.::.Jesus Lovers Forum .::. منتدى محب المسيح .::.
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

.::.Jesus Lovers Forum .::. منتدى محب المسيح .::.


 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  الدخول لشات محبى المسيحالدخول لشات محبى المسيح  قوانين المنتدىقوانين المنتدى  شروط التوقيعشروط التوقيع  

 

 تفسير إنجيل لوقا الأصحاح الأول .

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر




تفسير إنجيل لوقا الأصحاح الأول . Empty
مُساهمةموضوع: تفسير إنجيل لوقا الأصحاح الأول .   تفسير إنجيل لوقا الأصحاح الأول . Icon_minitimeالسبت يناير 27, 2007 8:30 pm

الأصحاح الأول
إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، 2 كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، 3 رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، 4 لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ. (عدد 1-4).
إن الروح القدس في إنجيل لوقا يُخبر عن حياة ربنا يسوع المسيح كابن الإنسان حاضرًا بنعمة لا تُوصف بين الناس ومُظهرًا قوة يهوه إسرائيل لمباركة شعبهِ والعالم أجمع أيضًا. وكان في أول خدمتهِ مُقتصرًا على دائرة نسبتهِ إلى بني إسرائيل حسب مواعيد الله القديمة لهم، وأما في أخرها كما يوضحها هذا الإنجيل فيُصرح بمبادئ وحقائق روحية تناسب الإنسان على أي حال كان. فيمتاز هذا الإنجيل بأنهُ يُقدم لنا يسوع المسيح ذاتهُ ليس باعتبار مجدهِ الرسمي كإنجيل مَتَّى ولا باعتبار خدمتهِ النبوية كإنجيل مرقس ولا بإعلان لاهوتهِ كإنجيل يوحنا مع أنهُ هو هو في جميع الأناجيل كما لا يُخفى عند القارئ المسيحي. فكل واحد من الأربعة البشيرين قد أُلهم من الله أن يدرج من أقوال السيد وأعمالهِ ما يوافق المقصد الإلهي في إنجيلهِ. فشاءَ الله أن يفيدنا فوائد جزيلة مُتنوعة بما أخبرنا بهِ عن حياة ابنهِ العزيز على الأرض وخدمتهِ المُتصفة بالحنو واللطف للبشر. فبحسب إنجيل لوقا نرى صورة حياتهِ كما كان يظهر بين الناس وقتئذٍ إذ جال بينهم من يوم إلى أخر بكمال الاتضاع واللطف نحو الجميع.
كان كثيرون من المسيحيين قد أخذوا بتأليف قصةٍ فيما تعلق بحياة المسيح على ما سمعوهُ من أفواه الذين لازموهُ كخدام في مدة خدمتهِ ولكن تالفاتهم إنما كانت من المشروعات البشرية ولو كانت نيتهم صالحة ومُخلصة فإذ ذاك كانت حاجة إلى تأليف قصةٍ بإلهام من الله الذي قاد عبدهُ لوقا إلى هذا العمل. وكان المذكور إناءً مُناسبًا إذ كانت لهُ معرفة مُدققة بكل شيء من الأول ولكن مُجرد المعرفة وحدها لا تكفي لكي تجعل لوقا أو غيرهُ إناءً للوحي مع أنها كانت من الصفات اللازمة لهُ لأجل ذلك. ربما كانت هذه المعرفة نفسها موجودة في أُناس آخرين ولم يستحسن الله أن يستخدمهم لهذه الخدمة. رأيت أنا أيضًا إذ قد تتبَّعتُ كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي عُلِّمتَ بهِ. فكان لهُ غرض أو مُحرّك شخصي أي رغبتهُ في إفادة هذا الأخ المسيحي ولكن ذلك لا يُناقض كونهُ قد أُقتيد وسيق من الروح القدس ليكتب هكذا فإن الله استخدمهُ كما استخدم سائر كتبة العهد الجديد لإدراج حقّهِ على هيئة ثابتة بدون زيادة ولا نقص فيها حتى أن كل ما كُتب هو كلمة الله نفسها التي يجب أن نقيس عليها كل ما يتعلق بالتعليم والسلوك. يوجد فرق بين مَنْ أُستخدم كإناءِ الوحي وبين مَنْ يُستَخدَم في الخدمة المسيحية الاعتيادية لأجل إيضاح الحق وتخصيصهِ للآخرين لأجل خيرهم بحيث أن مَنْ كَتَبَ بالوحي كان مُقتادًا ومسوقًا من روح الله حتى أنهُ لم يدرج شيئًا من ذاتهِ. ربما قادهُ الله إلى ذكر بعض الأغراض والمُحرّكات التي ملأَت قلبهُ في كتاباتهِ كما عمل لوقا هنا وكما نرى في بطرس وبولس ويهوذا أيضًا (انظر بطرس الثانية 13:1؛ كورنثوس الثانية1:2-4؛ تيموثاوس الأولى14:3؛ يهوذا 3) وشهادات أخرى كثيرة ولكن ذلك لا يخلُّ بكونهم قد أُلهموا إلهامًا كاملاً فإن الله جعل فيهم هذه الرغبة الشديدة في إفادة الآخرين ثم استخدمهم لكتابة ما يُكمل هذه الحاجة، نعم، ويفيد كنيستهُ في كل الأجيال. نرى أن بولس قدَّ نصيحة لتيموثاوس من جهة صحتهِ (تيموثاوس الأولى 23:5) وأوصاهُ أن يُحضر معهُ الرداء والكُتب والرقوق عندما يأتي إلى بولس (تيموثاوس الثانية 13:4) ولكننَّا لا نقدر أن نعدَّ كلامهُ من التنوُّهات الزهيدة التي لا أهمَّية لها إلاَّ في ذلك الوقت لأن الله قَصَد أن يُظهر لنا اعتناءهُ الحلو بعبدهِ تيموثاوس ويُعطينا لمحةً من جهة حياتهِ اليومية وقد أُدرج ذلك من الوحي لإفادتنا فلا يجوز لنا أن نقول أنهُ لو لم يُدرج لما كنا قد خسرنا شيئًا. وأما من جهة خدمتنا المسيحية الاعتيادية فلا شكَّ أن الله يعيننا على البحث في كلمتهِ واستخدامها لبُنيان الآخرين ولكننَّا لسنا آنية الوحي لأننَّا إنما نستعمل الحق الذي قد أُعلن ونخدم فيهِ كل واحد منا بحسب النعمة المُعطاة لهُ ولا بدَّ أن يظهر في خدمتنا جانب من الضعف والقصورات البشرية ولا نقدر أن نقول عن أقوالنا أنها الحق المحض لا زيادة فيها ولا نقص. يجب أن نُلاحظ هذه المُلاحظة جيدًا لأن كثيرين قد أنكروا الوحي الكامل مُعترضين عليهِ اعتراضات كثيرة وأما غيرهم فيقرُّون بهِ وفي الوقت نفسهِ يُحاولون أن يُعظموا شأن الخدمة المسيحيَّة زاعمين أنها إذا كانت خالصة وروحية لا تفرق عن كلمات الوحي نفسهِ بحيث أن الروح الواحد الذي استخدم لوقا وبطرس وبولس مثلاً يستخدمنا نحن أيضًا. ولكن قولاً كهذا خطاءٌ عظيم وبالحقيقة يضع شأن الوحي مُعظمًا خدمتنا نحن التي يجب أن نقرَّ بأنها ناقصة ولا يليق بنا أن نجعلها قياسًا للتعليم والسلوك لا شكَّ بأن الروح هو واحد ولكنهُ شاءَ أن يستخدم البعض لإعلان حقائق الله على نوع خصوصي وبعد إدراجها صارت محفوظة لإيمان الكنيسة في كل الأجيال. كان ثاوفيلس قد تعلَّم التعليم المسيحي وكتب إليهِ لوقا لكي يُثبتهُ في الإيمان كقولهِ. لنعرف صحة الكلام عُلّمتَ بهِ. ليُعطينا الرب أن نستفيد أيضًا من درس مضمون هذا الإنجيل.
كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ. 6 وَكَانَا كِلاَهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ، سَالِكَيْنِ فِي جَمِيعِ وَصَايَا الرَّبِّ وَأَحْكَامِهِ بِلاَ لَوْمٍ. 7 وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَدٌ، إِذْ كَانَتْ أَلِيصَابَاتُ عَاقِرًا. وَكَانَا كِلاَهُمَا مُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيَّامِهِمَا. (عدد 5-7).
فرقة أبيَّا مذكورة في (أيام الأخبار الأول 10:24). وهي واحدة من الأربعة والعشرين فرقة التي انقسم الكهنة إليها في زمان داود المَلِك وكان زكريا وامرأتهُ من عائلة هارون والوحي يشهد لتقواهما، غير أن الله لم يكن قد أرزقهما بنين تلك البركة التي كانت مرغوبة عند جميع اليهود الأتقياء. كان قصدهُ أن يُعطيهما ولدًا ولكنهُ شاءَ أن يعمل بطريق تمتحن إيمانها كما عمل مع إبراهيم وغيرهِ من المؤمنين السالفين.
8 فَبَيْنَمَا هُوَ يَكْهَنُ فِي نَوْبَةِ فِرْقَتِهِ أَمَامَ اللهِ، 9 حَسَبَ عَادَةِ الْكَهَنُوتِ، أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ أَنْ يَدْخُلَ إِلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ وَيُبَخِّرَ. 10 وَكَانَ كُلُّ جُمْهُورِ الشَّعْبِ يُصَلُّونَ خَارِجًا وَقْتَ الْبَخُورِ. 11 فَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفًا عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ الْبَخُورِ. 12 فَلَمَّا رَآهُ زَكَرِيَّا اضْطَرَبَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ خَوْفٌ. 13 فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ:«لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا. 14 وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ، وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ، 15 لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 16 وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِهِمْ. 17 وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا». (عدد 8-17).
طالما طلب زكريا ولدًا من الله ولم يحصل على إجابة طلبتهِ لأن الله كثيرًا ما يُجرب إيماننا إذ يتمهل علينا ونحن نُصلي بلجاجة وبذلك يُنقي قلوبنا ويُدربنا على الخضوع لمشيئتهِ ويعدُّنا لقبول البركة المطلوبة من يديهِ بشكرٍ. ولهُ السلطان أيضًا أن يختار الوقت والظروف التي بها يُجيب طلباتنا. فلما كان زكريا يُكمل واجباتهِ الكهنوتية غير مفتكر في تلك الطلبة ظهر لهُ كلاك الرب وبشَّرهُ أنها قد سُمعتْ ووصف لهُ صفات الولد العتيد أن يُعطى لهُ وخدمتهُ أيضًا التي تعينتْ لهُ من قِبل الرب. كان ينبغي أن يُفرَز ويتقدس للرب من بطن أُمهِ كنذير ثم يتكلف بخدمة غير مُعتادة كخدمة إيليا النبي الشهير لكي يحسن أحوال شعب الله استعدادًا لقبولهم الرب المُزمع أن يحضر في وسطهم.

