلا ، إنما كلمات الإنسان هى التى تحطمه كثقل على نفسه !
لقد نسوا صوت الرب حتى إن طلبوه بأفواههم ، لذلك يقول :
" هأنذا أنساكم نسيانا " ع 39 .
لم يطيقوا سماع صوت الرب ، لهذا جاءت الثمرة : " أرفضكم من أمام وجهى " ع 39
أهانوا الكلمة الإلهية واحتقروها ، لهذا يرفض الله المدينة التى حسبها قبلا مدينته المقدسة ، والتى وهبها لهم ولآبائهم ، ويسكب عارا وخزيا عليهم ( 40 ) . + + +
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح الرابع والعشرون -سلتا التين الإثنين فبراير 19, 2007 10:39 pm | |
|
إرميا – الإصحاح الرابع والعشرون
سلتا التين
يقدم الرب لإرميا رؤيا تشرح موقف الفريقين من السبى : فريق الذين خضعوا للسبى وحسبوه تأديبا إلهيا ، وفريق للمقاومين للسبى .
تعتبر هذه الرؤيا ختاما لكل ما قد جمع عن النبوات ضد الملوك والأنبياء الكذبة ، ومقدمة لوعود الله الصادقة المسيانية . فإن كان التين الردىء جدا يشير إلى صدقيا الملك والذين بقوا فى أورشليم ، فإن الله يقيم عهده مع المسبيين ويجعلهم تينا جيدا جدا ... يهبهم قلبا جديدا ليدركوا أنه هو الله ( ع 7 ) .
( 1 ) رؤيا سلتى التين
" اراني الرب واذا سلّتا تين موضوعتان امام هيكل الرب بعدما سبى نبوخذراصر ملك بابل يكنيا بن يهوياقيم ملك يهوذا ورؤساء يهوذا والنجارين والحدادين من اورشليم وأتى بهم الى بابل " ع 1
أمام الحدث الواحد انقسم الكل إلى فريقين لا ثالث لهما ، أحد الفريقين تمثله سلة التين الجيد جدا ، والفريق الآخر تمثله سلة التين الردىء جدا ، وليس من حال وسط .
أولا : حدث واحد أمامه تجاوب كل إنسان ليكون نصيبه فى السلة الأولى أو الثانية . ليس من أنصاف للحلول : إما الإنتماء لمملكة الله أو مملكة إبليس . وكما كتب القديس جيروم فى رسالة شكر لأستوخيوم التى أرسلت له هدية تحوى كريزا :
[ ليتك تحتوين فواكه كتلك التى تنمو أمام هيكل الرب ،
هذه التى قيل عنها " ( التين ) الجيد جيد جدا " .
الله لا يحب شيئا نصف نصف ،
بينما يرحب بالحار ويتجنب البارد يقول فى سفر الرؤيا إنه يتقيأ الفاتر من فمه ( 3 : 15 ، 16 ) ] .
ثانيا : كانت سلتا التين موضوعتين أمام هيكل الرب ، حيث يقدم البشر إلى حضرة الرب ، وهو وحده فاحص القلوب قادر أن يفرز التين الصالح من الردىء . الذين قبلوه بإخلاص وخضعوا لإرادته يحسبون تينا صالحا ، أما الذين يحتقرون وصيته ويهينونه فيحسبون تينا رديا ليس فيه مسرة ولا يصلح قط للطعام .
ثالثا : لماذا اختار التين من بين الفواكه ؟
التين يشير إلى عذوبة الوحدة ( الكنيسة المجتمعة حول عريسها المسيح ) ، فالآف البذور الرفيعة جدا يحتضنها غلاف الوحدة والحب العذب ، ويعطيها قيمة . كل بذرة فى ذاتها لا تستحق إلا التخلص منها ، لكن مع زميلاتها تقدم عذوبة لآكليها وشبعا وصحة !
رابعا : ماذا يعنى بالتين الباكورى ؟
" في السلة الواحدة تين جيد جدا مثل التين الباكوري " ع 2 .
دعى التين الجيد " باكورة " ، وبحسب الشريعة تقدم البكور إلى هيكل الرب .
شجر التين فى فلسطين ينتج ثلاثة محايل فى السنة : المحصول الأول ويدعى الباكورة ، وهذا ما يشار إليه بالتين جيد جدا .
( 2 ) التين الجيد
" ثم صار كلام الرب اليّ قائلا :
هكذا قال الرب اله اسرائيل .
كهذا التين الجيد هكذا انظر الى سبي يهوذا الذي ارسلته من هذا الموضع الى ارض الكلدانيين للخير.
واجعل عيني عليهم للخير وارجعهم الى هذه الارض وابنيهم ولا اهدمهم واغرسهم ولا اقلعهم.
واعطيهم قلبا ليعرفوني اني انا الرب فيكونوا لي شعبا وانا اكون لهم الها لانهم يرجعون اليّ بكل قلبهم " ع 4 – 7 .
اقتيد إلى السبى يكنيا وهو إناء مكسور ومرذول ، ولكن معه الآلاف من العمال المهرة حملوا إلى بابل لخدمة الملك ولحرمان أورشليم من عملهم أثناء الحصار ( 2 مل 24 : 16 ) ، وكان أيضا أشراف يهوذا ، ولعله دعاهم بالتين الجيد لأنه وجد بينهم من كان صالحا مثل النبيين حزقيال ودانيال .
ما دامت السلتان قد وضعتا أمام هيكل الرب كان يليق أن يكون كل التين جيدا ، لأنه لا يقدم للرب إلا ما هو جيد ، فالسلة التى بها التين الجيد تشير إلى النفوس المقدسة التى تقدم للرب كبكور له ، أما السلة الثانية فتشير إلى النفوس التى تدنست وبقيت فى دنسها وهى تمارس العبادة لله ! أى تمزج عبادتها لله الحى بالفساد الذى تتمسك به .
( 3 ) التين الردىء
" وكالتين الرديء الذي لا يؤكل من رداءته.هكذا قال الرب.هكذا اجعل صدقيا ملك يهوذا ورؤساءه وبقية اورشليم الباقية في هذه الارض والساكنة في ارض مصر. واسلمهم للقلق والشر في جميع ممالك الارض عارا ومثلا وهزاة ولعنة في جميع المواضع التي اطردهم اليها.
وارسل عليهم السيف والجوع والوبأ حتى يفنوا عن وجه الارض التي اعطيتهم وآباءهم اياها " ع 8 – 10 .
السلة التى تحمل تينا جيدا تمثل أولاد الله الذين يقدمهم أبوهم للتأديب خلال الحب لأجل إصلاحهم ، أما السلة الثانية فتشير إلى الأبناء العصاة الذين يتركون لإرادتهم الذاتية فى عنادهم المهلك .
تعبر هذه الرؤيا عن مفهوم روحى عميق وهو أن صلاح الإنسان لا يقوم على موقع جغرافى معين وإنما على عطية الله ( القلب الجديد والفهم الجديد ع 7 ) ، التى توهب للمسبيين المشتاقين إلى حرية مجد أولاد الله .
الذين ارتبطت قلوبهم بأورشليم فى شكليات خارجية مع عصيان وإصرار على الفساد حسبوا تينا رديئا جدا ، أما الذين حرموا من أورشليم وفقدوا الهيكل بالجسد ، لكن أعماقهم مرتبطة به بالروح ، صاروا هم أنفسهم أورشليم الروحية وهيكل الرب المقدس ! .
+ + +
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح الخامس والعشرون -كأس خمر السخط الإثنين فبراير 19, 2007 10:40 pm | |
|
إرميا – الإصحاح الخامس والعشرون
كأس خمر السخط
يرى البعض أن هذا الإصحاح يمثل ختاما للدرج الذى أملاه إرميا على كاتبه باروخ عام 604 ق. م. وأن وضعه الأصلى بعد الإصحاحات العشرين الأولى .
ففى ذلك الحين أقام نبوخذنصر نفسه سيدا على منطقة الشرق الأوسط من مصر إلى مابين النهرين . وأدرك إرميا أنه قد هبت الريح القادمة من الشمال على يهوذا وأورشليم فعلا ، وهى تحرك الجيش البابلى .
فى هذا الإصحاح يقدم لنا النبى ملخصا لخدمته خلال الثلاث وعشرين عاما السابقة كنبيا للشعوب ، هذه الخدمة التى رفضها الجميع ، كما سبقوا فرفضوا خدمة الأنبياء السابقين له .
( 1 ) تاريخ النبوة
كل الأحاديث النبوية التى سبق فألقاها إرميا إما أنها لا تحمل تاريخا بالمرة أو تحمله بطريقة عامة كالقول : " فى أيام يوشيا " ( 3 : 6 ) ، أو " فى بدء حكم يهوياقيم " ( 26 : 1 ) .
" الكلام الذي صار الى ارميا عن كل شعب يهوذا في السنة الرابعة ليهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا.
هي السنة الاولى لنبوخذراصر ملك بابل .
الذي تكلم به ارميا النبي على كل شعب يهوذا ،
وعلى كل سكان اورشليم قائلا : " ع 1 ، 2
يرجع تاريخ الفقرة إلى عام 605 ق.م. فى السنة الرابعة لملك يهوياقيم التى دارت فيها معركة كركميش الفاصلة ، ونتيجة هذه المعركة تم طرد المصريين ، واستولت بابل على يهوذا لتصبح جزءا من إمبراطوريتها ( ملوك الثانى 24 : 1 ) .
وتعتبر هذه السنة نقطة تحول خطيرة فى تاريخ يهوذا بعد هزيمة فرعون نخو بواسطة البابليين .
" من السنة الثالثة عشر ليوشيا بن آمون ملك يهوذا الى هذا اليوم هذه الثلاث والعشرين سنة صارت كلمة الرب اليّ فكلمتكم مبكرا ومكلما فلم تسمعوا " ع 3
إذ يعتبر إرميا النبى أن خدمته بدأت فى السنة الثالثة عشرة من حكم يوشيا سنة 627 ق.م. يتساءل البعض إن كان هذا التاريخ هو بداية أول رسالة تسلمها من الله لإعلانها على الشعب ، أم أنه تاريخ ميلاده حيث دعى للخدمة وهو بعد فى بطن أمه . على أى الأحوال بدأ إرميا خدمته مبكرا جدا .
الفترة من السنة الثالثة عشرة ليوشيا حتى السنة الرابعة من يهوياقيم تضم 23 عاما ، منها 19 عاما فى أيام يوشيا و 4 أعوام فى أيام يهوياقيم ، بالإضافة إلى 3 شهور ملك يهوآحاز .
( 2 ) تأكيد الدمار
" وقد ارسل الرب اليكم كل عبيده الانبياء مبكرا ومرسلا فلم تسمعوا ولم تميلوا اذنكم للسمع.
قائلين ارجعوا كل واحد عن طريقه الرديء وعن شر اعمالكم واسكنوا في الارض التي اعطاكم الرب اياها وآباءكم من الازل والى الابد.
ولا تسلكوا وراء آلهة اخرى لتعبدوها وتسجدوا لها ولا تغيظوني بعمل ايديكم فلا اسيء اليكم.
فلم تسمعوا لي يقول الرب لتغيظوني بعمل ايديكم شرا لكم .
لذلك هكذا قال رب الجنود :
من اجل انكم لم تسمعوا لكلامي ،
هانذا ارسل فآخذ كل عشائر الشمال يقول الرب والى نبوخذراصر عبدي ملك بابل وآتي بهم على هذه الارض وعلى كل سكانها وعلى كل هذه الشعوب حواليها فاحرمهم واجعلهم دهشا وصفيرا وخربا ابدية.
وابيد منهم صوت الطرب وصوت الفرح صوت العريس وصوت العروس صوت الارحية ونور السراج " ع 4 – 10 .
يلاحظ فى العبارات السابقة الآتى :
أولا : هنا يوجه إرميا التماسه إلى عامة الشعب وليس للطبقة الحاكمة قط .
ثانيا : يؤكد إرميا النبى أن ما نادى به خلال الثلاث وعشرين سنة لم يكن بالأمر الجديد . فقد سبق وأرسل لهم الله أنبياء منذ وقت مبكر ينذرهم بذات الرسالة .
لقد سبقه إشعياء النبى وغيره ، فما هو عذرهم ؟ وعوض التوبة استهانوا بطول أناة الله ولطفه ، ظانين أن الله يهدد ولا يؤدب !
ثالثا : بقولـه : " عمل أيديكم " ع 6 . ربما يشير إلى صنع التماثيل أو الأوثان التى يصنعونها ثم يتعبدون لها ، وقد تشير إلى الشر الذى يرتكبوه ، وكأن شرهم قد تمثل فى عبادتهم للأوثان كما فى تصرفاتهم الشريرة وسلوكهم الردىء .
رابعا : يقدم الحكم على يهوذا باسم " رب الجنود " ع 8 الذى يستدعى كل عشائر الشمال وسكانها ضد يهوذا . هنا يقوم الرب كقائد جنود لا للدفاع عن شعبه بل لتأديبهم ، مستخدما نبوخذنصر عبدا له يتمم إرادته . إنه ليس عبدا له لأنه متعبد له ، وإنما بكونه أداة فى يد الرب ... يقيم به حربا مقدسة ضد شعبه !
خامسا : الإشارة لعشائر الشمال ( ع 9 ) هى إشارة للطبيعة المعقدة للأمبراطورية الأشورية وخليفتها الإمبراطورية البابلية .
سادسا : يؤدب يهوذا وكل الشعوب التى حواليها ، ربما لأنها اتكلت عليها وأخذت بمشورتها عوض الأتكال على الرب واستشارته . يجعلهم فى حالة رعب ( دهشا ) وخراب تام ، وينزع عنهم كل علامات الحياة ، من أفراح وزيجات وصوت طحن الغلة ( الأرحية ) والنور ، كأنهم يصيرون فى حالة موت .
يرى البابا أثناسيوس الرسولى أن النبوة هنا قد تحققت بالأكثر لا فى السبى البابلى بل فى سبيهم بجحد الإيمان بالسيد المسيح المحيى .
سابعا : يقول : " آتى بهم على هذه الأرض " .... ماذا يعنى هذا ؟
حين يرفض الشعب الألتصاق بالسماوى يتركهم ليلتصقوا بالأرض فيصيرون أرضا ، لا سماء . لهذا عندما جاء مسيحنا السماوى ليردنا من سبينا ، فتح بدم ذبيحته طريق السماء الملوكى ، لهذا يتحدث القديس يوحنا الذهبى الفم عن الأفخارستيا كرحلة إلى السماء قائلا :
[ + كأن الإنسان قد أخذ إلى السماء عينها ، يقف بجوار عرش المجد ، ويطير مع السيرافيم ويتغنى بالتسبحة المقدسة .
+ أهرق هذا الدم فاتحا طريق السماء !
+ ما دمنا قد صرنا سمائيين ، وحصلنا على ذبيحة كهذه ، فلنخف ! يليق بنا ألا نستمر فى زحفنا على الأرض ، ومن يريد منا ألا يكون بعد على الأرض ، فإنه يستطيع الآن ... إذ نقترب من الله نصير فى السماء ، بل ماذا أريد من السماء إن كنت أرى رب السماء وصرت أنا نفسى سماء ؟! ... أقصد لنتمثل ببولس الذى وهو على الأرض يقضى حياته فى السماء . ] .
( 3 ) مدة الدمار
" وتصير كل هذه الارض خرابا ودهشا وتخدم هذه الشعوب ملك بابل سبعين سنة ويكون عند تمام السبعين سنة اني اعاقب ملك بابل وتلك الامة يقول الرب على اثمهم وارض الكلدانيين واجعلها خربا ابدية.
واجلب على تلك الارض كل كلامي الذي تكلمت به عليها كل ما كتب في هذا السفر الذي تنبأ به ارميا على كل الشعوب.
لانه قد استعبدهم ايضا امم كثيرة وملوك عظام فاجازيهم حسب اعمالهم وحسب عمل اياديهم " ع 11 – 14 .
هذه هى المرة الأولى التى يشار فيها إلى مدة السبى البابلى بكونها سبعين عاما ، يحسبها البعض إما منذ بدأ النبى حديثه عن السبى سنة 604 ق . م . أو عندما تم ترحيل أول دفعة إلى السبى سنة 597 ق. م . ، أو عند ترحيل عدد ضخم سنة 587 ق . م .
مع دقة الرقم بحسب حسابات مفسرى الكتاب والمؤرخين ، يحمل رقم 70 معنى رمزيا وهو كمال العمل الإلهى فى حياتنا الزمنية . رقم 7 يشير إلى الكمال ، ورقم 10 يشير إلى الحياة الزمنية التى يجب أن تحكمها الوصايا العشرة ، لذلك فإننا وإن كنا كمن فى السبى ننتظر كمال المجد الأبدى لنصير بالحق الملكة السماوية شريكة المجد ... فإننا خلال أعوامنا السبعين ننعم بعمل الله الدائم ، حيث يهيئنا بروحه القدوس لنحمل صورته فنصير العروس الملكة الحرة .
أعوامنا على الأرض يرمز لها برقم 70 حيث نتلمس كمال عمل الله الخلاصى لأجلنا حتى ننطلق إلى سمواته .
( 4 ) ملخص النبوات ضد الأمم
الله ليس إله إسرائيل وحده ، بل إله كل الشعوب ، يهتم بالجميع ، وها هو يرسل إرميا نبيه " نبيا للشعوب " .. يبدأ هنا بتأديب شعبه بسبب إصرارهم على عدم التوبة ، بهذا تكون البداية لتسقط أمة وراء أمة تحت ذات التأديب ، مادام ليس هناك رجوع إلى الله بالتوبة .. وأخيرا يسقط العالم كله تحت التأديب حتى بابل اليد المستخدمة للتأديب ! هنا إعلان صارخ عن فساد الطبيعة البشرية والحاجة إلى تدخل إلهى لإقامة طبيعة جديدة تتجاوب مع خالقها !
" لانه هكذا قال لي الرب اله اسرائيل :
خذ كاس خمر هذا السخط من يدي واسق جميع الشعوب الذين ارسلك انا اليهم اياها. فيشربوا ويترنحوا ويتجننوا من اجل السيف الذي ارسله انا بينهم ،
فأخذت الكاس من يد الرب وسقيت كل الشعوب الذين ارسلني الرب اليهم.
اورشليم ومدن يهوذا وملوكها ورؤساءها لجعلها خرابا ودهشا وصفيرا ولعنة كهذا اليوم.
وفرعون ملك مصر وعبيده ورؤساءه وكل شعبه.
وكل اللفيف وكل ملوك ارض عوص وكل ملوك ارض فلسطين واشقلون وغزة وعقرون وبقية اشدود وادوم وموآب وبني عمون ،
وكل ملوك صور وكل ملوك صيدون وملوك الجزائر التي في عبر البحر ،
وددان وتيماء وبوز وكل مقصوصي الشعر مستديرا .
وكل ملوك العرب وكل ملوك اللفيف الساكنين في البرية ،
وكل ملوك زمري وكل ملوك عيلام وكل ملوك مادي ،
وكل ملوك الشمال القريبين والبعيدين كل واحد مع اخيه وكل ممالك الارض التي على وجه الارض.
وملك شيشك يشرب بعدهم.
وتقول لهم : هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل.اشربوا واسكروا وتقيأوا واسقطوا ولا تقوموا من اجل السيف الذي ارسله انا بينكم.
ويكون اذا أبوا ان يأخذوا الكاس من يدك ليشربوا انك تقول لهم :
هكذا قال رب الجنود تشربون شربا.
لاني هانذا ابتدئ اسيء الى المدينة التي دعي اسمي عليها فهل تتبرأون انتم ؟!
لا تتبرأون لاني انا ادعو السيف على كل سكان الارض ،
يقول رب الجنود " ع 15 – 29
الكأس التى يقدمها هنا إرميا النبى للشعوب هو السيف الذى تضرب به هذه الشعوب فتترنح كالسكارى بلا وعى من هول الحدث ، يفقدون عقولهم ويصيرون كالمجانين . يتساءل البعض : كيف قدم إرميا للملوك كأس غضب الله ؟ هل قام برحلة لملوك وشعوب مختلفة ؟ أم قدم الكأس لسفرائهم فى أورشليم ؟
إنه كأس غير مادى يحمل غضبا لا تشربه الأجساد . العمل الذى قام به إرميا هو رسالة تؤكد حقيقة السخط الإلهى على الشر والأشرار المصرين على شرهم ، يعلنها النبى فى أورشليم أمام الملك والشعب ، وتبلغ إلى الملوك والشعوب المحيطة .
ددان : شعب كوشى فى جنوب العربية ..
" تيماء " قبيلة عربية تسكن فى المناطق الصحراوية وراء حاران ..
" بوز " قبيلة عربية من نسل ناحور أخو إبراهيم ( تك 22 : 21 ) تقطن على الطريق السياحى من دمشق إلى مكة ، ما بين تبوق ووادى القرى .
إن كان الله يستخدم بابل للتأديب ، فيعطيها أن تسيطر على العالم كله فى ذلك الحين فإنه يعود فيحاكمها على شرها بعد ذكره كل ممالك الأرض ، وقد دعيت هنا " شيشك " ع 26 وهو اسمها الشفرى ( 51 : 41 ) . ربما لكى لا يثير السلطات البابلية ضده .
( 5 ) قضاء الرب للمسكونة
" وانت فتنبأ عليهم بكل هذا الكلام وقل لهم :
الرب من العلاء يزمجر ومن مسكن قدسه يطلق صوته ، يزئر زئيرا على مسكنه بهتاف كالدائسين يصرخ ضد كل سكان الارض.
بلغ الضجيج الى اطراف الارض لان للرب خصومة مع الشعوب هو يحاكم كل ذي جسد.يدفع الاشرار للسيف يقول الرب.
هكذا قال رب الجنود :
هوذا الشر يخرج من امة الى امة وينهض نوء عظيم من اطراف الارض.
وتكون قتلى الرب في ذلك اليوم من اقصاء الارض الى اقصاء الارض.لا يندبون ولا يضمون ولا يدفنون.
يكونون دمنة على وجه الارض .
ولولوا ايها الرعاة واصرخوا وتمرغوا يا رؤساء الغنم لان ايامكم قد كملت للذبح وابددكم فتسقطون كاناء شهي.
ويبيد المناص عن الرعاة والنجاة عن رؤساء الغنم .
صوت صراخ الرعاة وولولة رؤساء الغنم.
لان الرب قد اهلك مرعاهم .
وبادت مراعي السلام من اجل حمو غضب الرب.
ترك كشبل عيصه ( عرينه ) لان ارضهم صارت خرابا من اجل الظالم ومن اجل حمو غضبه " ع 30 – 38 .
1 - فى اسلوب شعرى تتغير الصورة إلى منظر أسد مزمجر ( عا 1 : 2 ، هو 11 : 10 ) . هنا يختلف التشبيه عن النصوص الأخرى ، فإن صوت الزئير لا يخرج من صهيون ولا من أورشليم بل من الأعالى من مسكنه المقدس فى السموات ، لأن التأديب لا يصدر ضد الأمم الوثنية فحسب ، بل ضد شعبه أيضا ومدينته .
2 – يزأر الله ليؤدب البشرية المصرة على العصيان ، زئيره يشبه صياح المحاربين .
3 – يسمع زئيره وسط الرعود ( خروج 19 : 16 ) ، وفى العاصف ( 23 : 19 ، عا 1 : 2 ، يوئيل 4 : 16 ) .
يحذرهم الرب من التباطوء فالكارثة تنتشر بسرعة من أمة إلى أمة ، دون تحديد لأسماء الأمم ، كعاصفة قوية تهب من أقاصى الأرض إلى أقاصيها ( ع 32 ) .
4 – يصرخ كالدائسين العنب .
5 – أما الرعاة أو سادة القطيع فيطلب منهم أن يولولوا ويصرخوا ويتمرغوا فى التراب ( ع 34 ) ، فقد صاروا ككباش مشتهاة للذبح خلال التأديب والمرارة .
6 – يدخل الرب فى خصومة قانونية ليحاكم كل البشرية ( ع 31 ) . كأنه وهو الديان لا يحكم على الشعوب ، بل يسلمهم إلى القضاء ، لكى يعطيهم فرصة للدفاع أو التوبة .
7 – يحذرهم أيضا من السلام الكاذب ، إذ يظنون أنهم فى وسط مراعى السلام يمارسون سلطانهم كرعاة ورؤساء ، ولم يدركوا أن الأسد قادم ، ومراعيهم تتحول إلى خراب ، ويسقطون تحت السيف بسبب الغضب الإلهى .
+ + +
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح السادس والعشرون -عظة الهيكل ونتائجها الإثنين فبراير 19, 2007 10:41 pm | |
|
إرميا – الإصحاح السادس والعشرون
عظة الهيكل ونتائجها
تحوى الإصحاحات الأربعة ( 26 – 29 ) صورة حية عن حوار إرميا النبى مع الأنبياء الكذبة ، موجها إلى كل المستويات :
1 – على مستوى القيادات مع الشعب : عظة الهيكل ونتائجها ( إر 26 ) .
2 – على مستوى الملوك : نير بابل ( إر 27 ) .
3 – على مستوى الأنبياء الكذبة : إرميا يقف ضد حنانيا ( إر 28 ) .
4 – على مستوى القيادات والشعب فى السبى : رسالة إلى المسبيين ( إر 29 ) .
بناء على الأمر الإلهى وقف إرميا فى دار الهيكل يحذر الكل من خراب الهيكل والمدينة مالم يسمعوا لصوت الأنبياء ، مقدما لهم باب الرجاء خلال التوبة . اتفق الكهنة والأنبياء والشعب على قتل إرميا ، كما جاء الرؤساء من بيت الملك يتحالفون معهم إلى حين .
لم يخفهم إرميا بل حذرهم من سفك دمه البرىء ، فوقف الرؤساء مع الشعب ضد الكهنة والأنبياء قائلين إنه إنما يتكلم باسم الرب .
( 1 ) إرميا فى دار بيت الرب
يحوى هذا الإصحاح ملخصا لعظة إرميا النبى فى دار بيت الرب .
قدم إرميا للمحاكمة ، وقد ظهرت المجموعات التالية :
أ – إرميا كنبى يحذر الشعب ، وكمتهم ، وأيضا كمدافع عن نفسه .
ب – الكهنة والأنبياء الكذبة يتهمون إرميا .
جـ - القضاة .
د – الرؤساء : السلطات المدنية .
هـ - الشيوخ .
و – متهمون آخرون غير إرميا .
" في ابتداء ملك يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا صار هذا الكلام من قبل الرب قائلا:
هكذا قال الرب :
قف في دار بيت الرب وتكلم على كل مدن يهوذا القادمة للسجود في بيت الرب بكل الكلام الذي اوصيتك ان تتكلم به اليهم.
لا تنقص كلمة.
لعلهم يسمعون ويرجعون كل واحد عن طريقه الشرير ،
فأندم عن الشر الذي قصدت ان اصنعه بهم من اجل شر اعمالهم.
وتقول لهم هكذا قال الرب :
ان لم تسمعوا لي لتسلكوا في شريعتي التي جعلتها امامكم ،
لتسمعوا لكلام عبيدي الانبياء الذين ارسلتهم انا اليكم مبكرا ومرسلا اياهم فلم تسمعوا. اجعل هذا البيت كشيلوه وهذه المدينة اجعلها لعنة لكل شعوب الارض.
وسمع الكهنة والانبياء وكل الشعب ارميا يتكلم بهذا الكلام في بيت الرب " ع 1 – 7 .
كان إرميا النبى فى نزاع مستمر مع الملك الشرير يهوياقيم ( 2 مل 23 : 36 ، 37 ) ، الذى وصفه يوسيفوس أنه لم يكن يخاف الله ولا يهاب إنسانا ، وكان لزوجته نحوشتا أثرها عليه ، هذه التى اشترك أبوها ألناثان فى جريمة قتل أوريا .
وقف إرميا فى دار بيت الرب يعلن محاكمة الله لشعبه مقدما لهم الرجاء الحى فى العفو إن أعلنوا توبتهم وذلك عوض النظرة التفاؤلية التى قدمها الأنبياء الكذبة فى رجاء باطل وخداع .
تعبير الله لإرميا " لا تنقض كلمة " ع 2 تعبير حى .
كأن الله يحذر إرميا ألا يهادن الشعب بل ينطق بكل كلمات الرب لهم مهما بدت قاسية ، وفى نفس الوقت فإن الله فى محبته يشتاق أن يوقف الحكم الصادر ضدهم بالتأديب ، إن قدموا توبة .
هنا يؤكد الله أنه يعلن عن إرادته لأنبيائه الحقيقيين وحدهم ، ويميز بين أنبيائه الحقيقيين والأنبياء الكذبة ، فينسب الأولين له ويدعوهم : " عبيدى " ع 5 ، لأنهم يسمعون له ويتممون إرادته .
ما أصعب أن يسمع الكل عن الهيكل ومدينة الله أن يصيروا كشيلوه هذه التى حطمها الفلسطينيون حوالى سنة 1050 ق . م . ( 1 صم 4 ) .
ما أصعب على آذان الكل أن يسمعوا كلمة " لعنة " ع 6 عن مدينة الله التى يرى الكل أنها سبب بركة للعالم كله !
( 2 ) القبض على إرميا ومحاكمته
" وكان لما فرغ ارميا من التكلم بكل ما اوصاه الرب ان يكلم كل الشعب به ان الكهنة والانبياء وكل الشعب امسكوه قائلين تموت موتا.
لماذا تنبأت باسم الرب قائلا مثل شيلوه يكون هذا البيت وهذه المدينة تكون خربة بلا ساكن ؟ !
واجتمع كل الشعب على ارميا في بيت الرب " ع 8 ، 9 .
لم يقف الأمر عند غضب الملك ، وإنما رأى الشعب فى مجاهرة إرميا بأن الله سيجعل مقدسه – الهيكل الذى يفتخرون به – خرابا ، كما فعل لشيلوه منذ حوالى 500 سنة ، إهانة لله كأنه عاجز عن حمايتهم ...
ألقى القبض على إرميا بالتهم التالية ، وهى ذات الإتهامات التى وجهت إلى السيد المسيح نفسه ( مت 26 : 60 ) ، فكان إرميا رمزا وظلا لمخلصه :
أ – النطق بكلمات ضد الهيكل والمدينة المقدسة فى داخل الهيكل .
ب – النطق بإسم يهوه باطلا ، معلنا أن الهيكل يصير كشيلوه ، وأورشليم تصير خرابا بلا ساكن .
جـ - كان إرميا فى نظر متهميه نبيا كاذبا ، إذ كانوا يظنون أن ما نطق به أمر مستحيل ، لن يصدر عن رجل الله !
د – أنه مجدف ، ينطق بإسم الله بما لا يليق بالله !
لا تزال الإتهامات موجهة ضد المسيح فى تلاميذه ومؤمنيه ، الذين يحسبون إلى اليوم مجدفين .
كلمة " اجتمع " تشير إلى تجمع دينى كما إلى تجمع للحرب ( 2 صم 20 : 14 ) ، وكأن الهيكل قد تحول من اجتماع دينى إلى معركة أو ثورة غضب شعبية ضد إرميا .
( 3 ) صعود الرؤساء إلى بيت الرب
" فلما سمع رؤساء يهوذا بهذه الأمور صعدوا من بيت الملك الى بيت الرب وجلسوا في مدخل باب الرب الجديد.
فتكلم الكهنة والانبياء مع الرؤساء وكل الشعب قائلين :
حق الموت على هذا الرجل ،
لانه قد تنبأ على هذه المدينة كما سمعتم بآذانكم " ع 10 ، 11 .
سمع رؤساء القضاة الرسميين ( رؤساء يهوذا ) بالأمر ، فاقاموا محاكمة حيث جلسوا فى مدخل " الباب الجديد " . هذه هى العادة أن تقام المحاكمة عند الأبواب ( تك 23 : 10 – 20 ، را 4 : 1 ، أم 31 : 23 ) . لماذا تمت محاكمة إرميا النبى فى مدخل باب الرب الجديد ؟
يبدو أن الله قد سمح بمحاكمته فى مدخل باب لرب الجديد " خارج أورشليم " ليدرك أنه ليس طرفا فى هذه المحاكمة ، إنما كلمة الرب نفسه ! كان ظلا للسيد المسيح الذى ارتجت الأمم وقامت الملوك ضده ، وصدر الحكم عليه : موتا تموت ! وصلب على جبل الجلجثة خارج المحلة .
( 4 ) إرميا يحذرهم من سفك دمه
" فكلم ارميا كل الرؤساء وكل الشعب قائلا.
الرب ارسلني لاتنبأ على هذا البيت وعلى هذه المدينة بكل الكلام الذي سمعتموه.
فالآن اصلحوا طرقكم واعمالكم واسمعوا لصوت الرب الهكم فيندم الرب عن الشر الذي تكلم عليكم.
اما انا فهانذا بيدكم.
اصنعوا بي كما هو حسن ومستقيم في اعينكم.
لكن اعلموا علما انكم ان قتلتموني تجعلون دما زكيا على انفسكم وعلى هذه المدينة وعلى سكانها ،
لانه حقا ارسلني الرب اليكم لاتكلم في آذانكم بكل هذا الكلام " ع 12 – 15 .
جاء دفاع إرميا أن ما نطق به ليس من عنده بل من قبل الله ، وأنه نبى حقيقى ( ع 21 ) ، وأن قتله يعنى سفك دم برىء ، ينتقم له الرب نفسه . كما دعى الكل إلى التوبة لخلاصهم . إنه لا يبالى بقتله لكنه يخشى هلاكهم وضياع الشعب كله والمقدسات الإلهية .
لم يكن دفاع إرميا عن ضعف ولا عن خوف من الموت ، وإنما لأجل خلاص سامعيه . فإن محاكماتهم لن تفقده سلامه أو سعادته ، وكما يقول القديس يوحنا الذهبى الفم :
[ الإنسان الفاضل ، وإن كان عبدا أو سجينا ، فهو أكثر الناس سعادة .. ضعيفة هى الرذيلة وقوية هى الفضيلة ! ] .
( 5 ) الرؤساء والشعب ضد الكهنة والأنبياء
" فقالت الرؤساء وكل الشعب للكهنة والانبياء :
ليس على هذا الرجل حق الموت لانه انما كلمنا باسم الرب الهنا.
فقام اناس من شيوخ الارض وكلموا كل جماعة الشعب قائلين :
ان ميخا المورشتي تنبأ في ايام حزقيا ملك يهوذا وكلم كل شعب يهوذا قائلا :
هكذا قال رب الجنود ان صهيون تفلح كحقل وتصير اورشليم خربا وجبل البيت شوامخ وعر.
هل قتلا قتله حزقيا ملك يهوذا وكل يهوذا ؟!
ألم يخف الرب وطلب وجه الرب فندم الرب عن الشر الذي تكلم به عليهم ، فنحن عاملون شرا عظيما ضد انفسنا ؟!
وقد كان رجل ايضا يتنبأ باسم الرب اوريا بن شمعيا من قرية يعاريم فتنبأ على هذه المدينة وعلى هذه الارض بكل كلام ارميا.
ولما سمع الملك يهوياقيم وكل ابطاله وكل الرؤساء كلامه طلب الملك ان يقتله.
فلما سمع اوريا خاف وهرب واتى الى مصر.
فارسل الملك يهوياقيم اناسا الى مصر ألناثان بن عكبور ورجالا معه الى مصر ،
فاخرجوا اوريا من مصر واتوا به الى الملك يهوياقيم فضربه بالسيف وطرح جثته في قبور بني الشعب.
ولكن يد اخيقام بن شافان كانت مع ارميا ،
حتى لا يدفع ليد الشعب ليقتلوه " ع 16 – 24 .
تدخل الرؤساء القادمون من القصر ، ومنعوا قادة الثورة من قتل النبى ، وعقدوا ما هو أشبه بمحكمة دعى إليها الشعب والنبى معا .
أوضح الكهنة والأنبياء رغبة الشعب فى قتل إرميا ، ثم أداروا وجوههم من المحكمة إلى الشعب يطلبون موافقتهم . لكن وقف إرميا يعلن أنه لا يمكنه إلا أن ينطق بكلمات الرب ، مؤكدا نبوة ميخا النبى فى أيام حزقيا ، مسلما نفسه بين أيديهم ، مع تحذيرهم أن سفك دمه البرىء إنما يجلب عليهم النقمة الإلهية .
قبل الرؤساء دفاع إرميا ووقفوا ضد السلطات الدينية وطالبوا الشعب بعدم التسرع ، لأن إرميا ليس بمجدف على الله ومقدساته ، إنما هو نبى حقيقى .
عادوا بالكل إلى ذكريات أو حالة عبر عليها قرابة قرن من الزمان .
قدموا لهم حالة ميخا المورشتى ( ميخا 3 : 12 ) مثلا ، الذى نطق بكلمات مشابهة وقد سمع له الملك حزقيا ( 716 – 687 ق . م . ) والشعب ، ولم يزدروا بكلماته ، بل خافوا الرب وطلبوا وجهه ، فتمتعوا بالمراحم الإلهية . قام حزقيا بحركة اصلاح دينية ( 2 مل 18 : 14 ) ، متجنبا الشر .
قدموا مثالا آخر وهو النبى أوريا بن شمعيا ، الذى لاحقه الملك يهوياقيم وطارده وأرجعه من مصر وقتله .
وجد إرميا مساندة من صديقه أخيقام بن شافان ( ع 24 ) ، كان شافان كاتبا أو سكرتيرا ليوشيا المصلح ( 2 مل 22 : 3 – 14 ) .
كان إرميا غير مستحق للموت ، هكذا أيضا نطق بيلاطس البنطى بخصوص السيد المسيح ( لو 23 : 32 ) ، لكن إرميا لم يقتل إلى حين ! أما السيد المسيح فصلب ليتمم خلاصنا فمن أجل هذا قد جاء ! جاء يحمل آلامنا لكى يحملنا نحن فيه فنجد راحتنا .
+ + +
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح السابع والعشرون -نير بابل الإثنين فبراير 19, 2007 10:45 pm | |
|
إرميا – الإصحاح السابع والعشرون
نير بابل
رأينا فى الإصحاح السبق إرميا النبى المجروح فى بيت أحبائه .. الآن نرى فى هذا الإصحاح الصورة تتكامل بكون إرميا ظلا للسيد المسيح المتألم . بينما كان الكهنة واللاويون يرتدون الثياب الفخمة ، والقيادات تتبختر فى مجدها الزمنى إذا بإرميا بأمر إلهى يحمل نيرا أو أنيارا وأربطة ...يحمل ما تئن منه الثيران !
كرمز للسيد المسيح كان يحمل النير ( الصليب ) ، فيقال عنه :
" لا صورة له ولا جمال فننظر إليه ، ولا منظر فنشتهيه ، محتقر ومخذول من الناس ، رجل أوجاع مختبر الحزن .. " إش 53 : 2 ، 3 .
كثيرون بلا شك كانوا يسخرون من منظره ، فقد جاءوا إلى بيت الرب بثياب فاخرة أما ثوبه فهو : نير الحب الباذل !
إرميا كنبى للشعوب ( إر 1 ) حذر الأمم الغريبة مع يهوذا مطالبا إياهم بالخضوع لنير بابل حتى يحيوا ... فلا تتعرض بلادهم للحرق بالنار وشعبهم للقتل بالسيف ، مع انتشار الجوع والوباء .
( 1 ) تحذير لرسل الملوك الغرباء
" في ابتداء ملك يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا صار هذا الكلام الى ارميا من قبل الرب قائلا :
هكذا قال الرب لي :
اصنع لنفسك ربطا وانيارا واجعلها على عنقك.
وارسلها الى ملك ادوم والى ملك موآب والى ملك بني عمون والى ملك صور والى ملك صيدون بيد الرسل القادمين الى اورشليم الى صدقيا ملك يهوذا .
واوصهم الى سادتهم قائلا :
هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل :
هكذا تقولون لسادتكم.
اني انا صنعت الارض والانسان والحيوان الذي على وجه الارض بقوتي العظيمة وبذراعي الممدودة واعطيتها لمن حسن في عينيّ.
والآن قد دفعت كل هذه الاراضي ليد نبوخذناصّر ملك بابل عبدي واعطيته ايضا حيوان الحقل ليخدمه.
فتخدمه كل الشعوب وابنه وابن ابنه حتى يأتي وقت ارضه ايضا فتستخدمه شعوب كثيرة وملوك عظام.
ويكون ان الامة او المملكة التي لا تخدم نبوخذناصّر ملك بابل والتي لا تجعل عنقها تحت نير ملك بابل اني اعاقب تلك الامة بالسيف والجوع والوبإ يقول الرب حتى افنيها بيده.
فلا تسمعوا انتم لانبيائكم وعرافيكم وحالميكم وعائفيكم وسحرتكم الذين يكلموكم قائلين لا تخدموا ملك بابل.
لانهم انما يتنبأون لكم بالكذب لكي يبعدوكم من ارضكم ولأطردكم فتهلكوا.
والامة التي تدخل عنقها تحت نير ملك بابل وتخدمه اجعلها تستقر في ارضها يقول الرب وتعملها وتسكن بها " ع 1 – 11 .
يرى البعض أن إرميا قد بدأ فى صنع الأنيار والأربطة فى عهد يهوياقيم ، وبعد ذلك أرسلها إلى الملوك المجاورين فى عهد صدقيا الملك .
بدأ حديث إرميا باعلان سلطان يهوه إله إسرائيل على الأرض كلها وشعوبها وكل الخليقة ، ليس بكونه الخالق فقط ، وإنما هو إله التاريخ وصانعه ، وأنه هو الذى أقام نبوخذنصر عبده لغرض إلهى .
تحدث إرميا بيقين ليس معتمدا على تكهنات سياسية ، وإنما باقتناع قوى أن الله رب الجنود هو قائد كل شئون العالم ، له خطته نحو البشر . حقا كان نبوخذنصر شريرا ، ومع ذلك أعطاه الله نصيبا وافرا من خيرات هذا العالم ، ولكن إلى حين .
هذا ما نلمسه كل يوم حين نجد أشرارا ناجحين ، فنصرخ مع المرتل ، قائلين : " لماذا تنجح طريق الأشرار ؟! " ... يستخدم الله أحيانا نجاحهم لتأديب أولاده مع نزع كل عذر للأشرار عن شرهم .
( 2 ) نصيحة لصدقيا الملك
" وكلمت صدقيا ملك يهوذا بكل هذا الكلام قائلا :
ادخلوا اعناقكم تحت نير ملك بابل واخدموه وشعبه واحيوا.
لماذا تموتون انت وشعبك بالسيف بالجوع والوبإ كما تكلم الرب عن الامة التي لا تخدم ملك بابل ؟!
فلا تسمعوا لكلام الانبياء الذين يكلمونكم قائلين لا تخدموا ملك بابل لانهم انما يتنبأون لكم بالكذب.
لاني لم ارسلهم يقول الرب بل هم يتنبأون باسمي بالكذب لكي اطردكم فتهلكوا انتم والانبياء الذين يتنبأون لكم " ع 12 – 15 .
يكرر إرميا ما قاله لرسل الملوك لصدقيا الملك ، حتى يبدو كمن هو عميل لبابل وخائن لبلده .
كان من الصعب على أى يهودى خاصة الملك أن يسمع تلك الكلمات : " ادخلوا أعناقكم تحت نير ملك بابل " ، فقد عرفوا أن الله إلههم هو المحرر من نير العبودية ( لا 26 : 13 ) ، فكيف يطلب منهم أن ينحنوا ليدخلوا أعناقهم تحت نير ملك وثنى ؟! إنها علامة غضب الله ؟!
كانت إحدى اللعنات التى يسقط تحتها الشعب فى عصيانه للوصية هى :
" تستعبد لأعدائك الذين يرسلهم الرب عليك .. فيجعل نير حديد على عنقك حتى يهلكك ، يجلب الرب عليك أمة من بعيد من أقصاء الأرض كما يطير النسر ، أمة لا تفهم لسانها ... " ( تث 28 : 48 الخ ) .
لم يسمع صدقيا له ، فكان مصيره السبى ( 587 ق . م . ) بعد قتل أولاده أمام عينيه ، وفقأت عيناه ( 2 مل 25 : 1 – 7 ) . لماذا أمرهم الله بالخضوع لنير بابل ؟
أدرك إرميا بالاعلان الإلهى أن هذه هى إرادة الله وحكمته ولا يقدر الإنسان أن يقف أمامها .
لعل الله أمرهم بذلك لكى يكتشفوا خلال المذلة لنير بابل النير الداخلى الذى سقطوا تحته ، وهو نير الخطية .
( 3 ) حديث مع الكهنة والشعب
" وكلمت الكهنة وكل هذا الشعب قائلا :
هكذا قال الرب.
لا تسمعوا لكلام انبيائكم الذين يتنبأون لكم قائلين ها آنية بيت الرب سترد سريعا من بابل.لانهم انما يتنبأون لكم بالكذب.
لا تسمعوا لهم.
اخدموا ملك بابل واحيوا.
لماذا تصير هذه المدينة خربة ؟!
فان كانوا انبياء وان كانت كلمة الرب معهم فليتوسلوا الى رب الجنود لكي لا تذهب الى بابل الآنية الباقية في بيت الرب وبيت ملك يهوذا وفي اورشليم .
لانه هكذا قال رب الجنود عن الاعمدة وعن البحر وعن القواعد وعن سائر الآنية الباقية في هذه المدينة التي لم يأخذها نبوخذناصّر ملك بابل عند سبيه يكنيا بن يهوياقيم ملك يهوذا من اورشليم الى بابل وكل اشراف يهوذا واورشليم.
انه هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل عن الآنية الباقية في بيت الرب وبيت ملك يهوذا وفي اورشليم .
يؤتى بها الى بابل وتكون هناك الى يوم افتقادي اياها يقول الرب فاصعدها واردها الى هذا الموضع " ع 16 – 22 .
يقصد بالأعمدة العمودين النحاسيين اللذين وضعهما سليمان فى رواق الهيكل فى المدخل ، طول العمود الواحد ثمانية عشر ذراعا ( 1 مل 7 : 15 – 22 ) . أما البحر فكان من النحاس دائرى الشكل قطره عشر أذرع ، يحوى ماء يستخدم فى غسلات مختلفة أثناء العبادة ، وكان قائما على أثنى عشر ثورا ، ربما هذه الثيران هى التى تدعى هنا بالقواعد ( 1 مل 7 : 22 – 25 ) .
إن كان الله يؤكد السبى البابلى والأستيلاء على بقية آنية الرب وآنية بيت الملك لكنه يفتح باب الرجاء أمامهم ، قائلا : " إلى يوم افتقادى إياها " ع 22 . وقد تحقق ذلك فى أيام كورش حيث حث الله قلبه أن يحقق هذه النبوة ( عز 1 : 7 ، 7 : 19 ) .
لم يكن إرميا النبى متشائما كما يظن البعض ، فإنه فى أحلك لحظات الظلمة لم يفقد ثقته فى وعود الله بالخلاص . هكذا يليق بالمؤمن أن تستنير نفسه بالمواعيد الإلهية ، فتتهلل أعماقه ، متأكدا أن خطة الله الخلاصية ستتم حتما ، بغض النظر عن الظروف القائمة أو ما سيحل فى المستقبل القريب .... لنتتظر الرب ، فإنه حتما سيخلص فى الوقت المعين !
هكذا عاشت الكنيسة الأولى وسط الأضطهاد المر مملوءة رجاء فى عمل الله معها عبر الأجيال وثقتها فى نعمة الله الغنية التى تتحدى الزمن !
+ + +
+ دفعت بشعبك تحت نير بابل القاسى ،
لعلهم يدركون بالحق نير الخطية الداخلى ،
يدركون مرارة عبوديتها ،
ويشعرون بقساوة عنفها ،
فيصرخون إليك أيها المخلص محرر النفوس !
+ نير تأديبك الإلهى يكشف عن نير الخطية المر .
لكنك وأنت القدوس بالحب حملته عنى !
أراك على الصليب حاملا نيرى !
يا لك من مخلص عجيب !
+ حملت نيرى ،
هب لى شرف حمل نيرك ،
نيرى نير الخطية القاتل ،
نيرك نير الحب الباذل واهب الحياة !
نيرى عار وخزى ،
ونيرك مجد وبهاء !
+ لأحمل نيرك فيحملنى هو !
لقبل آلام صليبك ، فيرفعنى صليبك إليك ،
ويدخل بى إلى حضن أبيك !
+ حقا نيرك هين وعذب !
به ألتقى بك أيها المصلوب !
به اتمتع ببهجة قيامتك ،
به أتعرف على أسرارك ،
به أنعم بالأحضان الأبوية ،
وشركة الأمجاد الإلهية .
+ + + |
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح الثامن والعشرون -إرميا يقف ضد حننيا الإثنين فبراير 19, 2007 10:58 pm | |
|
إرميا – الإصحاح الثامن والعشرون
إرميا يقف ضد حننيا
فى عام 594 ق . م . كان لإرميا النبى مقابلة مع حننيا بن عزوز أحد الأنبياء الكذبة ، هذا الذى نسب للــه كلاما باطلا حيث نادى بأن نير ملك بابل ينكسر فى خلال سنتين ، وسترد آنية بيت الرب ويرجع يكنيا الملك وكل المسبيين من يهوذا . كان يظن أنه بهذا يواسى الشعب ويرفع من روحه المعنوية ، كما يكسب شعبية على حساب الحق الإلهى .
( 1 ) كلمات حننيا الكاذبة
" وحدث في تلك السنة في ابتداء ملك صدقيا ملك يهوذا في السنة الرابعة في الشهر الخامس ان حننيا بن عزور النبي الذي من جبعون كلمني في بيت الرب امام الكهنة وكل الشعب قائلا :
هكذا تكلم رب الجنود اله اسرائيل قائلا :
قد كسرت نير ملك بابل .
في سنتين من الزمان ارد الى هذا الموضع كل آنية بيت الرب التي اخذها نبوخذناصّر ملك بابل من هذا الموضع وذهب بها الى بابل.
وارد الى هذا الموضع يكنيا بن يهوياقيم ملك يهوذا وكل سبي يهوذا الذين ذهبوا الى بابل يقول الرب لاني اكسر نير ملك بابل " ع 1 – 4 .
تم هذا الحدث حوالى عام 594 ق . م . بعد حوار إرميا مع رسل الملوك بمدة قصيرة . وكان إرميا لا يزال يضع النير على عنقه بأربطته حتى يذكر الكل بما تنبأ عنه ، الأمر الذى لم يحتمله الأنبياء الكذبة .
كلمة " حننيا " تعنى " يهوه حنان " أو " واهب نعمة " ، لكن حننيا أعلن حنان الله بطريقة خاطئة ، حيث قاوم نبوات إرميا الصادقة .
إذ حل السبى لم يعد ممكنا للأنبياء الكذبة إنكاره كما فعلوا قبلا فى مقاومتهم الأنبياء الحقيقيين ومن بينهم إرميا ، لذلك نادى حننيا بأنه وإن كان قد تم السبى لكنه لن يستمر أكثر من عامين فقط . بتحديده الرقم حاول الإيحاء بتأكيد نبواته ، إذ يتكلم كما بأرقام ثابتة ودقيقة كمن هو واثق من صدق رسالته . هذا بجانب استخدامه نفس تعبيرات إرميا النبى بقوله : " هكذا تكلم رب الجنود إله إسرائيل " ع 2 . بينما يتكلم بروح الكذب ، إذا به يتستر باسم الرب وروح الحق .
يلاحظ فى حديث حننيا أنه يعطى لآنية بيت الرب أولوية عن الملك وكل الشعب !
وكأن ما يشغله بالأكثر هى الآنية الثمينة ، حقا لهذه الآنية قدسيتها حتى فى عينى الله ، لكنه يقدسها من أجل شعبه ، فإن استهان الشعب بأن يكون مقدسا كهيكل حى للرب ، هل يهتم الله بالأوانى ؟! إنه يطلبنا نحن أولا بكوننا الآنية الفخارية التى تحمله فى داخلها ، كنزنا السماوى !
( 2 ) إرميا يعلق على كلماته
" فكلم ارميا النبي حننيا النبي امام الكهنة وامام كل الشعب الواقفين في بيت الرب .
وقال ارميا النبي : آمين.هكذا ليصنع الرب.ليقم الرب كلامك الذي تنبأت به فيرد آنية بيت الرب وكل السبي من بابل الى هذا الموضع.
ولكن اسمع هذه الكلمة التي اتكلم انا بها في اذنيك وفي آذان كل الشعب.
ان الانبياء الذين كانوا قبلي وقبلك منذ القديم وتنبأوا على اراض كثيرة وعلى ممالك عظيمة بالحرب والشر والوبإ .
النبي الذي تنبأ بالسلام فعند حصول كلمة النبي عرف ذلك النبي ،
ان الرب قد ارسله حقا " ع 5 – 9 .
أغلب الظن أن جواب إرميا تهكمى فيه استخفاف بما ينطق به النبى الكاذب .
مع أنه كان له بحق أن يضيف " آمين " إلى كلام حننيا ، لأنه كان يحب شعبه والهيكل ويتمنى لهما الخير ، إرميا النبى كمحب لشعبه ورجل وطنى كان يشتهى أن ما قاله حننيا يكون صادقا ، فعندما كان يقول : " آمين " يقصدها من كل قلبه ، لكنه كان يدرك أنها نبوة كاذبة تناقض الحق الإلهى ! لقد سبق فأعلن عن حبه لشعبه أمام الرب ، قائلا : " أما أنا فلم اعتزل عن أن أكون راعيا وراءك ولا اشتهيت يوم البلية . أنت عرفت ! ما خرج من شفتى كان مقابل وجهك " ( 17 : 16 ) .
لم يكن ممكنا للشعب أن يميز بين النبيين أيهما صادق وأيهما كاذب ، فقد تنبأ الإثنان باسم الرب .
قدم إرميا برهانين على صدق نبوته :
أولا : اعتمد على كلمات الأنبياء السابقين له ، موضحا أن ما قاله حننيا مناقض لنبواتهم . هؤلاء الأنبياء هم يوئيل وعاموس وهوشع وميخا وصفنيا وناحوم وحبقوق وغيرهم . هؤلاء جميعا أعلنوا أن شرا سيحل بالشعب الذى سلك فى الفساد ولم يتب .
ثانيا : أعلن أن الزمن وحده يكشف الحق من الباطل .
يرى إرميا النبى أن إسرائيل كشعب خاص منسب لله يلزمه الطاعة والحياة المقدسة مع الشعور بالمسئولية والإلتزام .
( 3 ) حننيا يكسر النير الخشبى
" ثم اخذ حننيا النبي النير عن عنق ارميا النبي وكسره.
وتكلم حننيا امام كل الشعب قائلا :
هكذا قال الرب :
هكذا اكسر نير نبوخذناصّر ملك بابل في سنتين من الزمان عن عنق كل الشعوب.
وانطلق ارميا النبي في سبيله " ع 10 – 11 .
كان حننيا واثقا فى نفسه لكنه كان غاضبا من كلمات إرميا ، وقد عبر عن رأيه بكسر النير الخشبى الذى وضعه إرميا على عنقه ( 27 : 2 ) .
لقد ظن حننيا أنه بحماسه الشخصى يغلب إرميا .
( 4 ) الله يقيم نيرا حديديا
" ثم صار كلام الرب إلى أرميا النبى بعد ما كسر حننيا النبى النير عن عنق إرميا النبى قائلا :
اذهب وكلم حننيا قائلا :
هكذا قال الرب :
قد كسرت انيار الخشب وعملت عوضا عنها انيارا من حديد.
لانه هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل.
قد جعلت نيرا من حديد على عنق كل هؤلاء الشعوب ليخدموا نبوخذناصّر ملك بابل فيخدمونه وقد اعطيته ايضا حيوان الحقل " ع 12 – 14 .
لم يجب إرميا النبى على تصرفات حننيا بسرعة .
لم يكن النبى الحقيقى حالما ولا رجل سياسة لكنه استلم الإجابة من يهوه مباشرة ، وهى ذات الكلمة التى سبق فاستلمها . إن كان حننيا قد كسر النير الخشبى هوذا الله يقدم نيرا حديديا لا ينكسر ، يضعه على عنق جميع الأمم .
إن كانوا بالتمرد قد ألقوا عنهم النير الخشبى وكسروه لكنهم عوض التمتع بالراحة والحرية انحنوا لنير حديدى لا ينكسر !
يؤكد إرميا النبى أن الله يقيم نيرا حديديا ليس فقط على عنق يهوذا والأمم المحيطة بل وأيضا على عنق حيوانات الحقل ( ع 14 ) أو الوحوش .
بينما يتنبأ حننيا كذبا أنه خلال عامين ترد أوانى بيت الرب ويرجع الملك والشعب المسبى ، إذا بإرميا يؤكد أنه فى خلال سنة يعود نبوخذنصر ليستولى على بقية أوانى بيت الرب ويسبى البقية ، ولن يتم أى إصلاح إلا بعد سيعين عاما من السبى . هذا ولم يعش حننيا عامين ليرى النصرة كما ظن إنما مات بعد شهرين وانحدر بكذبه إلى الهلاك
( 5 ) إرميا يقف ضد حننيا
" فقال ارميا النبي لحننيا النبي اسمع يا حننيا.
ان الرب لم يرسلك وانت قد جعلت هذا الشعب يتكل على الكذب.
لذلك هكذا قال الرب :
هانذا طاردك عن وجه الارض.
هذه السنة تموت لانك تكلمت بعصيان على الرب.
فمات حننيا النبي في تلك السنة في الشهر السابع " ع 15 – 17 .
أكد إرميا عمليا أن الله لم يرسل حننيا ليتنبأ وسط شعبه إنما ها هو يرسله سريعا إلى الموت مطرودا حتى من وجه الأرض . إنه غير مشتحق لخدمة الكهنوت ، ولا حتى لممارسة الحياة اليومية كإنسان ، لأنه يقاوم الحق الإلهى باسم الله نفسه وبإدعاءات كاذبة . وقد مات فعلا بعد حوالى شهرين من الحوار ، فثبت صدق نبوة إرميا ، ولم يعد هناك عذر لمن سمع لحننيا .
لماذا صدر الحكم : " هأنذا طاردك عن وجه الأرض ؟ " قال أحد آباء البرية :
" من لا يصلح لموضع فالموضع نفسه يطرده " .
+ + +
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح التاسع والعشرون -رسالة إلى المسبيين الإثنين فبراير 19, 2007 11:00 pm | |
|
إرميا – الإصحاح التاسع والعشرون
رسالة إلى المسبيين
لم يقف عمل إرميا النبى عند حدود يهوذا ، إذ كان يمثل الصوت الإلهى الموجه إلى الملك ورجاله وكل القيادات الدينية والمدنية وأيضا إلى الشعب المسبى ، أغنيائه وفقرائه . لم يذهب إليهم بشخصه ويعمل بينهم فى أرض عبوديتهم فقد أقام الله حزقيال النبى لهذه الخدمة ( حز 1 : 1 ) أما إرميا فكان يبعث إليهم رسائله .
حملت رسائل إرميا كلمة توبيخ للأنبياء الكذبة والسالكين وراءهم ، كما قدمت كلمة تشجيع لتعزية من لهم إيمان بمواعيد الله .
( 1 ) رسالة إلى المسبيين .
" هذا كلام الرسالة التي ارسلها ارميا النبي من اورشليم الى بقية شيوخ السبي والى الكهنة والانبياء والى كل الشعب الذين سباهم نبوخذناصّر من اورشليم الى بابل ،
بعد خروج يكنيا الملك والملكة والخصيان ورؤساء يهوذا واورشليم والنجارين والحدادين من اورشليم .