فَقَالَ زَكَرِيَّا لِلْمَلاَكِ:«كَيْفَ أَعْلَمُ هذَا، لأَنِّي أَنَا شَيْخٌ وَامْرَأَتِي مُتَقَدِّمَةٌ فِي أَيَّامِهَا؟» 19 فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَهُ:«أَنَا جِبْرَائِيلُ الْوَاقِفُ قُدَّامَ اللهِ، وَأُرْسِلْتُ لأُكَلِّمَكَ وَأُبَشِّرَكَ بِهذَا. 20 وَهَا أَنْتَ تَكُونُ صَامِتًا وَلاَ تَقْدِرُ أَنْ تَتَكَلَّمَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ هذَا، لأَنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ كَلاَمِي الَّذِي سَيَتِمُّ فِي وَقْتِهِ». (عدد 18-20).
لم يكن زكريا يستطيع أن يسلك في خطوات أبيهِ إبراهيم الذي صدَّق وعد الله حالاً بدون تردُّد فإنهُ أخذ ينظر إلى المصاعب التي من شأنها أن تمنع تتميم ما قيل من الملاك.
كان يجب عليهِ أن يخضع لكلام الله مُتيقنًا أن ما وعد بهِ هو قادر أن يفعلهُ أيضًا (رومية 21:4). إن كان الله يتنازل من لُطفهِ ليُكلمنا فعلينا أن نقبل ولا نسأل. كيف أعلم هذا؟ فاستوجب تأديبًا ولسانهُ الذي نطق بكلام عدم الإيمان ضُرِب بالصمت فظلَّ صامتًا إلى أن الله حلَّهُ واستخدمهُ لتسبيحهِ.
21 وَكَانَ الشَّعْبُ مُنْتَظِرِينَ زَكَرِيَّا وَمُتَعّجِّبِينَ مِنْ إِبْطَائِهِ فِي الْهَيْكَلِ. 22 فَلَمَّا خَرَجَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ، فَفَهِمُوا أَنَّهُ قَدْ رَأَى رُؤْيَا فِي الْهَيْكَلِ. فَكَانَ يُومِئُ إِلَيْهِمْ وَبَقِيَ صَامِتًا. 23 وَلَمَّا كَمِلَتْ أَيَّامُ خِدْمَتِهِ مَضَى إِلَى بَيْتِهِ. 24 وَبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ حَبِلَتْ أَلِيصَابَاتُ امْرَأَتُهُ، وَأَخْفَتْ نَفْسَهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ قَائِلَةً: 25 «هكَذَا قَدْ فَعَلَ بِيَ الرَّبُّ فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا نَظَرَ إِلَيَّ، لِيَنْزِعَ عَارِي بَيْنَ النَّاسِ». (عدد 21-25)
كان تأديب زكريا علامةً للشعب أن الرب افتقدهُ فإنهُ لم يقدر أن يُخبرهم عن سبب إبطائهِ. وأما أليصابات فتصرفت كما يليق بامرأة تقية لأن العُقر كان عارًا على الإسرائيليين الذين وعدهم الله بأنهُ يُباركهم بكثرة النسل فاعتزلت لكي تكون مخفيةً عند الله إلى حين تتميم كلام الملاك ويكون حينئذٍ نزع عارها ظاهرًا للجميع ويكون ذلك لمجد الله أكثر مما لو صرفت وقتها بين الناس تُحدثهم عما جرى معها خفيةً. ولنا مثال جميل في ما عملت أليصابات التقية لأن الله يُجري أمورًا كثيرة بينهُ وبين نفوس أتقيائهِ في الخفاء فالأليق بنا أن نُحافظ على السكوت قدام الناس فتكون صلواتنا واختباراتنا في مخادعنا وأما الأجوبة الحسنة فتكون علانيةً. ننمو روحيًا من مُداومتنا على الشركة مع الله في الخفاء ثم يكون نموَّنا ظاهرًا للجميع.
وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، 27 إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. 28 فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ:«سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». 29 فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ:«مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ!» 30 فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ:«لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. 31 وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32 هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، 33 وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ». (عدد 26-33).