بيد العاسة بن شافان وجمريا بن حلقيا اللذين ارسلهما صدقيا ملك يهوذا الى نبوخذناصّر ملك بابل الى بابل قائلا ..... " ع 1 – 3 .
واضح أن البابليين لم يمنعوا أية اتصالات بين المسبيين والذين بقوا فى يهوذا وإسرائيل ، ويرى بعض الدارسين أن البابليون لم يمارسوا أية وحشية ضد المسبيين .
هذه الرسالة موجهة إلى " بقية الشيوخ " مما يشير أن بعض الشيوخ قد ماتوا فى السبى أو قتلوا أو سجنوا ربما بسبب بعض الأضطرابات المشار إليها فى ع 21 ، 22 . وإن البعض يستبعدون حدوث قتل للشيوخ ، ربما يقصد بالشيوخ هنا البارزين أو الرؤساء .
أرسلت الرسالة بيد إثنين كانا صديقين لإرميا النبى ، أرسلا إلى بابل لتأكيد ولاء صدقيا لنبوخذنصر بعد أن ظهرت حركة تمرد بين الأمم التى فى الغرب ( ص 27 ) ، كان هذان الرسولان مبعوثين من صدقيا المتمرد للتفاوض مع الحاكم البابلى ، إلا أنهما حملا رسالة من ملك أعظم جدا من هذا وذاك ، من رب الجنود ، هذا الذى يتنازل للأتصال بشعبه المسبى على هذا النحو .
حملت الرسالة كلمات تشجيع لتثبيت إيمان المسبيين ، وفى نفس الوقت حملت توبيخا للأنبياء الكذبة الذين دأبوا على تقديم آمال زائفة .
فمن جهة التشجيع كتب إرميا النبى :
" هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل لكل السبي الذي سبيته من اورشليم الى بابل.
ابنوا بيوتا واسكنوا واغرسوا جنات وكلوا ثمرها.
خذوا نساء ولدوا بنين وبنات وخذوا لبنيكم نساء واعطوا بناتكم لرجال فيلدن بنين وبنات واكثروا هناك ولا تقلوا.
واطلبوا سلام المدينة التي سبيتكم اليها ،
وصلّوا لاجلها الى الرب لانه بسلامها يكون لكم سلام " ع 4 – 7 .
أ – جاءت الرسالة تناشدهم بقبول الضيقة بكونها من يد الرب ، وأن يمارسوا حياتهم بطريقة طبيعية فى استقرار ، وأن ينتظروا فى خضوع لله لكى ينقذهم فى الوقت المناسب ، لأن السبى مستمر ولن ينتهى فى عامين كما أدعى الأنبياء الكذبة .
كانت غاية الرسالة ألا ينشغلوا بالعودة بل بالتوبة والعبادة ..
يبدو أن الكآبة قد حلت بالمسبيين لشعورهم بأنهم خطاة أكثر من كل الذين بقوا فى أورشليم ، لذا كانت هذه الرسالة للتعزية ، وحث الشبان على الزواج ، لكنه لا يعنى الزواج من البابليات .
ب – يؤكد إرميا النبى أن هذه الرسالة مقدمة من " رب الجنود إله إسرائيل " ع 4 . فلم يكن إرميا إلا مجرد كاتب أو ناسخ لها .
جـ - إن كان يؤكد :
" كل السبى الذى سبيته " ع4 ، " المدينة التى سبيتكم إليها " ع 7 ، فإنه هو الذى سمح بالسبى ليس لضررهم ولا حدث اعتباطا بل لخيرهم وبخطة إلهية .
د – سمع صدقيا بإرسال هذه الرسالة إلى المسبيين دون أن يقاومها ، ربما إذ مات حننيا ( إر 28 : 17 ) شعر الملك بخطورة مقاومة النبى .
هـ - يليق بهم أن يصلوا لأجل خير مملكة بابل وثباتها ع 7 . فقد صاروا كجزء منها .
يمكننا القول أن ما ورد هنا يعتبر تذوق سابق للفكر الإنجيلى الخاصة بمحبة الأعداء والخضوع للرئاسات أيا كانت كما جاء فى رسالة القديس بطرس الأولى 1 بط 2 : 13 ، 16 .
يبدو أن بعض المسبيين التجأوا إلى بعض العرافين لتحقيق الأحلام ، لكن الله حذرهم من ذلك .
" لانه هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل :
لا تغشكم انبياؤكم الذين في وسطكم وعرافوكم ،
ولا تسمعوا لاحلامكم التي تتحلمونها.
لانهم انما يتنبأون لكم باسمي بالكذب.
انا لم ارسلهم يقول الرب " ع 8 ، 9 .
أكدت الرسالة العودة بعد سبعين عاما .
" لانه هكذا قال الرب :
اني عند تمام سبعين سنة لبابل اتعهدكم واقيم لكم كلامي الصالح بردكم الى هذا الموضع. لاني عرفت الافكار التي انا مفتكر بها عنكم يقول الرب ،
افكار سلام لا شر لاعطيكم آخرة ورجاء " ع 11 – 14 .
إن كان تمام السبعين عاما حيث ينتهى السبى يشير إلى ملء الأزمنة حيث جاء مسيحنا يعلن : " إن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحرارا " ، فبمجيئه نطلب الآب فنجده فينا ، حيث تمت مصالحتنا واتحادنا معه فى إبنه الوحيد خلال الصليب . لقد غير مسيحنا قلبنا ، وها هو يجدده بروحه القدوس ، فنطلب الله بكل قلوبنا بكونه شهوة نفوسنا . بهذا يتحقق الوعد الإلهى :
" فتدعونني وتذهبون وتصلّون اليّ فاسمع لكم.
وتطلبونني فتجدونني اذ تطلبونني بكل قلبكم.
فأوجد لكم يقول الرب وارد سبيكم واجمعكم من كل الامم ومن كل المواضع التي طردتكم اليها يقول الرب واردكم الى الموضع الذي سبيتكم منه " ع 12 ، 13 .
ربما ظن بعض اليهود أن الله لا يسمع لهم لأنهم مستبعدون من مدينة الله ، أورشليم ، ومن هيكله . هنا يؤكد إرميا النبى أن الله يطلب القلب لا المكان .
يؤكد الله لشعبه أنه هو غاية طلبهم ، قائلا :
" وتطلبونني فتجدونني اذ تطلبونني بكل قلبكم ،
فأوجد لكم يقول الرب "
يأتى الحديث عن الباقين بأورشليم .
" لانكم قلتم قد اقام لنا الرب نبيين في بابل .
فهكذا قال الرب للملك الجالس على كرسي داود ولكل الشعب الجالس في هذه المدينة اخوتكم الذين لم يخرجوا معكم في السبي .
هكذا قال رب الجنود :
هانذا ارسل عليهم السيف والجوع والوبأ واجعلهم كتين رديء لا يؤكل من الرداءة. والحقهم بالسيف والجوع والوبإ واجعلهم قلقا لكل ممالك الارض حلفا ودهشا وصفيرا وعارا في جميع الامم الذين طردتهم اليهم " ع 15 – 18 .
إذ تحدث عن الباقين فى يهوذا أشار إلى الملك بقوله : " الملك الجالس على كرسى داود " ع 16 . ليؤكد لهم أن بقاء الملك على كرسى داود لا يعنى رضاء الرب عنه . فقد قيل عن نسل داود : " إن ترك بنوه شريعتى ولم يسلكوا بأحكامى ... افتقد بعصا معصيتهم وبضربات إثمهم ، أما رحمتى فلا أنزعها عنه ولا أكذب من جهة أمانتى ، لا أنقض عهدى ولا أغير ما خرج من شفتى " مز 89 : 30 – 34 .
بمعنى آخر ، يقول لهم إنى أرسل السيف والوباء والجوع على الملك والشعب الباقى معه ، ثم أطردهم إلى كل الأمم . سيكون حالهم أشر مما أنتم عليه !
إن فترة السبى الطويلة ذات فائدة روحية فقد أنجبت رجالا لله شهودا أمناء أمام الأباطرة والشعب الغريب الجنس ، مثل دانيال النبى والثلاثة فتية القديسين ومردخاى واستير ونحميا وعزرا والأعداد الراجعة إلى أورشليم فى غيرة ونقاوة قلب .
" من اجل انهم لم يسمعوا لكلامي يقول الرب اذ ارسلت اليهم عبيدي الانبياء مبكرا ومرسلا ولم تسمعوا يقول الرب " ع 18 – 19 .
لم يتوقف الله عن إرسال عبيده الأنبياء لتحذيرهم ، إنه يكرر الرسالة طالبا توبتهم .
" وانتم فاسمعوا كلمة الرب يا جميع السبي الذين ارسلتهم من اورشليم الى بابل.
هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل عن اخآب بن قولايا وعن صدقيا بن معسيا اللذين يتنبآن لكم باسمي بالكذب.
هانذا ادفعهما ليد نبوخذراصر ملك بابل فيقتلهما امام عيونكم.
وتؤخذ منهما لعنة لكل سبي يهوذا الذين في بابل فيقال يجعلك الرب مثل صدقيا ومثل اخآب اللذين قلاهما ملك بابل بالنار.
من اجل انهما عملا قبيحا في اسرائيل وزنيا بنساء اصحابهما وتكلما باسمي كلاما كاذبا لم اوصهما به وانا العارف والشاهد يقول الرب " ع 20 – 23 .
إن كان الله يرد المسبيين بعد توبتهم ورجوعهم إليه بكل قلوبهم فهو أيضا يؤدب الذين بقوا فى يهوذا ، الذين لم يسمعوا لصوته خلال أنبيائه . إنهم التين الردىء جدا الذى لا يؤكل بسبب ردائته . ( ص 24 ) .
عاد ليتحدث عن الأنبياء الكذبة الذين سبوا ، محددا بالإسم أخاب بن قولايا وصدقيا بن معسيا ، هذان اللذان تكلما بالكذب فسبيا فى عام 597 ق . م . ، وعوض التوبة ارتكبا الزنا مع نساء أصحابهما ، فارتبط فساد كلامهما بفساد سيرتهما ، فاستحقا أن يقليهما نبوخذراصر بالنار ليصيرا عبرة ومثلا للعنة !
استخدمت عقوبة " القلى " أو الإلقاء فى النار " أحيانا خلال تقديس الوثنيين للنار ، كأنهم يقدمون ذبائح بشرية فيها .
( 2 ) رسالة إلى شمعيا
تحدث إرميا إلى ثلاث مجموعات :
الذين أخذوا إلى السبى ( 10 – 14 ) ،
والذين لحقوا بهم بعد ذلك ( 15 – 19 ) ،
ثم الأنبياء الكذبة فى بابل ( 20 – 23 ) ،
وأخيرا رسالة خاصة إلى نبى كاذب يدعى شمعيا .
بعث إرميا رسالة إلى نبى كاذب سبى عام 597 ق . م . يدعى شمعيا النحلامى الذى أرسل رسائل إلى الشعب وإلى صفنيا بن معسيا الكاهن وكل الكهنة يثيرهم ضد إرميا النبى ، ويحتج لدى السلطات فى أورشليم على رسالة إرميا بالقبض عليه ومحاكمته . لا نعرف شيئا عنه ، ربما كان موطنه نحلام وهى غير معروفة أم لا . ربما دعى النحلامى لأنه كان من الحالمين إذ كان يدعى أن الله يتحدث إليه خلال الأحلام ، أو لأنه لقب خاص بأسرته .
لم يرسل شمعيا إلى أرميا النبى ليبرر موقفه أو يعلن توبته إنما كتب ليثير الكل ضده ... كتب كصاحب سلطان بروح العجرفة والكبرياء .
( 3 ) رسالة من شمعيا إلى صفنيا
" وكلم شمعيا النحلامي قائلا :
هكذا تكلم رب الجنود اله اسرائيل قائلا :
من اجل انك ارسلت رسائل باسمك الى كل الشعب الذي في اورشليم والى صفنيا بن معسيا الكاهن والى كل الكهنة قائلا :
قد جعلك الرب كاهنا عوضا عن يهوياداع الكاهن لتكونوا وكلاء في بيت الرب لكل رجل مجنون ومتنبئ فتدفعه الى المقطرة والقيود.
والآن لماذا لم تزجر ارميا العناثوثي المتنبّئ لكم ؟!
لانه لذلك ارسل الينا الى بابل قائلا انها مستطيلة.
ابنوا بيوتا واسكنوا واغرسوا جنات وكلوا ثمرها.
فقرأ صفنيا الكاهن هذه الرسالة في اذني ارميا النبي " ع 24 – 29 .
كان صفنيا فى ذلك الوقت رئيسا لحرس الهيكل . لم يرسل شمعيا باسم الله بل باسمه الشخصى متهما إرميا أنه قد بعث روح الأستكانة والخنوع وسط المسبيين ، إذ طالبهم أن يبنوا بيوتا ويغرسوا جنات كمن هم مستقرين فى بابل .
ليس عجيبا أن يتهم النبى الكاذب رجل الله الحقيقى بأنه قد عين نفسه بنفسه .
كتب شمعيا إلى صفنيا ليثيره حاسبا أن الله أقامه عوض يهوياداع لا لشىء إلا ليضطهد أنبياء الله الحقيقيين مثل إرميا الذى حسبه رجلا مجنونا . هكذا كان الأشرار يحسبون الأنبياء الحقيقيين مختلى العقل ( 2 مل 9 : 11 ، أع 26 : 24 ؛ 2 : 13 ، 15 ، 17 ، 18 ) . كان إرميا رمزا للسيد المسيح الذى أتهم هكذا من أقربائه أنه مختل العقل ( يو 10 : 20 ) .
( 4 ) رسالة إلى المسبيين
" ثم صار كلام الرب الى ارميا قائلا :
ارسل الى كل السبي قائلا :
هكذا قال الرب لشمعيا النحلامي :
من اجل ان شمعيا قد تنبأ لكم وانا لم ارسله وجعلكم تتكلون على الكذب ، لذلك هكذا قال الرب :
هانذا اعاقب شمعيا النحلامي ونسله.
لا يكون له انسان يجلس في وسط هذا الشعب ولا يرى الخير الذي ساصنعه لشعبي يقول الرب لانه تكلم بعصيان على الرب " ع 28 – 32 .
كتب إرميا إلى المسبيين بخصوص النبى الكاذب شمعيا بعبارت تقارب ما كتبه عن حنانيا ( 28 : 15 ، 16 ) ، فقد حرم من الخير النهائى ، أى عودة البقية الأمينة إلى يهوذا والتى كان يمكن أن تشمله هو وبيته . لم يصدر هذا الحكم من إرميا كرغبة فى الأنتقام الشخصى ، إنما هو حكم إلهى صادر من أجل الشعب كله ، وما على النبى إلا إعلانه .
قد نستغرب من صرامة إرميا فى رده على مكتوب شمعيا ( ع 31 ) ، لكن ذلك كان بناء على أمر إلهى ، لكن لا يجوز لنا أن نرد هكذا على مقاومينا ، ولا أن نرجو لهم شرا أو موتا سريعا ( مت 5 : 44 ) .
+ + +
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح الثلاثون -عودة مجيدة الإثنين فبراير 19, 2007 11:01 pm | |
|
إرميا – الإصحاح الثلاثون
عودة مجيدة
جاءت الإصحاحات ( 30 – 33 ) كسفر تعزية [ عن العودة وقيام مملكة يهوذا ] .. تقطع هذه الإصحاحات التسلسل التاريخى لسير الأحداث التى يذكرها باروخ الكاتب ، وهى تمثل مجموعة من أقوال النبى مأخوذة من مراحل مختلفة من خدمته .
تسمى هذه الإصحاحات الأربع " سفر تعزية " ، يمكن أن تدعى " تسبحة نصرة الخلاص والحرية " ، تعبر عن الرجاء المستقبلى أكثر منها الحكم والتأديب كما جاء فى الإصحاحات السابقة .
جاءت مقدمة هذه الإصحاحات ( 30 : 1 – 3 ) تحمل نغمة العزاء المملوء فرحا ، أما قمتها ففى 31 : 31 – 34 .
إن كانت العقوبات قد وجهت ضد يهوذا لكنه يوجه العزاء إلى إسرائيل ويهوذا معا ( 30 : 4 ) ، يقدمه فى شىء من التفصيل لكى ينشغل به المؤمن فى لحظات التأديب فلا يسقط فى حالة قنوط بل يمتلىء رجاء فى الرب .
يعلن الله لنبيه كما لكل نفس مقدسة عن مقاصده من جهة شعبه ، حتى تطمئن وتستريح فى الرب ، مدركة أنه دائما يعمل لبنيان كنيسته ومجدها الأبدى .
( 1 ) مقدمة لسفر التعزية
" الكلام الذي صار الى ارميا من قبل الرب قائلا :
هكذا تكلم الرب اله اسرائيل قائلا.اكتب كل الكلام الذي تكلمت به اليك في سفر.
لانه ها ايام تأتي يقول الرب وأرد سبي شعبي اسرائيل ويهوذا يقول الرب وارجعهم الى الارض التي اعطيت آباءهم اياها فيمتلكونها " ع 1 – 3 .
مقدمة كتبها جامع هذه النبوات ، تحوى الموضوع الرئيسى للرجاء فى التجديد والإصلاح الواردين فى الإصحاحات 30 – 33 .
صدر الأمر الإلهى لإرميا أن يسجل ما يسمعه من الله فى كتاب ، لكى تقرأه الأجيال القادمة ، فمن جانب إذ يتحقق التحرر من السبى بعد السبعين عاما تدرك الأجيال أمانة الله فى وعوده التى ظنها البعض مستحيلة . ومن جانب آخر فإن هذا السبى يمس حياة البشرية عبر العصور .. الكل محتاج أن ينصت إلى وعود الله بالتحرر من سبى الخطية ، والأنطلاق من بابل الزانية إلى أورشليم الداخلية ، أى يتحول القلب من الفساد إلى بر المسيح .
يستخدم تعبير : " ها أيام تأتى " ع 2 فى النبوات عن الأحداث المقبلة سواء فى المستقبل القريب أو الأحداث الآخروية .
الوعد موجه للمملكتين الشمالية ( إسرائيل ) والجنوبية ( يهوذا ) ، إذ ذابا معا فى السبى وعادا كشعب واحد ، وصار الكل تينا جيدا جدا ( ص 24 ) . لعله من خطة الله فى السبى أنه إذ انقسم الشعب إلى مملكتين ، لم يكن هناك طريق للوحدة إلا من خلال نير السبى .
لم يقف الوعد عند عودة الشعب فى وحدة إلى أرض آبائهم ، وإنما صاروا " يمتلكونها " ع 3 . هم يمتلكونها ولكنها لا تمتلكهم !
فقد عاش اليهود خلال الفكر الحرفى تمتلكهم الأرض ، تشغلهم أرض الموعد ككل ومدينة الله أورشليم وهيكله ... لا ليتمتعوا بسكنى الله القدوس فى وسطهم فيتقدسون ، وإنما لممارسة العبادة بحرفية قاتلة . لذلك يؤكد الله لهم : " تمتلكونها " أى تكون هذه العطايا الإلهية بمقدساتها لخدمتكم ، أى لتقديس أعماقكم . يريدنا أن نكون ملوكا مقدسين نحمل سلطانا روحيا .
( 2 ) كارثة يعقوب وخلاصه
" فهذا هو الكلام الذي تكلم به الرب عن اسرائيل وعن يهوذا.
لانه هكذا قال الرب :
صوت ارتعاد سمعنا.خوف ولا سلام.
اسألوا وانظروا ان كان ذكر يضع.
لماذا ارى كل رجل ويداه على حقويه كماخض وتحول كل وجه الى صفرة.
آه ! لان ذلك اليوم عظيم وليس مثله.
وهو وقت ضيق على يعقوب ولكنه سيخلص منه " ع 4 – 7
يوجه حديثه إلى إسرائيل ويهوذا ، فيبدأ بإسرائيل لأنه سبى أولا ، وبالتالى تكون فترة سبيه أطول مما ليهوذا .
بينما ينادى الأنبياء الكذبة أنه سلام وامان ، إذا بالنبى يعلن أنه " صوت ارتعاد ... خوف ولا سلام " ع 5 .
يرى البعض أن " صوت الأرتعاد " ع 5 يشير إلى ما حدث من كورش على بابل ، فقد حدث ارتباك شديد ، ولم يدرك الشعب الأسير ماذا سيكون مصيره . هل هذه الحرب لصالحه أم ضده ؟! هل يفقد ما قد جمعه فى بابل أم يعطيه فرصة للعودة إلى أرض الموعد ؟! دخل يعقوب فى ضيق حين هاجمت جيوش مادى وفارس بكل طاقاتها البابليين ولم يدرك يعقوب أنه يوم خلاص له بواسطة كورش الفارسى .
من هول الكارثة مع العجز عن التصرف وضع كل رجل يديه على حقويه كإمرأة فى حالة مخاض ، وقد صارت وجوههم شاحبة .
يقدم لنا الخلاص فى هذا الإصحاح هكذا :
أ – تمتع بالحرية من نير الخطية ع 8
" ويكون في ذلك اليوم يقول رب الجنود اني اكسر نيره عن عنقك واقطع ربطك ولا يستعبده بعد الغرباء " ع 8
يقدم هذا الوعد الإلهى " رب الجنود " نفسه واهب الحرية ، فهو يكسر النير عن عنقنا ، ويقطع ربطنا ، ولا يعود يستعبدنا غرباء ! لقد أكد السيد المسيح : " إن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحرارا " يو 8 : 36 .
حمل نير الصليب ليكسر نير خطايانا ، وربط جسده على الصليب بالمسامير ، لكى يحل رباطاتنا ، ودفع حياته ودمه ثمنا كى لا نعود نستعبد بعد للغرباء .
ب – تمتع بداود الملك ع 9 :
" بل يخدمون الرب الههم وداود ملكهم الذي اقيمه لهم " ع 9
أين داود الملك ؟ إنه المسيا الملك ( إش 9 : 7 ، لو 1 : 32 ) . يتم الخلاص بمجىء ابن داود المسيا المخلص ، يملك على النفس ويقيم فيها مملكته بالخلاص .
جـ - تمتع بالسلام والرحمة ع 10 :
" اما انت يا عبدي يعقوب فلا تخف يقول الرب .
ولا ترتعب يا اسرائيل ،
لاني هانذا اخلصك من بعيد ونسلك من ارض سبيه فيرجع يعقوب ويطمئن ويستريح ولا مزعج " ع 10
إذ تخضع النفس لداود الملك ، يحملها بكل طاقاتها من بابل ويدخل بها إلى مملكته ، بل ويقيم منها مملكة سلام فائق ، لا يقدر عدو أن يقتحم أسوارها أو ينهب آنيتها المقدسة !
ترجع النفس إلى حضن الآب بيتها الحقيقى بعد زمان تعزيتها ، ويرجع الرب إلى أعماقها ، ويقيم مملكته التى تفيض سلاما بغير توقف .
يلاحظ هنا ( ع 10 ) أنه يؤكد أن الخلاص الممنوح لهم يقدم لهم خلال نسلهم ، لكى لا يظنوا أن العودة تتم فى أيامهم بل فى الأجيال القادمة ، بل بعد إتمام السبعين عاما .
آلام السيد المسيح مع كونها قاسية وعنيفة لكنها نافعة وضرورية لخلاص البشرية .
د – تحويل التأديب إلى خلاص ع 11 :
" لأنى أنا معك يقول الرب لأخلصك .
وان افنيت جميع الامم الذين بددتك اليهم ،
فانت لا افنيك بل اؤدبك بالحق ولا ابرئك تبرئة " ع 11 لماذا يسمح الله بالضيقات ؟
إنها إما لأختبار المؤمنين أو لإصلاحهم أو كعقوبة عن الخطايا ..
حينما يتحدث الله عن أولاده يقول : " لا أفنيك بل أؤدبك " ، أما بالنسبة للأمم فيقول " أفنيهم " . كأن الله فى تأديبه لنا يطلب خلاصنا ونمونا ، لكنه يحطم الأمم ( أى الخطايا ) أو مملكة إبليس التى حتما تنهار أمام مملكة الله !
( 3 ) شفاء جراحات صهيون غير القابلة للبرء
" لانه هكذا قال الرب :
كسرك عديم الجبر وجرحك عضال.
ليس من يقضي حاجتك للعصر ليس لك عقاقير رفادة.
قد نسيك كل محبيك.
اياك لم يطلبوا لاني ضربتك ضربة عدو تأديب قاس ،
لان اثمك قد كثر وخطاياك تعاظمت.
ما بالك تصرخين بسبب كسرك ؟
جرحك عديم البرء لان اثمك قد كثر وخطاياك تعاظمت قد صنعت هذه بك.
لذلك يؤكل كل آكليك ويذهب كل اعدائك قاطبة الى السبي ويكون كل سالبيك سلبا وادفع كل ناهبيك للنهب.
لاني ارفدك واشفيك من جروحك يقول الرب :
لانهم قد دعوك منفية صهيون التي لا سائل عنها " ع 12 – 17 .
كانت هناك أسباب كثيرة تدعو إلى اليأس ، ... ولكن بقى طبيب واحد هو الله مخلص شعبه الصانع العجائب ، إله المستحيلات الذى يقدم نفسه بلسانا لهم فيشفيهم . والعجيب أنه يتقدم من تلقاء نفسه ( ع 7 ) كطبيب للنفس ومحرر لها .
إنه يفتش عن المجروحين والمسبيين والمطرودين والمرذولين ... حين تقف كل الأذرع البشرية عاجزة تظهر يد المسيا المخلصة والشافية .
لكى يؤكد الحاجة إلى تدخل إلهى للأصلاح أوضح خطورة الموقف . إنها فى حالة لا يرجى اصلاحها ، ولا يوجد من يهتم بها . جرحت بسبب خطاياها ، ووسط هذه الجراحات فقدت حتى محبيها الذين اشتركت معهم فى الخطايا ... فازدادت الآلام آلاما .
فجأة يتحول إرميا من الحديث عن العقوبة والتأديب إلى اعلان الخلاص ( ع 15 ، 16 ) الله يستخدم نبوخذنصر عبده ليتمم مقاصده بتأديب شعبه بعدئذ يأتى الوقت ليسلم بابل للدينونة .
بهذا تصير الجراحات التى بلا شفاء قابلة للشفاء ( ع 17 ) ، فإن الغير مستطاع عند الناس مستطاع لدى الله ( مر 10 : 27 ) .
لقد سمح الله بقيام بابل لتحطيم أشور ،
وقيام مادى وفارس لتحطيم بابل ،
وقيام اليونانيين ( اسكندر المقدونى ) لتحطيم فارس ومصر ( فرعون ) الخ ....
هكذا تنهار كل قوى العالم وتحطم بعضها البعض ، أما النفس التى تلتصق بالله مخلص العالم فتنال قوة فوق قوة ، ومجدا فوق مجد ! .
الشفاء الروحى أحد المكونات الأساسية لعمل الله الخلاصى فى المسيح ( يوئيل 2 : 25 )
إذ تشفى النفس من حراحاتها المستعصية وذلك بجراحات المصلوب لا تعود بعد تدعى " منفية صهيون التى لا سائل عنها " ع 17 .
( 4 ) اصلاح يعقوب
" هكذا قال الرب :
هانذا ارد سبي خيام يعقوب وارحم مساكنه وتبنى المدينة على تلّها والقصر يسكن على عادته.
ويخرج منهم الحمد وصوت اللاعبين ،
واكثرهم ولا يقلون واعظمهم ولا يصغرون.
ويكون بنوهم كما في القديم وجماعتهم تثبت امامي واعاقب كل مضايقيهم.
ويكون حاكمهم منهم ويخرج واليهم من وسطهم واقربه فيدنو اليّ لانه من هو هذا الذي ارهن قلبه ليدنو اليّ يقول الرب.
وتكونون لي شعبا وانا اكون لكم الها " ع 18 – 22
يقدم لهم وعود إلهيـــة ثابتــة :
- يتمتع الشعب بالقلب الجديد الذى يطيع العهد .
- ينزع الله عنهم أغلال السبى والعبودية .
- يعاقب الله الذين سبوهم .
- يردهم إلى أرضهم فى سلام مع بركات وعطايا .
- يرد سبى خيام يعقوب .
- اعادة بناء المدينة والقصر الملكى ( ع 18 ) . عوض الخيام تقام مبان للأستقرار ، ويعاد بناء الهيكل والقصر الملكى ... هذا ما حدث بعد عودة الشعب من بابل .
- تتحول حياتهم إلى الفرح والتسبيح ( ع 19 ) . وكما قيل بزكريا النبى : " سيجلس بعد الشيوخ والشيخات فى أسواق أورشليم كل إنسان منهم عصاه بيده من كثرة الأيام . وتمتلىء أسواق المدينة من الصبيان والبنات لاعبين فى أسواقها " ( زك 8 : 4 ، 5 ) .
- يباركهم فينمون ويكثرون ( ع 19 ) .
- يعظمهم فلا يصغرون ( ع 19 ) .
- يثبت بنوهم أمام الرب ( ع 20 ) .
- يجعل منهم حكاما وولاة ( ع 21 ) ، ويقوم الله نفسه برعايتهم إذ يهتم بسلامة قطيعه ( إش 40 : 11 ) .
- يقتربون من الله ويصيرون له شعبا وهو إلها لهم ( ع 22 ) .
( 5 ) ادراك مقاصد الله
" هوذا زوبعة الرب تخرج بغضب نوء جارف.
على راس الاشرار يثور.
لا يرتد حمو غضب الرب حتى يفعل وحتى يقيم مقاصد قلبه.
في آخر الايام تفهمونها " ع 23 – 24 .
ماذا يعنى بزوبعة الغضب الإلهى التى تحل برأس الأشرار إلا الأنهيار والدمار الذى يحل بملك بابل ؟! إذ يحل الغضب على الرأس ينهار الجسد كله !