الله يُجري أعمالهُ بالترتيب الكامل والإتقان التام خلاف الإنسان الذي يتعب في ضبط أعمالهِ وتراهُ دائمًا مُجتهدًا مضطربًا كأنهُ حامل ثقلاً فوق طاقتهِ. وأما الله القدير الحكيم فيتقدم لإنشاء أعظم الأعمال بغاية الهدوء كما يليق بجلالتهِ. كان الوقت قد حان الوقت لتجسُّد ابنهِ فنرى أن كل شيء كان مُعدًّا لتلك الحادثة العظيمة.


كان بعنايتهِ قد هيَّأ العذراء المغبوطة بالنعمة فكانت في الحالة المُناسبة لتنفيذ مقاصد الله بواسطتها. كانت مخطوبة لرجل من بيت داود اسمهُ يوسف، كان الله قد اختارها لتكون الإناء الذي يتم بهِ وعدهُ القديم وفي الوقت المُعيَّن أرسل جبرائيل الملاك ليُبلغها مشورة الله. كانت زيارات الملائكة معروفة عند اليهود لأن الله استخدمهم كثيرًا لخدمتهِ في أثناء النظام القديم. فدخل إليها الملاك وقال: سلام لكِ أيتها المُنعم عليها. الرب معكِ. مُباركة أنتِ في النساء. قابل هذا مع كلام الملاك لجدعون (قضاة 12:6) وأيضًا مع كلام الملاك الذي ظهر لدانيال الوارد في (دانيال 11:10، 19). فترى أن الملائكة كانوا غالبًا يُظهرون مقصد إرساليتهم بكلام تحيَّتهم فإن الملاك الذي ظهر لجدعون سلَّم عليهِ كجبار بأس بحيث أن الله كان قاصدًا أن يستخدمهُ لضرب أعدائهِ وأما الذي ظهر لدانيال النبي فسلَّم عليهِ كالرجل المحبوب بحيث أنهُ كان مُتذللاً وحزينًا من جهة سوء حالة شعب الله فكان الله قاصدًا أن يُعلن لهُ مقاصدهُ فيهم. وأما تحية جبرائيل لمريم فتُناسب البشارة التي أُستخدم لتبليغها لها بحيث أن الله أنعمَ عليها نعمة خصوصية إذ اختارها أن تكون أمَّ المسيح بالجسد وكان ذلك بركة عظيمة جدًا كما لا يُخفى. فلما رأتهُ اضطربت من كلامهِ وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحيَّة. كان الملاك قد سلم عليها بكلام غير معتاد أن يُسمع يدل على أنها مُزمعة أن تكون مباركة، وممتازة بين النساء، ولكنهُ كان مُبهمًا غير مفصَّل فتحيَّرتْ من جهة معناهُ وخافت أيضًا. فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم، لأنك قد وجدتِ نعمة عند الله وها أنتِ ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمينهُ يسوع. كان الله مُزمعًا أن يستخدمها بطريقة عجيبة جدًا لأجل إجراء مقاصدهِ الأزلية، ولكن لم يكن شيءٌ من الفضل لها شخصيًا لأنها إنما كانت من الجنس البشري الساقط فلم تستحقُّ شيئًا في ذاتها من قبل الله دون غيرها، ولكنها وجدت نعمةً عند الله. انظر ما قيل عن نوح. وأما نوح فوجد نعمةً في عيني الرب (تكوين 8:6). ثم تعَّين لها اسم الابن المُزمعة أن تلدهُ، وأما معنى يسوع فهو مخلّص. وهذا اسمهُ الشخصي كالمولود من مريم. لا يُخفى أن لهُ أسماء وألقابًا أخرى، ولكنها تدلُّ على أمجادهِ الإلهية، والوظائف التي أتخذها. هذا يكون عظيمًا وابن العلي يُدعى، ويعطيهِ الرب الإله كرسي داود أبيهِ. ويملك على بيت داود إلى الأبد ولا يكون لملكهِ نهاية. يجب أن نلاحظ أن هذا الكلام إنما يصفهُ باعتبار مجدهِ وعظمتهِ كملك فقط. كان سليمان مثلاً عظيمًا، ولكنه كان منتسبًا إلى داود وأما يسوع فيكون عظيمًا فينتسب إلى العلي والرب يعطيهِ كرسي داود الذي كان أباه بحسب الجسد على أن قرينة الكلام تدل على أن لهُ نسبة أعظم من تلك. وأما من جهة ملكهِ المذكور هنا فهو على بيت يعقوب فقط، وقولهُ عنهُ أنهُ يكون إلى الأبد، وبلا نهاية يعني أنهُ يدوم ما دام بيت يعقوب موجودًا على الأرض في حالة يحتاج إلى الحكم. لايُخفى أن بيت يعقوب ليس هو في السماء بل على الأرض. فإنما يتم هذا الكلام في مدة المُلك في الألف سنة. المسيح الآن ليس بمالكٍ على بيت يعقوب ولكنهُ سيملك عليهِ حقيقةً فيما بعد. غير أننا لا نقدر أن نبحث في هذا الموضوع هنا لأن قرائن الكلام لا تقتضي ذلك.


عدل سابقا من قبل في الثلاثاء فبراير 06, 2007 3:50 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




تفسير إنجيل لوقا الأصحاح الأول . Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير إنجيل لوقا الأصحاح الأول .   تفسير إنجيل لوقا الأصحاح الأول . Icon_minitimeالسبت يناير 27, 2007 9:18 pm

34 فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ:«كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» 35 فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. 36 وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، 37 لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ». 38 فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ.[color:f87d=blue:f87d] (عدد 34-38.

كان يجوز لمريم أن تسأل عن كيفية تتميم هذا الوعد باعتبار حالتها وأما زكريا فجلب تأديبًا على نفسهِ لما سأل سؤالاً مثل هذا لأنهُ إنما صدر من عدم إيمانهِ وأما مريم فقبلت كلام الملاك، ولم تكن مرتابة بأن يكون لها ابن بل إنما سألت كيف يكون هذا وأنا لستُ أعرف رجُلاً. فبادر الملاك وجاوبها عن كيفية أجراء هذا العمل العظيم الخارق العادة. الروح القدس يحلُّ عليكِ وقوُّة العلي تُظللّك. فلذلك أيضًا القُدُّوس المولود منكِ يُدعى ابن الله. لا يجوز لنا أن نبحث بحثًا عقليًا في هذا الموضوع بل إنما نقبل ما أُعلن بالإيمان فإن التجسُّد من الأفعال الإلهية التي من الضرورة تفوق عقولنا. يكفينا أن نعلم أن الله أجراهُ كما أجرى عمل الخليقة نفسها. وقولهُ: القُدُّوس المولود منكِ يعني ناسوت المسيح. لا يجوز لنا أن نقول أن مريم هي والدة الله لأن اللاهوت لم يُولد مُطلقًا على أن الشخص الذي وُلد من العذراء بقوة الروح القدس هو الله باعتبار اقتران اللاهوت والناسوت في شخص واحد. فالأُقنوم الثاني من الثالوث الأقدس هو الذي أتخذ جسدًا فكان في مجد الثالوث قبل ولم يزل فيهِ بعد ذلك. هذا جوهر إيماننا المسيحي- يُدعى ابن الله- يعني يكون ابن الله. وقد زاد الملاك على ما تكلم بهِ سابقًا في(عدد 32) حيث صرح بعظمة المسيح كملك، ونسبتهِ للعلي، وأما هنا يتكلم عن حقيقة شخصهِ كابن الله. ثم يبشر مريم بما جرى مع أليصابات نسيبتها لأجل تعزيتها، وتقوية إيمانها، وإن الله في الحادثتين عمل بموجب قدرتهِ التي ليس شيءٌ غير ممكن لديها. فقالت مريم: هوذا أنا أَمَةُ الرب ليكن لي كقولك. فبالإيمان خضعت لكلمة الله خُضوعًا جميلاً جدًا وقبلت أن تكون الواسطة لتتميم مقاصد الله. ينبغي أن نلاحظ الفرق بين ولادة يوحنا وبين ولادة المسيح مع أن كليهما وُلدا بقوة الله. فوُلد يوحنا كابن موعد نظير إسحاق إذ تداخل الله مُداخلة خصوصية في خليقة يديهِ وأعطى إليصابات قدرة طبيعية في وقت غير مُنتظر كما كان قد عمل مع سارة، وأما يسوع فأتى كابن الله مولودًا بقوة الروح القدس بطريقة خارقة للطبيعة بل فوقها لم يسبق لها مثيل. كان الأول ابنًا لامرأة عاقر، وأما الثاني فابن عذراء- وذلك اختلاف عظيم!- كان ابن إليصابات من الذين يحتاجون إلى الخلاص، وأما ابن مريم فهو المُخلص، الأول كان مُقدَّسًا، والثاني هو المُقدّس. ويالعظمة الفرق بينهما! كانت ولادة أولاد لنساء تقيات عواقر من الأمور المُعتادة المعروفة عند اليهود، والأولاد المولودون هكذا كانوا رمزًا إلى المخلَّصين أو عائلة الله فأنهم في حالة الطبيعة يحتاجون إلى عمل قوة الله، ونعمتهِ لولادتهم لأن ليس فيهم قوة أو حياة. فمن ثم قد استعمل ذلك على سبيل الرمز كثيرًا (انظر إشعياء 1:54؛ يوحنا 13:1؛ رومية 8:9). فإذًا ولادة يوحنا من إليصابات التقية العاقر ليست من الأمور التي يُتَعْجَّبْ منها. وأما يسوع فهو وحدهُ وُلد من عذراء والوحي يعلّمنا تكرارًا أنهُ إنما أشترك في اللحم والدم هكذا لكي يُبرهن أنهُ بذات طبيعتهِ أعظم من البشر. فأمتاز عن غيرهِ بكيفية ولادتهِ. فلنتأمل في تلك الحوادث السامية، ونسجد لله سبحانهُ وتعالى الذي من لطفهِ نحونا أخذ بأجرائها. فنرى أمامنا شخصي وهما يوحنا الذي دُعيَّ نبي العلي ويسوع الذي هو العليُّ نفسهُ. كان يوحنا مرسلاً من إله إسرائيل، وأما يسوع فإله إسرائيل نفسهُ. كان الأول سراجًا منيرًا، وأما الثاني فالنور الحقيقي الذي أتى إلى العالم. كان الليل قد طال على إسرائيل والعالم وها الفجر قد ظهر بما ورد في هذا الإصحاح. كان النظام الأول جرى مجراهُ وكعهد الأعمال قد برهن ما هو الإنسان الساقط، وأنهُ ظلام دامس في نفسهِ، ولم يقدر أن يزيل ظلامهُ ويخلص نفسهُ. كان فيهِ ظلٌّ للخيرات العتيدة (عبرانيين 1:10) وأما الخيرات نفسها فأنها تأتِ بواسطة ذلك النظام. كانت الطقوس والرموز والنبوات مثل: نجوم الليل التي تعطي قليلاً من الضوء ولكن وجودها يبرهن أن الليل موجود بعد.


فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا، 40 وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. 41 فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، 42 وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ:«مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! 43 فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ 44 فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. 45 فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ». (عدد 39-45)
من هنا إلى آخر الإصحاح الثاني نرى عدة تسبيحات أساسها الأعظم يسوع الذي حُبل بهِ في مُستودع العذراء. وهذا من الأمور اللائقة فأنهُ إن كان الله يتنازل أن يظهر في الجسد يليق بخلائقهِ من الملائكة الأطهار ومن البشر الأتقياء الكبار والصغار أن يفرحوا ويتهللوا. لم يشأ إلهنا إن ابن محبتهِ يدخل هذا العالم بدون أن يصير لهُ الالتفات اللائق بشأن حادثة عظيمة كهذه. لما سبق ووضع أُسُس الأرض في الزمان القديم استلزم عملهُ تسبيحات السماء إذ ترنمت كواكب الصبح معًا وهتف جميع بني الله (أيوب 7:38 وكان ذلك دلالة على قصد الله أن يجعل خلائق يديهِ مسرورة وسعيدة. كيف لا والله الخالق هو المحبة عينها. وأما التجسُّد فهو فعل أعظم من الخليقة الأولى وبالحقيقة نرى في الفصل الأول من إنجيل لوقا أن الله آخذ بوضع الأُسُس لخليقة أخرى جديدة بذات ابنهِ الذي شاءَ وأتخذ جسدًا؛ فمن ثمَّ حدث فرح في السماء والأرض. إن ظهر الله، ظهر الفرح أيضًا لأن الحزن لا يمكث أمامهُ، فأن حضورهُ يزيلهُ من قلوب أتقيائهِ. الجلال والبهاء أمامهُ، العزَّة والبهجة في مكانهِ (أخبار الأيام الأول 27:16). خبز الحزن لا يؤكل في مقدسهِ الذي يحلُّ فيهِ الفرح كالقداسة أيضًا. فنرى هنا الفرح المُتعلق بحضورهِ. فأن جنود السماء تسبح والرعاة يحدثون بالأخبار المُسرّة البالغتهم، وأفوه مريم وزكريا وإليصابات تفتح ولا تنطق إلاَّ بعجائب النعمة وسمعان الشيخ قد نال مُنتظر قلبهِ وحنة النبيه المُترملة قد أصبحت فرِحة كالتي لها رجل حتى الجنين ارتكض بابتهاج في بطن إليصابات ويسوع هو موضع فرحهم جميعًا. ألا يليق بأن قلوبنا الضعيفة تفرح وتتهلل أيضًا؟ الشيوخ وإليصابات والأحداث والأطفال اشتركوا جميعًا في تلك الأفراح التي كانت أغنى وأحلى مما أُختلج في صدور الملائكة حين وُضعت أُسُس الأرض، نعم، نحن نعلم أن الفرح على الخليقة الأولى انتهت فيما بعد بل أُبدلت بالانينات فأن الإنسان بادر إلى إفساد عمل الله ولكن الخليقة نفسها صدرت من يد الخالق في حالة مُبهجة تستخرج تسبيحات ملائكتهِ. وسنرى أيضًا أن الفرح الذي حدث عند عمل الجديد لا يلبث أن يخالطهُ الحزن لأن ترنيمات السماء غالبًا تطرق على مسامع ثقيلة في هذا العالم الشرير ولا تلاقي جوابًا لائقًا من بني البشر ولكن مع ذلك كلّهِ أبدى الله عملهُ بما يستلزم الفرح. كان قد تأتيَّ على إسرائيل زمانًا طويلاً، وبعد ملاخي النبي لم يكن قد أقام بينهم نبيًّا. كانوا مُداسين تحت الأمم كأن إلههم فارقهم ولكننا نراهُ هنا يفتقدهم بغتةً وبغاية السرور. كان بعض الأتقياء ينتظرون خلاص إسرائيل ولكن لم تزل المصاعب تتكاثر على إيمانهم ولو بحثوا في مسئلة تتميم النبوات وكيف يمكن أن يُولد وارث من بيت داود ليخلّصهم لِما استطاعوا أن يدركوا شيئًا من ذلك. بقى كل شيءٍ حسب الظاهر على حالة الانحطاط والخراب مع إسرائيل باعتبار دعوتهم الأصلية كشعب مفرز لله ومُميَّز ببركات على أنواع ظاهرة للعيان، نعم، كانت بقية منهم في أرضهم، وكانت أورشليم والهيكل مركزًا لاجتماعهم وعبادتهم ولكن لم يكن بينهم أقل شيءٍ يدل على أن الله مُزمع أن يفتقدهم حالاً وبغتةً كما جرى حتى كلام الأتقياء في تشكُّراتهم يظهر أن الله أفتقدهم في أعظم مذلَّةٍ. وقد رأينا أن زكريا الكاهن كان ملازمًا المذبح كعادتهِ والعذراء كانت في بيتها في الناصرة في الأحوال البشرية المعتادة حين ظهر لهما ملاك الله ونرى أيضًا صفة جميلة من صفات أولئك الخدام السماويين فجبرائيل المعيَّن أن يقف أمام الله استطاع أن يقف عند المذبح في الهيكل بدون خلسةٍ، ولكن ظهر أيضًا للعذراء بفقرها بدون تردُّدٍ لأن اختلاف الأحوال البشرية لا يجعل فرقًا عند ملائكة الله في إجراء خدمتهم. ونرى أن زيارتهم تميَّز دائمًا بشيءٍ من جلالة السماء ونعمتها، وذلك من الرموز الحلوة التي تدلُّ على الأُّلفة والوداد والقرابة التي لابدَّ أن تظهر بين السماء والأرض فيما بعد عندما يملك الرب بمجدهِ. ينبغي أن نلاحظ أيضًا تصرُّف جبرائيل في الهيكل فأنهُ ظهر واقفًا بجانب المذبح، ولكنهُ لم يصعد باللهيب كما صعد الملاك الذي ظهر في ( قضاة 20:13) لأن ذلك كان الرب نفسهُ وأيضًا جبرائيل مع أنهُ ظهر في الهيكل لم يتكلم عن نفسهِ كأنهُ أعظم من الهيكل كما فعل يسوع فيما بعد لما وقف هناك، فأن يسوع أتخذ مقامه كصاحب الهيكل وبهجتهِ وأما جبرائيل فكخادم يصنع خدمتهُ فيهِ موقتًا ثم ينتقل بمشيئة الله إلى موضع أخر. وأما من جهة مضمون تسبحة إليصابات فنرى أنها امتلأت من الروح القدس على سبيل حلولهِ على الأنبياء، فنسبت البركة لمريم، وثمرة بطنها، وحسبت حضور أُم ربها إليها كرامة عظيمة. من الجهة الواحدة لم تسجد لمريم ومن الأخرى تصرفت بوداعةٍ، وفرحت بالنعمة التي وجدتها نسيبتها قدام الله. كانت إليصابات بحسب الامتيازات البشرية أكرم من مريم بحيث أنها امرأة كاهن ولكنها أظهرت الوداعة الكاملة إذ أكرمت مريم كأُم ربها وأعطتها المقام المعيَّن لها من الله. وأما ترجمة (العدد 45) الصحيحة فهي: فطوبى للتي آمنت لأنهُ يتم ما قيل لها من قبل الرب (بحسب حاشية الإنجيل المُشوهد