لنسلم رؤوسنا فى يد الله الذى يقدسها ، فتحل عليها البركة لا اللعنة ، عندئذ يتقدس الجسد كله . أقصد بالرأس هنا " الفكر " ، حيث تمتص أفكارنا فى الرب ، وتنسحب إلى سمواته وتحمل حياتنا السمة السماوية .
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: رد: تفسير سفــــــر إرميـــــــا -لسفر إرميا أهمية خاصة تمس حياة الإثنين فبراير 19, 2007 11:29 pm | |
|
إرميا – الإصحاح الحادى والثلاثون
العهد الجديد
يظن بعض الدارسين أن أغلب ما ورد فى هذا الإصحاح كتبه إرميا النبى لمملكة إسرائيل وذلك قبل السبى الأول ليهوذا سنة 597 ق . م . وأن الأشارة إلى يهوذا ( ع 3 – 4 ) ، وصهيون ( ع 17 ) وكل عشائر إسرائيل ( ع 1 ) جاءت كإضافة فيما بعد لكى ينطبق الحديث على كل شعب الله .
يعتبر هذا الإصحاح تكملة للإصحاح السابق حيث يتحدث بالتفصيل عن وعود الله لشعبه الذى يخرجه من الأسر ويأتى به إلى الحرية ، أو ينطلق به من أرض الغربة القاسية إلى الله نفسه " الرب برنا " !
( 1 ) وهود لكل عشائر شعبه
" في ذلك الزمان يقول الرب اكون الها لكل عشائر اسرائيل ،
وهم يكونون لي شعبا " ع 1 .
بقولـه [b]" فى ذلك الزمان " يشير إلى إر 30 : 24 " فى آخر الأيام " ، أى فى المستقبل المسيانى . يبدأ بذلك كنعمة إلهية وأساس للكمال والإصلاح خلال المحبة الإلهية وأمانته فى وعوده لشعبه . هذه الوعود اإلهية هى :
أ – يقيمهم شعبه :
يكمل إرميا النبى حديثه السابق عن مقاصد الله التى يعلنها موضحا أنه : يكون هو إلها لكل العشائر ، وهم يكونون له شعبا ، ينسب نفسه إليهم ، وينسبهم إليه .
" هوذا مسكن الله مع الناس ، وهو سيسكن معهم ، وهم يكونون له شعبا ، والله نفسه يكون معهم إلها " رؤ 21 : 3 .
ب – يهبهم نعمته وراحته مقدما لهم خروجا جديدا :
" هكذا قال الرب :
قد وجد نعمة في البرية الشعب الباقي عن السيف اسرائيل حين سرت لاريحه " ع 2 .
الوعد المقدم هو أن يجد الشعب " نعمة " ع 2 ، هذه التى سبق فنالها آباؤهم حين اخرجهم الرب فى البرية وحررهم من عبودية فرعون وقد جاء التعبير " وجد نعمة " خمس مرات فى قصة الخروج ( خر 33 : 12 – 17 ) .
جاء عمل المسيا المخلص كخروج حقيقى فيه يقدم المخلص نفسه فصحا للبشرية كى تتحرر من عبودية إبليس وتنطلق تحت قيادة روحه القدوس فى برية هذا العالم حتى تجد راحة فى حضن الآب .
جـ - قصة حب أبوى أبدى !
" تراءى لي الرب من بعيد.
ومحبة ابدية احببتك ،
من اجل ذلك ادمت لك الرحمة " ع 3 .
تطلع النبى إلى عمل الله الخلاصى فرأى الرب يعمل " من بعيد " ع 3 ، أى منذ القدم .. قصة الحب الإلهى قصة قديمة متجددة على الدوام ، ربما قال " من بعيد " لأن الإنسان ظن أنه منسى فى أرض السبى بعيدا جدا عن أرض الموعد !
تبقى مراحم الله مستمرة عبر الزمن لأن محبته أو خلاصه أبدى !
د- يجعلهم بناء إلهيا
" سابنيك بعد فتبنين يا عذراء اسرائيل " ع 4 .
إن كان الشعب قد صار كإمرأة زانية استحق التأديب بالسبى البابلى ، إلا أن الله فى أمانته يقيمه عذراء مقدسة ( ع 4 ) ، يبنيها بنفسه كهيكل مقدس له .
هـ - يجعلها عروسا متهللة ( ع 4 )
" تتزينين بعد بدفوفك وتخرجين في رقص اللاعبين " ع 4
زينتها الفرح المستمر ، تخرج دوما لتجد النفوس المحيطة ترقص وتتهلل بالرب العامل فيها وفيهم ! بعد أن علقت قيثاراتها على الصفصاف فى بابل كى لا ترنم تسبحة جديدة فى أرض غريبة ( مز 137 : 4 ) ها هى تمسك بالدفوف بين أصابعها لتسبح الرب بأعمال الحب ، وتتزين بالفرح الروحى ، وتعيش فى تهليل لا ينقطع .
ز – غرس الكروم
" تغرسين بعد كروما في جبال السامرة.
يغرس الغارسون ويبتكرون " ع 5 .
الأرض التى سبق فخربها العدو عندما هاجمها وسباها ، محولا الحقول إلى مراعى غنم ومسكنا للوحوش ، الآن تعود لتغرس كروما . لقد عبدوا البعل إله الخصوبة فحل بهم القحط ، وصارت أراضيهم خرابا ، الآن يردهم الرب ويهب أرضهم خصوبة .
ح – شركة عبادة مفرحة
" لانه يكون يوم ينادي فيه النواطير في جبال افرايم :
قوموا فنصعد الى صهيون الى الرب الهنا " ع 6 .
لم يعد المراقبون يضربون بالبوق ليعلنوا عن مجىء العدو الذى يسبى ، وإنما ليعلنوا عن قدوم الشعب من كل موضع ليصعدوا إلى صهيون يتمتعون بالرب إلهنا ( ع 6 ) .
( 2 ) عودة إسرائيل إلى أرضه
إن كان إرميا قد تنبأ عن خراب الهيكل خلال السبى فهو ليس ضد الهيكل ولا مقاوم للعبادة الجماعية ... إنه يترقب عبادة روحية متهللة تضم الشعب القادم من أقاصى المسكونة بروح الفرح والوحدة .
" لانه هكذا قال الرب :
رنموا ليعقوب فرحا واهتفوا براس الشعوب.
سمعوا سبحوا وقولوا خلص يا رب شعبك بقية اسرائيل " ع 7 .
يقدم لنا عودة من السبى مملوءة بروح النصرة ، عبر عنها يعقوب بهتافات الفرح والتسبيح ( ع 7 ) ، حاسبا نفسه " رأس الشعوب " أو أولها ، وهو تعبير يحمل روح الفخر ( عا 6 : 1 ) .
" هانذا آتي بهم من ارض الشمال واجمعهم من اطراف الارض.
بينهم الاعمى والاعرج الحبلى والماخض معا.
جمع عظيم يرجع الى هنا " ع 8 .
هذا الخروج العظيم من السبى يصحبه بناء من وسط الأنقاض والتدمير الكامل فتخرج مدينة فائقة البهاء ، هذا الخلاص أو الخروج العظيم لا يعتمد على ذراع بشرى .
يأتى الله بالأعمى فيكون له عينا ، يريه الطريق ويدخل به إلى المجد !
يأتى بالأعرج كمن يحمله على الأذرع الإلهية ليمارس العمل الفائق بقوة .
يأتى بالحبلى والماخض العاجزتين عن الحركة لمتار قليلة ليسرع بهما لا إلى أميال بل إلى الخروج من محبة العالم إلى السماء عينها !
" بالبكاء يأتون وبالتضرعات اقودهم ،
اسيّرهم الى انهار ماء في طريق مستقيمة لا يعثرون فيها.
لاني صرت لاسرائيل ابا وافرايم هو بكري " ع 9 .
يدعو الله نفسه " أب إسرائيل " ليؤكد أن ما سمح به من تأديب خلال السبى إنما هو تأديب أبوى ، زأن الله يتطلع إلى شعبه بكره " الأبن البكر " . لقد دعى أفرايم ( إسرائيل ) البكر ليس لكى يقدمه على يهوذا ، وإنما ليؤكد اعتزازه به كإبن بكر ... كلاهما " إسرائيل ويهوذا " ابن واحد بكر .
يدعو الله الأمم والجزائر البعيدة ( ع 10 ) أن تشهد الحدث العجيب ( إش 42 : 10 ؛ 49 : 1 ) .
" اسمعوا كلمة الرب ايها الامم واخبروا في الجزائر البعيدة وقولوا :
مبدد اسرائيل يجمعه ويحرسه كراع قطيعه.
لان الرب فدى يعقوب وفكه من يد الذي هو اقوى منه.
فياتون ويرنمون في مرتفع صهيون ويجرون الى جود الرب على الحنطة وعلى الخمر وعلى الزيت وعلى ابناء الغنم والبقر.
وتكون نفسهم كجنة ريا ولا يعودون يذوبون بعد " ع 10 – 12 .
يأتون إلى صهيون " بوجوه مشرقة " وتصير نفوسهم كجنة ريا ، أى مروية حسنا ( ع 12 ) .
" حينئذ تفرح العذراء بالرقص والشبان والشيوخ معا واحول نوحهم الى طرب واعزيهم وافرحهم من حزنهم.
واروي نفس الكهنة من الدسم ويشبع شعبي من جودي يقول الرب " ع 13 ، 14 .
+ يؤكد لنا ربنا أن أحزاننا يحولها إلى فرح بثمار التوبة .
يروى نفوس الكهنة من الدسم ، دسم الذبائح التى يقدمها الشعب لله حيث كان نصيبهم هو الفخذ اليمين ( لا 7 : 32 – 36 ) . وكأن العبادة تعود بقوة ويصير للكهنة أنصبة كثيرة . كما يشير الدسم إلى حالة الرخاء التى سيعبش فيها الشعب ( مز 36 : 8 ؛ 63 : 5 ، إش 55 : 2 ) .
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: رد: تفسير سفــــــر إرميـــــــا -لسفر إرميا أهمية خاصة تمس حياة الإثنين فبراير 19, 2007 11:30 pm | |
| ( 3 ) نهاية حزن راحيل
" هكذا قال الرب.صوت سمع في الرامة نوح بكاء مرّ.
راحيل تبكي على اولادها وتأبى ان تتعزى عن اولادها لانهم ليسوا بموجودين.
هكذا قال الرب:
امنعي صوتك عن البكاء وعينيك عن الدموع ،
لانه يوجد جزاء لعملك يقول الرب.
فيرجعون من ارض العدو.
ويوجد رجاء لآخرتك يقول الرب،
فيرجع الابناء الى تخمهم " ع 15 – 17 .
" رامة " تعنى حرفيا " مرتفع " وتقع فى نصيب سبط بنيامين ( يش 18 : 25 ؛ قض 4 : 5 ) على الحدود ما بين مملكتى الشمال والجنوب . قريبا منها يوجد قبر راحيل ( 1 صم 10 : 2 – 3 ) كما يوجد تقليد بأن القبر كان بالقرب من بيت لحم ( تك 35 : 19 ) .
ويتضح من سفر إرميا أنها كانت المكان الذى نقل إليه المسبيين وجمعوا فيه قبل أن يؤخذوا إلى السبى إلى بابل إذ نقرأ " الكلمة التى صارت إلى أرميا من قبل الرب بعدما ارسله نبوزردان رئيس الشرط من الرامة إذ أخذه وهو مقيد بالسلاسل فى وسط كل سبى أورشليم ويهوذا الذين سبوا إلى بابل " ( إر 40 : 1 ، 2 ) .
تختار النبوة راحيل بالذات لأنها فى البداية توسلت وطلبت أولادا إذ نقرأ " فلما رأت راحيل أنها لم تلد ليعقوب غارت راحيل من أختها وقالت : ليعقوب هب لى بنين وإلا فأنا أموت " ( تك 30 : 1 ) .
ماتت راحيل فى نهاية أيامها فى حزن ودفنت فى طريق أفراتة التى هى بيت لحم ( تك 35 : 17 – 19 ) .
ها هى راحيل التى طلبت أولادا فى البداية وماتت فى الحزن ، تظهر فى النهاية مصورة وكأنها قد قامت من الأموات وهى تبكى وصوتها يسمع فى الرامة لأنها ترى أولادها يحملون إلى بابل .
تصور إرميا أن روح راحيل زوجة يعقوب ووالدة يوسف وبنيامين تبكى على أولادها ( أسباط افرايم ومنسى وبنيامين ) الذين احتلوا يقعة ضخمة من المملكة ، إذ ترى ترحليهم من أرض الموعد إلى السبى .
يقتبس الروح القدس هذه الأقوال ويطبقها على حادثة قتل أطفال بيت لحم .
إن ما يحدث ليس عن عجز قوة الله عن منعها ، ولا عن عدم معرفة الله لها ، وإنما سبق فأخبر عنه علانية بواسطة نبيه .
لهذا يليق بنا ألا نضطرب ولا نيأس متطلعين إلى عناية الله التى لا ينطق بها ، التى يمكن للإنسان أن يراها فى أعمال الله كما فيما يسمح به من الآلام .
قدم الله لراحيل تعزية ، مؤكدا عودة أبنائها ، وتقديم جزاء لها عن عملها ( ع 17 ) لحساب أطفالها الذين يردهم من السبى .
" سمعا سمعت افرايم ينتحب.
ادبتني فتأدبت كعجل غير مروض.
توبني فأتوب لانك انت الرب الهي.
لاني بعد رجوعي ندمت وبعد تعلمي صفقت على فخذي.
خزيت وخجلت لاني قد حملت عار صباي.
هل افرايم ابن عزيز لديّ او ولد مسرّ.
لاني كلما تكلمت به اذكره بعد ذكرا.
من اجل ذلك حنّت احشائي اليه.
رحمة ارحمه يقول الرب " ع 18 – 20 .
جاءت هذه العبارة اعترافا وتوبة من جانب أفرايم الذى يعلن عن حاجته إلى عمل الله نفسه واهب التوبة .
من أقوال الآباء :
+ بينما يكون الإنسان فى انكسار قلب وانسحاق روح ، مع استمرار الجهاد والبكاء إذا بالنعمة الإلهية تلاشى تذكر الخطايا السابقة وتنزع وخزات الضمير عنها ، وهنا يكون واضحا أنه قد نال غاية الرضى ومكافأة العفو ، وانتزعت منه وصمات الخطايا التى أرتكبها .
+ لنتقى ذواتنا بالدموع ، فيسمع الرب إلهنا حينما ننوح كما سمع لأفرايم حين بكى ع 18
جاء ع 20 إجابة لصرخة التوبة تؤكد شوق الله نحو توبته ، إذ أحشاء الله تحن عليه . يدعوه " الإبن العزيز لديه " ، " الولد المسر " يذكره الرب على الدوام .
" انصبي لنفسك صوى.اجعلي لنفسك انصابا.
اجعلي قلبك نحو السكة الطريق التي ذهبت فيها.
ارجعي يا عذراء اسرائيل ارجعي الى مدنك هذه ،
حتى متى تطوفين ايتها البنت المرتدة.
لان الرب قد خلق شيئا حديثا في الارض.
انثى تحيط برجل " ع 21 – 22 .
بعد أن تحدث عن أفرايم كإبن محبوب جدا ، عاد ليتحدث عن إسرائيل كعذراء يدعوها لتقيم لها بيتا ، وأن تضع علامات فى الطريق حتى لا تضل عنه .
وكأنها تعود من ذات الطريق الذى فيه تركت وطنها !
ستجد فى عودتها ترحيبا فى بيتها ومدنها ... ستكون فى أمان كإنسان فى حضن أمه ( ع 22 ) .
يرى القديس جيروم أن الشىء الجديد الذى يثير الأنتباه هو الأنثى التى تحيط برجل ، أى العذراء التى تحتضن كلمة الله المتجسد ... هذا هو الرجوع عن السبى ! هذا هو التمتع ببركة الرب ، فتصير النفس مسكنا للبر وجبلا مقدسا !
( 4 ) إصلاح إسرائيل ويهوذا
يعد الله شعبه بالرجوع من السبى ، ليمتلك أرض الموعد ، وينزع عن راحيل حزنها على بنيها المسبيين ، ويحولها من بنت مرتدة عنيدة إلى أنثى مملوءة قوة وحبا تحيط برجل جبار ، تحمل روح القوة والنصرة عوض الأنهيار والفشل . الآن يقدم لنا صورة حية عن إصلاح إسرائيل ويهوذا حيث يرجع الكل من بابل شعبا مقدسا للرب ، فيقول :
" هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل.
سيقولون بعد هذه الكلمة في ارض يهوذا وفي مدنها عندما ارد سبيهم.
يباركك الرب يا مسكن البر يا ايها الجبل المقدس " ع 23 .
هنا يدعو يهوذا " مسكن البر أو البار " ( راجع زك 8 : 3 ) ، ويعنى به مسكن الله البار ، وأيضا " الجبل المقدس أو جبل القدوس " . فيسكن الله وسط شعبه الذى يصير مسكنا له وجبلا خاصا به ( ع 23 ) . كأن سر فرح الشعب ليس تحرره من بابل بل بالحرى تمتعه ببركة سكنى الله البار والقدوس وسطه ، فيجعل منه هيكلا مقدسا وجبلا حيا .
يدعو شعبه " مسكن البار " و " جبل الله القدوس " ، باللقب الأول يعلن بركة الشعب إذ يسكن فيه البار ، محولا شعبه إلى جماعة مقدسة لا تعرف إلا العبادة الحية ، وباللقب الثانى الرسوخ كالجبل لا تهزه رياح العالم المقاومة !
" فيسكن فيه يهوذا وكل مدنه معا الفلاحون والذين يسرحون القطعان ،
لاني ارويت النفس المعيية وملأت كل نفس ذائبة " ع 24 ، 25 .
يعود الشعب إلى أرض الموعد ليمارسوا حياتهم اليومية من فلاحة الأرض ورعاية الغنم ( ع 24 ) ، لتجد النفس التى صارت فى حالة عياء راحة ، والذائبة بسبب ما حل بها من فقدان شبعا وارتواء ( 25 ) .
الله يشبع التائبين ويرويهم ، هذا منظر يملأ قلب إرميا النبى بالفرح والسعادة وسط الكارثة والظلام .
" على ذلك استيقظت ونظرت ولذّ لي نومي " ع 26
يكون الرب كمن كان نائما واستيقظ ، إذ رد شعبه إلى راحته ، ولذ له نومه لأنه لا تتكرر بعد هذه المأساة ( ع 26 ) . ويرى القديس أمبروسيوس فى تعبير " لذ لى نومى " ع 26 إشارة إلى الموت الإرادى الذى قبله السيد المسيح بسرور لأجل خلاصنا .
" ها ايام تأتي يقول الرب وازرع بيت اسرائيل وبيت يهوذا بزرع انسان وزرع حيوان " ع 27
يقوم الرب نفسه بزرعهم ، بزرع إنسان وزرع حيوان ، إذ يقدس النفس ( الإنسان ) والجسد ( الحيوان ) معا ، وينمى الإنسان بكليته ليمارس الحياة الجديدة بعد العتق من سبى الخطية .
" ويكون كما سهرت عليهم للاقتلاع والهدم والقرض والاهلاك والاذى كذلك اسهر عليهم للبناء والغرس يقول الرب " ع 28 .
هذا هو الذى سمح بالتأديب الآن يقوم بنفسه ببنائهم وغرسهم ، ساهرا عليهم ليجدد حياتهم يقيمهم شعبا جديدا بعهد جديد !
" في تلك الايام لا يقولون بعد الآباء اكلوا حصرما واسنان الابناء ضرست.
بل كل واحد يموت بذنبه كل انسان ياكل الحصرم تضرس اسنانه " ع 29 – 30 .
يقتبس المثل الوارد فى حز 18 : 2 ، فقد كان الشعور السائد بأن ما يحل بهم إنما هو ثمرة خطايا قديمة أرتكبتها اجيال سابقة ، بهذا أحسوا أن الله عاملهم بقسوة لظروف لم يكن لهم فيها يد ، ولم يرتكبوا ذنبا . وأن فى ذلك ظلما وليس عدالة ، يرفض إرميا النبى هذه الفكرة مبينا أن الله إنما يعاقب الإنسان على خطاياه ، لا على خطايا الغير . ( 5 ) العهد الجديد
" حمى غضب موسى وطرح اللوحين من يديه وكسرهما فى أسفل الجبل " خر 32 : 19 . وكأن موسى قد أعلن عن كسر العهد ، وعجز الإنسان عن الحفاظ عليه ، هذا ما دفع الأنبياء فى العهد القديم إلى التطلع إلى عهد جديد بسمات جديدة قادر على تغيير قلب الإنسان والدخول إلى الحياة الداخلية لكى لا يكسر الإنسان العهد .
" ها ايام تأتي يقول الرب واقطع مع بيت اسرائيل ومع بيت يهوذا عهدا جديدا.
ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم يوم امسكتهم بيدهم لاخرجهم من ارض مصر حين نقضوا عهدي فرفضتهم يقول الرب.
بل هذا هو العهد الذي اقطعه مع بيت اسرائيل بعد تلك الايام ،
يقول الرب : اجعل شريعتي في داخلهم واكتبها على قلوبهم واكون لهم الها وهم يكونون لي شعبا.
ولا يعلّمون بعد كل واحد صاحبه وكل واحد اخاه قائلين اعرفوا الرب ،
لانهم كلهم سيعرفونني من صغيرهم الى كبيرهم يقول الرب.
لاني اصفح عن اثمهم ولا اذكر خطيتهم بعد " ع 31 – 34
لقد وعد بعهد جديد ، وكما يقول الحكيم بولس : " فإذ قال جديدا عتق الأول ، وأما ما عتق وشاخ فهو قريب من الأضمحلال " عب 8 : 13 .
فإذ شاخ القديم كان بالضرورة أن يحتل الجديد موضعه ، وقد تحقق هذا لا بواسطة أحد الأنبياء القديسين بل بالحرى بواسطة رب الأنبياء .
يرى البعض أن الله أقام مع الإنسان عهودا ، كملت بالعهد الذى أقامه السيد المسيح بدمه على الصليب .
1 – العهد مع آدم ، خلاله ينعم الإنسان بجنة عدن وكل خيراتها ، لكن آدم نقض العهد وطرد من الجنة ..
2 – العهد مع نوح الخاص بالأرض الجديدة بعد الطوفان ، ( تك 9 : 1 ) .. هنا نلاحظ أن الله هو الذى بادر بإقامة العهد ، وأن العهد قام على أساس الدم ، أى تقديم المحرقات .
3 – العهد مع إبراهيم : عهد الختان ( تك 17 : 11 ) .
4 – العهد الموسوى : ارتبط هذا العهد بالذبائح والعمل الكهنوتى وشرائع التطهير والوصايا الإلهية ( تث 28 ) .
هنا ( إر 31 : 31 ) أول إشارة إلى " العهد الجديد " فى العهد القديم وتعتبر صلب سفر إرميا كله ، تمثل أعمق نظرة فى العهد القديم كله .
( 6 ) رباط لا ينحل
" هكذا قال الرب الجاعل الشمس للاضاءة نهارا وفرائض القمر والنجوم للاضاءة ليلا الزاجر البحر حين تعجّ امواجه رب الجنود اسمه.
ان كانت هذه الفرائض تزول من امامي يقول الرب ،
فان نسل اسرائيل ايضا يكف من ان يكون امة امامي كل الايام.
هكذا قال الرب ان كانت السموات تقاس من فوق وتفحص اساسات الارض من اسفل فاني انا ايضا ارفض كل نسل اسرائيل من اجل كل ما عملوا يقول الرب " ع 35 – 37 .
كما أقام الله ناموسا طبيعيا للشمس والقمر والكواكب للإضاءة نهارا وليلا ، ووضع للبحر حدا ، هكذا يقيم الله فى عهده الجديد مع شعبه ناموسا روحيا أبديا .
يقيمهم شعبا دائما له ، يشرقون بنوره نهارا وليلا ، لا تستطيع أمواج بحر العالم أن تكتسحهم ! الله الذى خلق العالم المنظور لأجل الإنسان فأبدعه كيف لا يهتم بإقامة ناموس جديد مبدع لبنيان الإنسان نفسه ومجده ؟!
( 7 ) أورشليم الجديدة
" ها ايام تأتي يقول الرب وتبنى المدينة للرب من برج حننئيل الى باب الزاوية .
ويخرج بعد خيط القياس مقابله على اكمة جارب ويستدير الى جوعة.
ويكون كل وادي الجثث والرماد وكل الحقول الى وادي قدرون الى زاوية باب الخيل شرقا قدسا للرب.
لا تقلع ولا تهدم الى الابد " ع 38 – 40 .
إن كان الله قد سمح بسبى شعبه ، وخراب مدينته المقدسة بسبب الشر ، فإنه خلال العهد الجديد يقيم أورشليم الجديدة ، تبنى له ، وقد وضع لها حدودها .
من برج حنيئيل إلى باب الزاوية : هذا البرج فى شمال شرقى المدينة ، بينما يبدو أن باب الزاوية فى شمال غربى المدينة ، وقد بنى الملك عزيا فى القرن السابق أبراجا فيها كما فى مواضع أخرى .
+ + + |
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح الثانى والثلاثون -شراء أرض أثناء السبى الإثنين فبراير 19, 2007 11:32 pm | |
|
إرميا – الإصحاح الثانى والثلاثون
شراء أرض أثناء السبى
يبدأ الجزء الثانى من " سفر التعزية " بهذا الإصحاح الذى له أهميته الخاصة ، حيث يؤكد إرميا النبى إيمانه ورجاءه فى الوعد الإلهى بالعودة من السبى . وقد وقعت هذه الحادثة فى الوقت الذى كانت فيه جيوش بابل قد انسحبت مؤقتا من حصار أورشليم عند اقتراب الجيش المصرى فى صيف 588 ق . م . ، ثم عادت لتحاصرها ، أى كان هذا قبل حوالى عام من السبى الأخير لليهود إلى بابل ( 2 مل 25 : 1 ، 2 ) .
بينما كان البابليون يدقون أبواب أورشليم لنهبها بعد عدة شهور ، اشترى إرميا قطعة أرض ، وهو يعلم أنه لن يستطيع أن يستقر فيها ، لكنه أراد تأكيد أنه فى المستقبل تعود الحياة الطبيعية فى يهوذا .
( 1 ) شراء الأرض
يقدم لنا تاريخ نبوة إرميا النبى هنا ، قائلا :
" الكلمة التي صارت الى ارميا من قبل الرب في السنة العاشرة لصدقيا ملك يهوذا.هي السنة الثامنة عشر لنبوخذراصر.
وكان حينئذ جيش ملك بابل يحاصر اورشليم وكان ارميا النبي محبوسا في دار السجن الذي في بيت ملك يهوذا " ع 1 – 2
حدث هذا فى السنة العاشرة لصدقيا ملك يهوذا .
" لان صدقيا ملك يهوذا حبسه قائلا :
لماذا تنبأت قائلا هكذا قال الرب.
هانذا ادفع هذه المدينة ليد ملك بابل فياخذها.
وصدقيا ملك يهوذا لا يفلت من يد الكلدانيين بل انما يدفع ليد ملك بابل ويكلمه فما لفم وعيناه تريان عينيه.
ويسير بصدقيا الى بابل ،
فيكون هناك حتى افتقده يقول الرب.
ان حاربتم الكلدانيين لا تنجحون " ع 3 – 5
الأعداد 3 – 5 عبارات اعتراضية وضعت لتفسير السبب فى احتجاز إرميا ، ومنعه من الهروب ، إذ كان الهدف الرئيسى هو محاولة القضاء على رسالته النبوية .
لا نعرف المدة التى قضاها إرميا فى السجن .
تقدم لنا العبارات السابقة سبع نبوات نطق بها النبى فى أورشليم ، أعلن النبى هذه النبوات فى مواضع كثيرة ، وقد تحققت حرفيا كما جاء فى 2 مل 25 ، 2 أى 36 :
أ – يدفع الله مدينة أورشليم ليد ملك بابل فيأخذها .
ب – لا يفلت صدقيا ملك يهوذا من يد الكلدانيين .
جـ ـ بالتأكيد يدفع صدقيا ملك يهوذا ليد ملك بابل .
د – سيتكلم صدقيا ملك يهوذا مع ملك بابل فما لفم ، وعيناه تريان عينيه .
هـ ـ يسير بصدقيا إلى بابل .
تنبأ حزقيال النبى عن صدقيا أنه لا يرى بابل ( حز 12 : 13 ) . حمل الملك إلى بابل ليلا ، لكنه لم يرها كما يقول إرميا النبى ، إذ فقأوا عينيه فى ربلة ( 2 مل 25 : 4 – 7 )
و – يكون صدقيا فى بابل فيكون هناك حتى يفتقده الرب ، أى إلى يوم موته .
ز – إن حاربوا الكلدانيين لا ينجحون .
عندما كان إرميا ذاهبا إلى عناثوث من أورشليم ليتولى عملية شراء ملكية العائرة ظنوه يتعامل مع العدو ، لذا تم القبض عليه ( 37 : 11 – 14 ) ، ووضع فى حبس محكم ، ولكن أعطى بعد ذلك قليلا من الحرية ( 37 : 21 ) .
كانت دار السجن عبارة عن سياج داخل القصر الملكى ( نحميا 3 : 25 ) .
نقرأ تفاصيل هذا الوصف المختصر هنا فى الإصحاحين 37 ، 38 ... هنا نرى عدم ترتيب فصول السفر ترتيبا تاريخيا .
" فقال ارميا : كلمة الرب صارت اليّ قائلة :
هوذا حنمئيل بن شلوم عمك يأتي اليك قائلا :
اشتر لنفسك حقلي الذي في عناثوث لان لك حق الفكاك للشراء.