فَقَالَتْ مَرْيَمُ:«تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، 47 وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، 48 لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، 49 لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، 50 وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. 51 صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. 52 أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. 53 أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. 54 عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، 55 كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ». 56 فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. (عدد 46-56).
ثمَّ أخذت مريم تسكب تشكُّراتها من فيض قلبها المُمتلئ فرحًا. فتعترف بالله أي إله إسرائيل كمخلّصها الذي نظر إلى اتضاعها يعني مقامها الواطئ. نعم، كانت إسرائيلية ومن النسل الملكي أيضًا، ولكنها وُجدت على حالة الاتضاع، وكانت بذلك رمزًا إلى انحطاط الشعب الإسرائيلي عمومًا وأما مُعظم ضيقة شعب الله فإنما يقدّم الفرصة المُناسبة لهُ أن يتداخل لإفراجهم بطريق لمجدهِ بحيث أنها تُبرهن أن الله نفسهُ هو العامل. فيتعظم ويتمجد على قدر ما كانت مذلَّة شعبهِ عظيمة والآلات المختارة لتتميم مقاصدهِ، ضعيفة. نعم، كانت مريم تقيَّة ومُتواضعة كإناء مُستعد ليد الله، ولكننا نرى أنها كانت عظيمة قدامهُ على قدر ما سترت نفسها. لو عظَّمت نفسها لخسرت مقامها، ولكنها لم تفعل هكذا، فأن نعمة نعمة الله حفظتها لكي تُظهر عجائبهُ تمامًا بواستطها. فأقرَّت مريم بنعمتهِ الخصوصية نحوها، ولكنها نسبت كل شيء للنعمة ولم تنسب شيئًا لاستحقاقها. فكلما اختفى الإناء الضعيف ظهر مجد الذي كان يعمل بهِ. فلنلاحظ أن هذا المبدأ نفسهُ يَصْدُق علينا جميعًا باعتبار كوننا آنية لخدمة إلهنا لأنهُ كلما تبرهن ضعف الآنية ظهرت قُوُّة الله بها أكثر (انظر كورنثوس الثانية إصحاح 4؛ 1:12-10). أقرَّت مريم أن جميع الأجيال تطوّبها، ولكن ليس لشيءٍ منها بل لأن القدير الذي اسمهُ قُدُّوس قد صنع بها عظائم. فأعظم كرامةٍ للخليقة أن تكون إناء لمشيئة الخالق. إنِّي لا أحسب أنهُ يكون للبنيان أن أتكلم هنا عن العادة الدارجة بين كثيرين من النصارى أن يقدموا السجود والكرامة الدينية لمريم العذراء؛ لأن ذلك شيءٌ بعيد عن أفكارها هي ومُحرَّم بذاتهِ ، لأن الكتاب يُعلَّمنا أننا للرب إلهنا نسجد وإياهُ وحدهُ نعبد ولا نقدّم الإكرامات الدينية لإحدى الخلائق مهما كان. كل مسيحي يطوّب التي أُنعم عليها لتكون أُم ربنا، ولكن يوجد فرق عظيم‍‍‍‍‍‍! بين التطوّيب والسجود. نقول: طوّبى لها باعتبار الحادثة العظيمة التي شاء الله وأجراها بواستطها، وأما الرب نفسهُ فيطوّبنا أن كنا نسمع كلام الله ونحفظهُ. «وفيما هو يتكلم بهذا رفعت امرأة صوتها من الجمع وقالت لهُ: طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما، أما هو فقال: بل طوّبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونهُ» (لوقا 27:11، 28، (انظر أيضًا رومية 7:4، 8؛ رؤيا 3:1؛ 9:19؛ 14:22). ورحمتهُ إلى جيل الأجيال للذين يتقوّنهُ. صنع قوُّةُ بذراعهِ شتَّت المستكبرين بفكر قلوبهم أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المُتّضعين. أشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين. عضد إسرائيل فتاهُ ليذكر رحمةً كما كلم آباءنا لإبراهيم ونسلهِ إلى الأبد. نرى أفكار مريم تناسب حالة الأتقياء في إسرائيل حيث كانوا ينتظرون المسيح بحسب الجسد لينقذهم من ظلم أعدائهم، ويباركهم بالخير، والراحة على الأرض. يشبه كلامها كلام حنة أُم صموئيل النبي الوارد في (صموئيل الأول 1:2-10). على أن حنة نطقت بكلام أوسع من مريم مع أن الموضوع واحد. لا توجد إشارات إلى موت المسيح، ولا إلى لاهوتهِ، ولا إلى مجدهِ السماوي، ولكن هذه من أعظم الحقائق التي نعرفها نحن عنهُ. رجعت مريم في تسبيحتها إلى مواعيد الله للآباء وأقرَّت بأنهُ قد تممَّها. لا يُخفى أن هذا يتم في وقت الملكوت لأن إسرائيل رفضوا مسيحهم فلم يقدر أن يأتيهم بهذه البركات في ذلك الوقت. فمكثت مريم ثلاثة أشهر مع إليصابات المُزمعة أن تكون أُمَّ سابق الرب الذي يهيئ طريقهُ ثمَّ رجعت إلى بيتها لكي تحافظ على سبيلها بالتّواضع فيكمل فيها مقصد الله في وقتهِ الخاص.