فجاء اليّ حنمئيل ابن عمي حسب كلمة الرب الى دار السجن ،
وقال لي اشتر حقلي الذي في عناثوث الذي في ارض بنيامين لان لك حق الارث ولك الفكاك.اشتره لنفسك.فعرفت انها كلمة الرب.
فاشتريت من حنمئيل ابن عمي الحقل الذي في عناثوث ووزنت له الفضة سبعة عشر شاقلا من الفضة.
وكتبته في صك وختمت واشهدت شهودا ووزنت الفضة بموازين.
واخذت صك الشراء المختوم حسب الوصية والفريضة والمفتوح .
وسلّمت صك الشراء لباروخ بن نيريا بن محسيا امام حنمئيل ابن عمي وامام الشهود الذين امضوا صك الشراء امام كل اليهود الجالسين في دار السجن.
واوصيت باروخ امامهم قائلا :
هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل :
خذ هذين الصكين صك الشراء هذا المختوم والصك المفتوح هذا واجعلهما في اناء من خزف لكي يبقيا اياما كثيرة.
لانه هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل سيشترون بعد بيوتا وحقولا وكروما في هذه الارض " ع 6 – 15 .
الحديث الذى يذكر حق القريب فى التملك بالشفعة هنا يبين أن العادات القديمة التى تتحكم فى ملكية الأرض كانت لا تزال سارية المفعول . ففى لاويين ( 25 : 25 ) يمكن للقريب أن يفك البيع لكى لا تخرج الملكية من العائلة .
لم تكن زيارة حنمئيل لإرميا ( ابن عمه ) مفاجئة له ، فقد سبق فأعلن الله له عنها ، وقد أرشده الرب إلى ما يصنعه . هكذا عندما انسحب الكل من إرميا تدخل الله ليرشده فى كل أمور حياته حتى التى تبدو زمنية .
دفع إرميا فى الحقل 17 شاقلا من الفضة ، حوالى سبع أوقيات من الفضة ، ويمكننا أن نستنتج من هذا بأن إرميا لم يكن فقيرا .
يوضح الكتاب المقدس أن الله ضابط الكل ويحول كل الأمور لبنيان شعبه وأولاده . ما تم فى موضوع الشراء هذا يحمل الآتى :
أ – تأكيد طاعة إرميا النبى لله الذى أعلن له عن الأمر مسبقا .
ب – تزكية إيمان إرميا الذى يعلن بهذا الحدث أن السبى قادم حتما ، لذا حفظ نسختى العقد فى إناء خزفى . لأنه حفظ النسختين وليس نسخة واحدة فى إناء خزفى لإدراك النبى أن تنفيذ شراء الحقل يتطلب عشرات السنين حتى ينتهى السبى . بهذا أعلن تأكيده أن السبى قادم حتما ، وأن العودة أيضا قادمة حتما !
جـ ـ تزكية إيمانه بأنه سيعود المسبيين يوما ما وتعود الحياة اليومية من بيع وشراء وفلاحة حقل الخ ... .
التفسير الرمزى لشراء الحقل :
أ – الحقل موضوع الشراء هى الكنيسة التى اقتناها السيد المسيح لنفسه ميراثا أبديا ، هى له يمتلكها فى كمال بهائها ومجدها بعد أنقضاء الدهر ، كما بعد السبى ، كما هو ميراثنا الذى نقتنيه بكوننا أولاد الله ، ورثة الله ، ووارثون مع المسيح ( رؤ 8 ) .
مع أنه اشترى الحقل ودفع ثمنه إلا أنه لم يضع اليد عليه ، فما زال الميراث تحت عبودية الفساد . لقد حصل فداء هذا الميراث بالدم وهو الثمن المدفوع ، أما الفداء بمعنى تحقيق الملكية ووضع اليد بالقوة فما زال مؤجلا ونحن ننتظر ونتوقع فداء المقتنى المدفوع ثمنه .
الدرج المكتوب هو سند ملكية هذا العالم ولا جدال فى هذا ، ويبقى مختوما إلى أن يقوم الوارث الشرعى ليطالب بالملكية ، ومن الواجب قبل امتلاك العالم فعلا أن ينقى ميراثه أولا خلال فتح الختوم .
ب – قدم إرميا الثمن وهو بعد فى السجن ، .. هكذا دفع مسيحنا ثمن خلاصنا ، دمه الثمين ، بعد أن نزل إلى عالمنا كواحد منا ، وهو الملك صار تحت الحكم . أحصى مع الأثمة ، وانهالت الأتهامات ضده ، أما هو فما كان يشغله إلا اقتناء كنيسته التى هى حقله المحبوب لديه .
جـ ـ كتابة العقد من نسختين إحداهما مختومة والأخرى مفتوحة إنما يشير إلى أن الخلاص قد تحقق فعلا إذ سجل مسيحنا بدمه عهده الجديد على الصليب ، مكتوبا بحبه العملى الباذل . صار صليب مسيحنا عقدا أو عهدا جديدا مفتوحا للمؤمنين الذين يدركون أنه قوة الله للخلاص ( 1 كو 3 : 18 ) ، أما لغير المؤمنين فهو مختوم ، إذ يراه اليهود عثرة واليونانيون جهالة ( 1 كو 3 : 23 ) .
بالنسبة لنا أيضا نرى فى الصليب عهدا واحدا من نسختين : النسخة المختومة هو ما نناله الآن من عربون للسماويات ، فننعم بخبرة الميراث الأبدى ونحن بعد فى هذا العالم ، أما النسخة المفتوحة فهو تمتعنا بالسماويات عينها حين نرى الرب وجها لوجه ونحيا فى الأحضان الأبوية أبديا .
د – وضع النسختين فى إناء خزفى يشير إلى أن العهد الجديد الذى به ينال المؤمنون الميراث الأبدى يودع فى أناس ( لهم الجسد كإناء خزفى ) يشهدون للعمل الخلاصى الإلهى خلال حياتهم الزمنية ، هذا ما دفع الرسول بولس أن يحث تلميذه تيموثاوس أن يحفظ الوديعة ( 1 تى 6 : 20 ، 2 تى 1 : 14 ) وأن يودعها فى أناس أمناء .
هـ ـ تم العقد أمام باروخ وكل اليهود الذين كانوا فى قاعة السجن تأكيدا أن عمل الخلاص أو العهد الجديد بالصليب يتحقق علانية حيث يرتفع السيد المسيح على جبل الجلجثة أمام اليهود وبعض رجال الدولة والأمن .
لأول مرة يذكر باروخ ( ع 12 ) ، الكاتب الذى يملى النبى كلامه عليه ثم يكتبه ، وكان رجلا تقيا ، صديقا لإرميا ومعاونا له وأمين سره ، كان مسئولا عن إعداد وثائقه ، ولعله كان كاتبا رسميا وخطاطا ( 36 : 26 ) .
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: رد: تفسير سفــــــر إرميـــــــا -لسفر إرميا أهمية خاصة تمس حياة الإثنين فبراير 19, 2007 11:35 pm | |
| ( 2 ) رد فعل الشراء
" ثم صليت الى الرب بعد تسليم صك الشراء لباروخ بن نيريا قائلا :
آه ايها السيد الرب ،
ها انك قد صنعت السموات والارض بقوتك العظيمة وبذراعك الممدودة.
لا يعسر عليك شيء.
صانع الاحسان لالوف ومجازي ذنب الآباء في حضن بنيهم بعدهم ،
الاله العظيم الجبار رب الجنود اسمه .
عظيم في المشورة وقادر في العمل ،
الذي عيناك مفتوحتان على كل طرق بني آدم ،
لتعطي كل واحد حسب طرقه وحسب ثمر اعماله.
الذي جعلت آيات وعجائب في ارض مصر الى هذا اليوم وفي اسرائيل وفي الناس وجعلت لنفسك اسما كهذا اليوم .
واخرجت شعبك اسرائيل من ارض مصر بآيات وعجائب وبيد شديدة وذراع ممدودة ومخافة عظيمة .
واعطيتهم هذه الارض التي حلفت لآبائهم ان تعطيهم اياها ارضا تفيض لبنا وعسلا. فأتوا وامتلكوها ولم يسمعوا لصوتك ولا ساروا في شريعتك ،
كل ما اوصيتهم ان يعملوه لم يعملوه فاوقعت بهم كل هذا الشر.
ها المتارس.
قد أتوا الى المدينة ليأخذوها ،
وقد دفعت المدينة ليد الكلدانيين الذين يحاربونها بسبب السيف والجوع والوبإ ،
وما تكلمت به فقد حدث وها انت ناظر.
وقد قلت انت لي ايها السيد الرب اشتر لنفسك الحقل بفضة واشهد شهودا وقد دفعت المدينة ليد الكلدانيين " ع 16 – 25 .
يلاحظ فى صلاة إرميا أو تسبحته الآتى :
أولا : لم ينشغل إرميا بشراء الحقل ، فقد أدرك أنه لن يعيش على الأرض حتى يتسلم الحقل ... لكن ما كان يشغله هو الله نفسه خالق السماء والأرض ، الذى يبسط يديه بالحب لمؤمنيه وهو قدير على خلاصهم .
ثانيا : صلى بحزن إلى الله الذى هدأ من روعه ليطمئن على المستقبل . كان الحصار ضد أورشليم يشهد بأن انذارات الله السابقة قد أضحت حقيقة مائلة الآن ، لذلك كان يصعب على أرميا أن يعتقد أن الله الغير متغير وكلى القدرة يمكن أن يأمره بشراء الأرض بينما كانت نهاية الحياة الطبيعية فى يهوذا قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى . ومع ذلك فقد أمر النبى أن يتصرف كما لو كان للأرض مستقبل مجيد ورائع ، وكان إيمانه وطاعته فى ظل هذه الظروف نموذجا للسلوك يحتذى به كل من المؤمنين الحقيقيين ( عب 11 : 6 ) .
ثالثا : يقول : " الإله العظيم الجبار رب الجنود اسمه "
اهتم موسى النبى أن يسأل الله عن اسمه ( خر 3 ) ، فأعلن الله له أن اسمه " يهــوه " هنا أيضا يعلن الرب عن اسمه أنه " رب الجنود " ، فالله فوق الأسماء كما يقول القديس أكليمندس الأسكندرى ، لكنه يعلن اسمه حسب احتياجنا .
رابعا : يحدثنا فى ع 23 عن ثلاثة أسباب لدمارهم :
أ – لم يطيعوا الصوت الإلهى .
ب – لم يسلكوا فى ناموسه الإلهى .
جـ ـ لم يتمموا شيئا من وصاياه الإلهية !
( 3 ) إجابة الله عليه
" ثم صارت كلمة الرب الى ارميا قائلة :
هانذا الرب اله كل ذي جسد.هل يعسر عليّ أمر ما ؟!
لذلك هكذا قال الرب :
هانذا ادفع هذه المدينة ليد الكلدانيين وليد نبوخذراصر ملك بابل فياخذها.
فيأتي الكلدانيون الذين يحاربون هذه المدينة فيشعلون هذه المدينة بالنار ويحرقونها والبيوت التي بخروا على سطوحها للبعل وسكبوا سكائب لآلهة اخرى ليغيظوني.
لان بني اسرائيل وبني يهوذا انما صنعوا الشر في عينيّ منذ صباهم.
لان بني اسرائيل انما اغاظوني بعمل ايديهم يقول الرب.
لان هذه المدينة قد صارت لي لغضبي ولغيظي من اليوم الذي فيه بنوها الى هذا اليوم لأنزعها من امام وجهي .
من اجل كل شر بني اسرائيل وبني يهوذا الذي عملوه ليغيظوني به هم وملوكهم رؤساؤهم وكهنتهم وانبياؤهم ورجال يهوذا وسكان اورشليم.
وقد حولوا لي القفا لا الوجه ،
وقد علّمتهم مبكرا ومعلّما ولكنهم لم يسمعوا ليقبلوا ادبا.
بل وضعوا مكرهاتهم في البيت الذي دعي باسمي لينجسوه.
وبنوا المرتفعات للبعل التي في وادي ابن هنوم ليجيزوا بنيهم وبناتهم في النار لمولك الأمر الذي لم اوصهم به ،
ولا صعد على قلبي ليعملوا هذا الرجس ليجعلوا يهوذا يخطئ " ع 26 – 35 .
أولا : يحدثنا عن خطايا إسرائيل السبع :
أ – يمارسون الشر منذ صباهم ( ع 30 ) ..
ب – يثيرون غضب الله بعمل أيديهم ( الأصنام ) ، أى مصممون على الشر بإقامتهم آلهة وثنية .
جـ ـ يعطون الله القفا لا الوجه ( ع 33 ) ، أى لا يحملون حبا لله بل كراهية .
د – لا يصغون لتعاليم الله ، متجاهلين الوصية الإلهية .
هـ ـ يقيمون رجاسات فى بيت الله ويدنسونه ( ع 34 ) ، فيخلطون عبادة الله بالأوثان والحياة التعبدية بالرجاسات . إذ قدمت أورشليم محرقات للأوثان سمح لها أن تحترق على أيدى الكلدانيين .
و – يبنون مرتفعات للبعل ( ع 35 ) .
ز – يجيزون أبناءهم وبناتهم فى النار للإله مولك فى وادى ابن هوم ، يضحون من أجلها حتى بإبنائهم فيلقون بهم فى النار كذبائح بشرية ، متجاهلين أبسط المشاعر الإنسانية أو حتى الحيوانية !
نجد هنا تركيزا على شرورهم المستمرة طوال تاريخهم .
ثانيا : نفذ إرميا النبى الأمر الإلهى الخاص بشراء الحقل فى ظروف غير طبيعية ، بالرغم من تأكده من تسليم أورشليم فى أيدى الكلدانيين .
إذ سبح إرميا الله القدير مؤكدا أنه ليس شىء غير مستطاع لديه ، أجاب الله أنه إله كل جسد ( ع 27 ) . إله كل البشرية ، يعمل فى الكل بخطته الفائقة . يستخدم الله نفس كلمات إرميا ( 17 ) ليؤكد له أنه لا شىء يعسر على الخالق . ( 4 ) الوعد برد السبى
بعد أن كشف الله عن خطاياهم التى بسببها سقطوا تحت التأديب ، أراد أن يوضح لهم أن التأديب ليس إلا مرحلة مؤقتة ، خلالها يدخل بشعبه إلى التوبة كما إلى مدرسة إلهية ، يكشف لهم عن خطاياهم ويحاججهم لأجل رجوعهم إليه ونموهم .
من الجانب الإيجابى يكشف لهم عن حبه العجيب لهم واهتمامه بهم وتقديم عهد جديد فائق :
أولا : يتحدث بروح الصراحة والأبوة أنه هو الذى دفع بهم إلى السبى كما إلى السيف والجوع والوبأ ، إذ صاروا موضع غضبه بسبب خطاياهم وعصيانهم . ها هو الآن يردهم بالحب ويدخل بهم إلى الموضع الذى طردهم منه ليعيشوا فى أمان سالمين ( ع 36 ، 37 ) .
" والآن لذلك هكذا قال الرب اله اسرائيل عن هذه المدينة التي تقولون انها قد دفعت ليد ملك بابل بالسيف والجوع والوبإ.
هانذا اجمعهم من كل الاراضي التي طردتهم اليها بغضبي وغيظي وبسخط عظيم واردهم الى هذا الموضع واسكنهم آمنين " ع 36 ، 37 .
ثانيا : جوهر العهد هو اتحاد الله بشعبه :
" ويكونون لي شعبا وانا اكون لهم الها " ع 38
ثالثا : " واعطيهم قلبا واحدا وطريقا واحدا ليخافوني كل الايام لخيرهم وخير اولادهم بعدهم " ع 39 .
ما هو هذا القلب الواحد إلا روح الوحدة ، وما هو الطريق الواحد الذى يدخل بنا إلى مخافة الرب لخيرنا وخير أولادنا إلا السيد المسيح القائل : " أنا هو الطريق " .
رابعا : " واقطع لهم عهدا ابديا اني لا ارجع عنهم لاحسن اليهم واجعل مخافتي في قلوبهم فلا يحيدون عني " ع 40 .
يبقى العهد أبديا حتى فى السماء .
خامسا : " وافرح بهم " ع 41
هذه هى قمة علاقة الحب ، فإنه ليس فقط يحبنا بل يفرح بنا ، كأب يشتهى أن يرى أبناءه ويلتقى بهم ويسكب مجده فيهم مقدما لهم ميراثا إلهيا .
سادسا : " لاحسن اليهم ،
واغرسهم في هذه الارض بالامانة بكل قلبي وبكل نفسي " ع 41
علامة العهد أن تمتد يد الله نفسه لتغرسنا فى الأرض الجديدة ، اليد الأمينة التى تعمل بغير حدود ، بل بكل قلب الله التى لا يأتمن آخر غيره على غرسنا !
سابعا : أخيرا يؤكد لهم استقرار حياتهم بعد السبى فى ظل العناية الإلهية كعربون للحياة الكنسية الغنية فى ثمارها ، والمملوءة سلاما روحيا .
" لانه هكذا قال الرب :
كما جلبت على هذا الشعب كل هذا الشر العظيم هكذا اجلب انا عليهم كل الخير الذي تكلمت به اليهم.
فتشترى الحقول في هذه الارض التي تقولون انها خربة بلا انسان وبلا حيوان وقد دفعت ليد الكلدانيين.
يشترون الحقول بفضة ويكتبون ذلك في صكوك ويختمون ويشهدون شهودا في ارض بنيامين وحوالي اورشليم وفي مدن يهوذا ومدن الجبل ومدن السهل ومدن الجنوب لاني ارد سبيهم يقول الرب " ع 41 – 44
+ + +
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح الثالث والثلاثون -أورشليم ... أنشودة فرح ! الإثنين فبراير 19, 2007 11:52 pm | |
|
إرميا – الإصحاح الثالث والثلاثون
أورشليم ... أنشودة فرح !
إذ كان إرميا النبى فى السجن تحدث الله معه بشأن شعبه للمرة الثانية . لقد سبق فقدم لهم تحذيرات مستمرة ، وها هو يقدم تأكيدات لمواعيده الإلهية الصادقة . فإنه لا يكف عن تكرار تقديم النصائح والتحذيرات وأيضا المواعيد لأجل تشجيعهم على التوبة وبث روح الرجاء والفرح خاصة أثناء الضيق .
استطاع الأشرار أن يأسروا جسد إرميا لكنهم لم يستطيعوا أن يعيقوه عن إعلان الرسالة الإلهية ، وكما يقول الأسير بولس : " الذى فيه أحتمل المشقات حتى القيود كمذنب ، لكن كلمة الله لا تقيد " 2 تى 2 : 9 .
بينما كان إرميا النبى فى السجن لم يكن منشغلا بحاله ومتاعبه ووحدته ، إنما بشعبه الذى يسقط تحت السبى بسبب الخطية ، والدمار الذى يلحق به . لهذا فتح الله عن عينيه ليرى ما فى قلب الله من جهة شعبه . فإن الله يريد مباركته كما يخطط لأجل تحقيق ذلك ، فيجعله أشبه بمدينة سماوية ، أورشليم العليا ، مدينة مسورة لن يقدر أن يقتحمها عدو ، مملوءة صحة ، لا تعانى بعد من مرض ، طاهرة ونقية ، لا تفسدها أو تنجسها خطية ، متهللة كعرس دائم لا ينقطع .
يجعل شعبه أشبه بمرعى سماوى يشبع ويروى كل إحتياجات المؤمنين ،
وبقصر ملوكى ، يقيم فيه المسيا الملك داود ،
وبهيكل مقدس يخدم فيه رئيس الكهنة الأعظم ربنا يسوع ،
هذا هو اشتياق الله من جهة شعبه الذى يقيم معه عهدا أبديا .
فى الجزء الثانى من هذا الإصحاح يعد الله أنه يقيم :
مملكة أبدية ،
عرشا أبديا ،
نسلا لداود أبديا ،
وأيضا كهنة ولاويين ومحرقات وتقدمات أبدية ...
هذه جميعها لا يمكن أن تتحقق بطريقة حرفية ، لكنها وعود تحققت بمجىء السيد المسيح الذى أقام مملكته السماوية فينا ، والتى تعلن بأكثر كمال فى لقائنا معه فى يوم الرب العظيم ، حيث نحسب كهنة لاويين ، مقدمين تسابيح الحمد كمحرقات وتقدمات لا تنقطع .
إن كان الله يرد لمدينته حريتها ، يردها من السبى البابلى ، فإنه يجعل من اسمها أنشودة فرح ، تحمل شهادة حية لعمل الله الخلاصى المفرح ، يرى فيها أمورا عجيبة وفائقة . لقد جاءت هذه الرسالة المفرحة فى وقت كانت الحالة تزداد سوءا .
( 1 ) السماء قابلة الصلوات
" ثم صارت كلمة الرب الى ارميا ثانية وهو محبوس بعد في دار السجن قائلة.
هكذا قال الرب صانعها الرب مصورها ليثبتها يهوه اسمه.
ادعني فاجيبك واخبرك بعظائم وعوائص لم تعرفها " ع 1 – 3 .
اعلن الله عن أهمية الصلاة لا لتحقيق إرادتنا البشرية بغباوة ، بل للتعرف على خطة الله وأسراره .
مع أن الله قادر أن يتحدث معهم عن أسراره من نحوهم ، لكنه يريدهم أن يتحدثوا معه ويحاوروه ، فيدركوا أنه أب سماوى يهب أسراره لأولاده الملتصقين به .
لعل أهم ما قدمته الكلمة الإلهية لإرميا السجين هو شعور إرميا أنه فى الحضرة الإلهية ، مما حول السجن إلى لحظات لقاء مع الله وتعرف على أسراره الإلهية المفرحة .
تطالبهم الكلمة بالصلاة حتى يتمتعوا بالعظائم والعوائص ؛ ( أى الأمور البعيدة المنال ) ، أى يدركوا أعمال الله العظيمة .
( 2 ) أورشليم الحصينة
" لانه هكذا قال الرب اله اسرائيل عن بيوت هذه المدينة وعن بيوت ملوك يهوذا التي هدمت للمتاريس والمجانيق ،
يأتون ليحاربوا الكلدانيين ويملأوها من جيف الناس الذين ضربتهم بغضبي وغيظي والذين سترت وجهي عن هذه المدينة لاجل كل شرهم " ع 4 – 5
يصعب تفسير هاتين الآيتين ، يرى البعض أنهما تشيران إلى خراب المنازل ودمار القصور فى أورشليم بواسطة الكلدانيين . لذا امتلأت المدينة بجثث القتلى . لقد أدار الله وجهه عنهم ، مما أربك الشعب وجعلهم فى حيرة .
الله الذى سمح بالدمار هو يسهر على حراستهم ويردهم من السبى .
( 3 ) اورشليم المتمتعة بالشفاء والسلام
" هانذا اضع عليها رفادة وعلاجا ،
واشفيهم واعلن لهم كثرة السلام والامانة.
وارد سبي يهوذا وسبي اسرائيل وابنيهم كالاول " ع 6 – 7 .
جاءت كلمة " رفادة " فى العبرية لتعنى الرباط الكتانى الذى يوضع حول الجرح حتى يتم شفاؤه .
السقوط فى الخطية يدخل بالشعب كما بالإنسان إلى حالة مرضية خطيرة ، وكما جاء فى إشعياء : " كل الرأس مريض ، وكل القلب سقيم ، ..... " إش 1 : 5 ، 6 . صارت الحاجة إلى طبيب سماوى قريد .
العلاج الذى يقدمه هو كثرة السلام والحق . يقدم نفسه لنا سر سلامنا مع الأب ، والحق الأبدى . فهو الطبيب وهو العلاج .
( 4 ) أورشليم وغفران الخطايا
" واطهرهم من كل اثمهم الذي اخطأوا به اليّ ،
واغفر كل ذنوبهم التي اخطأوا بها اليّ والتي عصوا بها عليّ " ع 8 .
يقوم العهد الجديد والتحرير على أساس غفران الخطايا ( خر 36 : 25 ) والتطهير والتقديس . هذا هو الوعد الإلهى المسيانى الذى تحقق فى العهد الجديد بمجىء السيد المسيح المخلص الموعود به . [ راجع : حز 36 : 25 ، 26 ، زك 13 : 1 ، 2 ] .
( 5 ) أورشليم ... أنشودة فرح !
أورشليم التى صارت عارا وخزيا تتحول إلى مصدر فرح وتسبيح لله أمام الأمم .
إن كان إرميا يدعى النبى الباكى ، إذ كانت أحشاؤه تئن على شعبه ، لكنه المبشر بالفرح الروحى الغير منقطع ( 7 : 34 ، 16 : 9 ، 25 : 10 ) .
" فتكون لي اسم فرح ،
شهادة مفرحة لعمل الله وسط الأمم للتسبيح وللزينة لدى كل امم الارض الذين يسمعون بكل الخير الذي اصنعه معهم .
فيخافون ويرتعدون من اجل كل الخير ومن اجل كل السلام الذي اصنعه لها.
هكذا قال الرب :
سيسمع بعد في هذا الموضع ،
الذي تقولون انه خرب بلا انسان وبلا حيوان ،
في مدن يهوذا وفي شوارع اورشليم الخربة ،
بلا انسان ولا ساكن ولا بهيمة .
صوت الطرب وصوت الفرح صوت العريس وصوت العروس صوت القائلين :
احمدوا رب الجنود لان الرب صالح لان الى الابد رحمته.
صوت الذين ياتون بذبيحة الشكر الى بيت الرب ،
لاني ارد سبي الارض كالاول يقول الرب " ع 9 – 11 .
حدث هذا عندما تحقق التحرر من السبى فى أيام زربابل حيث سبح الكهنة واللاويون الرب فى الهيكل : " وغنوا بالتسبيح والحمد للرب لأنه صالح لأن إلى الأبد رحمته على إسرائيل ؛ وكل الشعب هتفوا هتافا عظيما بالتسبيح للرب لأجل تأسيس بيت الرب " عز 3 : 11 .
( 6 ) أورشليم مرعى الراعى الصالح
إذ يتحدث عن أورشليم كأنشودة فرح ، فإنه لا يعزلها عن حقولها المحيطة بها ومراعى الغنم الخاصة بسكانها ، لذلك يصور الله كراع يهتم بقطيعه العاقل ، لا يفلت أحد قط من رعايته .
" هكذا قال رب الجنود :
سيكون بعد في هذا الموضع الخرب بلا انسان ولا بهيمة وفي كل مدنه مسكن الرعاة المربضين الغنم.
في مدن الجبل ومدن السهل ومدن الجنوب وفي ارض بنيامين وحوالي اورشليم وفي مدن يهوذا ،
تمر ايضا الغنم تحت يدي المحصي يقول الرب " ع 12 – 13 .
تلمس يد الله الراعى الأعظم الحانية الخراف وترعاها ، وتهتم بها وهى تدخل الحظيرة لكى لا تنسى واحدة منها . تمر الغنم تحت يدى المحصى فلا تضيع واحدة منهم .
يقدم السيد المسيح نفسه " الراعى الصالح " الذى يبذل نفسه عن الخراف ( يو 10 ) ، والذى يرعاها بتقديم نفسه غذاء لقطيعه العاقل ، يتمتع به الصغار لبنا روحيا ينعشهم ، وينعم به الكبار طعاما يقوتهم .
( 7 ) أورشليم وكرسى داود
" ها ايام تأتي يقول الرب ،
واقيم الكلمة الصالحة التي تكلمت بها الى بيت اسرائيل والى بيت يهوذا.
في تلك الايام وفي ذلك الزمان انبت لداود غصن البر ،
فيجري عدلا وبرا في الارض.
في تلك الايام يخلص يهوذا ،
وتسكن اورشليم آمنة ، وهذا ما تتسمى به الرب برنا.
لانه هكذا قال الرب :
لا ينقطع لداود انسان يجلس على كرسي بيت اسرائيل. " ع 14 – 17 .
فى السبى البابلى حرم الشعب من إقامة ملك لهم ، أو وجود كهنة يشفعون فيهم فى الهيكل ويقدمون ذبائح وتقدمات بإسمهم ، فجاءت الوعود المسيانية تؤكد تمتعهم بملك أبدى وكهنوت وتقدمات أبدية . تحقق الوعد بديمومة ( دوام ) ملك داود فى شخص ابن داود ( 2 صم 7 : 16 ؛ 1 مل 2 : 4 ؛ مز 89 : 4 ، 29 ، 36 ؛ لو 1 : 32 ، 33 ) .
يقدم لنا إرميا ومضات رائعة عن السيد المسيح الذى يحول قلوبنا إلى أورشليمه المتهللة ، فيقدمه بكونه ينبوع المياة الحية ( 2 : 13 ) ؛ والراعى الصالح ( 23 : 4 ؛ 31 : 10 ) ، والمخلص ( 50 : 34 ) ، وداود الملك ( 30 : 9 ) كما يقدمه " الرب برنا " ( 23 : 6 ) والغصن البار ( 23 : 5 ) .
يتحقق هذا كله بالسيد المسيح ملك الملوك ، إذ قيل : " ثم بوق الملاك السابع فحدثت أصوات عظيمة فى السماء قائلة : قد صارت ممالك العالم لربنا ولمسيحه ، فسيملك إلى أبد الآبدين " رؤ 11 : 15 ؛
ويقول السيد المسيح فى نهاية الرؤيا : " أنا أصل وذرية داود ، كوكب الصبح المنير " رؤ 22 : 16 .
( 8 ) أورشليم والعمل الكهنوتى
" ولا ينقطع للكهنة اللاويين انسان من امامي ،
يصعد محرقة ،
ويحرق تقدمة ،
ويهيئ ذبيحة كل الايام " ع 18 .
كان ينظر إلى أرميا الكاهن والنبى أنه نبى متحرر لا يبالى بالهيكل إذ يتنبأ عن خرابه ، ينتقد خدمة الكهنة واللاويين وتقديم الذبائح ، هنا يعلن النبى عن أعماقه ، إنه ليس ضد الهيكل ولا الخدمة الجماعية ولا الذبائح والتقدمات ، إنما ضد الفساد والأنحراف . يتنبأ عن هيكل أبدى ، وخدمة كهنوتية أبدية ، وذبائح ونقدمات لا تنقطع .