عدل سابقا من قبل في الثلاثاء فبراير 06, 2007 3:58 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




تفسير إنجيل لوقا الأصحاح الأول . Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير إنجيل لوقا الأصحاح الأول .   تفسير إنجيل لوقا الأصحاح الأول . Icon_minitimeالسبت يناير 27, 2007 9:25 pm

فلنتأمل في ما جرى بين ذينك الإمرأتين التقيتين، فأنه صورة بديعة جدًا قد رسمها لنا الوحي لكي نبتهج بها إذ نراهما من الآلات المُختارة من الله لتنفيذ مقاصدهِ الجليلة والتي عواقبها تدوم إلى الأبد، ولكن العالم لم يعرفهما. كانت لهما طريق بعيدة عن أفكار الناس المُنهمكين بمجد هذا الدهر فاختبأتا محافظتين على مسيرهما حيث لم يوجد سوى التقوى والنعمة لأن الله كان معهما غير معلوم عند العالم كما كانت آنية نعمتهِ غير معلومة مع أنهُ كان يستعدُّ أن يكمل بهما ما يشتهي الملائكة أن يطلعوا فيهِ. الحوادث المار ذكرها جرت في جبال اليهودية بعيدًا عن أورشليم مركز حركات الناس وتآمراتهم لأن الله يحب أن يفتقد قلوب أتقيائهِ في الخفاءٍ. هكذا عمل مع أَمتيهِ التقيتين ونرى أن قلوبهما انفعلت من النعمة وفرحت بتلك الأفتقادات العجيبة من فوق فقبلتا في مخبأهما زيارات المحبة وتحققتا عظمة الله وجودتهُ واثقتين فيهِ أنهُ لابدَّ أن يكمل العمل الذي أبتدأ بهِ.
57 وَأَمَّا أَلِيصَابَاتُ فَتَمَّ زَمَانُهَا لِتَلِدَ، فَوَلَدَتِ ابْنًا. 58 وَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأَقْرِبَاؤُهَا أَنَّ الرَّبَّ عَظَّمَ رَحْمَتَهُ لَهَا، فَفَرِحُوا مَعَهَا. 59 وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ، وَسَمَّوْهُ بِاسْمِ أَبِيهِ زَكَرِيَّا. 60 فَأَجَابَتْ أمُّهُ وَقَالَتُْ:«لاَ! بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا». 61 فَقَالُوا لَهَا:«لَيْسَ أَحَدٌ فِي عَشِيرَتِكِ تَسَمَّى بِهذَا الاسْمِ». 62 ثُمَّ أَوْمَأُوا إِلَى أَبِيهِ، مَاذَا يُرِيدُ أَنْ يُسَمَّى. 63 فَطَلَبَ لَوْحًا وَكَتَبَ قِائِلاً: «اسْمُهُ يُوحَنَّا». فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ. 64 وَفِي الْحَالِ انْفَتَحَ فَمُهُ وَلِسَانُهُ وَتَكَلَّمَ وَبَارَكَ اللهَ. 65 فَوَقَعَ خَوْفٌ عَلَى كُلِّ جِيرَانِهِمْ. وَتُحُدِّثَ بِهذِهِ الأُمُورِ جَمِيعِهَا فِي كُلِّ جِبَالِ الْيَهُودِيَّةِ، 66 فَأَوْدَعَهَا جَمِيعُ السَّامِعِينَ فِي قُلُوبِهِمْ قَائِلِينَ:«أَتَرَى مَاذَا يَكُونُ هذَا الصَّبِيُّ؟» وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُ. (عدد 57-66).
لما حان الوقت المعيَّن ولدت إليصابات ابنها وعرض لها ولرجلها امتحان لإيمانهما إذ حكم أقرباؤُهما بأن يسمى باسم أبيهِ زكريا ولكنهما حافظاً على ما قيل لهما من الملاك من جهة تسميَّتهِ ففي الحال أنحل لسان زكريا الصامت واستعملهُ لتقيم الحمد والشكر لله. كان ضعف إيمانهِ السبب لربطهِ ثمَّ بعد امتحان إيمانهِ وتثبيتهِ حُلَّ، وكانت تلك الأمور مثل آية لجيرانهم وشاع خبرها في كل جبال اليهودية.
وَامْتَلأَ زَكَرِيَّا أَبُوهُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَتَنَبَّأَ قَائِلاً: 68 «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ، 69 وَأَقَامَ لَنَا قَرْنَ خَلاَصٍ فِي بَيْتِ دَاوُدَ فَتَاهُ. 70 كَمَا تَكَلَّمَ بِفَمِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ هُمْ مُنْذُ الدَّهْرِ، 71 خَلاَصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ مُبْغِضِينَا. 72 لِيَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا وَيَذْكُرَ عَهْدَهُ الْمُقَدَّسَ، 73 الْقَسَمَ الَّذِي حَلَفَ لإِبْرَاهِيمَ أَبِينَا: 74 أَنْ يُعْطِيَنَا إِنَّنَا بِلاَ خَوْفٍ، مُنْقَذِينَ مِنْ أَيْدِي أَعْدَائِنَا، نَعْبُدُهُ 75 بِقَدَاسَةٍ وَبِرّ قُدَّامَهُ جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِنَا. 76 وَأَنْتَ أَيُّهَا الصَّبِيُّ نَبِيَّ الْعَلِيِّ تُدْعَى، لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ. 77 لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ الْخَلاَصِ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ، 78 بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلهِنَا الَّتِي بِهَا افْتَقَدَنَا الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ. 79 لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلاَمِ». 80 أَمَّا الصَّبِيُّ فَكَانَ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، وَكَانَ فِي الْبَرَارِي إِلَى يَوْمِ ظُهُورِهِ لإِسْرَائِيلَ. (عدد 67-80).