يؤكد هنا عودة العبادة فى الهيكل الذى خربه العدو . أما عن ديمومة الكهنوت فقد تحققت بمجىء السيد المسيح الكاهن الأعظم ، وواهبا لكل المؤمنين كهنوتا عاما خلال مياة المعمودية ليقدموا ذبائح الشكر ومحرقات الحب ( رو 12 : 1 ؛ 15 : 16 ؛ 1 بط 2 : 5 ، 9 ؛ رؤ 1 : 6 ) كهنوت لا ينتهى .
( 9 ) الأمانة فى العهد
فى عدم إيمان اتهموا الله بنقض عهده مع إسرائيل ويهوذا ، وذلك بسبب سقوطهم تحت السبى . ها هو يؤكد لهم خطأ تفكيرهم ، موضحا أنه لأمانته فى عهده معهم سلمهم للسبى المؤقت ، حتى يجتازون تحت عصا التأديب ويعبر بهم إليه . إنه لن يتخلى عنهم !
" ثم صارت كلمة الرب الى ارميا قائلة :
هكذا قال الرب.ان نقضتم عهدي مع النهار وعهدي مع الليل حتى لا يكون نهار ولا ليل في وقتهما ،
فان عهدي ايضا مع داود عبدي ينقض ،
فلا يكون له ابن مالكا على كرسيه ،
ومع اللاويين الكهنة خادمي.
كما ان جند السموات لا يعد ورمل البحر لا يحصى هكذا اكثر نسل داود عبدي واللاويين خادميّ .
ثم صارت كلمة الرب الى ارميا قائلة :
اما ترى ما تكلم به هذا الشعب قائلا ان العشيرتين اللتين اختارهما الرب قد رفضهما.
فقد احتقروا شعبي حتى لا يكونوا بعد امة امامهم.
هكذا قال الرب :
ان كنت لم اجعل عهدي مع النهار والليل فرائض السموات والارض،
فاني ايضا ارفض نسل يعقوب وداود عبدي فلا آخذ من نسله حكاما لنسل ابراهيم واسحق ويعقوب لاني ارد سبيهم وارحمهم " ع 19 – 26 .
إذ يسقط الإنسان تحت التأديب يظن أن الله قد نسيه أو قد نقض عهده معه . هذه هى إحساسات الشعب بعد السبى إذ اتهموا الله بنقض عهده معهم ورفضه لمن سبق أن اختارهم . لم يدركوا أنهم يجتازون تحت عصا التأديب ، وأن هذا يتحقق خلال حبه ورعايته وليس تخليه عنهم بالكلية .
فرح شامل
إذ يتحدث فى هذا الإصحاح عن أورشليم كأنشودة فرح يؤكد الإصلاح الشامل الذى يمس حياة المدينة فتصير حصينة بالرب .
وشعبها الذى يقدم الرب نفسه لها طبيبا ودواء وخلاصا من الخطية وعريسا دائما .
والحقول بمراعيها ،
فيتقدم إليها بكونه الراعى الصالح الذى لا يفلت حمل واحد من رعايته .
القصر الملكى حيث يجلس داود على العرش أبديا ويصبغ مملكته ببره الإلهى .
والهيكل والخدام حيث تقدم خدمة أبدية غير متقطعة ...
أخيرا يؤكد الله أمانته فى تحقيق مواعيده وعهده مع شعبه .
ما أعذب مواعيد الله الذى يتطلع إلى شعب مسبى مهمل بلا مدينة ، خارج أرض الموعد ، بلا راع أو ملك وبلا كهنوت ولا هيكل ولا ذبيحة ... فيعطيهم أكثر مما يسألون وفوق ما يطلبون . يعطيهم ليس حسب استحقاقهم ، إنما حسب غنى عظمته وفيض نعمته المجانية الفائقة .
إنها صورة مبهجة تتمتع بها النفس التى تتحد بالسيد المسيح مخلصها فتجد فيه كل كفايتها ، تتحول إلى مدينة حصينة ، وحقل مثمر ، ومرعى خصب ، وقصر ملوكى مجيد وعرش يحمل روح الغلبة ، ومملكة بر ، وهيكل إلهى مقدس ... تحمل سمات عريسها فيها ، فلا يقدر أحد أن ينزع فرحها منها .
+ + + |
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح الرابع والثلاثون -العبودية عوض الحرية الإثنين فبراير 19, 2007 11:53 pm | |
|
إرميا – الإصحاح الرابع والثلاثون
العبودية عوض الحرية
تمت أحداث هذا الإصحاح فى الأيام الأخيرة من مملكة يهوذا ، أثناء حصار الكلدانيين لأورشليم ، حيث كان إرميا النبى فى السجن ، أو ربما قبل دخوله السجن . تكشف أحداثه عن شخصية الملك صدقيا المترددة ، تارة يستيقظ ضميره فيسأل النبى ليتعرف على إرادة الله . وأخرى يترك الحبل على الغارب لرجاله يتممون مشورتهم المقاومة لإرادة الله . تارة يعمل كل جهده على حفظ شريعة العتق من العبودية أو حفظ السنة السبتية ، وأخرى يترك الكل يكسرونها بكل استهتار .
( 1 ) رسالة حول مصير صدقيا
" الكلمة التي صارت الى ارميا من قبل الرب حين كان نبوخذناصّر ملك بابل وكل جيشه وكل ممالك اراضي سلطان يده وكل الشعوب يحاربون اورشليم وكل مدنها قائلة :
هكذا قال الرب اله اسرائيل :
اذهب وكلم صدقيا ملك يهوذا وقل له
هكذا قال الرب :
هانذا ادفع هذه المدينة ليد ملك بابل فيحرقها بالنار.
وانت لا تفلت من يده بل تمسك امساكا وتدفع ليده وترى عيناك عيني ملك بابل وتكلمه فما لفم وتذهب الى بابل.
ولكن اسمع كلمة الرب يا صدقيا ملك يهوذا.
هكذا قال الرب من جهتك :
لا تموت بالسيف.
بسلام تموت وباحراق آبائك الملوك الاولين الذين كانوا قبلك هكذا يحرقون لك ويندبونك قائلين آه يا سيد.
لاني انا تكلمت بالكلمة يقول الرب.
فكلم ارميا النبي صدقيا ملك يهوذا بكل هذا الكلام في اورشليم .
اذ كان جيش ملك بابل يحارب اورشليم وكل مدن يهوذا الباقية لخيش وعزيقة.لان هاتين بقيتا في مدن يهوذا مدينتين حصينتين " ع 1 – 7 .
يصف هذا الإصحاح المراحل الأولى للهجوم النهائى على أورشليم ، حيث تبدأ نهاية يهوذا ، كما يظهر موقف صدقيا الميؤس منه .
يبدو أن صدقيا الملك كان فى صراع بين احترامه لإرميا بإخلاص ، إذ غالبا ما كان يطلب مشورته ، لكن فى غير استقامة أمام الرب ، إذ كان يعصى كلمة الرب التى كان إرميا يبلغه إياها .
كان جيش نبوخذناصر ، المكون من الكلدانيين والكتائب التابعة من كل " ممالك أراضى سلطان يده " محاصرا أورشليم ، حين صدر الأمر الإلهى إلى أرميا النبى أن يذهب إلى الملك يخبره بانهيار المدينة وحرقها ، وسقوط الملك أسيرا . لكن لما كان فى حياة صدقيا شيئا من الخير كتوقيره لإرميا فقد أعلن له الرب أنه لا يموت بالسيف بل موتا عاديا بسلام ، وعند موته تقام إجراءات التكريم العادية التى تقام لدى موت الملوك ، إذ يحتفى بموته بحرق البخور فى احتفال مهيب كما كان لأجداده فى الوطن .
كان نبوخذناصر قد فاز بالنصر فى كل موضع تقريبا فيما عدا أورشليم العاصمة ، ومدينتان من مدن يهوذا هما لخيش وعزيقة ، كانتا محاصرتين ، وقد انقطع كل أمل فى استمرارهما صامدتين .
( 2 ) قطع العهد والحنث به
" الكلمة التي صارت الى ارميا من قبل الرب بعد قطع الملك صدقيا عهدا مع كل الشعب الذي في اورشليم لينادوا بالعتق ،
ان يطلق كل واحد عبده وكل واحد امته العبراني والعبرانية حرّين حتى لا يستعبدهما اي اخويه اليهوديين احد.
فلما سمع كل الرؤساء وكل الشعب الذين دخلوا في العهد ان يطلقوا كل واحد عبده وكل واحد امته حرّين ولا يستعبدوهما بعد اطاعوا واطلقوا.
ولكنهم عادوا بعد ذلك فارجعوا العبيد والاماء الذين اطلقوهم احرارا واخضعوهم عبيدا واماء " ع 8 – 11 .
عندما اقترب حصار أورشليم قامت حركة لإتمام وصية قديمة فى الناموس أهملت لمدة طويلة أى عتق العبيد اليهود ، ولعل الحكومات أرجأت إشراك هؤلاء العبيد فى أعمال الدفاع ، فقامت بحركة العتق لإرضائهم .
طلب صدقيا الملك من السادة إطلاق العبيد فسمعوا له حين كانوا فى ضيقة ، وإذ رفعت الضيقة ضغط عليه السادة فانهار فى قراره وحنث بقسمه . لقد اهتم بما للناس لا بما لله .
تم ذلك بعد أن اقترب ملك مصر ( خفرع ) ليحارب بابل ، فانسحبت جيوش البابليون رغبة فى إعادة تنظيم أنفسهم ، ففرح الشعب وظنوا ذلك دليل رضا الله ، ولكنهم رجعوا حالا إلى ما كانوا عليه ، إذ ألزموا العبيد المتحررين بالعودة بالقوة وأساءوا معاملتهم .
يحذر إرميا النبى شعبه من كسر العهد الذى تعهدوا به أمام الرب وفى بيته لعتق العبودية ، حاسبا هذا نقضا للعهد مع الله نفسه وليس مع العبيد ، وإهانة لأسم الرب الذى حلفوا به ، ونقضوا شريعته المملوءة حبا نحو الضعفاء .
( 3 ) عهد الله معنا وعهودنا مع الناس
" فصارت كلمة الرب الى ارميا من قبل الرب قائلة :
هكذا قال الرب اله اسرائيل :
انا قطعت عهدا مع آبائكم يوم اخرجتهم من ارض مصر من بيت العبيد قائلا :
في نهاية سبع سنين تطلقون كل واحد اخاه العبراني الذي بيع لك وخدمك ست سنين فتطلقه حرا من عندك.
ولكن لم يسمع آباؤكم لي ولا امالوا اذنهم.
وقد رجعتم انتم اليوم وفعلتم ما هو مستقيم في عينيّ منادين بالعتق كل واحد الى صاحبه وقطعتم عهدا امامي في البيت الذي دعي باسمي.
ثم عدتم ودنستم اسمي وارجعتم كل واحد عبده وكل واحد امته الذين اطلقتموهم احرارا لانفسهم واخضعتموهم ليكونوا لكم عبيدا واماء.
لذلك هكذا قال الرب :
انتم لم تسمعوا لي لتنادوا بالعتق كل واحد الى اخيه وكل واحد الى صاحبه.
هانذا انادي لكم بالعتق يقول الرب للسيف والوبإ والجوع ،
واجعلكم قلقا لكل ممالك الارض.
وادفع الناس الذين تعدوا عهدي الذين لم يقيموا كلام العهد الذي قطعوه امامي.
العجل الذي قطعوه الى اثنين وجازوا بين قطعتيه.
رؤساء يهوذا ورؤساء اورشليم الخصيان والكهنة وكل شعب الارض الذين جازوا بين قطعتي العجل ،
ادفعهم ليد اعدائهم وليد طالبي نفوسهم فتكون جثثهم أكلا لطيور السماء ووحوش الارض.
وادفع صدقيا ملك يهوذا ورؤساءه ليد اعدائهم وليد طالبي نفوسهم وليد جيش ملك بابل الذين صعدوا عنكم.
هانذا آمر يقول الرب واردهم الى هذه المدينة ،
فيحاربونها وياخذونها ويحرقونها بالنار ،
واجعل مدن يهوذا خربة بلا ساكن " ع 12 – 22
فى عدد 15 يوضح أن التعهد بالأطلاق تم فى بيت الرب تحت إشراف السلطات الدينية المختصة ، لذلك فالحنث به تحدى للناموس السماوى ( خر 20 : 7 ) .
العجل الذى قطعوه إلى اثنين هنا ع 18 يشير إلى الطرق البابلية القديمة فى المصادقة على العهد ( تك 15 : 9 ، 17 ) بما يوحى بأن أولئك الذين نكثوا الأتفاق عليهم أن يتوقعوا نفس مصير الحيوان المذبوح .
بينما يقدس الله الحرية الإنسانية ينكر الإنسان حرية أخيه الشخصية .
لقد حدد الله فترة العبودية بست سنوات خدمة فى ناموس موسى ( خر 21 : 2 ) ؛ تث 15 : 1 ، 2 ) ويتم العتق فى السنة السابعة ، سنة الحرية أو العتق .
لقد تحقق هذا التهديد : " واجعل مدن يهوذا خربة بلا ساكن " ع 22
خربت مدن كثيرة فى بدء القرن السادس ق . م . ولم تعد فيها حياة .
ومدن أخرى دمرت لكن عاد إليها العمران نسبيا فى تاريخ لاحق متأخر إلى حد ما .
+ + + |
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح الخامس والثلاثون -موقف الركابيين الأمناء الإثنين فبراير 19, 2007 11:54 pm | |
|
إرميا – الإصحاح الخامس والثلاثون
موقف الركابيين الأمناء
يظهر هذا الإصحاح معنى الأمانة والألتزام الروحى خلال أمانة الركابيين عبر قرنين ونصف لوصية أبيهم بالرغم من صعوبتها ، كما يظهر خيانة الشعب لله نفسه وكسر ناموسه . مقدمة عن الركابيين
لم يكن الركابيون أصلا من جماعة إسرائيل بل كانوا من قبيلة القينيين .
انضم القينيون إلى الأسرائيليين وهم صاعدون من مصر إلى أرض كنعان ( قض 4 : 11 ) ، وأظهروا لهم عطفا جزيلا ، وهذا أسس علاقات ودية بين الشعبين ، ويبدو أنهم اعتنقوا معتقدات إسرائيل الدينية ، ورافقوهم إلى أرض الموعد . صاروا من أحلاف إسرائيل ولا سيما يهوذا . أحصوا مع سبط يهوذا فى 1 أى 2 : 55 .
يذكر أن الركابيين ينتسبون إلى يثرون حمى موسى .
بيت الركابيين مجتمع دينى ، عبارة عن عشيرة أو جماعة تنسب إلى يوناداب بن ركاب الذى ظهر فى أيام إيليا وكان رئيس أحد فروع قبيلة القينيين ، ولعله تأثر إلى حد كبير بتعاليم إيليا .
فى عصر إرميا يبدو أنهم استقروا فى مرتفعات يهوذا ، وكان نظامهم فى الحياة كما فرضه يهوناداب : تقديس النظام البدوى ، وعدم الزراعة ، مع الأمتناع التام عن شرب الخمر .
وعلى هذا يجىء الأصحاح 35 والمتضمن لحادثة بيت الركابيين فى ترتيب أدبى جميل لعمل مباينة بين الشعب المتمرد الذى لم يسمع لوصايا الرب إلهه خاصة بعتق العبيد رفقائهم ( إر 34 ) وبين بيت الركابيين الذين أطاعوا وصية أبيهم .
إذ كان بنو ركاب أناس إيمان ، مخلصين وأمناء ، أستخدمهم الله مثلا ... كانت الفرصة سانحة لهم أن يشربوا خمرا فى أحد المخادع فى الخفاء ، لكن الوصية بالنسبة لهم لها قوتها فى حياتهم الخفية .
( 1 ) إرميا يختبر أمانة الركابيين
" الكلمة التي صارت الى ارميا من قبل الرب ،
في ايام يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا قائلة :
اذهب الى بيت الركابيين وكلمهم :
وادخل بهم الى بيت الرب الى احد المخادع واسقهم خمرا.
فأخذت يازنيا بن ارميا بن حبصينيا واخوته وكل بنيه وكل بيت الركابيين .
ودخلت بهم الى بيت الرب الى مخدع بني حانان بن يجدليا رجل الله الذي بجانب مخدع الرؤساء الذي فوق مخدع معسيا بن شلوم حارس الباب.
وجعلت امام بني الركابيين طاسات ملآنة خمرا واقداحا،
وقلت لهم اشربوا خمرا.
فقالوا لا نشرب خمرا لان يوناداب بن ركاب ابانا اوصانا قائلا :
لا تشربوا خمرا انتم ولا بنوكم الى الابد ،
ولا تبنوا بيتا ولا تزرعوا زرعا ولا تغرسوا كرما ،
ولا تكن لكم بل اسكنوا في الخيام كل ايامكم لكي تحيوا اياما كثيرة على وجه الارض التي انتم متغربون فيها.
فسمعنا لصوت يوناداب بن ركاب ابينا في كل ما اوصانا به ان لا نشرب خمرا كل ايامنا نحن ونساؤنا وبنونا وبناتنا ،
وان لا نبني بيوتا لسكنانا ،
وان لا يكون لنا كرم ولا حقل ولا زرع ،
فسكنا في الخيام وسمعنا وعملنا حسب كل ما اوصانا به يوناداب ابونا.
ولكن كان لما صعد نبوخذراصر ملك بابل الى الارض اننا قلنا هلم فندخل الى اورشليم من وجه جيش الكلدانيين ومن وجه جيش الاراميين.
فسكنا في اورشليم " ع 1 – 11
طلب الله من إرميا أن يذهب إلى بيت الركابيين ويكلمهم ويدخل بهم إلى بيت الرب إلى أحد المخادع ويسقيهم خمرا ( ع 2 ) .
لعل جماعة من اليهود استرعى انتباههم اجتماع النبى بهؤلاء الرجال الغربيين فى منظرهم . فاقتفوا أثرهم ودخلوا معهم ليرقبوا النتيجة ، تأملوا بدقة فى تصرفات إرميا حين جعل أمام بنى بيت الركابيين طاسات ملآنة خمرا وأقداحا ليملأوها من الطاسات ويشربوا ، ثم سمعوا أيضا هذه الجماعة المحافظة وهم يقولون لا نشرب الخمر .
كانت الخمر مقترنة بالترف والفساد ( إش 28 : 1 – 8 ) ، فامتناعهم عن شرب الخمر لم يكن فقط احتجاجا ضد الشرور التى كانت منتشرة بين الشعب فى عصرهم ، بل كان أيضا ضمانا أكيدا لعدم اشتراكهم فيها .
كان صوت يوناداب خافتا وآتيا إليهم من قرنين ونصف ، أما صوت الرب فكان دائم التحدث إليهم فى كل عصر جديد ، وعلى لسان كل رسول أرسله إليهم مبكرا .
( 2 ) عدم أمانة الشعب
بينما كانت تعليمات يهوناداب تطيعها الأجيال المتعاقبة ، كانت أوامر الله [ التى اعطيت فى سيناء ] تهمل بل وترفض ، وصار هذا هو السلوك المألوف فى الحياة .
" ثم صارت كلمة الرب الى ارميا قائلة :
هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل.
اذهب وقل لرجال يهوذا وسكان اورشليم :
أما تقبلون تأديبا لتسمعوا كلامي يقول الرب ؟!
قد اقيم كلام يوناداب بن ركاب الذي اوصى بنيه ان لا يشربوا خمرا فلم يشربوا الى هذا اليوم لانهم سمعوا وصية ابيهم.
وانا قد كلمتكم مبكرا ومكلما ولم تسمعوا لي.
وقد ارسلت اليكم كل عبيدي الانبياء مبكرا ومرسلا قائلا ارجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة واصلحوا اعمالكم ولا تذهبوا وراء آلهة اخرى لتعبدوها فتسكنوا في الأرض التى أعطيتكم وآباءكم .
فلم تميلوا أذنكم ولا سمعتم لى .
لأن بنى يوناداب بن ركاب قد أقاموا وصية أبيهم التى أوصاهم بها ، أما هذا الشعب فلم يسمع لى " ع 12 – 16 .
بينما كان البابليون يعيدون تنظيم صفوفهم بعد المعركة مع مصر عام 601 ق . م . ، قامت قوات الغزو الآرامية والكلدانية بغارات متفرقة على أهداف مختارة فى يهوذا فيما بين 599 ، 597 لنهب يهوذا ( 2 مل 24 : 2 ) .
( 3 ) البقية المقدسة
" لذلك هكذا قال الرب اله الجنود اله اسرائيل :
هانذا اجلب على يهوذا وعلى كل سكان اورشليم كل الشر الذي تكلمت به عليهم لاني كلمتهم فلم يسمعوا ودعوتهم فلم يجيبوا .
وقال ارميا لبيت الركابيين هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل.من اجل انكم سمعتم لوصية يوناداب ابيكم وحفظتم كل وصاياه وعملتم حسب كل ما اوصاكم به لذلك هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل :
لا ينقطع ليوناداب بن ركاب انسان يقف امامي كل الايام " ع 17 – 19 .
كانوا أمناء فى الخفاء فتمتعوا بوعد إلهى : " لا ينقطع ليوناداب بن ركاب انسان يقف امامي كل الايام " ع 19
إن العبارة " يقف أمامى " ع 19 ( أمام الله ) تشير إلى حياة روحية سامية ، وتتضمن معرفة الله ، والقدرة على إتمام وصاياه ، وموهبة الشفاعة من أجل الآخرين .
فى وسط الضيقة لا ينسى الله البقية الباقية القليلة الأمينة ، فإنه يرد لهم أمانتهم بوعود إلهية أمينة وسخية .
ليتنا ندرك دائما أن لله بقية أمينة فى كل جيل . ففى وسط أحداث السبى المرة كان الله مشغولا بمكافأة بنى ركاب الأمناء ، وحينما رفضته كل أورشليم وجد له موضع راحة فى بيت لعازر ومريم ومرثا فى قرية عنيا ( العناء ) الصغيرة والمجهولة .
لم ينشغل الله بكل قيادات المدينة العظمى أورشليم المقاومة له ، إنما انشغل بحب أسرة مجهولة فى قرية صغيرة صغيرة !
فى الوقت الذى كان فيه العالم كله شريرا يستحق الإبادة ، لم ينس الله نوحا وبنيه ونساء بنيه . لم ينس ثمانية أشخاص وسط جمهور البشرية فى ذلك الحين .
وعندما استحقت سدوم وعمورة نارا وكبريتا للحرق أرسل الله ملاكين لإنقاذ لوط وبنتيه .
الله له شهود أمناء فى كل عصر + + +
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح السادس والثلاثون -كلمة الرب لا تفنى الإثنين فبراير 19, 2007 11:55 pm | |
|
إرميا – الإصحاح السادس والثلاثون
كلمة الرب لا تفنى
غالبا ما تحوى الإصحاحات 36 – 44 أحداثا تاريخية مع نبوات قليلة لإرميا النبى .
فى أواخر ربيع 605 ق . م . هزم نبوخذنصر القوات المصرية فى موقعة كركميش على نهر الفرات ، وبدأ يتحرك جنوبا فى سوريا إلى فلسطين .
يبدو أن هذا الجو كان مناسبا لإرميا لقراءة درج يحمل نبواته ، التى أملاها بروح الرب على كاتبه باروخ .
لهذا الإصحاح أيضا أهمية خاصة ، فمن ناحية أوضح كيف بدأ جمع نبوات إرميا ، ومن ناحية أخرى ألقى ضوءا على بعض رؤساء يهوذا الذين كانوا فى أعماقهم يطلبون سلام إرميا وباروخ ... ربما كان هؤلاء الرؤساء مساعدين فى إصلاحات الملك يوشيا لذلك تعاطفوا مع النبى وكاتبه .
لم يستطع إرميا أن يتحدث مع الشعب ، فأرسل إليهم صديقه باروخ يقرأ للقادمين إلى أورشليم الصائمين النبوات التى سبق أن أعلنها بغرض توبتهم .
لم يحتمل الملك كلمة الرب ، وعوض التوبة أحرق الدرج ، وطلب قتل النبى وكاتبه ! إنه لم يطق كلمة الرب ولا الناطق بها .
عاد فكتب إرميا ما كان بالدرج الأول وزاد عليه ما لم يكن مكتوبا . ولا تزال كلمة الله حية إلى يومنا هذا ، لم تقدر النيران أن تبيدها !
( 1 ) كتابة درج السفر
" وكان في السنة الرابعة ليهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا ان هذه الكلمة صارت الى ارميا من قبل الرب قائلة :
خذ لنفسك درج سفر ،
واكتب فيه كل الكلام الذي كلمتك به على اسرائيل وعلى يهوذا وعلى كل الشعوب ،
من اليوم الذي كلمتك فيه من ايام يوشيا الى هذا اليوم.
لعل بيت يهوذا يسمعون كل الشر الذي انا مفكر ان اصنعه بهم ،
فيرجعوا كل واحد عن طريقه الرديء ،
فاغفر ذنبهم وخطيتهم.
فدعا ارميا باروخ بن نيريا ،
فكتب باروخ عن فم ارميا كل كلام الرب الذي كلمه به في درج السفر.
واوصى ارميا باروخ قائلا :
انا محبوس لا اقدر ان ادخل بيت الرب .
فادخل انت واقرأ في الدرج الذي كتبت عن فمي كل كلام الرب في آذان الشعب في بيت الرب في يوم الصوم ،
واقرأه ايضا في آذان كل يهوذا القادمين من مدنهم.
لعل تضرعهم يقع امام الرب ،
فيرجعوا كل واحد عن طريقه الرديء ،
لانه عظيم الغضب والغيظ اللذان تكلم بهما الرب على هذا الشعب " ع 1 – 7 .
كان إرميا محبوسا لا يقدر أن يدخل بيت الرب ( ع 5 ) . هنا كلمة " محبوس " لا تعنى أنه كان مسجونا ، لكنه كان ممنوعا من الدخول إلى بيت الرب ، فحسب نفسه محبوسا . [ بعد الأحداث الواردة فى 19 : 1 – 20 ) .
أمر الله إرميا أن يجمع كل ما تنبأ به فى تلك المدة الطويلة ، فيعلنه للشعب بقراءته أمامهم فى يوم احتفال عام .
أملى الدج الأول بعد هزيمة مصر فى موقعة كركميش مباشرة ، ربما كانت بداية الكارثة باعثا على جمع النبوات على أمل أن يتوب يهوذا .
واضح من ع 3 ، 7 أن الله يترجى توبة شعبه ولو فى اللحظات الأخيرة حتى ليغير الحكم الإلهى من نحوهم ، فتغيراتجاه بيت يهوذا يتبعه تغيير فى حكم الله ( 26 : 3 ) .
كان رجلا الله إرميا النبى وباروخ الكاتب تحت قيادة الروح القدس ، يعطى الأول كلمة ينطق بها والثانى يكتب .
كان الرب هو المشدد والمعضد لإرميا ، لذلك على الرغم مما أصابه من أتعاب وسخرية وعار واستهزاء لم يستطع السكوت .
لا ننسى أن نبوة إرميا كانت موضوع اهتمام ودراسة الأمناء المعاصرين له مثل دانيال الذى قال : " أنا دانيال فهمت من الكتب عدد السنين التى كانت عنها كلمة الرب لإرميا لكماله سبعين سنة على خراب أورشليم " ( دا 9 : 2 ) .
( 2 ) اعلان عن الصوم
انتهز إرميا فرصة الصوم الذى فرضه الملك على الشعب بسبب الخطر المرتقب من جراء تقدم جيوش الكلدانيين ، والظاهر أنها كانت الفرصة الأخيرة التى أراد الله أن يعطيها للشعب لأجل التوبة والرجوع إليه .
" ففعل باروخ بن نيريا حسب كل ما اوصاه به ارميا النبي بقراءته في السفر كلام الرب في بيت الرب .
وكان في السنة الخامسة ليهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا في الشهر التاسع انهم نادوا لصوم امام الرب كل الشعب في اورشليم وكل الشعب القادمين من مدن يهوذا الى اورشليم.
فقرأ باروخ في السفر كلام ارميا في بيت الرب في مخدع جمريا بن شافان الكاتب في الدار العليا في مدخل باب بيت الرب الجديد في آذان كل الشعب " ع 8 – 10 .
قرىء كلام السفر فى آذان الشعب فى يوم صوم فى الشهر التاسع فى السنة الخامسة لحكم الملك يهوياقيم . كان الصوم من أجل الأزمة القومية التى حلت بهم ، ولكنهم لم يلتزموا بالتوبة ! لذا قيل :
" حين يصومون لا أسمع صراخهم ، وحين يصعدون محرقة وتقدمة لا أقبلهم " إر 14 : 12 .
( 3 ) قراءة للرؤساء
" فلما سمع ميخايا بن جمريا بن شافان كل كلام الرب من السفر ،
نزل الى بيت الملك الى مخدع الكاتب واذا كل الرؤساء جلوس هناك.
اليشاماع الكاتب ودلايا بن شمعيا والناثان بن عكبور وجمريا بن شافان وصدقيا بن حننيا وكل الرؤساء.
واخبرهم ميخايا بكل الكلام الذي سمعه عندما قرأ باروخ السفر في آذان الشعب.
فارسل كل الرؤساء الى باروخ يهودي بن نثنيا بن شلميا بن كوشي قائلين :
الدرج الذي قرأت فيه في آذان الشعب خذه بيدك وتعال.
فاخذ باروخ بن نيريا الدرج بيده واتى اليهم.
فقالوا له اجلس واقرأه في آذاننا.
فقرأ باروخ في آذانهم.
فكان لما سمعوا كل الكلام انهم خافوا ناظرين بعضهم الى بعض وقالوا لباروخ :
إخبارا نخبر الملك بكل هذا الكلام.
ثم سألوا باروخ قائلين اخبرنا كيف كتبت كل هذا الكلام عن فمه.
فقال لهم باروخ بفمه كان يقرأ لي كل هذا الكلام وانا كنت اكتب في السفر بالحبر.
فقال الرؤساء لباروخ :
اذهب واختبئ انت وارميا ولا يعلم انسان اين انتما " ع 11 – 19 .
وقف باروخ فى الدار العليا ، وبدأ يقرأ ، سمعه شاب يدعى ميخايا حفيد شافان ، فتأثر جدا وأسرع إلى القصر وأخبر الرؤساء الذين استدعوا باروخ ليقرأ لهم ما بالدرج . خافوا جدا إذ سمعوا عن الخراب الذى سيحل بالبلاد ، وشعروا بالمسئولية أن يخطروا الملك بمحتويات الدرج .
استقبالهم المشوب بالخوف لهذا الدرج ألزمهم أن يخبروا الملك فورا بما فيه . وقد اهتم الرؤساء أيضا بسلامة إرميا وباروخ إذ كانوا يعرفون ما اتصف به يهوياقيم من ظلم وعدوان . ومن الواضح أنهم استفادوا من النهاية المأساوية التى لقيها " يوريا " نتيجة لأقواله ( 26 : 23 ) .
يذكر التقليد اليهودى أن مكان الأختباء عرف باسم " كهف إرميا " ، وكان يقع خارج باب دمشق وإن كان ذلك ليس يقينا .
( 4 ) حرق الدرج
" ثم دخلوا الى الملك الى الدار واودعوا الدرج في مخدع اليشاماع الكاتب ،
واخبروا في اذني الملك بكل الكلام.
فارسل الملك يهودي لياخذ الدرج ،
فاخذه من مخدع اليشاماع الكاتب ، وقرأه يهودي في اذني الملك وفي آذان كل الرؤساء الواقفين لدى الملك.
وكان الملك جالسا في بيت الشتاء في الشهر التاسع.والكانون قدامه متقد.
وكان لما قرأ يهودي ثلاثة شطور او اربعة انه شقه بمبراة الكاتب والقاه الى النار التي في الكانون حتى فني كل الدرج في النار التي في الكانون.
ولم يخف الملك ولا كل عبيده السامعين كل هذا الكلام ولا شققوا ثيابهم.
ولكن الناثان ودلايا وجمريا ترجوا الملك ان لا يحرق الدرج فلم يسمع لهم.
بل أمر الملك يرحمئيل ابن الملك وسرايا بن عزرئيل وشلميا بن عبدئيل ان يقبضوا على باروخ الكاتب وارميا النبي ولكن الرب خبأهما " ع 20 – 26 .
قبل تقديم السفر للملك طلب الأشراف من باروخ وإرميا أن يختبئا ، لأنهم يعرفون طبيعة يهوياقيم العنيفة الظالمة . لقد ظنوا أن الملك يكتفى بسماع ملخص لما ورد فى الدرج ، لكن هذا لم يرضه بل طلب من " يهودى " أن يحضر الدرج بينما جلس الملك بجوار كانون النار يستدفىء ، والرؤساء واقفون حوله ، بينما كان الشعب فى أرجاء المدينة فى حالة خوف وفزع ، خاصة الذين فى الهيكل .
كانت أمام الملك فرصة للتوبة ، خاصة بعد أن حثه بعض رجاله أن ينصت إلى كلمة الرب ، لكنه طرح السفر فى النار ، فإذ به يطرح نفسه وبيته ومدينته فى نيران قاسية ! ثم طلب القبض على إرميا النبى وباروخ فلم يجدهما رسله .
التحدى السافر الذى أظهره الملك وحاشيته فيه تناقض صارخ مع رد فعل يوشيا عندما سمع سفر الشريعة المكتشف حديثا ( 2 مل 22 : 11 ) . إذ لما سمع يوشيا والد يهوياقيم سفر الشريعة مزق ثيابه .
الدرج احترق ، ولكن ما ورد بالدرج تحقق !
الذين يرفضون طريق الصليب الضيق من أجل الراحة الزمنية يمسكون بمبراة يهودى ليمزقوا الكلمة الإنجيلية فى حياتهم .
ما أتعس الإنسان الذى يمزق كلمة الله بمبراة ذهنه ويزيفها بعقله ، يطرح رجاءه لا الدرج فى النار ، أما كلمة الرب فباقية إلى الأبد . " السموات والأرض تزولان لكن كلامى لا يزول " مر 13 : 31
من يرتبط بكلمة الحياة الباقية إلى الأبد يحطم الفناء ويغلب الموت ويدخل إلى عدم الفساد الأبدى .
( 5 ) النسخة الثانية من الدرج
" ثم صارت كلمة الرب الى ارميا بعد احراق الملك الدرج والكلام الذي كتبه باروخ عن فم ارميا قائلة :
عد فخذ لنفسك درجا آخر واكتب فيه كل الكلام الاول الذي كان في الدرج الاول الذي احرقه يهوياقيم ملك يهوذا.
وقل ليهوياقيم ملك يهوذا :
هكذا قال الرب.
انت قد احرقت ذلك الدرج قائلا لماذا كتبت فيه قائلا مجيئا يجيء ملك بابل ويهلك هذه الارض ويلاشي منها الانسان والحيوان.
لذلك هكذا قال الرب عن يهوياقيم ملك يهوذا :
لا يكون له جالس على كرسي داود وتكون جثته مطروحة للحر نهارا وللبرد ليلا.
واعاقبه ونسله وعبيده على اثمهم واجلب عليهم وعلى سكان اورشليم وعلى رجال يهوذا كل الشر الذي كلمتهم عنه ولم يسمعوا .
فاخذ ارميا درجا آخر ودفعه لباروخ بن نيريا الكاتب فكتب فيه عن فم ارميا كل كلام السفر الذي احرقه يهوياقيم ملك يهوذا بالنار ،
وزيد عليه ايضا كلام كثير مثله " ع 27 – 32
كم مضى من الوقت بعد تدمير الدرج الأصلى وبين عمل النسخة الثانية ؟ لا يعرف أحد بالضبط . لكن ربما لا تزيد عن عدة شهور . وشملت النسخة الثانية على مادة إضافية تركز على المصير الذى ينتظر حاكم غير تقى .
لم ينشغل إرميا النبى وكاتبه بمقومة الأشرار لهما بل بحفظ الكلمة الإلهية وتسجيلها ، ليس فقط فى سفر عبر الدهور بل وفى حياتهما .
+ + +
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح السابع والثلاثون -صدقيا يستشير إرميا الثلاثاء فبراير 20, 2007 12:15 am | |
|
إرميا – الإصحاح السابع والثلاثون
صدقيا يستشير إرميا
تعتبر الإصحاحات 37 إلى 44 قسما تاريخيا ، يبدأ بالحديث عن رفع الكلدانيين الحصار عن أورشليم مؤقتا لملاقاة فرعون خفرع ، وقد طلب صدقيا الملك من إرميا الصلاة من أجله .
ذكرت هنا حادثتان فى الفترة 589 – 588 ق . م ، ربما فى ربيع 588 جاءت الأخبار بوصول قوة إنقاذ مصرية ، فرفع البابليون الحصار عن أورشليم مؤقتا لمواجهة التهديد الحربى الجديد ، فشهد السكان المحاصرون هدنة لألتقاط الأنفاس .
ارسل صدقيا الذى ملكه نبوخذنصر ملك بابل على يهوذا إلى أرميا يستشيره إن كان يتحالف مع فرعون مصر لحمايته من الكلدانيين ، ظانا أن الله يجعل من هذه الهدنة المؤقتة هدنة دائمة . وكانت الإجابة صريحة وهى عدم الأتكال على ذراع بشر ، مؤكدا أن جيش الكلدانيين الذى حاصر أورشليم وتركها سيعود مرة أخرى ويحاصرها ، ولن يستطع فرعون أن يخلصهم .
" لانكم وان ضربتم كل جيش الكلدانيين الذين يحاربونكم وبقي منهم رجال قد طعنوا فانهم يقومون كل واحد في خيمته ويحرقون هذه المدينة بالنار " ع 10 .
اعتبره الملك ورجاله خائنا ، لذلك ضربوه وجعلوه فى بيت السجن فى بيت يوناثان الكاتب ( ع 15 ) .
كانوا يستخدمون الجب لحبس الأشخاص المقبوض عليهم وكان ذلك مؤلما جدا ، خاصة وأنه غالبا ما وضع فى حبس منفرد .
لم يسترح ضمير الملك إذ بدأ يكتشف أن ما قاله الأنبياء الكذبة خلال الثلاثين عاما لم يكن إلا خداعا ، فأرسل إلى أرميا سرا يسأله مرة أخرى ، فأكد له أنه سينهزم أمام بابل .
لم يخف إرميا من السجن ، ولا انهار أمام الملك ، بل بكل جرأة قال للملك : " ما هى خطيتى إليك وإلى عبيدك وإلى هذا الشعب حتى جعلتمونى فى بيت السجن ؟! " ع 18 .
نقل إرميا من سجن بيت يوناثان الذى هو تحت الأرض وغير صحى إلى سجن بيت الملك ، حيث أصبح لإرميا شىء من الحرية ، وأعطى قسطا من الطعام يوميا .
( 1 ) ملك صدقيا
" وملك الملك صدقيا بن يوشيا مكان كنياهو بن يهوياقيم ،
الذي ملكه نبوخذراصر ملك بابل في ارض يهوذا.
ولم يسمع هو ولا عبيده ولا شعب الارض لكلام الرب ،
الذي تكلم به عن يد ارميا النبي " ع 1 – 2 .
جاء صدقيا خلفا للملك يكنيا أو كنياهو ( 2 مل 24 ) ، وقد رأى فى سلفه ثمار رفض الكلمة الإلهية ، لكنه لم يتعظ هو ورجاله وشعبه . أستخدم اسم كنياهو اختصارا لكلمة " يكنيا " ، وفيه نوع من التوبيخ .
رفض الملك وعبيده وشعبه أن يسمعوا لكلام الله ( ع 2 ) ، ففقدوا سلامهم الداخلى . ظنوا أن فى حبس إرميا إراحة لضمائرهم ونصرة لأفكارهم ، لكن بقى النبى المفترى عليه يحمل قوة وحرية داخلية داخل السجن لأنه ملتصق بالكلمة الإلهية ، بينما شعر الملك بالضعف ... يطلب كلمة من شفتى إرميا لعله يستريح .
( 2 ) صدقيا يلجأ إلى أرميا
" وارسل الملك صدقيا يهوخل بن شلميا ، وصفنيا بن معسيا الكاهن الى ارميا النبي قائلا :
صلّ لاجلنا الى الرب الهنا.
وكان ارميا يدخل ويخرج في وسط الشعب ،
اذ لم يكونوا قد جعلوه في بيت السجن " ع 3 – 4 .
بعث صدقيا برسولين إلى النبى ، ربما لأنه كانت تنقصه الجرأة للحديث معه وجها لوجه . على أى الأحوال لقد دان صدقيا نفسه بفمه ، فإن كان قد أرسل إلى أرميا يطلب صلواته ومشورته إيمانا بأنه نبى ، فلماذا لم يسمع للصوت الإلهى ؟!
كان يليق بالملك لا أن يطلب من النبى من أجله فحسب ، بل وأن يصلى معه فيمارس حياة الصلاة القادرة على تغيير الأمور . فإننا حتى فى الشفاعة نطلب صلوات القديسين معنا فلا تقبل الصلوات بدون التجائنا نحن إلى الصلاة مع التوبة .
( 3 ) رفع الحصار
" وخرج جيش فرعون من مصر.
فلما سمع الكلدانيون المحاصرون اورشليم بخبرهم صعدوا عن اورشليم " ع 5 .
فى صيف 588 ق . م . تحرك المصريون إلى منطقة فلسطين ، ربما استجابة لطلب من صدقيا ( حز 17 : 11 – 21 ) ، وربما تحرك جيش مصر ليكون خط دفاع عن مصر من أى هجوم بابلى محتمل .
فرعون هذا هو خفرع ( 44 : 30 ) الذى خلف والده نخو والذى حكم من سنة 589 ق . م . – 570 ق . م . ، تراجع قبل الدخول فى معركة حقيقية ، تاركا أورشليم تسقط فى يد البابليين سنة 587 ق . م .
( 4 ) نبوته عن استئناف الحصار
" فصارت كلمة الرب الى ارميا النبي قائلة :
هكذا قال الرب اله اسرائيل ،
هكذا تقولون لملك يهوذا الذي ارسلكم اليّ لتستشيروني.
ها ان جيش فرعون الخارج اليكم لمساعدتكم يرجع الى ارضه الى مصر.
ويرجع الكلدانيون ويحاربون هذه المدينة وياخذونها ويحرقونها بالنار.
هكذا قال الرب.
لا تخدعوا انفسكم قائلين ان الكلدانيين سيذهبون عنا لانهم لا يذهبون.
لانكم وان ضربتم كل جيش الكلدانيين الذين يحاربونكم وبقي منهم رجال قد طعنوا فانهم يقومون كل واحد في خيمته ويحرقون هذه المدينة بالنار " ع 6 – 10 .
كانت الإجابة صريحة ، ليس فيها خداع ، ولكن هم أرادوا أن يخدعوا أنفسهم بأنفسهم ، يريدون إجابة لا تمثل الواقع ، بل حسب هواهم وإرادتهم . حقا إن لم يخدع الإنسان نفسه لا يقدر حتى إبليس المخادع أن يخدعه ! لهذا يقول إرميا النبى :
" لا تخدعوا أنفسكم " ع 9 .
( 5 ) القبض على إرميا
" وكان لما أصعد جيش الكلدانيين عن اورشليم من وجه جيش فرعون ،
ان ارميا خرج من اورشليم لينطلق الى ارض بنيامين لينساب من هناك في وسط الشعب.
وفيما هو في باب بنيامين اذا هناك ناظر الحراس اسمه يرئيا بن شلميا بن حننيا فقبض على ارميا النبي قائلا انك تقع للكلدانيين.
فقال ارميا كذب.لا اقع للكلدانيين.ولم يسمع له فقبض يرئيا على ارميا وأتى به الى الرؤساء " ع 11 – 14 .
تم القبض على إرميا فى وقت كان فيه الحصار مرتبكا ، وكان هناك نوع من الحرية فى الحركة داخل المدينة وخارجها .
وسط حركة الجماهير خرج إرميا النبى ، ظانا أن أحدا لا يهتم بشأنه فى ظروف كهذه ، خاصة وأنه مختف وسط أعداد بلا حصر .
خرج إرميا من باب بنيامين متجها إلى الأرض التى اشتراها من حمنئيل ، لكن أسىء فهم نواياه ، وتم القبض عليه فى شك أنه ذاهب إلى العدو .
يبدو أن هذا التصرف من جانب إرميا كان دون مشورة من الرب ، مما سبب له متاعب أكثر .
واضح أن الإتهام الذى وجه لإرميا كان باطلا ، لأن الكلدانيين كانوا قد فارقوا أورشليم ، وكانوا مشغولين فى الدخول فى معركة مع فرعون . هذا وقد وضع فى السجن دون محاكمة حقيقية .
( 6 ) طرحه فى الجب ، ثم إطلاقه
" فغضب الرؤساء على ارميا وضربوه وجعلوه في بيت السجن في بيت يوناثان الكاتب لانهم جعلوه بيت السجن.
فلما دخل ارميا الى بيت الجب والى المقببات اقام ارميا هناك اياما كثيرة ،
ثم ارسل الملك صدقيا واخذه وسأله الملك في بيته سرا وقال :
هل توجد كلمة من قبل الرب ؟
فقال ارميا : توجد.
فقال انك تدفع ليد ملك بابل " ع 17 .
التجأ صدقيا الملك إلى أرميا إما لأنه ظن أن طرح إرميا فى السجن قد غير من فكره ، فينطق بكلمات مطمئنة عوض إصراره على تحقيق السبى البابلى ، أو أراد من النبى أن يثبت ظنه وسؤال قلبه أى أن مغادرة الكلدانيين تعنى خلاصا نهائيا كليا لأورشليم . أما إرميا فيرد بأن هذا فكر باطل لأن جيوش بابل ستعود لتهلك المدينة .
كان الحكم على صدقيا قاسيا لأنه استشار إرميا النبى على الأقل مرتين وأظهر حنوا نحوه ، لكنه فى ضعف شخصيته كان يخشى العاملين معه الذين رفضوا رسالة إرميا .
( 7 ) إرميا يطلب الرحمة
" ثم قال ارميا للملك صدقيا ما هي خطيتي اليك والى عبيدك والى هذا الشعب حتى جعلتموني في بيت السجن ؟
فاين انبياؤكم الذين تنبأوا لكم قائلين لا ياتي ملك بابل عليكم ولا على هذه الارض ؟
فالآن اسمع يا سيدي الملك.
ليقع تضرعي امامك ولا تردني الى بيت يوناثان الكاتب فلا اموت هناك.
فامر الملك صدقيا ان يضعوا ارميا في دار السجن ،
وان يعطى رغيف خبز كل يوم من سوق الخبازين حتى ينفد كل الخبز من المدينة.
فاقام ارميا في دار السجن " ع 18 – 21 .
كان يمكن لصدقيا الملك أن يطلق إرميا من السجن ، لكن لم تكن لديه الشجاعة لأخذ قرار كهذا . لقد تركه فى السجن بعد أن خفف عنه بعض الأتعاب ، وقد حول الله سجن إرميا إلى بركة له ولغيره .
على أى الأحوال ، كان إرميا النبى صاحب الدموع الغزيرة ، وجدران القلب المتوجعة ، والأحشاء التى لا تكف عن أن تئن ، لكنه الرجل الشجاع الذى يقف أمام الملوك بقوة ، ليقول " يارب عزى وحصنى وملجأى فى يوم الضيق " إر 16 : 19
وكأنه يردد ما سبق فقاله ميخا النبى : " أنا ملآن قوة روح الرب وحقا وبأسا لأخبر يعقوب بذنبه وإسرائيل بخطيته " مى 3 : 8 .
+ + +
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح الثامن والثلاثون -إرميا فى الجب الثلاثاء فبراير 20, 2007 12:17 am | |
|
إرميا – الإصحاح الثامن والثلاثون
إرميا فى الجب
يرى بعض الدارسين أن كلا من الإصحاحين 37 ، 38 يحملان تفاصيل خاصة بنفس الحادثة ، فإن أردنا القصة كاملة يضم الإصحاحين معا .
( 1 ) المطالبة بقتل إرميا
" وسمع شفطيا بن متان وجدليا بن فشحور ويوخل بن شلميا وفشحور بن ملكيا الكلام الذي كان ارميا يكلم به الشعب قائلا :
هكذا قال الرب :
الذي يقيم في هذه المدينة يموت بالسيف والجوع والوبإ.
واما الذي يخرج الى الكلدانيين فانه يحيا وتكون له نفسه غنيمة فيحيا.
هكذا قال الرب.هذه المدينة ستدفع دفعا ليد جيش ملك بابل فياخذها.
فقال الرؤساء للملك ليقتل هذا الرجل ،
لانه بذلك يضعف ايادي رجال الحرب الباقين في هذه المدينة وايادي كل الشعب ،
اذ يكلمهم بمثل هذا الكلام.
لان هذا الرجل لا يطلب السلام لهذا الشعب بل الشر " ع 1 – 4 .
جاء التقرير هنا مطابقا تماما لما ورد فى إر 21 : 9 الذى قدمه فى بدء الحصار قبل القبض عليه ، مؤكدا موت الذين يقيمون فى المدينة بالسيف والجوع والوبأ . وقد تكررت هذه الضربات الثلاث معا فى سفر إرميا ( 24 : 12 ؛ 21 : 7 ؛ 9 ؛ 24 : 10 ؛ 27 : 8 ؛ 13 ؛ 29 : 17 – 18 ؛ 32 : 24 ؛ 34 : 17 ؛ 38 : 2 ؛ 42 : 17 ؛ 44 : 13 ) .
يقصد بقوله : " يخرج إلى الكلدانيين " تسليم نفسه لهم .
صدر الحكم من الرؤساء على إرميا بالقتل ( ع 4 ) كخائن للوطن ، ولم يدركوا أن إرميا يحمل حبا حقيقيا للشعب ، ينبع عن أحشائه الملتهبة . وأن ما نطق به هو حكم صدر عليهم بسبب عصيانهم المستمر . فالأمر ليس فى يديه بل فى أيدى الملك والرؤساء والكهنة والشعب إن قدموا توبة تتغير كل الأحكام !
( 2 ) إلقاء إرميا فى السجن
" فقال الملك صدقيا ها هو بيدكم لان الملك لا يقدر عليكم في شيء.
فاخذوا ارميا والقوه في جب ملكيا ابن الملك الذي في دار السجن ودلوا ارميا بحبال.
ولم يكن في الجب ماء بل وحل فغاص ارميا في الوحل "ع 5 ، 6
ربما لم يصرح الملك بقتله ظنا منه أنه طالما كان النبى على قيد الحياة فإن الله يمكن أن يرجىء عقاب يهوذا المتنبأ عنه فى إر 37 : 15 ، أو يريد الملك قتله لكن ليس بيديه ، إنما بأيدى الرؤساء ، وهذا من شيمة الإنسان الضعيف الذى يشتهى الشىء ، لكنه يدفع الآخرين إلى تنفيذه ، لكى يبرر نفسه فيما بعد !
كان للرؤساء سلطة الحكم عليه ولكن حكم الإعدام لا بد من موافقة الملك عليه . ونظرا لضعف الملك لم يرتدع الرؤساء ، إلا أنه لم يسمح لهم بقتله رأسا ، لذلك ألقوه فى الجب ليموت هناك جوعا .
كان مركز الملك ضعيفا لأن نبوخذنصر أقامه ملكا بعد سبى يهوياكين ، وربما كان غير مقبول من أحد فى الأمة كملك حقيقى ، بل ينتظر الكل عودة الملك المسبى يهوياكين .
لقد صدر الحكم بإلقائه فى جب به وحل ليموت هناك . وقد فضل إرميا أن يموت فى وحل الجب ولا تدفن كلمة الله فى وحل العصيان أو المجاملة على حساب الحق .
إذ ألقى فى الجب السفلى تحولت حياته إلى صلاة ، فصرخ إلى الله قائلا :
" دعوت باسمك يارب من الجب الأسفل ،
لصوتى سمعت ،
لا تستر أذنك عن زفرتى عن صياحى ،
دنوت يوم دعوتك ،
قلت : لا تخف .
خاصمت يا سيد خصومات نفسى ..
رأيت يارب ظلمى .
أقم دعواى ... " مرا 3 : 55 – 59 .
حين أغلقت كل الأبواب فى وجهه وجد أبواب الله مفتوحة . وجد أذنى الرب تميل إليه وهو فى الجب لتسمع صرخات قلبه الداخلية . يؤكد له الرب وعوده السابقة منذ لحظات دعوته : " لا تخف ! ؛ ويشاركه آلامه ، فيحسب الخصومات ضد إرميا كأنها خصومات ضد الله نفسه . يصير الله هو القاضى وهو المحامى الذى يقيم دعوى إرميا ضد مضطهديه .
إن كان هذا الإصحاح قد كشف عن دور عبدملك الكوشى فى خلاص إرميا ، فإن مراثيه تكشف عن الذى قام بالدور الحقيقى هو الله سامع صلوات المظلومين ... تحرك بالحب لينصت إلى أذنيه ، وحرك عبدملك بالحنان ودبر خلاص إرميا من الجب !
( 3 ) عبدملك الكوشى ينقذ إرميا
" فلما سمع عبد ملك الكوشي رجل خصي وهو في بيت الملك انهم جعلوا ارميا في الجب والملك جالس في باب بنيامين ،
خرج عبد ملك من بيت الملك وكلم الملك قائلا :
يا سيدي الملك قد اساء هؤلاء الرجال في كل ما فعلوا بارميا النبي الذي طرحوه في الجب ،
فانه يموت في مكانه بسبب الجوع لانه ليس بعد خبز في المدينة.
فأمر الملك عبد ملك الكوشي قائلا :
خذ معك من هنا ثلاثين رجلا واطلع ارميا من الجب قبلما يموت.
فاخذ عبد ملك الرجال معه ودخل الى بيت الملك الى اسفل المخزن ،
واخذ من هناك ثيابا رثة وملابس بالية ودلاها الى ارميا الى الجب بحبال.
وقال عبد ملك الكوشي لارميا ضع الثياب الرثة والملابس البالية تحت ابطيك تحت الحبال.
ففعل ارميا كذلك.
فجذبوا ارميا بالحبال واطلعوه من الجب.
فاقام ارميا في دار السجن " ع 7 – 13 .
الرجل الغريب الجنس لم يقبل أن يرى إرميا فى الوحل ، فتحدث مع الملك بصراحة ..
اتسمت شخصية عبدملك : بالشجاعة ، والإيمان ، تشغيل طاقات الآخرين ، كان رقيقا وحنانا ، إذ أدلى بثياب بالية ليستعملها إرميا فى انتشاله من الجب حتى لا يتجرح جسمه أو يشعر بألم !
فى كل جيل نجد حتى فى قصور الملوك والرؤساء أناسا يعملون لمجد الله ! بأمانته شهد للحق وواجه بشجاعة ما لم يستطع غيره أن يفعله .
إذ تصرف عبدملك بلطف لإنقاذ النبى من الموت ، وعده النبى بالخلاص من الخراب المقبل على أورشليم ( 39 : 15 – 18 ) . الله لا ينسى تعب المحبة من أجله ومن أجل خدامه ، لذلك أنقذ عبد ملك الكوشى فى يوم المدينة ولم يسلم ليد أعدائه .
كان أجنبيا عن رعوية إيرائيل حسب الجسد ، لكنه ابن ابراهيم حسب الإيمان الحى العامل بالمحبة .
( 4 ) لقاء سرى مع الملك
يروى لنا اللقاء الأخير والوداعى بين الملك وإرميا ، كان فيه النبى صريحا كل الصراحة . قدم كل ما فى قلبه وما أعلنه له الرب ، فقد أدرك أنه لن يرى الملك بعد ... تحدث بصراحة كاملة حتى لا يدان أمام الله !
" فارسل الملك صدقيا واخذ ارميا النبي اليه الى المدخل الثالث الذي في بيت الرب ،
وقال الملك لارميا :
انا اسألك عن أمر.
لا تخف عني شيئا.
فقال ارميا لصدقيا اذا اخبرتك أفما تقتلني قتلا ؟
واذا اشرت عليك فلا تسمع لي ؟
فحلف الملك صدقيا لارميا سرا قائلا حيّ هو الرب الذي صنع لنا هذه النفس اني لا اقتلك ولا ادفعك ليد هؤلاء الرجال الذين يطلبون نفسك " ع 14 – 16 .
بقوله : " أفما تقتلنى قتلا ؟ " لا يعنى أن الملك نفسه يقتله ، إنما يتخلى عنه حتى يقتله أعداءه كما سبق أن ألقوه فى الجب ، وربما قصد ألا يتركه يلقى فى الجب مرة أخرى .
يؤكد إرميا النبى للملك أنه يليق به ألا يخاف الناس ، أى رجال الدولة ، بل يخاف الله ، فلا يعصى كلمته ، بهذا ينقذ حياته ، وينقذ أورشليم من حرقها بالنار .
لقد رسم إرميا النبى صورة مثيرة عن نتائج عصيان الكلمة الإلهية ، وذلك خلال رؤيا أظهرها الله له ، فقد شاهد بروح النبوة نساء القصر والأبناء يقادون وهم ينشدون مرثاة مرة تعلن عن شعورهم بالخداع الذى مارسه الأصدقاء ، متطلعين إلى الملك أنه قد غاص فى الوحل . تناسب هذه المرثاة مع وضع إرميا الذى ألقى فى جب ليغوص فى الوحل حتى يموت ( ع 7 ) . لم يمت إرميا فى الوحل ، إنما دفع الأنبياء الكذبة الملك فى وحل كذبهم فغاص فى خداعهم . لقد أرسل الله عبد ملك الغريب الجنس لينقذ إرميا ، أما الملك فلم يجد من ينقذه من وحله !
( 5 ) نبوة عن رحمة مشروطة
" فقال ارميا لصدقيا هكذا قال الرب اله الجنود اله اسرائيل.
ان كنت تخرج خروجا الى رؤساء ملك بابل تحيا نفسك ولا تحرق هذه المدينة بالنار بل تحيا انت وبيتك.
ولكن ان كنت لا تخرج الى رؤساء ملك بابل ،
تدفع هذه المدينة ليد الكلدانيين فيحرقونها بالنار وانت لا تفلت من يدهم.
فقال صدقيا الملك لارميا اني اخاف من اليهود الذين قد سقطوا للكلدانيين لئلا يدفعوني ليدهم فيزدروا بي.
فقال ارميا : لا يدفعونك.
اسمع لصوت الرب في ما اكلمك انا به فيحسن اليك وتحيا نفسك.
وان كنت تأبى الخروج فهذه هي الكلمة التي اراني الرب اياها.
ها كل النساء اللواتي بقين في بيت ملك يهوذا يخرجن الى رؤساء ملك بابل وهنّ يقلن قد خدعك وقدر عليك مسالموك.
غاصت في الحمأة رجلاك وارتدتا الى الوراء .
ويخرجون كل نسائك وبنيك الى الكلدانيين وانت لا تفلت من يدهم ،
لانك انت تمسك بيد ملك بابل وهذه المدينة تحرق بالنار " ع 17 – 23 .
كان إرميا صريحا كل الصراحة ، فتحدث مع الملك بكلمات الرب ، كما كان عجيبا فى حبه للغير ، حتى للملك الذى دخل به إلى السجن فإنه يطلب له أن يخلص من الموت .
قدم له سبع نبوات خطيرة إذا لم يسمع لصوت الرب ويخرج إلى رؤساء ملك بابل ، وقد تحققت هذه النبوة حرفيا :
أ – تسليم المدينة فى أيدى رؤساء ملك بابل ع 17 ، 18
ب – يحرقون المدينة بالنار ع 18 ، 23
جـ - لن يفلت الملك من أيديهم .
د – يخرج كل نساء الملك إلى الرؤساء ع 22
هـ - يقدم النساء مرثاة على الملك [ وردت هذه المرثاة فى عبوديا 7 ] .
و – يرسل نساء الملك وبنوه إلى الكلدانيين .
ز – يهرب الملك لكن يلقى ملك بابل القبض عليه .
( 6 ) صدقيا يخشى الرؤساء
" فقال صدقيا لارميا : لا يعلم احد بهذا الكلام فلا تموت.
واذا سمع الرؤساء اني كلمتك واتوا اليك وقالوا لك اخبرنا بماذا كلمت الملك لا تخف عنا فلا نقتلك وماذا قال لك الملك.
فقل لهم اني القيت تضرعي امام الملك حتى لا يردني الى بيت يوناثان لاموت هناك.
فأتى كل الرؤساء الى ارميا وسألوه فاخبرهم حسب كل هذا الكلام الذي اوصاه به الملك فسكتوا عنه لان الأمر لم يسمع " ع 24 – 27 .
سمع الرؤساء عن هذا اللقاء السرى الذى تم بين الملك وإرميا النبى ، وعرفوا جانبا واحدا من الحديث وهو الجانب الذى لا يهمهم ، أما الأمور الخطيرة فقد أخفيت عنهم .
لماذا خاف الملك من إشاعة هذا الكلام بين الناس ؟ ربما خاف أن يعرف الناس شيئا عن قلق نفسه وميله للأستسلام .
( 7 ) بقاء إرميا فى الحبس
" فاقام ارميا في دار السجن الى اليوم الذي أخذت فيه اورشليم " ع 28 .
سمح الله لإرميا أن يبقى فى دار السجن حتى سقوط أورشليم ، ربما لكى لا يرى بعينيه انهيار مدينته المحبوبة جدا لديه ، بينما عاد الملك صدقيا إلى قصره يحمل فى جعبته صورة حية عما كان يجب عليه أن يفعله ، لكن لم تسعفه جرأته لفعل شىء ما . بمعنى آخر كان إرميا ملقيا فى السجن لكنه يحمل روح الحق بشجاعة ، بينما دخل الملك قصره يترقب لحظات هلاكه وهلاك شعبه وبلده ! .
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح التاسع والثلاثون -سقوط أورشليم فى السبى الثلاثاء فبراير 20, 2007 12:18 am | |
|
إرميا – الإصحاح التاسع والثلاثون
سقوط أورشليم فى السبى
يصف أحداث السبى ، كيف حوصرت أورشليم وألقى القبض على صدقيا وهو هارب ، ثم قام ملك بابل بقتل أبناء صدقيا أمام عينيه ، كما قتل كل أشراف يهوذا ، ثم فقأ عينى صدقيا وقيده بسلاسل وقاده إلى بابل .
( 1 ) سقوط المدينة
كان نبوخذنصر حاضرا فى بدء الحصار ، أما فى نهايته حيث سقطت أورشليم فكان فى ربلة ( 3 ، 6 ) ، بقى الملك خارج أورشليم بينما ترك رئيس جيشه يدخل فى المعركة ضد يهوذا ، وذلك لكى يمنع أية قوة خارجية لنجدة يهوذا تقترب إلى أورشليم ، وكان كبار الأسرى يرسلون إليه للمحاكمة الفورية .
" في السنة التاسعة لصدقيا ملك يهوذا في الشهر العاشر اتى نبوخذراصر ملك بابل وكل جيشه الى اورشليم وحاصروها.
وفي السنة الحادية عشرة لصدقيا في الشهر الرابع في تاسع الشهر فتحت المدينة.
ودخل كل رؤساء ملك بابل وجلسوا في الباب الاوسط ،
نرجل شراصر وسمجرنبو وسرسخيم رئيس الخصيان ونرجل شراصر رئيس المجوس وكل بقية رؤساء ملك بابل " ع 1 – 3
استمر الحصار حوالى سنة ونصف ، بعدها انهارت كل مقاومة ، خصوصا بعد انهزام المصريين أمام بابل ، لم يكن أمام المدافعين اليهود سوى الإستسلام .
جلس رؤساء ملك بابل فى الباب الوسط ، جلس حاملوا أسماء الآلهة الوثنية فى الموضع الذى اعتاد أن يجلس فيه حلقيا الذى يحمل اسم الله ، وتحققت نبوة إرميا : " فيأتون ويضعون كل واحد كرسيه فى مدخل أبواب أورشليم " 1 : 15 .
كان إرميا النبى فى سجنه يئن داخليا مترقبا انهيار بلده بمرارة ، وقد أنكشفت أمام عينيه كل الأحداث هذه التى أعلنها فى شىء من التفصيل للملك صدقيا .
كان صدقيا والرؤساء مع القيادات الدينية والعسكرية فى ضعف شديد ، فقد أنهار الجند بسبب المجاعة ، لقد أدرك الجميع أن حماية الله قد رفعت عنهم كما حدث لشمشون الذى حل به الضعف حينما قص شعر نذره .
أقام قادة العدو مجلسا عسكريا عند الباب الرئيسى لأورشليم .
( 2 ) أسر صدقيا
" فلما رآهم صدقيا ملك يهوذا وكل رجال الحرب هربوا وخرجوا ليلا من المدينة في طريق جنة الملك من الباب بين السورين وخرج هو في طريق العربة.
فسعى جيش الكلدانيين وراءهم ،
فادركوا صدقيا في عربات اريحا ،
فاخذوه واصعدوه الى نبوخذناصّر ملك بابل الى ربلة في ارض حماة ،
فكلمه بالقضاء عليه.
فقتل ملك بابل بني صدقيا في ربلة امام عينيه ،
وقتل ملك بابل كل اشراف يهوذا.
واعمى عيني صدقيا وقيده بسلاسل نحاس لياتى به الى بابل.
اما بيت الملك وبيوت الشعب فاحرقها الكلدانيون بالنار ،
ونقضوا اسوار اورشليم " ع 4 – 8 .
احتمى صدقيا الملك ورجال الحرب فى الليل ليهربوا من وجه العدو ، لكن لم يستطع أن ينجيهم . كان الأفضل لهم أن يحتموا فى النور ، بالطاعة لكلمة الله ، فما كان قد حل بهم هذا العار بل والموت .
لقد تحققت النبوة ( 32 : 4 ؛ 34 : 3 ) . أن صدقيا يرى ملك بابل ويتكلم معه فما لفم ، وأن يقتل أبناؤه وتفقأ عيناه ( 38 : 17 – 23 ) .
وأحرقت القصور بعد شهر من استلام المدينة . أما سبب تأخير حرق المنازل فهو الأنتظار حتى يقدم رؤساء يهوذا إلى الملك فى ربلة وينظر فى قضيتهم .
كان قلع العيون شكلا من أشكال العقوبة القديمة ( قضاة 16 : 21 ) ، خاصة بالنسبة للثوار العنفاء .
( 3 ) سبى الشعب
" وبقية الشعب الذين بقوا في المدينة والهاربون الذين سقطوا له وبقية الشعب الذين بقوا سباهم نبوزرادان رئيس الشرط الى بابل.
ولكن بعض الشعب الفقراء الذين لم يكن لهم شيء تركهم نبوزرادان رئيس الشرط في ارض يهوذا ،
واعطاهم كروما وحقولا في ذلك اليوم " ع 9 ، 10 .
سيق الشعب إلى بلد غريب يسيرون مئات الأميال فى مذلة ، وقد سبق أن أهلكهم الجوع والوبأ بسبب الحصار . لقد فقدوا مدينتهم وهيكلهم وممتلكاتهم ... والآن يساقون كالحيوانات تحت قيادة سادة قساة ، وها هم لا يعرفون ما هو مصيرهم هناك .
أما الفقراء فقد تركوا فى يهوذا وسلمت لهم الكروم والحقول التى جفت وخربت مع طول مدة الحصار لعلهم يصلحونها .
يقول القديس جيروم :
+ يقودنى نبوخذنصر الحقيقى مربوطا بالسلاسل إلى بابل ، أى إلى بابل الفكر المرتبك
هناك يضع على نير العبودية ،
هناك يضع خزامة من حديد فى أنفى ،
ويأمرنى أن أرنم بتسبحة من تسابيح صهيون ( 2 مل 19 : 28 ، مز 136 : 3 ) .
( 4 ) العناية بإرميا
" واوصى نبوخذراصر ملك بابل على ارميا نبوزرادان رئيس الشرط قائلا :
خذه وضع عينك عليه ولا تفعل به شيئا رديئا بل كما يكلمك هكذا افعل معه.
فارسل نبوزرادان رئيس الشرط ونبوشزبان رئيس الخصيان ونرجل شراصر رئيس المجوس وكل رؤساء ملك بابل .
ارسلوا فاخذوا ارميا من دار السجن ،
واسلموه لجدليا بن اخيقام بن شافان ليخرج به الى البيت.
فسكن بين الشعب " ع 11 ، 14
" رئيس الشرط " لقب قديم وهو حرفيا : رئيس السقاة .
يظهر من هذا الفصل أن ملك بابل فور فتح أورشليم اهتم بإرميا فأخرجه من السجن مكرما ليبقى مع الباقين فى البلاد دون أن يسبى .
يرى البعض أنه قد أطلق سراح إرميا من السجن فور سقوط المدينة ، لكنه أقتيد مع الرؤساء إلى رامة ، وهناك أطلق سراحه وسمح له أن يختار موضع سكنه كيفما يريد .
لم يوص نبوخذراصر على قدس الأقداس بل على إرميا . لأنه هو هيكل الرب الحق ، هو قدس الأقداس ، الذى تكرس للرب بالبتولية الطاهرة .
يذكر هذا الإصحاح أنه خلص من هذا الدمار ثلاثة :
أ – إرميا النبى الذى أوصى الملك بحسن معاملته .
ب – عبد الملك الغريب الجنس الذى وعده النبى بإنقاذه .
جـ - القلة القليلة من الفقراء جدا الذين أعطيت لهم الحقول .
هؤلاء جميعا يشيروا إلى الكنيسة التى تتمتع بالمراحم الإلهية : فأرميا يشير إلى القلة من اليهود الذين قبلوا نبوات العهد القديم وتعرفوا على السيد المسيح وآمنوا به ، وعبدملك يشير إلى الأمم الذين قدموا إلى السيد المسيح وتمتعوا بخلاصه ؛ أما القلة القليلة الفقيرة فتحمل سمة الكنيسة : " القطيع الصغير " الذى يسر الآب أن يعطيهم الملكوت " ( لو 12 : 32 ) .
( 5 ) رسالة إلى عبد ملك
بعث إرميا النبى وهو فى السجن برسالة إلى عبدملك الكوشى تحوى خمس نبوات :
أ – الشر الذى يحل بالمدينة .
ب- تحقيق كلمة الله فى أيامه .
جـ - لا يسلم عبدملك ليد من يخافهم .
د – خلاص عبدملك من يد الأعداء .
هـ - لن يسقط بالسيف .
" وصارت كلمة الرب الى ارميا اذ كان محبوسا في دار السجن قائلة :
اذهب وكلم عبد ملك الكوشي قائلا :
هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل :
هانذا جالب كلامي على هذه المدينة للشر لا للخير ،
فيحدث امامك في ذلك اليوم.
ولكنني انقذك في ذلك اليوم يقول الرب ،
فلا تسلم ليد الناس الذين انت خائف منهم.
بل انما انجيك نجاة فلا تسقط بالسيف بل تكون لك نفسك غنيمة ،
لانك قد توكلت عليّ يقول الرب " ع 15 – 18 .
إذ كان إرميا النبى أمينا ومخلصا لكلمة الله لذلك وعده الله : " إنى أجعل العدو يتضرع إليك فى وقت الشر وفى وقت الضيق " إر 15 : 11 .
وها هو يحقق وعده معه .
لقد لقى إرميا معاملة طيبة من قبل رئيس جيوش بابل وملكها وكذلك عبدملك الذى أنقذ حياة إرميا من الجب .
ذكر الكتاب المقدس كثيرين أنقذوا بسبب تقواهم . فلابد من أن نتساءل : هل هذا قانون ثابت فى مجازاة الله للناس ، لأننا كثيرا ما رأينا الصالحين الأتقياء قد هلكوا مع الأشرار الأردياء ، لا سيما فى أبان الحروب وكوارث الطبيعة . إننا نؤمن أن الله يجازى كل الناس بحسب أعمالهم ، لكننا لا نحصر مجازاة الله فى هذه الحياة ، بل نعتقد بأنها تكون أضعافا فى الآخرة .
+ + +
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح الأربعون -إرميا مع جدليا فى أورشليم الثلاثاء فبراير 20, 2007 12:19 am | |
|
إرميا – الإصحاح الأربعون
إرميا مع جدليا فى أورشليم
تقدم لنا الإصحاحات 40 – 45 خبرات ونبوات إرميا النبى بعد خراب أورشليم ، أو خبرات أيامه الأخيرة على الأرض .
( 1 ) قرار إرميا
" الكلمة التي صارت الى ارميا من قبل الرب بعدما ارسله نبو زرادان رئيس الشرط من الرامة ،
اذ اخذه وهو مقيد بالسلاسل في وسط كل سبي اورشليم ويهوذا الذين سبوا الى بابل.
فاخذ رئيس الشرط ارميا وقال له :
ان الرب الهك قد تكلم بهذا الشر على هذا الموضع.
فجلب الرب وفعل كما تكلم لانكم قد اخطأتم الى الرب ولم تسمعوا لصوته فحدث لكم هذا الامر " ع 1 – 3
إن ما نطق به هذا القائد الكلدانى الغريب الجنس لم يكن إلا ملخصا لما نادى به الأنبياء للشعب ولم يسمعوا لهم . لقد قدم الرجل الوثنى تفسيرا لاهوتيا وروحيا لهزيمتهم ، الأمر الذى لم يكن ممكنا للشعب اليهودى أن يفهمه أو يتقبله .
بلا شك أدهشت كلمات رئيس الشرط إرميا النبى وثبتت بالأكثر إيمانه ، كما انتشرت بين اليهود فصارت لتوبيخهم ، كأنها رسالة إلهية موجهة إلى المسبيين ينطق بها رجل وثنى عدو .
اقتيد إرميا مع المسبيين مقيدا بالسلاسل حتى وقف أمام رئيس الشرط ، وهناك عزل عن المسبيين لكى تعطى له كرامة وهدايا مع حرية الحركة ، بينما صار الآخرون فى مذلة وحرمان .
" فالآن هانذا احلّك اليوم من القيود التي على يدك.
فان حسن في عينيك ان تأتي معي الى بابل فتعال ،
فاجعل عينيّ عليك.
وان قبح في عينيك ان تاتي معي الى بابل فامتنع.
انظر.كل الارض هي امامك فحيثما حسن وكان مستقيما في عينيك ان تنطلق فانطلق الى هناك.
واذ كان لم يرجع بعد قال :
ارجع الى جدليا بن اخيقام بن شافان الذي اقامه ملك بابل على مدن يهوذا واقم عنده في وسط الشعب ،
وانطلق الى حيث كان مستقيما في عينيك ان تنطلق.
واعطاه رئيس الشرط زادا وهدية واطلقه.
فجاء ارميا الى جدليا بن اخيقام الى المصفاة ،
واقام عنده في وسط الشعب الباقين في الارض " ع 4 – 6 .
كان هناك أمر من الملك إلى رئيس الشرط أن يكرم إرميا النبى ، لكن الجند المسئولين عن إلقاء القبض على اليهود وترحيلهم إلى الرامة تحت كثرة الأعباء أتوا بإرميا وسط الأسرى ، مقيدا بالسلاسل خطأ . وإذ تعرف عليه نبوزاردان رئيس الشرط أطلقه فى الحال وأعطاه حرية الحركة .
أعطاه القائد حق الخيار أن يذهب إلى بابل أو يبقى فى يهوذا ، فاختار أن يرجع إلى جدليا الذى ينتمى إلى عائلة شافان المتعاطفة مع النبى ، ويقيم عنده وسط الشعب . رفض أن يكرم فى بابل ليعيش مع الشعب المسكين فى يهوذا يشاركهم أتعابهم وآلامهم ، يسكن مع أولئك الذين حسبهم البابليون ليسوا أهلا لنقلهم حتى كأسرى إلى بابل .
هكذا تشبه بموسى النبى الذى قيل عنه :
" بالإيمان موسى لما كبر أبى أن يدعى أبن ابنة فرعون ، مفضلا بالأحرى أن يذل مع شعب الله عن أن يكون له تمتع وقتى بالخطية ، حاسبا عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر ، لأنه كان ينظر إلى المجازاة " عب 11 : 24 ، 25 .
هكذا اشترك أنبياء العهد القديم فى عار المسيح الباذل حياته بفرح عن شعبه .
كان من الحكمة ألا يذهب إرميا مع المسبيين فى بابل ، لأنه كان بلا شك سيلقى كرامة من الملك ، فيثبت فى ذهن اليهود أنه عميل بابلى وخائن لوطنه .
جاء إرميا إلى جدليا وأقام فى المصفاة لخراب أورشليم .
( 2 ) جدليا الحاكم
" فلما سمع كل رؤساء الجيوش الذين في الحقل هم ورجالهم ان ملك بابل قد اقام جدليا بن اخيقام على الارض ،
وانه وكله على الرجال والنساء والاطفال وعلى فقراء الارض الذين لم يسبوا الى بابل ،
أتى الى جدليا الى المصفاة اسماعيل بن نثنيا ويوحانان ويوناثان ابنا قاريح وسرايا بن تنحومث وبنو عيفاي النطوفاتي ويزنيا ابن المعكي هم ورجالهم.
فحلف لهم جدليا بن اخيقام بن شافان ولرجالهم قائلا :
لا تخافوا من ان تخدموا الكلدانيين.
اسكنوا في الارض واخدموا ملك بابل فيحسن اليكم .
اما انا فهانذا ساكن في المصفاة لاقف امام الكلدانيين الذين ياتون الينا " ع 7 .
إن كانت يهوذا قد صارت مستعمرة بابلية ، لكن كان لها الحق أن تحتفظ بسماتها الخاصة تحت قيادة والى من شعبها يخضع سياسيا لملك بابل ويدفع له الجزية .
إذ جمع الراجعون خمرا وتينا كثيرا شعر البعض أن ذلك علامة بركة الرب ، إذ لا زال ينتظر أن يعمل لإصلاح شعبه . هؤلاء الذين شبههم إرميا النبى بالتين الجيد جدا ( إر 24 ) .
" اما انتم فاجمعوا خمرا وتينا وزيتا وضعوا في اوعيتكم واسكنوا في مدنكم التي اخذتموها.
وكذلك كل اليهود الذين في موآب وبين بني عمون وفي ادوم والذين في كل الاراضي سمعوا ان ملك بابل قد جعل بقية ليهوذا وقد اقام عليهم جدليا بن اخيقام بن شافان .
فرجع كل اليهود من كل المواضع التي طوحوا اليها واتوا الى ارض يهوذا الى جدليا الى المصفاة وجمعوا خمرا وتينا كثيرا جدا " ع 7 – 12 .
إذ عرف جدليا كرجل سلام ، كانت رسالته أن يعيد إلى يهوذا حياتهم العادية ، وأن يخضعوا للكلدانيين بغير تخوف منهم ، وأن يستقبل اليهود العائدين من موآب وبنى عمون وآدوم ، وكانوا غالبا من الجنود .
كان جدليا يرفض الثورة ضد بابل ، متأثرا بإرميا وغيره من الأنبياء ، لذلك عينه ملك بابل وكيلا له ، وواليا على يهوذا .
( 3 ) الكشف عن مؤامرة ملك بنى عمون
" ثم ان يوحانان بن قاريح وكل رؤساء الجيوش الذين في الحقل أتوا الى جدليا الى المصفاة ،
وقالوا له.أتعلم علما ان بعليس ملك بني عمون قد ارسل اسماعيل بن نثنيا ليقتلك.فلم يصدقهم جدليا بن اخيقام.
فكلم يوحانان بن قاريح جدليا سرا في المصفاة قائلا :
دعني انطلق واضرب اسماعيل بن نثنيا ولا يعلم انسان.
لماذا يقتلك فيتبدد كل يهوذا المجتمع اليك وتهلك بقية يهوذا؟ !
فقال جدليا بن اخيقام ليوحانان بن قاريح لا تفعل هذا الامر ،
لانك انما تتكلم بالكذب عن اسماعيل " ع 13 – 16 .
يقصد بـ " رؤساء الجيوش فى الحقول " ( ع 13 ) ضباط الجنود المسرحين ( 2 مل 25 : 5 ) الذين خافوا أولا من معاملة بابل لهم ، ولكنهم تأكدوا فيما بعد ( فى آية 9 حلف لهم جدليا قائلا " لا تخافوا " ) أنهم سينالون العفو إذا خضعوا واستسلموا وعادوا يستغلون الأرض ويخضعون لجدليا وحكومته فى المصفاة . ورجع أيضا اليهود الذين غادروا البلاد قبل هجوم بابل وكانوا قد ألتجأوا إلى شرق الأردن .
ما كان يشغل قلب يوحنان ليس الخوف على قتل جدليا ، وإنما انهيار النبتة الجديدة لإقامة دولة يهوذا التى خربت تماما بواسطة البابليين ، وقد صار هناك بارقة أمل لتجميع الجهود ولو تحت الأستعمار البابلى . فكان فى رأيه أن قتل إسماعيل أفضل من ضياع الأمة كلها .
لقد أخطأ جدليا إذ لم يسمع لهم ، وكان يليق به أن يرفع قلبه بالصلاة يطلب مشورة الله ، وأن يلجأ إلى أرميا النبى الذى كان ملاصقا له . هنا تظهر خطورة اتكال الإنسان على أفكاره وحده .
كان بعليس ملك عمون فى شرق الأردن ينتظر اغتنام فرصة رجوع جيوش بابل إلى وطنهم ليملك على ما بقى من البلاد فى غرب الأردن ، ويقتل جدليا وكيل ملك بابل .
يحتمل أن يكون هناك عداوة شخصية بين بعليس وجدليا .
+ + +
|
|
| |
زائر زائر
| موضوع: إرميا – الإصحاح الحادى والأربعون -اغتيال جدليا والى أورشليم الثلاثاء فبراير 20, 2007 12:20 am | |
|
إرميا – الإصحاح الحادى والأربعون
اغتيال جدليا والى أورشليم
كان اليهود يحتفلون بقتل جدليا كمناسبة حزينة وذلك بالصوم فى الشهر السابع ( اكتوبر ) زك 7 : 5 ؛ 8 : 19 .
قتل جدليا لكن الله حفظ إرميا حتى يتمم رسالته . فى هذا الإصحاح لا نجد خبرا عن إرميا نفسه ، ولا نسمع عنه كلمة ، بل جاء كمقدمة لما يأتى فيما بعد ، وهو نزول جماعة من اليهود إلى مصر آخذين معهم إرميا على الرغم منه .
( 1 ) مصرع جدليا
" وكان في الشهر السابع ان اسماعيل بن نثنيا بن اليشاماع من النسل الملوكي جاء هو وعظماء الملك وعشرة رجال معه الى جدليا بن اخيقام الى المصفاة ،
واكلوا هناك خبزا معا في المصفاة.
فقام اسماعيل بن نثنيا والعشرة الرجال الذين كانوا معه وضربوا جدليا بن اخيقام بن شافان بالسيف فقتلوه ،
هذا الذي اقامه ملك بابل على الارض.
وكل اليهود الذين كانوا معه اي مع جدليا في المصفاة ،
والكلدانيون الذين وجدوا هناك ورجال الحرب ضربهم اسماعيل " ع 1 – 3
سبق أن تحدثنا فى الإصحاح السابق عن اسماعيل بن نثنيا الذى دفعه بعليس ملك عمون على اغتيال جدليا . ولا نعرف ما الذى دفعه إلى هذه الجريمة ، وما الذى دفع ملك عمون على تحريضه ؟
هل كان إسماعيل مدفوعا بغيرة دينية قومية على بلاده حاسبا أن الخضوع لبابل خيانة عظمى ؟
أم كان مدفوعا بوعود ملك عمون ( 40 : 14 ) ؟
أم كان الحسد أو العداوة الشخصية مع جدليا ؟
أو محبة المال هى الباعث ؟
حاسبا نفسه أحق برئاسة الشعب دون جدليا ؟
تحدى إسماعيل كل قوانين كرم الضيافة الشريفة فى الشرق باغتياله مضيفه بعمل صارخ من أعمال الخيانة .
( 2 ) فظائع أخرى
" وكان في اليوم الثاني بعد قتله جدليا ولم يعلم انسان ،
ان رجالا أتوا من شكيم ومن شيلو ومن السامرة ثمانين رجلا محلوقي اللحى ومشققي الثياب ومخمشين وبيدهم تقدمة ولبان ليدخلوهما الى بيت الرب.
فخرج اسماعيل بن نثنيا للقائهم من المصفاة سائرا وباكيا.فكان لما لقيهم انه قال لهم هلم الى جدليا بن اخيقام.
فكان لما اتوا الى وسط المدينة ان اسماعيل بن نثنيا قتلهم والقاهم الى وسط الجب هو والرجال الذين معه.
ولكن وجد فيهم عشرة رجال قالوا لاسماعيل :
لا تقتلنا لانه يوجد لنا خزائن في الحقل قمح وشعير وزيت وعسل.
فامتنع ولم يقتلهم بين اخوتهم.
فالجب الذي طرح فيه اسماعيل كل جثث الرجال الذين قتلهم بسبب جدليا هو الذي صنعه الملك آسا من وجه بعشا ملك اسرائيل.
فملأه اسماعيل بن نثنيا من القتلى " ع 4 – 9 .
هذه الحادثة مكدرة جدا تدل على أن نفس إسمعيل لم تكن منطوية على غيرة دينية على بلاده ليخلصها من نير بابل ، بل كان رجلا سفاحا ذبح أناسا أبرياء ، إذ لم يذكر سبب لقتل هؤلاء الأبرياء .
لسنا ندرى هل كانت لهم علاقة بجدليا من قبل أم لا .
واضح أنهم كانوا فى حالة حداد على الهيكل الذى دمر ..
إن ما فعله إسمعيل كان بسبب رغبته فى نهب ما لديهم ، إذ قتل أناسا عزل قادمين لتقديم عطايا لبيت الرب المتهدم ، وفى نفس الوقت أبقى منهم عشرة رجال أدعوا أن لهم خزائن سرية لا يعرف أحد موضعها ، وهى فى الحقول مملوءة من المحاصيل ، فأراد أن يغتصبها .. هذا يكشف عن شخصه أنه لص !
( 3 ) سبى البقية وإطلاق سراحها
" فسبى اسماعيل كل بقية الشعب الذين في المصفاة ،
بنات الملك وكل الشعب الذي بقي في المصفاة الذين اقام عليهم نبوزرادان رئيس الشرط جدليا بن اخيقام سباهم اسماعيل بن نثنيا ،
وذهب ليعبر الى بني عمون .
فلما سمع يوحانان بن قاريح وكل رؤساء الجيوش الذين معه بكل الشر الذي فعله اسماعيل بن نثنيا ،
اخذوا كل الرجال وساروا ليحاربوا اسماعيل بن نثنيا فوجدوه عند المياه الكثيرة التي في جبعون.
ولما رأى كل الشعب الذي مع اسماعيل يوحانان بن قاريح وكل رؤساء الجيوش الذين معهم فرحوا،
فدار كل الشعب الذي سباه اسماعيل من المصفاة ورجعوا وساروا الى يوحانان بن قاريح.
اما اسماعيل بن نثنيا فهرب بثمانية رجال من وجه يوحانان وسار الى بني عمون.
فاخذ يوحانان بن قاريح وكل رؤساء الجيوش الذين معه كل بقية الشعب الذين استردهم من اسماعيل بن نثنيا من المصفاة بعد قتل جدليا بن اخيقام رجال الحرب المقتدرين والنساء والاطفال والخصيان الذين استردهم من جبعون .
فساروا واقاموا في جيروت كمهام التي بجانب بيت لحم لكي يسيروا ويدخلوا مصر من وجه الكلدانيين ،
لانهم كانوا خائفين منهم ، لان اسماعيل بن نثنيا كان قد ضرب جدليا بن اخيقام ،
الذي اقامه ملك بابل على الارض " ع 10 – 18 .
سبى إسماعيل بنات الملك ، لا يقصد بهن بنات صدقيا فحسب بل كل الأعضاء الأناث فى البيت الملكى والأميرات اللواتى كن قد وضعن فى رعاية جدليا ، اللواتى تسلمهن من يد نبوخذنصر .
قبل أن يتمكن إسماعيل السفاك من الهرب إلى بلاد عمون بمن أراد أن يأخذهم معه من أهل جدليا والشعب عموما ، هاجمه يوحنان بن قاريح وبعض الرؤساء الآخرين عند بركة جبعون ( 2 صم 2 : 13 ) حيث وقع فى القديم الصدام بين رجال داود وجال إيشبوشت بن شاول ، ولم يقدر إسمعيل أن يقاومهم فاضطر أن يترك الذين أجبرهم إلى الذهاب معه ، فهرب ومعه ثمانية رجال إلى بلاد عمون حيث فقد أثنين من رجاله ، ولم نعد نسمع عنه شيئا .
رأى يوحانان والذين معه أن يهربوا إلى مصر خوفا من عقاب بابل ، وإن كانوا هم أنفسهم لم يثوروا على بابل هذه المرة كإسماعيل .
+ + +
|
|
| |
| تفسير سفــــــر إرميـــــــا -لسفر إرميا أهمية خاصة تمس حياة | |
|