لا يُقال في أي وقت حلَّ الروح على زكريا وألهمهُ بهذا الكلام الجميل ولكن المرجح انهُ كان وقت اختتان الولد المذكور في الفصل السابق. زاد زكريا على كلام أليصابات ومريم ولكننا نراهُ ممتلئًا من الأفكار الإسرائيلية مثلهما، ونرى انهُ تكلم عن المسيح أولاً- باعتبار كونهِ الوارث لبيت داود والذي تتم فيهِ المواعيد، والنبوات بفداء إسرائيل وإنقاذهم من أيدي جميع مُبغضيهم ولا نقدر أن نخصص كلامًا كهذا للكنيسة. نستفيد منهُ كما من سائر كلمات الوحي ولكنهُ لا يصف بركاتنا الخاصة. زكريا لا يتكلم عن ابنهِ إلا قليلاً حيث يُشير إلى خدمتهِ كنبي العلي المتقدم أمام وجه الرب ليعدَّ طرقهُ. فإذًا بموجب أقررهُ ابن داود الآتي بحسب المواعيد هو يهوه الرب نفسهِ وقولهُ: لتعطي شعبهُ معرفة الخلاص بمغفرة خطاياهم. يعني وظيفة يوحنا التي بها دعا إسرائيل إلى التوبة، الإيمان بالمسيح لأجل غفران خطاياهم كما سنرى. بأحشاء رحمة إلهنا التي بها افتقدنا المشرق من العلاءِ ليضيءَ على الجالسين في الظلمة وظلال الموت لكي يهدي أقدامنا في طريق السلام. وردت في العهد القديم عبارات كثيرة عن المسيح ككوكب يبرز من يعقوب، وكنور الصباح، وشمس البر إلى خلاف ذلك ولكنها تُشير إليهِ كمتسلط ومَلك يبارك إسرائيل والعالم بحضورهِ وملكهِ انظر (عدد 17:24؛ صموئيل الثاني 3:23، 4؛ مزمور 72؛ إشعياء 1:11؛ ملوك الثاني 2:4) فبالاختصار كلام زكريا يتضمن جميع البركات المتعلقة بالملكوت في مدة الآلف السنة ويذكرها كأنها قد حضرت لأن الله كان آخذًا بتتميمها بحضور المسيح الذي تضمن في شخصهِ جميع البركات المُتنبأ عنها سابقًا؛ لأنهُ مهما كانت مواعيد الله فهو فيهِ النعم وفيهِ الآمين لمجد الله بواسطتنا (كورنثوس الثانية 20:1) جميع النبوات تُنسب لهُ المجد العتيق أن يُعلن لأنه هو بذات شخصهِ المصدر الوحيد الذي ينبثق منهُ. إبراهيم نفسهُ تهللَّ أن يرى يوم ظهور مجد المسيح. ونرى ان الوحي دائمًا إذا تكلم عن المسيح باعتبار كونهِ موضوع النبوات لا يقتصر على تتميمها الجزئي بل يبلغ إلى وقت النهاية ويعبر عن ظهور المجد بتمامهِ ويعلقهُ بالمسيح نفسهِ ومن حيث ان المسيح مصدرهُ يُشير الوحي إلى المجد كأنهُ قد حضر بشخصهِ. ولكن يوجد فرق بين كلام الأنبياء القدماء وبين كلام زكريا بحيث ان هؤلاء سبقوا وأنباؤا بحوادث مستقبلة والأفراح العتيدة ان تختلج في قلوب الأتقياء حين يولد المسيح فعرفوا لن ذلك لا يصير في أيامهم انظر (بطرس الأولى 10-12) وأما زكريا فأشار إليهِ كحاضر وعبر عن الخلاص والبركة المختصين بشخصهِ. نحن نعلم انهُ قد رُفض من إسرائيل شعبهِ فبالضرورة تأخر تتميم كلام زكريا فعلاً. ثم أُعلنت حقائق أخرى مجيدة تتم لنا وقت رفضهِ، وجلوسهِ في السماء ولكنهُ يعود يحضر ويأتي بالبركة والراحة لإسرائيل وللعالم أيضًا. أما الصبي فكان ينمو ويتقوى بالروح وكان في البراري إلى يوم ظهورهِ لإسرائيل هذا مختصر تاريخ يوحنا مدة ثلاثين سنة. كان الله يهيئهُ في الخفاء للخدمة الخطيرة المعينة.

يجب ان نلاحظ ان هذا الإصحاح يقتصر اقتصارًا مدققًا على مواعيد الله لإسرائيل أي للأباء. يذكر فيهِ الكهنة ويوحنا المعمدان والمسيح باعتبار كونهِ خاصة إسرائيل وذلك كلهُ مبني على عهد الله وقسمهِ. لا نرى ذكرًا للناموس بحصر معنى هذه اللفظة لأنه لم يقدر ان يمنح بركة واحدة لإسرائيل مع أنهم افتخروا بهِ. فنراهم هنا في حالة الذل يعبر عنها بحالة امرأة عاقرًا وكالتي ليس لها رجل فلا يوجد اقل أمل لهم إلا بقوة الله ونعمتهِ. الناموس يسود على الإنسان مادام حيًا فإنه يفترض وجود قوة فيهِ ويطلب منهُ ان يأتي بثمر لله لكي يحصل على البركة ولكن المسيح لم يحضر إلى إسرائيل بموجب الشريعة أو على مبدأ ناموسي فإن الله إنما أرسلهُ مجانًا من تلقاء محبتهِ. ولكنه ينبغي لإسرائيل ولنا أيضًا أن نقبلهُ بالإيمان. فمن ثم نرى ان الأهمية العظيمة في هذا الإصحاح هي للإيمان كان يجب على زكريا ان يسلك في خطوات إبراهيم أبيه ولما عثر حكم عليهِ بالصمت مع ان الله لم يتأخر عن إجراء عملهِ لأنه لم يُعلن هذه الحوادث العجيبة إلا للذين فيهم إيمان؛ لأن ابنهُ العزيز وسابقهُ كلاهما دخلا إلى العالم غير معروفين عندهُ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير إنجيل لوقا الأصحاح الأول .
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير إنجيل لوقا الأصحاح الثامن...
» تفسير إنجيل لوقا الأصحاح التاسع...
» تفسير إنجيل لوقا الأصحاح العاشر ...
» تفسير إنجيل لوقا الأصحاح الحادي عشر....
» تفسير إنجيل لوقا الأصحاح الثالث عشر....

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
.::.Jesus Lovers Forum .::. منتدى محب المسيح .::. :: القسم الدينى المسيحى :: قسم شرح الاناجيل المقدسة والرسائل-
انتقل الى: